حديث مع ممثلي الاحزاب والحركات الوطنية والاسلامية العراقية بتاريخ 25 كانون الاول 2005م
حديث مع ممثلي الاحزاب والحركات الوطنية والاسلامية العراقية
بتاريخ 25 كانون الاول 2005م
حديث سماحة الفقيه المرجع احمد الحسني البغدادي – بارك الله عمره المديد – جاء هذا خلال حوار مفتوح مع سماحته – دام ظله – نظمه مكتبه الاعلامي الرئيسي في النجف الاشرف بحضور ممثلي الاحزاب والحركات الوطنية والاسلامية العراقية، وذلك بتاريخ 25 كانون الاول 2005م، وقد أدار الحوار الاخ المهندس – الحاج حامد القريشي الذي أشاد بسماحة السيد المجاهد الذي بقى ثابتاً على مبادئه، ومنفتحاً على الرأي الاخر، متفاعلاً مع الشباب العراقي، ومتحركاً في كل ساحات الامة انتصاراً لقضاياها العادلة.
سماحة السيد البغدادي شدد على دعوة العراقيين بلا إستثناء ان يدركوا ما يحاك لوطنهم الاعز، وللمنطقة العربية والاسلامية برمتها من شرور وآفات لا توصف من خلال تثوير الشارع العراقي تحت مظلة المشروع القطري المسمى: ((العراق أولاً)) واسسه وافرازاته وابعاده المختلفة، وضخ زخم جديد فيما يسمى: ((الهوية القطرية العراقية)) بالتوازي مع تصحيح الهويات القطرية في بلدان المنطقة (مثلاً) كتضخيم الهوية القطرية اللبنانية بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما كانت بعد الحرب الكونية الاولى صناعة الهوية القطرية للأقطار التي مزقها الاستكبار البريطاني – الفرنسي على اتفاقية سايكس – بيكو، مقدمة لمسخ الهوية الاسلامية، ومشروعها المتمثل بالتحرير والعودة الى شريعة الاسلام القائد، والانعتاق والوحدة الشاملة، والاعتزاز بكرامة الانسان المسلم المعاصر، والاحتفاظ بأرضه وموارده ومستقبله الزاهر..
وشدد: على ان وعي العراقيين ووحدتهم وخروجهم من المشروع القطري يمكن ان يحققوا ما يصبوا اليه.
وأضاف – سماحته – أنه: كلما زاد التمزق والتجزئة العفوية والجانية، كلما كان المستفيد الاول هو العدو الاميركي والبريطاني المحتل المحارب الفاقد للعواصم الخمسة المشهورة.
ولفت – سماحته – الى: التفرقة بين عدم قبول البعثي الذي أساء لشعبه، وبين عموم البعثيين الذين اجبروا بالقوة للإنتماء لحزب السلطة من أجل العمل الوظيفي والمؤسساتي لا يمكن ادانتهم واقصاءهم وتهميشهم بأسم قانون: ((اجتثاث البعث))، وهذه هي العدالة التي نطالب في تطبيقها على شعبنا واهلنا. كما فعل الرسول محمد (ص) مع مشركي مكة في يوم الفتح المبين
أما هؤلاء الذين انخرطوا مع العملية السياسية، ويتحدثون بأسم أهل السنة والجماعة، ويتزلفون لأزلام النظام السابق تحت ذرائع وحجج انسانية على عدم تطبيق قانون ((اجتثاث البعث)) هم مرتزقة وعملاء للأجنبي المشرك المحارب الطامع، وان من يقول لكم ان المعركة الفاصلة هي بين السنة والشيعة إنسان مشبوه ومنافق ومدفوع المخصصات الشهرية من خلف الابواب المغلقة (سلفاً)، ومن يزعم ان المشاركة في الانتخابات على مسودة الدستور فرض عين على كل مسلم ومسلمة اتهموه بأنه منافق أو عميل، أو جاهل مركب.. مهما كان او يكون اتجاهه وثقله الحوزوي والحركي والعشائري، ولا تنسوا ان المعركة الفاصلة هي مع الاحتلال الاجنبي وعملائه وجواسيسه.
ان الذي لا يرى الواقع، وما يدور من وراء الابواب المغلقة الا في حالة اطفاء: ((الكومبيوتر وانتهاء اللعبة)) كان أولى والاجدر بهم كحكومة يقودها اسلامييون ان يطالبوا قبل كل شيء خروج المحتل بسقف زمني وبفترة زمنية قصيرة، وان يقوموا بالرئفة والرحمة لشعبهم واهلهم، وعدم تنفيذ نظرية: ((سياسة الارض المحروقة)) و:(( قانون مكافحة الارهاب))، وتوفير الحصة التموينية، وزيادة مواردها الاساسية، وان يوفروا الامن والاستقرار لاهلنا وشعبنا بدلاً من جعل بلاد الرافدين لذئاب الليل المتوحشة من ان تنهش أجسام أهلنا، وحمايته من ارهاب الدولة سائداً ارهاب الاحتلال.
وقال سماحة احمد الحسني البغدادي: ان المحتل المحارب لبلدنا هو أول من شجع اسلوب المحاصصة المذهبية، واعتمد منهجاً في قانون بريمر (قانون ادارة الدولة العراقية)، وشجع القيادات على طرح المشروع التقسيمي، وكأنه نوع من أنواع الصراع الطائفي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، ولقد حذرناً - مراراً وتكراراً – على الصعد كافة من مغبة الطرح الطائفي المضاد، ومضلومية الشيعة بالامس، وتهميش أهل السنة والجماعة اليوم، وصرحنا – مراراً وتكراراً – علينا كعراقيين وطنيين إسلاميين ان لا نتحدث اطلاقاً بأسم: ((الجزء)) ناسين: ((الكل)) الذي يتسلى المحتلون والعملاء والجواسيس بنهش لحمه الحي، ولا نعطي مجالاً للتأثير على المواطنين العراقيين البسطاء الابرياء وبخاصة فيما يسمى بـ ((المثلث السني))، وحتى لا يبدأوا بالتفكير الطائفي، وبالتالي هو سبب اشعال فتنة الحرب الاهلية – لا سمح الله بذلك – وينسون الهم الاكبر وهو تحرير كامل الثرى العراقي من نير الاحتلال الاميركي – البريطاني.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى ان أول من بدأ تجذير الطائفية، ودفاع عن مظلومية أهل السنة والجماعة من قانون المحاصصة هو: عدنان الدليمي، والتحدث بأسمهم، بل وصل الامر به، ومع حلفائه في الحزب الاسلامي العراقي الى الاعتراض على العدد القليل من مقاعد السنة في لجنة صياغة الدستور.
ان خطورة هذه الاطروحة المتجزئة البدائية غير الوطنية، في سبيل ان يوحي في ذهنية المواطن العراقي البسيط، بل في ذهنية كثير من اهل السنة والجماعة، ان محنة العراق والعراقيين ليس الاحتلال الاجنبي، ونسف ذاكرته التأريخية، ونهب خيراته، واستباحة مقدساته، بل هو صراع مع الشيعة وحسب.
وتسائل – سماحته – لماذا والف لماذا هذا الطرح الطائفي المحرم المتجزأ البدائي الجاهلي غير الوطني الاسلامي، ان الموضوع ليس هو المحتل الاجنبي، بل هو صراع بين السنة والشيعة.
وأكد السيد البغدادي: أن كل ما يحدث في العراق من انفلات أمني ووظيفي ومؤسساتي وخدمي سببه الاميركان، وذلك من خلال تصريحاتهم ومؤتمراتهم الصحافية: ان الفترة المقبلة في بلاد الرافدين سيزداد بها العنف بأشكاله وصوره المختلفة المرعبة، وخصوصاً ان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة انهما يمتلكان جيشاً رديفاً في العراق مهمته اشعال فتيل الفوضى والاضطراب والبوار والدمار، وفي مقدمتهم منتسبوا الشركات المتعاقدة مع الجيش الاميركي، وهؤلاء شملتهم الحصانة التي يتمتع بها الجيش الاميركي والبريطاني، ويمتلكون كافة أنواع الاسلحة بأستثناء الطيران الحربي، أي يمتلكون الطائرات المروحية والمدافع المتوسطة، ومهمتهم حماية الرموز، والمقرات، والطرق، والمراقبة، وكثير غيرها..
وهي في حقيقة الواقع بمثابة برنامج: ((فينكس)) الفيتنامي، ولكن بأساليب جديدة، وصيغ جديدة مع البقاء على الهدف الستراتيجي، كما حصل في فيتنام وهو تجسيد الدمار والبوار، ونشر الرعب والموت الاسود والاحمر على المسار الاميركي تشويهاً للمقاومة العملياتية والسياسية العراقية.
من هنا.. وحسب شهادات التقارير الاميركية والغربية التي نشرت، ومن خلال ما جاء من تصريح أدلى به الجنرال الاميركي (دونالد الستون)، وهو الناطق الرسمي، وبأسم قوات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة:
((نتوقع حدة اعمال العنف في العراق خلال الاسابيع القادمة، وسوف تكون هناك هجمات دامية)).
ومن هنا.. نكتشف ان هناك خطة لفوضى مرعبة استناداً لخبرة عمرها ثلاثة اعوام مع التكتيك السياسي، والاعلام العسكري سواء بسواء في بلاد الرافدين، وان هناك مزيداً من العنف والفوضى التصعيدية، والولايات المتحدة يسهلون لها، بل ويساعدونها لكي يطبقوا ما في جعبتهم من خطط عسكرية مدروسة، ليس في العراق وحسب، بل في المنطقة برمتها.
ومن هنا.. لقد اكتشف العراقيون ان هناك سيناريو من التسيب والضياع، ومن الدمار والبوار، كلما اقترب تشكيل مسرحية الحكومات العراقية، وحدث ذلك من قبل الحكومة المؤقتة، ومن قبل الحكومة الانتقالية، وقبل عرض مسودة الدستور، ومن قبل الاستفتاء على الدستور، فنتوقع ان يكون هناك حماماً من الموت الاسود والاحمر قبل تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، والتي منحوها تأريخاً سرياً نهائياً هو: ((الخامس والعشرين من اشباط المقبل)).
ان قوات الاحتلال في بلاد الرافدين تتبنى مشروعاً شبيهاً لمشروع الاحتلال الصهيوني بكل مواصفاته العنصرية الفاشية، فمن اعتقالات جماعية، ومن سياسة الارض المحروقة، ومن ترويع وتهديد للناس الآمنين، ومن تجنيد الوكلاء المحليين والعلميين.. الى بناء الجدران والاسوار العازلة، ومن زاوية المنطقة الخضراء واسوارها الكونكريتية المحصنة الى الأسوار الصينية الرملية، مروراً بسامراء.. أساليب حماية المحتل المستكبر المحارب الفاقد للعواصم الخمسة المشهورة كالاسلام والجزية.
وختم حديثه القيم بعد ان اجاب على أسئلة الحاضرين.. بالهجوم على هيئة الامم المتحدة ووصفها بأنها الضالعة في ارتكاب الجرائم الدولية الاميركية والبريطانية البشعة في بلاد الرافدين الاشم.. انتهاكاً لقوانين الحرب المتعارف عليها، والمذكورة في فقرة (500) من الدليل الميداني للجيش الاميركي رقم 27- 10 (1956) الضلوع في ارتكاب جرائم ضد السلم العالمي، وجرائم ضد الانسانية، وجرائم حرب هو أمر يخضع للعقاب، ولا أخفي عليكم سراً ان هيئة الامم المتحدة تسير الآن وبوقاحة على مسار عصبة الامم نحوما أسماه تروتسكي: ((مزبلة التأريخ))، وأما بوش (الابن)، وتوني بلير، فإنهما يتجهان صوب حكم يخصهما في احكام نورمبرغ التي يحتفل باقي العالم بذكراهاالستين بكل اجلال وتقدير واحترام، وانما على أمل ان لا يتكرر ما حدث - انشاء الله تعالى - والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وعلى اصحابه المنتخبين.