في الثقافة الدينية اضاءات وتأملات.. تفسيرية جديدة الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة بيان ثبـوت هلال شهر شوال الأغر أحمد الحسني البغدادي.. ظاهر المحسن وقفة حول كتاب الثورة والعرفان بيـان حول حلول شهر رمضان المبارك صاحبُ السماحة.. طالب السنجري بيان حول وفاة المجاهد داوود مراغة ابو احمد فؤاد سيرة ذاتية عطرة أستاذي ورفيق مسيرته الجهادية حديث حول عودة الرئيس ترامب الى البيت الأبيض.. ماذا سيحدث في وطننا ومنطقتنا؟..‏ بتاريخ 19 تشرين الثاني 2024م

حديث مع رئيس جامعة كربلاء وثلة من الاساتذة بتاريخ 14 ايلول 2003م


حديث

مع رئيس جامعة كربلاء وثلة من الاساتذة بتاريخ 14 ايلول 2003م

 

 

حديث (صوت وصورة ) جرى في مكتب سماحته مع رئيس جامعة كربلاء الدكتور عبد عون الغانمي ، وكان بصحبته ثلة من الاساتذة وهم : د. عبود جودي الحلي عميد كلية التربية ، د. صالح حداوي عميد كلية العلوم ، د. حيدر حسن اليعقوبي استاذ تدريسي في قسم العلوم التربوية والنفسية ، د. رياض الجميلي ، د. رياض المسعودي اساتذة تدريسيين في قسم التاريخ ، وحشد من طلابهم الجامعيين ، وذلك بتاريخ 14 ايلول 2003م.

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

السلام عليكم ايها الاخوة الكرام ورحمة الله وبركاته

حاولت الادارة الاميركية من خلال صنيعتها صدام حسين ، ترويض الشعب العراقي من خلال تجويعه ، وتشريده ، واضطهاده ، وتصفية رموزه الوطنية والاسلامية .. حتى يقبل بأي نظام وأي حاكم مهما كانت هويته .. حتى لو كان ذلك الحاكم هو الارهابي شارون !!..

لقد ابتلى العراقيون في حروب عبثية طائشة اشعلها صدام حسين، وبخاصة بعد خروجه من الحرب العراقية المفروضة على الجمهورية الاسلامية في ايران، واجتياح الكويت بوصفها جزء لا يتجزأ  من العراق .. وباسم الشرعية الدولية ، والقانون الدولي الجديد .. بادرت الولايات المتحدة الاميركية  لتحرير الكويت ، وفرضت على الشعب العراقي الحصار الاقتصادي الظالم ، وسنت قانون تحرير العراق ( السيء الصيت ) العام 1998 ، ولم يكن هذا القانون مرتجلا ، وانما كان تنسيقا ــ على ما ارى ــ مع صدام حسين ، والولايات المتحدة الاميركية في سبيل اضعاف النظام ، واسقاط المعارضة العراقية هذا اولا ..  وثانيا : ان هذا القانون لم يستهدف العراق وحسب ، وانما يستهدف المنطقة برمتها في سبيل تمزيقها إلى دويلات وكيانات ضعيفة هزيلة .. كل ذلك لصالح الكيان الصهيوني .

إذن .. اميركا في اجتياحها للعراق لم تكن جمعية خيرية إنسانية لانقاذ مستضعفي الشعب العراقي من الدكتاتورية والاستبداد ، بل هي التي قبلت بوجود الدكتاتورية والاستبداد طوال ثلاثة عقود ونصف بما يخدم الاهداف الستراتيجية الاميركية العليا في المنطقة ، وتحقيق مشروعها الكبير للهيمنة على منابع البترول ، واليورانيوم ، والزئبق الاحمر ، فضلا عن ابتلاء الشعب العراقي بمعارضة استغلت المقاومة من أجل السياسة ضد الطاغية صدام حسين ، ولذا نجدها تتجسد فيها الازدواجية السياسية، وكسبت الجاه والمال بأسم مستضعفي الشعب العراقي المظلوم ، وحينما اجتاحت العراق نجد هذه المعارضة ــ مع الاسف الاسيف ــ جاءت على ظهور الدبابات الاميركية في سبيل تكسب الجولة لصالحها وليس لصالح الشعب .. وانتم ايها الاخوة عندما شكل مجلس الحكم رأيتم كيف انه لم يتم عن طريق الانتخابات الجماهيرية ، وانما على (الطريقة البريمرية ) حيث عين شخصاً لوزارة النفط وهو لا يمتلك قاعدة شعبية عريضة ، ولم يكن له تاريخاًوطنيا نضاليا ، وانما اعطيت له هذه الحقيبة الوزارية في سبيل الاسراع في عقد الصفقات مع الشركات الاجنبية الاميركية والبريطانية .. كل ذلك قبل تحقيق السيادة الوطنية المستقلة .

إذن .. المسألة اصبحت لا تحتاج إلى تفسير عندكم .. إذن لنفكر معا بوصفكم اساتذة الفكر والثقافة .. كيف نخرج المحتل الاجنبي من وطننا الاعز؟.

قبل كل شيء يجب ان نعرف موقف المؤسسة الدينية بالنجف الاشرف من الغزو البريطاني للعالم الاسلامي العام 1914م ارسلت وزارة المستعمرات البريطانية جواسيسها إلى النجف الاشرف وفي مقدمتهم : (( مس بل )) كانت هذه تكتب التقارير والرسائل إلى ابيها تقول ما معناه : عندما يحتلون العراق ستجدون الشيعي يقاتل الاتراك مع الجندي البريطاني صفا واحدا ، لان الاتراك اضطهدوا الشيعة باسم الحملات التأديبية لانتزاع الضرائب والرسوم منهم ، وحينما اجتاحوا العراق وجدوا الشيعة يدافعون بكل غال ونفيس عن الدولة العثمانية الاسلامية من أجل صيانة التوحيد والرسالة، وهذا هو نهج الائمة الهداة (عليه السلام) لنصرة الدولة الاموية والعباسية من الهجمات الاجنبية الفاسقة الكافرة (فمثلا) نجد الإمام زين العابدين اصدر دعاء لأهل الثغور في صحيفته السجادية يدعو فيه نصرة الجيش الاموي المرابط ضد الهجمات الخارجية الكافرة ، في الوقت الذي شاهد بأم عينيه واقعة الطف الرهيبة ، وبأسم الشرعية الاسلامية سالت دماءهم الطاهرة الزكية .. مضافا إلى ذلك احاديث الرباط التي صرح بها واكد على تطبيقها ابي الحسن (عليه السلام) من خلال رواية يونس بن عبد الرحمن قال :

(( سأل ابا الحسن  قال : فان جاء العدو إلى الموضع الذي هو فيه مرابط .. كيف يصنع ؟.

قال(عليه السلام) : يقاتل عن بيضة الإسلام .

قال : يجاهد؟.

قال (عليه السلام) : لا إلا ان يخاف على دار المسلمين أريتك لو ان الروم دخلوا على بلاد المسلمين لم يسمع لهم ان يمنعوهم .

قال (عليه السلام) : يرابط  ولا يقاتل وان خاف على بيضة الإسلام والمسلمين قاتل ، فيكون قتاله لنفسه وليس للسلطان ، لان في دروس الإسلام ذكر اسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) )) الوسائل باب 6 من ابواب جهاد العدو، حديث 2 .

هذه هي المواقف الرسالية المبدئية بالرغم من اضطهاد الدولة العثمانية الاسلامية لهذه الطائفة الشيعية الاسلامية شاهد الانجليز ان الشيعة مع فقهائهم الاخيار يقاتلون صفا واحدا ضد هجماتهم ، ولكن من أجل ماذا قاتلوا .. من أجل اعلاء كلمة : لا اله إلا الله ، محمد رسول الله .. ومن أجل الدفاع عن الدولة الاسلامية العثمانية من السقوط والدمار والبوار.

اما مسألة الجهاد الدفاعي الذي لا يشترط الاذن فيه من الفقهاء المتصدين .. وانما افتى الفقهاء في جهاد الانجليز عندما وجدوا ان الشيعة غير متفقهين .. وهذا بخلاف الجهاد الابتدائي الذي يشترط فيه ان يكون باذن الإمام المعصوم على الرأي المشهور باستثناء بعض الفقهاء الذين افتوا بجواز الجهاد الابتدائي مع عدم وجود الإمام المعصوم (عليه السلام) ، فاذا تهيأت الظروف الموضوعية وتهييء الجند والسلاح والمال يجوز احتلال العالم في سبيل نشر كلمة التوحيد والرسالة والقرآن .

ومن هنا انكشف لكم ان الجهاد الدفاعي لا يشترط الاذن فيه من الفقيه الجامع لشرائط الفتوى .. فعندما يكون هناك غزواً كافراً ، وهجوماً كاسحا على بلد مسلم كـ (العراق ) يجب على الإنسان المسلم الدفاع عن الثغور .. سواء كان عالماً ام جاهلاً ، سواء كان رجلاً أم امرأة ، سواء كان شاباً ام شيخاً .

وهنا سؤال يطرح نفسه : هل يجوز للعراقي ان يقاتل مع ازلام النظام الصدامي لصد الغزو الاميركي ؟.

هناك ( عندنا ) قبيح واقبح .. فالقبيح هو صدام حسين في عراق المستضعفين ، وانما نقاتل لصد غزو كافر مستكبر طامع في ثرواتنا الطبيعية ،  وفاقد للعواصم الخمسة المشهورة كالاسلام والجزية .. وبعد هذه التحدي والصمود والتصدي لهذا الغزو الصليبي العولمي تتوجه بنادقنا المقاتلة ضد الدكتاتورية والاستبداد الصدامي ، واسقاط حكمه ، واقامة الدولة التعددية الشورية الوطنية الاسلامية في العراق .

فان قلتم : ان صداماً لم يكن دكتاتوراً وحسب ، وانما فاشياً .. والفاشي لا يسقط عن طريق المعارضة الوطنية والاسلامية ، وانما يسقط عن طريق دولة كبرى تمتلك الجند والسلاح الفتاك لاحباط حكمه الفاشي .

فأقول لكم صراحة : صحيح ما تقولون .. ولكن ليس عن طريق احتلال كافر طامع مستكبر لم يكن جمعية خيرية إنسانية مدافعة عن مستضعفي العراق .. نعم يجوز الاستعانة بالكافر  من وجهة فقهية اسلامية من غير املاءات أو اتفاقيات معلنة أو غير معلنة تصب في مصالحه الستراتيجية في المنطقة برمتها ، ولا أكتمكم سراً عندما أحست الادارة الاميركية من خلال : (( سي . آي . أي )) الاميركية ان هنالك ارهاصات مما تنبيء عن تداعيات مستقبلية تؤدي بالتالي إلى سقوط صدام حسين ، ومجيء حكومة وطنية أو اسلامية في العراق لا تخدم مصالحها الستراتيجية في المنطقة .. لذا بادرت الادارة الاميركية بسرعة مذهلة لاسقاط صدام حسين .. بذريعة العثور على اسلحة الدمار الشامل .. وبذريعة مكافحة الارهاب الدولي ، وانهاء الدكتاتورية ، وتحقيق الديمقراطية في البلاد.

 ولكن هذا الاحتلال لا يدوم .. كيف لا يدوم ؟!.. مهما كانت الشعارات البراقة التي اطلقوها لشعب العراق ، لان أئمتنا الهداة (عليه السلام) ، ورسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤكدون علينا مقاتلة الكافرين وطردهم ، عن بلاد المسلمين من خلال اطلاقات الادلة القرآنية والحديثية الصحيحة وعموماتها .

سبحان الله !!.. داخلني الاسف الاسيف حين سمعت أدعياء الدين ، والدين منهم براء .. يستدلون بذرائع ومبررات ، وتحت مظلات عديدة لا تعبر عن حقيقة الإسلام الخالص بل تعبر عن التقليد الاعمى الموروث .. كل ذلك ليقنعوا أنفسهم ، ويقنعوا الآخرين من ابرزها : (( اتركوا الاميركان ولا تقاتلوهم ، وافسحوا لهم المجال لمدة سنتين على الاقل .. حتى يحققوا الديمقراطية في وادي الرافدين !!.. ))

 وهؤلاء نسوا وتناسوا الادلة الدالة على نفي سبيل الكافرين على المسلمين، والادلة الدالة على النهي عن المنكر ، والادلة الدالة على النهي عن موالاة الكافرين ، والادلة الدالة على امتنانه تعالى بكف أيدي الكافرين على المسلمين ، وكثير غيرها من الادلة التي تؤكد على عدم مشروعية سيادة الكافرين على المسلمين .

وهؤلاء نسوا وتناسوا ان الله شرع الجهاد الابتدائي من أجل تطبيق دين الله في الأرض كل الأرض كمشروع سياسي في سبيل استنقاذ البشرية من قوانين الشرك والكفر والالحاد.

وربما يسأل سائل : كيف نقاتل ، أين آليات المقاومة المشروعة في الوقت الذي لم تتهيء لنا الظروف الموضوعية ، والذاتية ، ولم يتهيء لنا الجند والسلاح والمال .. فيجب علينا ان نتريث في الوقت الحاضر ، وبالتالي نكسب المعركة الفاصلة في طرد الغزاة المحتلين ؟!!.

وهذا الذي ذكرتموه صحيح .. ولكن في البداية يجب علينا ان ندعو العراقيين إلى الشجب والاستنكار ضد الغزاة الطامعين من خلال الاعتصامات والتظاهرات الشعبية الجماهيرية الصاخبة والصارخة ، وبعد ذلك نأمر أطفالنا يحاربون معسكراتهم ودباباتهم بالحجارة اسوة بالشعب الفلسطيني البطل، وقبل كل هذا أو تلك نجذر الحس الوطني والاسلامي والثوري بين اهلنا وشعبنا وبعد ذلك نعلن الثورة والكفاح المسلح بوصفه هو الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان العراقي .

نقف هنا .. ونؤكد لحسم دابر المفسدين الذين يحاولون ان يبرروا شرعية الوجود الاميركي ــ والبريطاني في العراق .. زاعمين ان اقطاب المؤسسة الدينية بالنجف الاشرف لم يفتوا بطرده من الوطن الاعز !..

فلنكن صرحاء .. لقد اخترقت هذه المؤسسة الدينية بعد انتفاضة الحادي عشر من شباط العام 1979 م بقيادة الإمام القائد السيد الخميني (رض) عندما شاهد رئيس الادارة الاميركية جيمي كارتر ( من خلال القنوات المرئية ) الالاف المؤلفة من الشعب الايراني جالسا على الأرض ، والدبابات الشاهنشاهية تسحقه ولم يهرب ، وكان إلى جنبه مستشار الامن القومي : ( برجنسكي ) جالسا فسأله بذهول : هل هؤلاء المتظاهرون ماركسيون فأجابه : كلا .. وانما هؤلاء من المذهب الشيعي الذي يعد من المذاهب الاسلامية الخمسة المشهورة .. فقال له يجب اختراق هؤلاء المنحرفين منهم والمتخلفين ، ويرصد لرموزهم مائة وعشرين مليون دولار .. من خلال هذا الدعم نمزق هذا التوجه الاصولي الاسلامي الخطير ضد مصالح الولايات المتحدة الاميركية واصدقائها في المنطقة ، واستمرت هذه المؤامرة عشرين عاما ، واذا ارتم ان تعرفوا تفاصيل الحقيقة الضائعة فعليكم بقراءة مقولات السيد الخميني في كتبه وخطاباته وتصريحاته ، وكذا كتابات عادل رؤوف كـ ((عراق بلا قيادة)) ، و((محمد باقر الصدر بين دكتاتوريتين)) ستجدون الاستخبارات الدولية اخترقت المؤسسة الدينية ليس قبل عقدين من الزمن (على ما أرى)) بل من قبل اربعة قرون متتالية ومن خلال شركة اود الانجليزية المعروفة بـ (( فلوس الهند))، هذا .. وعندما غادرت الجمهورية العربية السورية متوجها إلى العراق بطريق البر .. كان الهدف الاول والاخير عندي طردالمحتل ، وتحقيق الوحدة الوطنية المتراصة ، وكشف خطورة القاعدة الامبريالية القذرة (( فرق تسد )) التي تستهدف تمزيق ظاهرة صلاة الجمعة المليونية التي تقام في محافظات القطر .. هذه الظاهرة الاجتماعية والسياسية الاسلامية كانت مرجعيتنا المتصدية في النجف الاشرف تحارب هذه الظاهرة بأساليب ملتوية قبل سقوط النظام البائد ، ولكن بعد انهزامه تقام هذه الصلاة العبادية بمسافة غير شرعية وانتم بالذات ترون بأم أعينكم في مدينتكم المقدسة صلاة جمعة معروفة بتاريخها القديم تقام في مسجد المخيم الحسيني ، واذا اقيمت قبالها صلاة جمعة جديدة في الصحن الحسيني الشريف .

إذن .. من حقنا ان نتساءل بشكل دقيق .. ما هي المصلحة الاسلامية العليا وبخاصة في ظل الاحتلال الاجنبي الغاشم ايجاد الفرقة والخلاف بين المؤمنين ؟..

ولماذا ذلك المرجع يحرمها في عصر الطاغية ويحرم اقامتها بالعنوان الثانوي ــ واليوم ــ يدعو لاقامتها بحجة تحقيق الوحدة الاسلامية ؟..

لسنا هنا في هذا الحديث بصدد بيان وتجسيد كل الاهداف لهذه التحركات .. بيد اننا نطرح باختصار شديد مؤشراًواحداً وهو:ان هذا المرجع أو ذاك اما يتسم بالفراغ السياسي ، واما في خطوط منحنية .. ومهما يكن .. فأن كل ما يمكن قوله بهذا الصدد هو ان نقول لهؤلاء المتفقهين اعالمين كانوا ام غير عالمين :

ان العراق ــ ايها الاحبة ــ يعد منطقة ستراتيجية خطيرة تمتلك الثروات الطبيعية كالبترول ، والزئبق الاحمر ، واليورانيوم ، فاذا احتل من قبل دولة اجنبية امبريالية بمعنى احتلت المنطقة برمتها ، وهذا لا يعجب دول الجوار وبخاصة ايران بوصفها امبراطورية ، ولذلك من رابع لمستحيلات ان الايرانيين يعطون مجالا واسعا ً لتهديد امنهم القومي بوصفهم يتمتعون بطموحات توسعية .. واحسن كتاب يكشف لكم الحقيقة هو كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي .

اقف هنا واكد لكم بعد طرد المحتلين الغزاة من العراق سوف القي عليكم محاضرات سياسية وفكرية نقدية ملتزمة لاجتثاث هذا الواقع الاجتماعي المريض كل ذلك على نهج شريعتي (رحمه الله ) وليست لي طموحات مرجعية لان الفقيه إذا تدخل في السياسة في سبيل تحقيق المجتمع الاسلامي واقامة الحكومة الاسلامية لا يكون مرجعا ناجعاً باستثناء استاذي السيد الخميني حقق طموحاته واهدافه الاسلامية بعناية الهية ومدد الهي .

وباختصار كل من يعتقد ان السياسة ليست لها علاقة جدلية مع الدين .. فهو من وجهة اسلامية كافر ما في ذلك ريب .. لان السياسة هي الدين .. والدين هو السياسة .. وفصل الدين عن السياسة معناه انكار الامامة والخلافة بوصفها من اصول الدين .. فهذه مؤامرة استكبارية ضد اقامة الحكومة الاسلامية العالمية المرتقبة .

ففي ظل هذا الانحدار السافر ، وما اتبعه من انغلاق اجتماعي وسياسي، وضيق في الافاق الفقهية الضرورية الاسلامية .. ينبري احد المتصدين للمرجعية الدينية بالنجف الاشرف بعد سقوط الصنم بايام قليلة، وفي مناسبة ذكرى وفاة الرسول الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يصدر بيانا في حرمة رفع الشعارات والردات السياسية الاسلامية في المواكب الجماهيرية والمأتم العزائية .

وهنا تهزني الحسرة .. وانا ارى من يزعم انه لا توجد قدرة لنا لمقاتلة المحتل الاجنبي للعراق!!.. هذا كذب ونفاق .. فهذا جيفارا ورفاقه قاوموا الدكتاتور الحاكم في سبيل تحرير كوبا ، وكان عددهم ( 12 ) مناضلاً .. فكيف بشعب العراق المسلم يمتلك الجند والسلاح والثروة (طبعاً) يقاوم الاميركان بأقتدار في كل مكان .

ان ما يقال بان ما يسمى بـ (( المثلث السني )) هو الذي يقاوم المحتلين الغزاة .. وان الشيعة مع المحتلين !!.. هو من مزاعم المخابرات الاجنبية ومن ورائها الرتل الخامس .. ان الشيعة يقاومون العدو المحتل مع اخوتهم حملة السلاح في الرمادي وفي الفلوجة ، كذلك أهل السنة والجماعة يقاومون العدو المحتل في النجف الاشرف وفي الديوانية .

ان الشيعة لهم مواقف بطولية خالدة سجلها التاريخ بأحرف من نور ، بيد ان الاستخبارات الدولية ومن ورائها الرتل الخامس يحاولون ان يصوروا للرأي العام العالمي بان الشيعة مع المحتلين .. كل ذلك في سبيل ايجاد الفتنة بين الطائفتين الاسلاميتين ، في الوقت الذي نجد فيه ان الاميركان يحقدون كل الحقد على الشيعة بوصفهم يمتلكون الفكر الثوري ، والمعارضة العنيدة ضد الظالمين على طول التاريخ ، وهذا بخلاف اخواننا اهل السنة والجماعة الذين يقبلون بحاكمية السلطان المسلم بشكل أو بأخر ، والتاريخ خير شاهد على ذلك .

ولكن انبرى احد الاساتذة ( مقاطعا ) مع احترامي واعتزازي له لم تكن له خبرة سياسية معمقة حينما طرح علي مداخلة في اثناء حديثي انه كيف يمكن مقاومة الاميركان وطردهم من الوطن الاعز ، والشعب العراقي زج من خلال الطاغية في حروب عبثية طائشة مع دول الجوار ، بالاضافة إلى اضطهاد الطاغية في تشريده وتصفيته وتجويعه بشكل مرعب لا يمكن ان يقاتل أو يمتثل اوامر المرجعية الناطقة .

ولكن يجب ان اقول لكم المفروض كل واحد منا ان يدرس نجاح تجربة حرب العصابات الافغانية مع الجيش الاحمر السوفيتي ( السابق ) حين اجتاح مدينة كابل لمساندة الانقلابيين الماركسيين .. لقد تصدى المجاهدون الافغانييون لهذا الاجتياح بأسلحة الية تقليدية وبسلاح اقوى وهو وحدة الكلمة والصلابة في الوحدة .. وبعد هذا التصدي والصمود الاسطوري في حرب الغزاة وجدوا العون والدعم من معظم دول العالم الاسلامي والغربي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية ، وقد استثمر المجاهدون العرب والافغان هذه المساندة ورضوا بها بموجب جواز الاستعانة  بالكافرين من وجهة فقهية اسلامية مشهورة.

والذي يهمني من هذا كله ايها الاحبة هو : اننا ما زلنا نجد الشيعة الامامية في رقعة الوطن الاسلامي الكبير غير متفقهين ( مع الاسف الشديد ) في فقه الجهاد الاسلامي ، ولا يفرقوا بين الجهاد بقسميه ( الدفاعي والابتدائي ) لان الجهاد الدفاعي لا يشترط الاذن به من قبل الفقيه المرجع .. وهذا بخلاف الجهاد الابتدائي يشترط الاذن من الإمام المعصوم (عليه السلام) ، وقد شذ عن هذا الرأي الفقهي المشهور السيد الاستاذ الاكبر ، والاستاذ المحقق.

سبحان الله !..

داخلني الحزن العميق حين لمست بوضوح ان الشيعة الامامية غير متفقهين يصرون بعناد الاخذ بالموضوعات الخارجية ، ولا يفرقون بين الموضوعات الخارجية ، والاحكام الشرعية .

اذكر لكم على سبيل المثال لا رغبة في التخصيص لو افتى فقيه بتفسيق احد وكلائه من المعممين ، فيستجيبوا لقوله بلا مسائلة !.. وهم يعلمون كل العلم بتدينه بوصفهم عايشوه معايشة ميدانية في الوقت الذي كان من المفروض ان لا يتأثروا بتلك الفتوى التفسيقية والتسقيطية ، لان تشخيص الحق هو المعيار في تقييم الرجال كل الرجال وليس العكس ، وعلى هذا الضوء ادلى بذلك الإمام علي (ع( : (( اعرف الحق تعرف اهله )) .

هناك اشاعات ما انزل الله بها من سلطان يطلقها الرتل الخامس إذا خرج المحتل من العراق ستحدث الحرب الاهلية بين الشيعة وأهل السنة في الوقت الذي نجد يوم سقوط الصنم في التاسع من نيسان انهارت البنى التحتية للدولة العراقية بشكل مرعب ، فلم نجد أي مؤشرات للحرب الاهلية، بل نجد التآزر والائتلاف الجبهوي بين الطائفتين الاسلاميتين السنية والشيعية ، وانما هذه الاشاعات التي يبثونها بين المواطنين في سبيل ارباك الساحة ، وفي سبيل ان يبرروا بقاء الاميركان جاثمين على ارض العراق الطاهرة .

ومن هنا .. انكشفت لكم الضرورة الفقهية الاسلامية ان جهاد الاميركان والدفاع عن حرمة هذا الوطن الاسلامي لا يشترط الاذن من الفقيه المرجع .

إذن المفروض منكم ان تدعو كل الطلاب الجامعيين ان يحطموا دبابات العدو ، وينسفوا بارجاته الجاثمة على السواحل العربية .. هذا هو الطريق الوحيد الفريد لطرده من ارض الإسلام .

ان العدو الاميركي لم يحتل هذا الوطن الاعز في سبيل سرقة ثرواته الطبيعية وحسب ، وانما من أجل افساد شعبه ، ونشر الاباحية بين شبابه وفتياته ، فلنكن صرحاء :

هل كان في عهد صدام حسين الطاغية يباع الافيون ، وحبوب الهلوسة على قارعة الطريق ؟!..

 وهل كان في عهد صدام حسين الطاغية تباع اقراص المسرحيات الجنسية التي يندى لها الجبين، مثل مسرحية : ( هير ) وجميع ممثليها من العراة ، ويمارسون الرذيلة فوق خشبة المسرح ، ولا يغيب عنكم بث التمثيليات والاغنيات الماجنة بشكل سافر ، كما تشاهدون في تلفاز شبكة الاعلام العراقية ؟!..

وهل كان في عهد صدام حسين الطاغية مساندة دور البغاة وتشييدها في المحافظات ، وبخاصة الجنوبية منها ، وتجنيد العاهرات للتجسس على المواطنين ؟!..

يجب عليكم ايها الاخوة ان تنتبهوا وتستيقظوا وتمتلكوا زمام المبادرة الستراتيجية ، والقدرة الفاعلة لملاحقة أية محاولة لانزال التآمر والتشويه ، ومعاول الهدم والتخريب لتحطيم العائلة العراقية ، وكسر العلاقات الاسرية ، وهدمها بعد اساليب لم تكن معروفة .

ومن هنا .. اقول والحق يقال : لو بقى المحتل اكثر من سنة ستحدث الفوضى الاخلاقية والسياسية في البلاد، ونشر الطروحات اللااسلامية ، وتأصيل الثقافة الغربية الغريبة البعيدة كل البعد عن تقاليدنا وعن تراثنا وعن تصوراتنا الاسلامية الحقة .

والغريب في الامر نحن لا نحاسب المتصدين من الفقهاء والمراجع من هذا السكوت المشبوه المطبق حول ما يجري في البلاد من احتلال مباشر من قبل كافر مستكبر فاقد للعواصم الخمسة المشهورة كالاسلام والجزية ... بل ناشد بعض المتصدين الاسراع بكتابة وصياغة الدستور الدائم للدولة العراقية.. والاجنبي لا زال يحتل العراق ، ولا يجوز اطلاقا كتابة الدستور تحت مظلة الاحتلال من وجهة فقهية اسلامية ، بل يجب طرده من بلاد المسلمين بموجب اطلاقات الادلة وعموماتها يجب قتال الكافرين من أجل الدين ، بل وحتى القانون الدولي في اتفاقية جنيف يؤكد على عدم مشروعية كتابة وصياغة الدستور الدائم ما دام هناك احتلال اجنبي إذن ايها الاخوة الاساتذة لا تطيعوا هذه المرجعية (الدينية) المتصدية بشكل مطلق بوصفها ليست لها خبرة سياسية معمقة ، وليست لها قيادة فريق من المفكرين المتنورين لتتشاور معها في كل صغيرة وكبيرة .

وعندما احتل الغزاة الطامعين وطننا الاعز كنت في حينها في المهجر شاهدت من خلال شاشات القنوات الفضائية تظاهرات حاشدة في بغداد ترفع شعاراً وتهتف به :( حوزتنا تقودنا ) ولازالوا حتى الان يرددون هذا الشعار البراق اقول صراحة ايها الاحبة : أي حوزة تقودكم ايها العراقيون الاماجد .. الحوزة الرجعية الانهزامية التي لازالت حتى الان لم تعط رأياً واضحا وجريئاً في طرد المحتلين ، ولا تساند المقاومة المشروعة لا علانية ولا سرا .. أم تقودكم الحوزة الحركية الثورية التي تدعو بخروج المحتلين ، وتساند المقاومة المشروعة .. اتعرفون ان هذه الحوزة لا وجود لها بشكل أو بأخر مع وجود الحوزة الرجعية الانهزامية التي تدعم من خارج الدائرة الاسلامية بالجند والسلاح والثروة .. طبيعي الناس يركضون وراء الاقوياء .. واما الشعار الثاني القائل :(( وحده وحده اسلامية لا سنية ولا شيعية )) ان هذا الشعار ظاهرة وحدوية عظيمة ، لانه ينسف القاعدة الامبريالية القذرة ( فرق تسد ) ، ولكن لو كان شعارا وطنيا عاما كان افضل بكثير من هذا الشعار الاسلامي (الذي نعتقد به ، وننادي بتطبيقه) ، لان العراق فيه اديان ومذاهب ليست مسلمة .. فيجب ان تكون المعركة الفاصلة في حرب الاميركان وطردهم وطنية خالصة افضل من ان تؤطر بمذهب دون اخر .

اقولها صراحة : ان السكوت عن هؤلاء مخالفة شرعية ووطنية.. وانا لا اخشى احد إلا الله بوصفه المطلق .. انا لا اخشى اميركا الاستكبارية .. انا تجاوزت العقد الخامس من عمري اخشى المرجعية المتصدية الانهزامية.. انا انتظر في يوم ما ان اقتل في الشارع ، أو في السجن ..عندما كنت اعارض نظام الطاغية صدام حسين وكانت دعايات مخابراته المزيفة الماكرة الكاذبة بأن السيد البغدادي يحارب المرجعية ( الدينية ) . انا اقدس واحترم المرجعية الدينية الاصلاحية والثورية ، التي تؤمن بتحقيق المجتمع الاسلامي ، واقامة الحكومة الاسلامية .. انا اول من ساند خط الشهيدين الصدرين في مواقفهما الجهادية ضد الظلم والظالمين .. انا اول من ساند مشروع الإمام الخميني السياسي الاسلامي عندما كان مبعدا في النجف الاشرف ، إلى يوم انتصاره على الشاه المقبور في الحادي عشر من شباط العام 1979م .. واتحدى كل المتصدين إذا وجدوا.. لي فتوى أو تصريح أو اجتماع ضد الثورة الاسلامية وقائدها ومؤسسها الإمام الخميني ، واذا اردتم الاطلاع على كل الخفايا فعليكم قراءة كتاب ( السلطة والمؤسسة الدينية الشيعية في العراق ) ، كما اني لازلت ادعو لتقليد الإمام الخميني ( ابتداءاً ) وهذا الرأي خلاف المشهور الفقهي بسبب فقدان الفقيه الجامع لشرائط الفتوى على الساحة الحوزوية ، أو بسبب وجوده على الساحة الحوزوية ، بيد انه لم يكن بمستوى المسؤولية الاسلامية الثورية ، هذا اولاً .. وثانياً : حتى الان ان لم انتقد نهج السيد الخامنئي ( القائد والمرجع في ايران ) مع ان في نفسي شيء مع القيادة الايرانية بوصفهم لم يستجيبوا لاقتراحي في الدخول إلى اهوار العراق في سبيل مقاتلة ازلام النظام ، بل اقترحوا علي البقاء في شمال طهران وقالوا لي :   ( لكل حادث حديث ) ، ولكن قلت بصراحة متناهية انا لست (( مستر يس )) ، أو مثل احد رموز المعارضة العراقية القابع في شمال طهران ينفذ كل ما تطلبون منه من أجل الحفاظ على مصالح الامن القومي الايراني !!.. حتى قتلت عائلته التي لم يكن لها موقفاً سياسياً معارضاً ضد طاغية بغداد ، اما انا اختلف اختلاف كليا مع هذا الرمز أو ذاك الطاغية .. اريد ان اجتاح الهور واقاتل بـ ( طريقة جيفارية ) من أجل تحرير العراق واقامة الحكومة التعددية الشورية الاسلامية .. ولكن اقول إذا لم تستجيبوا إلى رأيي هذا سوف اخرج من الجمهورية الاسلامية الايرانية ، واتوجه بطريق الجو إلى الجمهورية العربية السورية ، بيد اني لا احاربكم ابدا بوصف جمهوريتكم اسلامية بحسب الظاهر لان الإمام المجاهد السيد البغدادي والعلماء المجاهدين في النجف الاشرف والكاظمية المشرفة دافعوا بالغالي والنفيس عن الدولة العثمانية السنية الاسلامية ، في الوقت الذي كانت تقوم بالحملات التأديبية ضد شيعة العراق ، فكيف انتم جمهورية امامية اسلامية واسسها استاذ الكل السيد الخميني ؟..

إذن .. ان هذه الدعايات المشبوهة التي يشيعها الرتل الخامس بين الناس كل الناس بأن أحمد الحسني البغدادي يحارب رموز المرجعية الدينية .. لا والله انا لا احارب المرجعية وانما الفت كتابين وهما : (( حق الإمام )) و (( فقهاء وحركيون )) ، وقلت : هناك فقهاء ثوريون ، وفقهاء ساكتون .. اتركوا الساكتين ما افتيت بتكفيرهم .. وهذه الدعايات المغرضة من أجل اسقاطي والتشهير بي ، ولكن ليفهم هولاء سوف انتصر عليهم بعون الله تعالى ومدده .. ما دمت افكر قبل كل شيء برضا الله سبحانه وتعالى ، ولا افكر برضا الناس ، ولا اخشى احداً مهما كان .. بوصفي حاربت اخطر طاغية في التاريخ هو صدام حسين ، وخرجت من العراق إلى ايران مشيا على الاقدام ، فكيف تتصورون من خلال هذه المواقف الجبارة ان اخاف من رموز المرجعية التي لا تفتي بطرد الغزاة المحتلين ، بل وقفت على التل، ولا تطالب برحيله بسقف زمني محدد من العراق ؟!!.. يجب ان نحاسبهم على كل صغيرة وكبيرة ، لان السلف الصالح من فقهائنا الاعاظم في النجف الاشرف قاتلوا مع دولة تتريكية عنصرية ، ولكنها كانت دولة اسلامية ظاهرية ، في الوقت الذي نجد (الان) المتصدين اخذوا الصمت المطبق في كل ما يجري على الساحة العراقية من احتلال ودمار وبوار ، وفي الوقت الذي انا اول من اصدر بياناً ضد الاحتلال ، والله اكبر وجهاد حتى النصر . 

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha