كلمة الجمعة إنَّ الحق لا يهزم وإنْ طال الزمن لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 18 ربيع الآخر 1447هـ حوارات تجاوزت الخطوط الحمراء.. عماد الخفاجي كلمة الجمعة لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 4 ربيع الآخر 1447هـ كُتُب السيد أحمد الحسني البغدادي تثير الشك لأنها تحمل رائحة الثورة!.. عبد الجواد المگوطر “دين العقل وفقه الواقع” كتاب موسوعي لمفكر موسوعي بقلم المحامي عمر زين فتوى سماحه آية اللّٰه العظمى احمد الحسني البغدادي دام ظله حول حرمة المشاركة في الانتخابات المقبلة في العراق الجريح في الثقافة الدينية اضاءات وتأملات.. تفسيرية جديدة الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة بيان ثبـوت هلال شهر شوال الأغر أحمد الحسني البغدادي.. ظاهر المحسن وقفة حول كتاب الثورة والعرفان

العلامة السيد احمد الحسني البغدادي نبوغ مبكر ويقظة فـي السداد

العلامة السيد احمد الحسني البغدادي نبوغ مبكر ويقظة فـي السداد

العلامة السيد احمد الحسني البغدادي
نبوغ مبكر ويقظة في السداد

محمد علي الملحة*

ليس غريباً او صعباً ان تواصل بعض البيوت النجفية او الأسر العلمية في عطائها الثر والطافح بالكبرياء والعظمة وفي مختلف المجالات فتلك سنة الفناها من قديم الزمان حين نسمع عن البيت الفلاني او الأسرة التي اشتهرت بكذا وكذا وهذا هو ديدن قائم و لا يختصر على بعض المجالات العلمية والادبية وحسب، بل هناك حتى في المهن المختلفة من الزراعة والصناعة أو التجارة والاقتصاد بشكل عام، ولكن الذي يدعو الى الانتباه ولفت النظر: ان يبزغ صبي او فتى في سن مبكرة من المراهقة وهو يحمل هموم الكبار ويتصرف تصرف المسؤولين العظام المعدودين. وكأنه انيب او استلم الوكالة الربانية من أولي الأمر وانيط به ذلك العامل المؤثر شرعاًلان من كان بسنه او بحد عمره تكون له رغبات ومشاغل اخرى. كما هي لدى الغير من الاقران. لاسيما وهو يرى تجمعات الاطفال والصبيان هنا وهناك بشكل دوائر وحلقات يسرحون ويمرحون لاهيين كما هي اصواتهم تلعلع او تدغدغ المشاعر وتئونس الاسماع بينما هو جالس في البيت او أثناء مروره في الطرقات مصحوباً باهله لدى الخروج. فكل هذه الامور وغيرها كانت تشكل او تألف عوامل شدًّ وجذب قوية لاستحقاقات الطفولة الحقة وفي غمار هذه الحيرة والتفكير وانا استعيد الذكريات لايام الصغر والصبا مع السيد احمد الحسني رفيق الطفولة وبعد عشرات السنين توصلت الى ان السبب في ذلك هو ملازمة هذا الصبي ذي العود الغض لجده السيد محمد الحسني البغدادي الذي ضرب مثلاً في الشجاعة والجرأة وهو يستقبل وفود القادة العسكريين وكبار المعتمدين في السياسة العراقية وحينها كان يسمع ما يدور في جلساتهم الخاصة والعامة فيستلهم منه تلك المواقف النبيلة الني اختمر في ذهنه الكثير منها واختمرت في صيرورته عبر سني العمر فحاول هذا الفتى ان يترجمها على ارض الواقع حين يخرج الى الشارع ويشاهد بعض السلبيات. فكان سرعان ما يقتحمها بكل شجاعة رافضاً مشاهدتها فيعمل جهد الإمكان لارجاع الحق الى اهله واقامة العدل رافضاً تسلط الآخرين ممن يدعي القوة بالتجاوز على الضعفاء واقول كم من المرات حصل ذلك مع من يكبره سناً حتى تميز في الطرف المعروف بالمشراق دون غيره حين بدأ الآخرون يتحاشونه ويمتنعون من تلك الممارسات المرفوضة امامه بمجرد ان يقبل شخصه من بعيد ولما كبر وامتد به العمر اكثر واصبح شاباً يافعاً مدركاً للواقع الاجتماعي اكثر وحاساً بالفوارق الطبقية بين الناس واصبحت بعض الصور الطالعة امامه تمثل هما ثقيلاً له فكان كثير ما يفضي اليَّ ونحن نتجول على شاطىء الفرات في ناحية الكوفة في ايام الربيع اسوة بتلكم الجموع التي تضم اصنافاً مختلفة من أصناف الآدميين فهم من الخشب المسندة لفراغهم او لخلوهم من ابسط المعارف ولا اكتمكم سراً كيف كان السيد احمد منكباً على متابعة الدرس والتحصيل وهو يتواصل في طلب العلم الحوزوي حين تيقن ان الأكاديميات لاتشبع رغباته ورغم ذلك لم يهمل الجانب السياسي حين يخوض في بعض المسائل الفكرية والسياسية يوم اشتدالصراع على السلطة بعد تغيير نظام الحكم الملكي الى نظام جمهوري واخذت الاحزاب بمختلف ايدولوجياتها مساحة واسعة من الظهور العلني بعد المرحلة السرية. من يمين متطرف الى يسار ثم وسط معتدل، اصبح هذا الواقع طابعاً عاماً في جميع مدن العراق تقريباً وفي النجف بالذات كان الصراع على اشده لأن هذه المدينة امتازت عن غيرها بطبيعة مناخها ومزيجها السكاني الفريد وهنا لا بد من القول من ان العراق الذي سمي ومن عقود سابقة (بروسية) العرب كان مسرحاً للانقلابات المتعددة حتى اصبح حديث السياسة فيه الشغل الشاغل لمعظم الشباب المسؤول في سن السيد احمد الحسني واضرابه. والذي يبدو لهذا الشاب اليافع والمتطلع اكثر قد استوعب الفهم فيها كثيراً وفهم ايدولوجيات الاحزاب الوضعية اذ عمل جهده في مقاومتها مع النظام الاسلامي واقتنع ان ما في ديننا الحنيف يغنينا عن كل النظم الوضعية المستبدة طالما في اسلامناالمتجدد ووفق الرؤية الحديثة لكل ضالة منشودة تنشد العدالة والمساواة فكانت مناصرة دين جده حاضرة ومخاضة الامور من اولوياتها المهمة، وهذا ما سلط عليه انظار السلطة الصدامية بالرصد والمتابعة واخذت تراقب حركاته وسكناته ولجميع ما يجري من اتصالات مع الشباب في بث الوعي في نفوسهم وتعميق الثقة في قدراتهم من انهم قادرون على زعزعة الحكم وتصدع اركانه في اية فرصة متاحة لهم اذ استطاع ان يستقطب ثلة لا باس بها بعد ان طور نفسه في العمل مع [منظمة] الشباب المسلم ومن هو اكبر منه سنا وحين احست السلطة بخطره بدأت تشدد الرقابة والخناق عليه وبالمقابل ضاعف السيد احمد من نضاله ومواصلته ولكن باسلوب آخر حين قلل من الظهور علناً امام الملأ ورغم ذلك ما كان هذا هيناً على حكم استبدادي ان يتحداه رجل لا يملك الا الايمان بالله ومجاميع لا يعرف عددهم متوزعين هنا وهناك يزعجون السلطة فقررت تحجيمه بالقاء القبض عليه وتصفيته جسدياً بعد ان عجزت من اختراقه بوسائله المعروفة بالترغيب والترهيب وهذا ما اضطره الى الاختفاء مدة من الزمن وحين احس بجهد السلطة في البحث عنه قرر مغادرة العراق في ليلة ليلاء وقد وضع روحه على راحته وهو يردد قول الله تعالى: ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ وكانت وجهة نظره الأولى منطقة الاهوار في جنوب العراق حيث المرتع الخصب للقوى الثورية لان المناضلين الاصلاء لايهمهم في أي مكان يكون لهم فيه عطاء طالما توصل ضرباتهم للقوى الاستبدادية ولعل هذا ما تنبه اليه من قبل الزعيم الثائر جيفارا حين غادر (كوبا) وترك منصبه الوزاري فيها ليقاتل الاستعمار في أي بقعة من بقاع العالم حاول الاستعمار غرز مخالبه فيها. وظل السيد احمد الحسني رجلاً ثائراً في جميع الامكنة التي ينتقل رحله فيها او حط ركابه قائداً صلباً مقداماً مثلما كان هو واخواته في الانتفاضة الشعبانية عام 1991م وكان حلمه الوحيد ان يرى العراق محرراً من النظام الصدامي البغيض. ولكن ما اصاب الكثيرين من خيبة الأمل الذين جاءوا خلف الدبابات الامريكية يهرعون اغلبهم فارغ من الوطنية والشعور بالمسؤولية لان القلة القليلة من يحمل الجنسية العراقية او غير خاضع للتأثير الخارجي بشكل محسوس وهذا ما جعل السيد أحمد يزداد قوة ورفضاً ومناعة حين نأى عن كل الإغراءات والمناصب التي راح سواه يتدافع بالمناكب من اجل الضئيل منها واكثر عجباً من كان نعوّل عليه ونحسب له الف حساب تنكر الى الحد الذي بدأت فيه المرجعية توبخ البعض منهم وتتبرى من الآخرين حتى وصل الى عدم انتخابه للبرلمان او المجالس المحلية الاخرى في الدورات القادمة وكأن السيد احمد حفظه الله بعقله الثاقب قد استشرف المستقبل من قبل وحذر منه يوم قالها صراحة برفضه التعاون مع الامريكان الذين لازالوا يرفضون خروج العراق من البند السابع لياخذ العراق مكانته من بين البلدان ويتحكم بثروته وبارادة حرة متخلصا من فرض الوصاية او الولاية عليه لان للسياسة اهل وليس لكل من هب ودب وهذا ما اوضحه الإمام امير المؤمنين عليه السلام في قول بعث به الى معاوية بن ابي سفيان بيد القائد المؤمن كميل بن زياد النخاعي: «متى كنت يا معاوية ساسة الرعية وولاة امر الامة؟ بغير قدم سابق ولا شرف باسق... وقد دعوت الى الحرب فدع الناس واخرج الي..» نهج البلاغة البلاغة 3/10.


                                                             مجلة ظلال الخيمة
                                                     حزيران 2014، ص: 4 وما بعدها

*مؤرخ ــ العراق

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha