كلمة الجمعة إنَّ الحق لا يهزم وإنْ طال الزمن لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 18 ربيع الآخر 1447هـ حوارات تجاوزت الخطوط الحمراء.. عماد الخفاجي كلمة الجمعة لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 4 ربيع الآخر 1447هـ كُتُب السيد أحمد الحسني البغدادي تثير الشك لأنها تحمل رائحة الثورة!.. عبد الجواد المگوطر “دين العقل وفقه الواقع” كتاب موسوعي لمفكر موسوعي بقلم المحامي عمر زين فتوى سماحه آية اللّٰه العظمى احمد الحسني البغدادي دام ظله حول حرمة المشاركة في الانتخابات المقبلة في العراق الجريح في الثقافة الدينية اضاءات وتأملات.. تفسيرية جديدة الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة بيان ثبـوت هلال شهر شوال الأغر أحمد الحسني البغدادي.. ظاهر المحسن وقفة حول كتاب الثورة والعرفان

حديث لماذا نخاف الموت


حديث

لماذا نخاف الموت

لسماحة الأخ المرجع القائد احمد الحسني البغدادي


 

ان الإنسان كظاهرة طبيعية ينفعل يخاف ويحزن ويقلق، لأنه محتاج الى الانفعال، وعاجز عن ترك الانفعال، لا لأن شيئا خارجيا يجعله ينفعل، او يطالبه بالانفعال، او يوجبه عليه.

ان الإنسان لا يكتفي بما في الطبيعة من أسباب الفزع والجزع .‏. انه يذهب يتخيل ويعتقد ويفعل ما يتحول الى اسباب خوف، ورهبة جديدة، لأن نفسه تبحث عن ذلك وتريده، وتقتات به، وترتاح عليه، ولا تستطيع سواه.

ما اكثر ما اخترع الإنسان الخوف والالم .‏.‏ما اكثر ما خاف وتألم بلا أي سبب لذلك .‏. ما أكثر ما حول أسباب الامن والطمأنينة الى اسباب للخوف والعذاب . . ما اكثر ما خوف الإنسان نفسه بالاوهام والطغاة والجبابرة.

ان الخوف والارهاب في كل ظروفه لا يعني، الا اننا جميعا نخاف، ونخشى المجهول .. انه لا يعني أنه يوجد ما ينبغي، او ما لا بد ان نخاف منه.

ان الخوف لا يكون بديمومة مستمرة . . أنه لا يكون في كل المسارات على الامتداد الافقي والعمودي سواء بسواء.

ان هنالك الكثير من الاشياء لا نخاف من التعبير عنها، ولا نرى من يحاسبنا عليها .. انه توجد ظروف موضوعية وعقلانية نشعر فيها الطمأنينة و الامن والاستقرار، نشعر أن ناموس الخطر قد انتهى من حساباتنا .. فاذا كنا نملك موهبة علمية، أو فلسفية، أو أدبية . . فسوف نجد حينئذ الأبواب مفتوحة على مصرعيها للتعبير عن هذه الموهبة. ان الموهبة العارمة مقتحمة جسورة لا تمنعها الاشواك الشائكة.

انه توجد مسألة واحدة على طاولة البحث لا نستطيع ان نعطي فيها الجواب . . أن تلك المسألة هي ان نكون فاقدين لما يمكن ان نجيب، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، هو:‏فقط الذي توجد امامه العوائق والعقبات ويراها هو الذي يراها.

ان الموت بالذات .‏.‏هو: قمة المخاوف والمخاطر والاحزان، هو: الذي يخلع على كل هم طابعه المأساوي، هو: الذي يمثل عنصر القلق في كل ضيق يسلم بنا، فهو ليس فيه ما يخيف سوى ما في انفسنا من استعداد للخوف والفزع، فهو ليس مخيفا في ذاته، بل في تقديرنا النفسي له، كيف نخاف الموت، وهو ليس الا انتحارا لكل اسباب الخوف .‏.‏ان الذي يموت يرتفع فوق كل اسباب الخوف.

اذن .‏. لماذا . . نخاف الموت ؟! . .

ان حبك الاختياري لله الواحد الأحد لا يكون الا ان تترقب دائما مرارة الموت، وعذاب القبر، وعذاب الاخرة، وقيام الساعة، وفناء العالم.

فان معنى تذكرك لهذا.‏. وايمانك به، يجعلك لا تخاف شيئا، ولا تخشى احدا، وتمارس جهادك الدؤوب على كل الجبهات أمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر، وجهاداً بالكلمة الهادفة، وكفاحاً بالبندقية المقاتلة . . هذا هو دورك الحقيقي في العالم، بل هذا هو مبرر وجودك في الكون.

انه ما دام هنالك موت يجيء فيحسم حياتك على الارض. ويكفك عن الديمومة والبقاء، فان معنى هذا ((اذا امسيت، فلا تنتظر الصباح، واذا أصبحت، فلا تنتظر المساء وكن في الدنيا كأنك عابر سبيل)) هذه السنة التي تحكم الحياة، وهذا هو الناموس الذي ليس له استثناء.

((قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم))

((كل نفس ذائقة الموت ثم الينا ترجعون))

((انك ميت وانهم ميتون))

((وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفائن مت فهم الخالدون))

((كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون))

((اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة))

((وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد))

((وانفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي احدكم الموت))

((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا))

((كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام))

ان المؤمن اكثر تمسكا بالله تعالى وهو الذي يتمنى الموت، ولقاء الصالحين، لا تقطع فيه، ولا غياب، هو الافضل سلوكا واخلاقا . . هو الاحسن عقلا وجسدا . . هو الارقى تقوى وعدالة . . هو الاكثر شجاعة وبسالة.

((قل يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين))

((رب قد اتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاحاديث فاطر السموات والارض انت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين))

((الذي خلقني فهو يهدينِ والذي هو يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين رب هب لي حكماً والحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم))

ان التخويف بالموت واجب لتقويم السلوك الاخلاقي . . ولإحباط النزعة العدوانية لكل عمل، لكل بناء، لكل انجاز، لكل جمال.

ان تذكر ساعة الانفجار الكوني التي لن يفلت من نزولها أحد واجب للانسان المؤمن لتقويم أخلاقه وسلوكه، ويعيده الى فطرته الاصيلة، وتكوينه الذاتي، لكي لا يركن الى حواسه وغرائزه وحدها، فيظل طريقه بلا دليل، ولكي يتذكر دائما أن هنالك قوى اخرى تحركه صوب الهدف الاسمى الذي خلق من أجله .‏. ألا وهو عبادة الله وحده، والتلقي عنه، والتوجه اليه.

انه لولا الخوف المحتوم من هذا . . لما قامت حضارات متألقة هنا وهناك تسعى جاهدة في سبيل الظفر بالطمأنينة والاستقرار، لكي تمنح الإنسان معادلة حيوية ومنطقية متوازنة، وتنقله الى مرحلة النضج العقلي أو الروحي، وتمكنه من مجابهة التحديات، وتحقيق المكاسب والانجازات والانتصارات، وفق موازين الهية عادلة، لكي يهيأ نفسه بعدها الى آفاق الغيب.

فاذن . . فلسفة الموت حكمة وسعادة ورحمة من الله على عباده، اذ لا رجوع لها الى واحدها الأحد، الا بعد الموت ولا وصول للنفس الى عالمها الاخروي، الا بعد خروجها عن هذا الاطار الدنيوي ((يا ءيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي))

 

 

افتتاحية صحيفة براءة

15 /1 /2005م

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha