في الثقافة الدينية اضاءات وتأملات.. تفسيرية جديدة الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة بيان ثبـوت هلال شهر شوال الأغر أحمد الحسني البغدادي.. ظاهر المحسن وقفة حول كتاب الثورة والعرفان بيـان حول حلول شهر رمضان المبارك صاحبُ السماحة.. طالب السنجري بيان حول وفاة المجاهد داوود مراغة ابو احمد فؤاد سيرة ذاتية عطرة أستاذي ورفيق مسيرته الجهادية حديث حول عودة الرئيس ترامب الى البيت الأبيض.. ماذا سيحدث في وطننا ومنطقتنا؟..‏ بتاريخ 19 تشرين الثاني 2024م

حديث مع الوفد الشعبي الاسلامي لمدينة الصدر المنورة بتاريخ 13 ايلول 2003م


حديث مع الوفد الشعبي الاسلامي

لمدينة الصدر المنورة  بتاريخ 13 ايلول 2003م

 

حديث (صوت وصورة) جرى مع الوفد الشعبي الاسلامي لمدينة الصدر المنورة ، وذلك بتاريخ 13 ايلول 2003م

بسم الله الرحمن الرحيم

جئنا ــ يا سيدنا ــ من مدينة الصدر الباسلة التي نذرت نفسها في وقت من الاوقات عندما أرادت قوات الاحتلال انزال : ((الراية)) التي كان مكتوب عليها : ((يا قائم ال محمد)) وقد بادر جميع ابناء المدينة كمشروع استشهاد مقابل عدم انزال (( الراية ))!!.. وهذا عهد صدق ووفاء من ابناء مدينتنا للامام الحجة (عجل الله فرجه) ولعلمائنا المجاهدين الناطقين الصادقين .. وعلى هذا الاساس بادر الوفد الشعبي الاسلامي ليحظى بلقاء سماحتكم .. وهم الذين حموا ((الراية)) من السقوط ، وهم الذين تصدوا بعناد إلى من حاول انزالها وتمزيقها من جنود الاميركان الاوغاد .. ونحن ــ هنا ــ نتشرف بلقائكم ، وفي جعبتنا اسئلة ... وكل همومنا وطموحاتنا هي : التفكير في صيانة مستقبل العراق .. وكيف الخلاص من المستكبرين الكافرين ، لان شريحة الشباب المسلم هي : الدرع الحصين للخلاص من الغزاة الطامعين ، وما نعرفه عن سماحتكم من دوركم السياسي الجهادي الاسلامي الطليعي في الساحة العراقية .. بالاضافة إلى دور المرجعية الدينية .. نرجو ان نخرج بحصيلة عن ما هو تكليفنا الشرعي الملقى على عاتقنا في هذه المرحلة المصيرية التاريخية الراهنة ، وبخاصة تكليفنا الشرعي أمام قوات الاحتلال التي تحتل بلدنا الاسلامي الاعز .. وما هو تكليفنا الشرعي في صياغة وكتابة الدستور الدائم في ظل الاحتلال .. ويجزيكم الله خير جزاء المحسنين .

بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدالمرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين .. وصحبة المنتجبين .. وعلى جميع انبياء الله المرسلين .

المطلوب من شعبي وأهلي رص الصفوف ، وتجذير الائتلاف الجبهوي بين المذاهب والاطياف المختلفة ، وعدم الدخول في المساجلات الكلامية ، أو المزايدات السوقية ، أو الصراعات الاثنية والعرقية بين هذا الرمز ، أو ذلك المرجع .. أو بين هذا الطيف ، أو ذلك المذهب .. سواء كانوا هؤلاء ، وهؤلاء من المسلمين ( سنة وشيعة ) أم من اليساريين أو اليمينيين ( قوميين أو ماركسيين ) .. يحتم عليهم الواجب الشرعي الوطني ان يتحدوا ويرصوا صفوفهم في طرد الغزاة الطامعين الاميركيين منهم والبريطانيين .

ان المخابرات الدولية الاميركية منها أو البريطانية يحاولون بطرق ملتوية ماكرة خادعة اثارة الفرقة والخلاف والعداوة والبغضاء بين صفوف الشعب العراقي .. فاذا انشغلنا في الصراعات المذهبية ، أو العرقية ، أو العنصرية ،أو الحزبية .. سوف نعطي مبرراً دولياً لبقاء المحتل في العراق .

ومن هنا .. أقول : لو كان علياً امير المؤمنين (عليه السلام) حيا لقاتل ضد الدبابة الاميركية .. ولو كان علماؤنا المجاهدون أحياء كالشيخ محمد تقي الحائري ، وقبله السيد محمد سعيد الحبوبي وطلابهم كالشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ، والسيد محمد الحسني البغدادي ، والشيخ عبد الكريم الجزائري .. لقاتلوا ضد الغزاة الكافرين المحتلين .

ومن اعجب العجائب نرى بعض المتصدين المراجع بالنجف الاشرف انهم لم يفتوا (على الاقل) بحرمة وجود المحتل لعراق المقدسات ، بيد اني اوجه لهم عتاباً رقيقاً هادئاً ان لم يكن حواراً قاسياً شديداً من خلف الابواب المغلقة .. لماذا هذا السكوت عن احتلال وادي الرافدين الاشم ، ومن قبل مستكبر متغطرس كافر فاقد للعواصم الخمسة المشهورة كالاسلام والجزية .

ففي غزو الدولة الاسلامية العثمانية من قبل الصليبيين البريطانيين دافع الفقهاء  والمراجع ، ومن ورائهم الشعب العراقي بكل مذاهبه واعراقه مع دولة اسلامية ظاهرية غير واقعية . وكانت المخابرات البريطانية من خلال جاسوستها العالمية : (( مس بل )) تكتب التقارير إلى وزارة المستعمرات البريطانية قائلة ( ما معناه ) سوف تشاهدون ما يسركم ان الشيعي سيقاتل مع الجندي البريطاني صفاً واحدا ضد الرجل المريض .. لكن فوجئت هذه المخابرات بصدمة لم تكن بالحسبان : ان الشيعة مع علمائهم المجاهدين قاتلوا بقيادة السيد المجاهد الحبوبي في جهة الناصرية .. وقاتلوا بقيادة السيد الفقيه مهدي آل السيد حيدر في جهة العمارة ..وقاتلوا بقيادة الإمام المجاهد السيد البغدادي في جهة الشعيبة والكوت .. بل كان العلماء المجاهدون في النجف الاشرف ، وكربلاء المقدسة ، والكاظمية المشرفة .. كانوا يقاتلون على كل الجبهات .

قد تسألوا : لماذا يقاتلون معها .. وهي دولة تتريكية عنصرية ؟.. ونجيبكم : كانوا يقاتلون ويدافعون من أجل صيانة التوحيد والرسالة والقرآن من الاندراس .. ومن أجل اعلاء كلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله في ربوع العالم .

إذن ــ ايها الاحبة ــ المسألة غدت واضحة عندكم مجرد احتلال مباشر على ثرى عراقية ، أو على أي ثرى اسلامية لا يجوز بقاءه حتى لو لم يؤد ضرراً في الشريعة والعقيدة ، بل وحتى لو اعطى الحرية الكاملة غير المنقوصة لممارسة الوظائف الدينية ، والشعائر الاسلامية .. يجب طرده من خلال المقاومة المشروعة من ارض العراق الاعز .

وكيف لا .. والاميركان لم يحتلوا العراق من أجل سلب خيراته الطبيعية وحسب ، وانما جاءوا لافساد شعبه ، وهتك مقدساته وحرماته .

ان اميركا الاستكبارية عدوة الشعوب المستضعفة ، بيد انها تحتل الاوطان العربية والاسلامية ذات السيادة المستقلة بأسم الشرعية الدولية، وبأسم الاصلاح والديمقراطية ، وبأسم محاربة الارهاب والارهابيين .

ومن هنا ــ ايها الاخوة ــ اكشف لكم سراً حينما احتلوا العراق في التاسع من نيسان المشؤوم .. حطموا البنى التحتية للدولة العراقية بشكل كامل ، وسرقوا الثمين من كل المؤسسات الحكومية والخدمية والاستخباراتية والتصنيع العسكري .. وبعد ذلك اعطوا مجالاً اجرامياً واسعاً لكل اللصوص العراقيين الذين اطلق سراحهم صدام حسين قبل تقويضه باشهر قليلة .

ولكن اقولها صراحة ان شعبنا شعب متدين بالفطرة .. لم يعرف بالسرقة ، ولم يعرف بالنفاق ، ولم يعرف بالخنوع .. بل كان ولا يزال معارضاً على طول التاريخ ضد الطغاة الجبابرة .

وكانت مدينتكم تسمى بـ ((مدينة الثورة)) مدينة المستضعفين .. هذه المدينة التي هي الان سميت بأسم خالد .. بأسم الشهيدين الصدرين ، وعرفت بـ ((مدينة الصدر المنورة)) .. هذه المدينة المناضلة تكالبت عليها قوى الثورة الرجعية المضادة ، والتشهير بأبنائها الاماجد بأنهم حفنة من اللصوص .

كلا والف كلا .. ان هذه المدينة فيها رجال دين قدموا التضحيات الجسام ، وزجوا في السجون والمعتقلات الرهيبة مع قواعدهم الشعبية من العمال والفلاحين والمثقفين والكسبة .

 ان هذه المدينة المستضعفة تعيش المعاناة والحرمان والاضطهاد .. بدءاً من الحكومات الرجعية ووصولاً إلى حكم الطاغية المستبد المهزوم بوصفها تحت مظلة المرجعية الناطقة .

ان ابناء هذه المدينة يعيشون الفقر المتقع . وهذا فخر واعتزاز ووسام شرف لهم ، لأن الانبياء المرسلين رعاة فقراء ، ولأن الائمة الاطهار فقراء .. كانوا يحاربون الطاغوت الاقتصادي ، وكذلك الطاغوت السياسي سواء بسواء .

ان هذه المدينة الباسلة .. هي قلب العراق النابض .. وسوف تحقق امنياتنا وطموحاتنا في اقامة المجتمع الاسلامي ، والدولة الاسلامية في العراق .. هذا هو املي الوطيد في أبناء هذه المدينة الخيرة ، وهذا المدح والاطراء عليكم ، ليس ملقاً لكم بوصفكم ناصرتموني وقصدتموني بهذا الحشد المؤمن ، وانما اثبتم اصالتكم الرسالية الثورية المتألقة بالتجربة الميدانية بعد استشهاد الشهيد السيد محمد الصدر .. قاتلتم قتالاً عنيداً ضد اخطر طاغوت مستبد ، وضد معارضة عراقية جاءت على ظهر الدبابات الاميركية ، واستغلت المقاومة الاسلامية من أجل الواقعية السياسية ، ومن أجل الحصول على المحاصصة والمخاصصة سواء بسواء .. كل هذه المتاجرة السياسية بأسمكم ، فأنتم المعارضون الحقيقيون .. أما نحن المعارضين فكان دورنا في الخارج فضح النظام حيال الرأي العام العالمي .

إذن هناك مؤامرة مدروسة في حرب ابناء هذه المدينة الثائرة .. فكيف نحطم هذه المؤامرة الرجعية الاستكبارية .. نحطمها من خلال عقد الندوات التنويرية الجماهيرية الناقدة ، ومن خلال قراءة الكتب الاسلامية الملتزمة ككتب :الدكتور الشهيد شريعتي ، والاخ عادل رؤوف وفي مقدمتها : ((عراق بلا قيادة))هذا الكتاب مهم جدا يكشف لكم حقيقة ادعياء المرجعية الدينية بوصفهم منافقين تاجروا باسم مدينتكم الصامدة ضد الظلم والظالمين ، وضد النفاق والمنافقين .

هذا .. وانا لا امدح واعظم مدينتكم وحسب ، بل ابناء مدن العراق ، وبخاصة الوسط والجنوب ، فلهم مواقفهم الجهادية الخالدة التي لا تنسى من الذاكرة العراقية .. ولكن انا ارى ان مدينة النجف الاشرف .. هذه المدينة المقدسة .. التي كانت السباقة في مقاتلة القوى الرجعية والاستكبارية بدءاً من حرب العراق العام 1914م ، ومروراً إلى ثورة الثلاثين من حزيران العام 1920م ، ووصولاً إلى تأجيج الانتفاضات والوثبات التي لا تعد ولا تحصى ، وفي مقدمتها انتفاضة صفر العام 1977م التي تصدت لاول مرة في اوج قوة العفالقة ، ورفعت فيها الشعارات والهتافات الحسينية والاسلامية من قبيل )(يا صدام شيل ايدك تر العراق ميريدك )) ، وكذا انتفاضة شعبان ــ آذار ــ الوطنية الاسلامية العام 1991م ، التي كادت ان تهزم النظام بعد سقوط ((14)) محافظة عراقية ، لولا ان القوات الاميركية اعطت الضوء الاخضر لصنيعتها لاجهاض هذه الانتفاضة الشعبية وابادتها على بكرة ابيها .

واليوم .. مع الاسف المرير ان مدينة النجف الاشرف لم تقف موقفاً واضحاً لمقاتلة المحتلين .. والسبب الرئيسي ان ابناء هذه المدينة ، وبعض المدن الاخرى ينتظرون رأي رموز المرجعية  (الدينية) في مطاردة المحتلين الغزاة .

ومهما يكن من هذا الانتظار اللااسلامي .. ولكن املي الوطيد في ابناء مدينة النجف الاشرف المتفقهين العاملين ، انهم سوف يقودون المعركة الفاصلة الحاسمة في طرد المحتلين الاميركان .. وأنما هذا السكوت والوقوف على التل من قبل بعض الرموز المتصدين يجب ان يحارب بصلابة وعناد ، وقد زارني البارحة وفد برئاسة رئيس جامعة كربلاء ، وعمدائها واساتذتها، وعدداً من طلابهم النجباء ، وقد وجهوا لي عدة اسئلة حول قضايا الساعة بعد انتهاء حديثي معهم ، ومن ابرز تلك الاسئلة .. كيف نحارب العدو المحتل ؟. ونحن خرجنا من حروب خليجية عبثية طائشة .. وما هي الوسائل والاساليب الموضوعية لطرد المحتلين ؟..

فأجبتهم : نحن عندنا اليات لتحطيم العدو وطرده من الوطن الاعز على عدة مراحل :

أولاً : نجذر الحس الوطني والاسلامي والثوري بين اهلنا وشعبنا ، لان هذا الشعب الطيب قد خدعوه بالوعود الكاذبة الماكرة القائلة : بعد سقوط النظام وانهاء الدكتاتورية والاستبداد ، سيكون العراق شعبا ودولة بمصاف الدول المتقدمة الكبرى .. وحتى الان نجد الاكثرية ينتظرون هذا الامل الموعود ، ولكن نسوا هؤلاء وتناسوا بحسن نية أو بسوء نية : ان الادارة الاميركية لم تنقذ العراق وشعبه بوصفها جمعية خيرية إنسانية ، وانما لها اطماع استعمارية لهذا البلد والمنطقة برمتها .. لهذا يجب ان تكون المقاومة المشروعة بـ (( الاساليب السلمية )) من خلال التظاهرات والاعتصامات الجماهيرية ، ولا تخضع لأملاءات العدو الماكر من قبل العدو المحتل .

وثانياً : يجب ان تكون المقاومة المشروعة عن طريق حرب الحجارة من خلال اطفالنا اقتداءً وأسوة بتجربة انتفاضة الحجارة الفلسطينية التي استطاعت ان تعمق الروح الاقتحامية لمواجهة العدو الصهيوني المتغطرس .

وثالثاً : يجب ان تكون المقاومة من خلال اعلان سقف زمني محدد بضرورة خروج الغزاة المحتلين ، فان لم يستجيبوا إلى ذلك نعلن الثورة المسلحة بوصفها هي الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان .

ان اميركا الاستكبارية تؤمن بالعولمة الرأسمالية المتوحشة الموصلة إلى انقسام العالم الاسلامي إلى قسمين :

عالم فقير متقع ، وعالم غني مترف .. أول ما تستهدف العراق في تجويع شعبه ، ونهب بتروله ، وزئبقه الاحمر ، ويورانيومه .. فضلاً عن افساد شعبه ، وشيوع الفاحشة بين خلق الله تعالى تسمى عند الاميركيين وسماسرتهم (علما) وفي كتبهم على اختلافها تشترك في الكلام عن الجنس والاهتمام به .

 ومن هنا .. يحتم عليكم ــ كمسلمين ــ قتالهم وطردهم من وطنكم قبل فوات الاوان بالمراحل الثلاث .. وأنا بلا انقطاع اكرر هذه المراحل الحاسمة لكل الوفود التي زارتني من ابناء الناصرية والبصرة وبغداد والديوانية وغيرهم من ابناء المحافظات .. كنت أوكد عليهم الاخذ بالمراحل الثلاث ، لان الحس الوطني والاسلامي لقد مات في العراق ، لان اكثر من ثلاثين عاماً حكمكم صدام حسين بالنار والحديد والارهاب .. لو ان المرجعية المتصدية ــ حين ذاك ــ تحركت ضد العفالقة في بداية حكمهم الظالم لسقط النظام وكانت التضحيات ربع مليون شهيد ، ولكن تراجع رموز المرجعية الدينية بالنجف الاشرف بدءاً من السيد محسن الحكيم ، ومروراً بالسيد ابي القاسم الخوئي ، ووصولاً الى السيد علي السيستاني .. في عدم التصدي والصمود والثورة ضد الطاغية ، ولم يخسر ابناء العراق مليون شهيد ، ومليون معوق ، ومليون مجنون ، ومليون فقير بائس أصبح غنياً جشعاً ، ومليون غني جشع اصبح فقيراً بائساً .

واني لاعجب من هذا السكوت عن طرد المحتلين الاميركان .. اليس هذا السكوت سيؤدي بالتالي إلى تدمير العراق واستباحته في كل شيء وعلى كل صعيد .. وأني لاعجب من هذه المخالفات الشرعية والاخلاقية التي تجدونها بأم اعينكم ، ومن خلال طرح هذه التساؤلات المثيرة تنكشف لكم الحقيقة :

هل كانت في عهد النظام البائد المشروبات الكحولية ، وحبوب الهلوسة ، والترياك ، والافلام الجنسية العارية الماجنة الهدامة تباع في المدن والمحافظات المقدسة على شبابنا وفتياتنا المراهقين منهم والمراهقات؟!.

وهل كان في عهد النظام البائد انهيار البنى التحتية للدولة العراقية ، ويسرق فيها كل ثمين ، بيد انهم احتفظوا بوزارة الخارجية حتى لا تنكشف المؤامرة ( لان صدام حسين جند صحفيين وسياسيين اوروبيين واميركيين ) لأن فيها وثائق قد تنكشف للشعب العراقي ، وللرأي العام العالمي ، ليست لصالح الولايات المتحدة الاميركية ، بيد انهم فتحوا مجالاً واسعاً للصوص ليسرقوا من كل المؤسسات في الوقت الذي يتهمون ابناء مدينة الصدر المستضعفة بوصفها هي التي سرقت ونهبت تلك المؤسسات الحكومية .

ويحق لي ان أقول : تعساً لعقولكم الطائشة ايها الاميركيون الامبرياليون .. ستبقى مدينة الصدر .. ثورة الجماهير الكادحة ، ثورة العمال والفلاحين ضد الطواغيت السياسيين والاقتصاديين سواء بسواء .

ان الطاغوت السياسي هو سيئة من سيئات الطاغوت الاقتصادي .. لماذا ــ ايها الاحبة ــ صار الناس  ماركسيين وقوميين علمانيين لان في دساتيرهم السياسية وانظمتهم الداخلية يؤكدون أنهم بعد استلامهم السلطة يهيئون للناس المأكل والملبس والمسكن ، وبسبب هذه الوعود البراقة انتمى الناس إلى هذه الاحزاب والتكتلات والتيارات البعيدة كل البعد عن الدستور الاسلامي .

ان جل رموز المعارضة العراقية يملكون الملايين من الدولارات  الصفراء الذين جمعوها بأسمكم قولوا لهم اخرجوها ووزعوها على الفقراء والمساكين من ابناء جلدتكم ان الفقر المدقع السائد في البلاد يؤدي بالتالي إلى مشاكل خطيرة مرعبة ، لان الفقير ينادي الكافر بأعلى صوته خذني معك !.. وما عبد الرحمن إلا بالخبز !.. لان الله هو الخبز !.. كما في الحديث الشريف .

ان مشكلة البطالة هي رأس كل تسيب وضياع ودمار وبوار ينخر بالعراقيين ، لان المواطن الذي لا يجد فرصة العمل التي توفر قوت عائلته واحتياجاته اليومية (على الاقل) سيلجأ بالطبع إلى الخطوط المنحنية والبعيدة عن المباديء والمثل الكبرى من أجل ان يؤمن هذه المستلزمات ، وقد ورث العراق والعراقيين تركة ثقيلة في البطالة تمثلت بالكم الهائل من العاطلين بعد تمزيق البنى التحتية للدولة العراقية .. كوزارة الدفاع ، والتصنيع العسكري، والاعلام ، وكذا تعرضت منشئات وزارة الصناعة ، والمعادن الى نهب الاميركان للتكنلوجيا الصناعية ،مما أدى الى ضخ حشد هائل من العاملين فيها إلى ميادين التسكع وبألتالي افرزت بؤراً لأرتكاب الجريمة .. سببه الاساس وجود المحتل الطامع المستكبر ، كل ذلك بتشجيعه حتى يبرر شرعية وجوده على أرض الخيرات ، وعرقلة مشاريع التنمية التي تستقطب مئات الالاف المؤلفة من الايدي العاملة العراقية .

ان المرجعية (الدينية) المتصدية تصدر الفتاوي الشرعية (ما انزل الله بها من سلطان) من قبيل : لا يجوز التصرف بـ (( حق الإمام عليه السلام )) إلا باذن الحاكم الشرعي !!.. بل يجوز التصرف به بلا مراجعته اطلاقاً، وتقسيمه على الفقراء المجاهدين ، وعلى عوائل الشهداء .. من اعظم مصاديق رضا الإمام المنتظر (عليه السلام).

قد تقولون ان الفتاوى تؤكد في رسائلهم العملية لا يجوز التصرف به، إلا بأذن الحاكم الشرعي ، ومن تصرف بغير اذنه ، لم يكن مبريء للذمة .

وهذا الرأي الفقهي خطأ فادح ، لانه لا يوجد في الساحة الفقهية دليل لا في القرآن ، ولا في السنة الصحيحة.. ان لابد من اعطائه إلى الفقيه المرجع .

إذن .. كيف يفتي الفقيه ولم يستند الى الدليل الاجتهادي .. سيقول لك بصراحة انه لا دليل عندي في ذلك .

إذن .. هل يجوز له ان يصدر فتوى شرعية من جعبته ، بالطبع سيجيبك : اني احرز رضا الإمام المنتظر (عليه السلام) ، في الوقت الذي هو يعيش مع جهاز اداري استشاري فيه الطيب منه والخبيث ، وفيه الصالح منه والطالح ، ولم تكن لهذا ( الجهاز الاداري ) خبرة ميدانية عن كل الشيعة المسلمين خصوصاً في القارات الثلاث ( اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية ) .. ثم على فرض اني تصرفت بهذا الحق الشرعي بلا مراجعتك ، وانشأت مستشفى في مدينة الصدر المنورة مثل مستشفى الراهبات الخيرية في بغداد، ويكون ريعها لفقراء الشيعة البائسين .. هل انا في هذا التصرف المستقل احرزت رضا الإمام المهدي (عليه السلام) ، كما ان أنت أحرزت رضاه .. طبيعي سيجيبك لا فرق بيني وبينك في هذا الاحراز ، ولكن لأني حاكم شرعي ، وأرى أن من أعظم مصاديق رضا الإمام (عليه السلام) دعم الحوزات (العلمية) بوصفها مكبة على الدرس والتدريس لفقه ال محمد (عليه السلام) ونشره بين الناس كل الناس .

ولكن ــ سيدنا ــ قد قرأت للشيخ محمد جواد مغنيه نصاًَ فقهياً وقد اعجبني غاية الاعجاب عندما صرح في كتابه فقه الإمام الصادق (عليه السلام) ، اذ كتب قائلاً :

(( ان الانفاق من سهم الإمام (عليه السلام) على المتطفلين ، والمرتزقة، وعلى الذين يتاجرون بأسم الدين .. فأنه من اعظم المحرمات ، واكبر الكبائر والموبقات ، وفي عقيدتي ان الغاء سهم الإمام افضل الف مرة من أن يأخذه احد هؤلاء ومن اليهم ، لانه تشجيع للجاهل على جهله ، وللمغرور على غروره ، وللضال على ضلاله )) .

وقبله قد اطلعت على كلمات لصاحب الجواهر تدل على قداسته وعظمته في الطهر والنقاء والتقوى والاصلاح وبعد النظر والتحقيق قال :

((ان مثلنا ممن لم تزهد نفسه بالدنيا لا يمكنه الاحاطة بالمصالح والمفاسد ، كما هي في نظر الإمام (عليه السلام) ، فكيف يقطع برضاه مع عدم خلوص النفس من الملكات الرديئة ، كالصداقة والقرابة ونحوهما .. من المصالح الدنيوية ، فقد يفضل البعض لذلك ، ويترك الباقي في شدة الجوع والحيرة )) .

 قد تسألوني ــ ايها الاحبة ــ : لو ان فقيها مجاهدا حقق اقامة الحكومة الاسلامية في بلد ما ، وصار ولي امر المسلمين .. فهل يجب امتثال أوامره في عدم مشروعية التصرف بحق الإمام (عليه السلام)؟..

نحن لا نتراجع عن رأينا الفقهي اطلاقاً ، بيد اننا مع ولاية الفقيه العامة في القضايا المصيرية الكبرى (مثلاً) لو توقف الامر في تحرير فلسطين كل فلسطين من الاحتلال الاستيطاني الصهيوني في انتزاع الاموال من المسلمين بالقوة ، يجب امتثال أوامره الولائية .

وأخيراً ــ ايها الاحبة ــ قد اجبت على كل الاسئلة التي قد متموها لي من خلال حديثي الشامل معكم .. ولكن قبل ان أختم هذا الحديث .. اطرح مسألة في غاية الاهمية وبخاصة في هذة الظروف الاستثنائية التي تمر بالوطن الاعز والمنطقة برمتها.

نحن نعيش في ازمة آيديولوجية وستراتيجية اذكرها لكم من خلال محاور ثلاث تستهدف قتل المبادرات الشخصية على الصعيد العسكري والسياسي والإنساني وهي كما يلي :

1 ــ قبل نكسة الخامس من حزيران العام 1967م تصدى الرئيس عبد الناصر للوجود الصهيوني .. وجاء بجيوشه الجرارة الجاثمة على ارض سيناء المكشوفة .. وحينما ارادت المؤسسة العسكرية الصهيونية تدمير الجيش واحتلال ارضه من خلال انطلاق الطائرات الحربية على شكل منخفض من جهة البحر ، وقصفوا المواقع العسكرية بسرعة خاطفة ، وهم لا يشعرون وهزم هذا الجيش .. بسبب اجراء عملية التشويش الناجعة على رادار (ظفار) القابع في صحراء سيناء .. وبسبب انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية بين القياداة المصرية ، وبين القيادات العسكرية .. وبسبب عدم مخالفة الاوامر القيادية ، والخطط العسكرية .. بسبب هذه أو تلك نرى على شاشات التلفاز الفتاة الاسرائيلية المجندة تطارد خلف حشد من الجنود المصريين العمالقة وتأسرهم وتقودهم (أذلال صاغرين) !!.. إذن .. لماذا هذا القنوط والخنوع ، ولم يبادر أحدهم لقتل هذه الفتاة الناعمة الشقراء ؟!.

ولكن سيقول لك (الجندي) بلا تردد وبلا وجل باللهجة العامية :(( ما فيش أوامر من القيادة .. وقالوا لنا : نفذ ثم ناقش )!!..

2 ــ عندما اصدر الزعيم عبد الكريم قاسم أوامره لقائد الفرقة الاولى عبد الحميد حسين حصونة لاحتلال الكويت بوصفها جزءاً لا يتجزأ من وادي الرافدين (قيل) ان قائد الفرقة استشار أحد المتصدين الدينيين بالنجف الاشرف انه: بدلاً من احتلال الكويت يبادر في تنفيذ محاولة انقلابية ناجعة على حكومة قاسم ، بيد ان هذا ( المرجع ) اعتذر !!.. ولم يعط له اذنا صاغية لسبب بسيط (على ما ارى) لم تكن له رؤى سياسية ، أو مشروع سياسي في سبيل اقامة الحكومة الاسلامية في العراق .

3 ــ كان هناك ثلاثة اشخاص معتقلين في سجن ابي غريب (السيء الصيت) ونذروا نذراً شرعياً لله الواحد القهار ، إذا اطلق سراحهم من السجن .. سوف يشتغلون بمزاولة التجارة الحرة في سوق جميلة في بغداد .. واذا نجحوا في تجارتهم سوف يقومون بتخميس ما حصلوا عليه من ارباح خالية.. وبالتالي يبادرون بأنشاء مستشفى ريعها لفقراء مدينتهم ، ولكن بادر احدهم (مستشكلاً) لا يجوز ان نتصرف بهذا الحق إلا بالرجوع إلى الفقيه حتى نأخذ منه الاذن بالتصرف ، وبالفعل استجابوا لاقتراحه ، وذهبوا إلى الفقيه المرجع في النجف الاشرف لأخذ الاستئذان منه ، بيد انهم فوجئوا بالرفض بحجة انه مبتلى بالحوزة (العلمية) ، ويجب تشييدها وترويجها ودعمها في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة بوصفه (أي هذا الدعم)  من أهم مصاديق رضا الإمام المنتظر (عليه السلام) .

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha