في الثقافة الدينية اضاءات وتأملات.. تفسيرية جديدة الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة بيان ثبـوت هلال شهر شوال الأغر أحمد الحسني البغدادي.. ظاهر المحسن وقفة حول كتاب الثورة والعرفان بيـان حول حلول شهر رمضان المبارك صاحبُ السماحة.. طالب السنجري بيان حول وفاة المجاهد داوود مراغة ابو احمد فؤاد سيرة ذاتية عطرة أستاذي ورفيق مسيرته الجهادية حديث حول عودة الرئيس ترامب الى البيت الأبيض.. ماذا سيحدث في وطننا ومنطقتنا؟..‏ بتاريخ 19 تشرين الثاني 2024م

رسائل تقييمية موجهة الى سماحة الاخ المرجع القائد احمد الحسني البغدادي تنشر لأول مرة


رسائل تقييمية موجهة

الى سماحة الاخ المرجع القائد احمد الحسني البغدادي

تنشر لأول مرة

 

تلقى سماحة الاخ المرجع القائد احمد الحسني البغدادي ادام الله ظله الرسائل التالية من اكاديميين وحوزويين عراقيين اقدمها الى القارىء الكريم كما وردت من مراسليها دون ادنى تغيير او تعديل فيها الا تصحيح الاخطاء الاملائية والنحوية حصراً.

سيدي الاستاذ الكريم العالم الفاضل الجليل السيد احمد الحسني البغدادي.

سلام الله على بيت اهل الرحمة والنبوة ورحمة منه وبركاته.

وبعد: فرغت اليوم من مطالعة كتابكم الثمين عن الاجتهاد في الاسلام بمختلف مذاهبه وفروعه، وقد استفدت منه فوائد لاتحصى، وتبين لي من محتوياته من المسائل الفرعية والاجتهادية ما لا يعد ولا يحصي، فبارك الله في هذا الجهد العظيم والتتبع الكريم، وكل ما ارجوه من فالق الحب والنوى ان يسدد خطاكم ويمنحكم الصبر لمتابعة هذا الدرس الثمين، والسلام عليكم سلاماً كثيراً ورحمة الله وبركاته، وانا المخلص الامين الداعي لكم بكل توفيق ان شاء الله.

 

                                                                                                       السيد عبد الرزاق الحسني

                                                                                                           الكرادة الشرقية

                                                                                                         27 نيسان 1992م

                                                                                                           مؤرخ ـــ العراق

 

*        *       *

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سماحة الحجة العلَّم السيد احمد الحسني البغدادي دام تأييده المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والدعاء لكم ولجميع الآل بخير الدارين.

تلقيت شاكراً رشحات قلمكم الكريم في الرسائل الثلاث الاخيرة متصلة بما سبق من بحوثكم العلمية المباركة، وهو لطف من الاخ الجليل لا أَستحقه ــ لما انا عليه من تقصير عملي غير متعمد ــ ازاء عواطفه الاخوية الكريمة، ويشفع لهذا الاعتذار انه مع الجميع بنسبة واحدة اذا استثنيت المفروض ــ وانه بحكم الحالة النفسية الشخصية لا موقف الإجلاء وفي المقدمة الاخ الحجة السيد علي حفظه الله مايشعرني بالعلاقة الحميمة لفروع الشجرة الزكية لآية الله العظمى السيد الحسني البغدادي قدس الله نفسه لذلك اراني عاجزاً عن المقابلة وراء ذلك.

ولا استكثر عليكم في ما قرأَت حسن اختيار الموضوع، وجمال الاسلوب، والجرأَة الحرة في التناول والمواجهة، لدى معالجة بعض الافكار والمواقف فتلك وراثة حسنية، داعياً الله ان ياخذ بايديكم في طريق مرضاته ويوفقكم لما يبقى في الدارين، مع تقديري ودعائي.

 

                                                                                                         عدنان علي البكاء

                                                                                                       16 صفر 1418هـ

                                                                                             استاذ جامعي وداعية اسلامية ــ العراق

*        *       *

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سماحة آية الله السيد المجاهد احمد الحسني البغدادي دام ظله. 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حمداً لله كعدد حبات الرمل، وحمداً له بعدد ورقات الشجر، ونشكره ونثني عليه بعدد زخات المطر، نحمده حمداً كثيراً وكما حمد هو نفسه وكما هو حق حمده، ونشكره شكراً جزيلاً متصلاً على ما انعم علينا من جزيل نعمائه  وعلى ما اسبغ علينا من الوان عطائه.

مولاي يامولاي اية فرحة غامرة تصيبني، واية سعادة هائلة تغمرني، وانا أقرأ رسالة احد اخواني الثقاة ويبشرني بخير وصولكم الكريم الى ارض سوريا المعطاء.

وليتك يامولاي الكريم.. وليتك ياحبيب الفؤاد.. وليتك ياقرة العين بقربي لترى مقدار سعادتي بهذا الخبر، وليتك ايها الليث الهمام ترى مقدار سروري الذي ليس كأثره اليوم اثر.. فلقد والله اثلجت بشرى وصولك الى سوريا قلبي، وهدأت بنجاتك يامولاي خواطري، وأرتاحت بخلاصك من تلك المحن التي كنت فيها اساريري.. ولعمرك يامولاي لازلت منذ يوم خرجت من العراق في عظيم الاسى وشديد الالم وهاجز الاحزان، حتى سمعت اليوم بخبرك السار هذا.. فشكراً لله ان يحفظ لنا نفسك الكريمة.. وشكراً له ان ابقاءك لنا ذخراً.. وشكراً له تعالى ان رزقنا التواصل معك. 

بسم الله الرحمن الرحيم «وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)» سورة فاطر.

سيدي ماذا اقول لك وكيف أَبدأ معك؟ وكيف تستطيع كلاماتي ان تلج الى بحرك الزاخر المليء؟ ماذا اشرح لك يامولاي؟ وماذا اصف لك؟ وكيف تستطيع عبارتي المظلمة ان تظهر في عالمك المضئ؟ 

وحق لنا ان نرثى كحالنا اذا اصبحنا نخاطبك بالرسائل والمكاتيب، واين منا تلك الايام والاوقات الجميلة، التي كنا فيها نحاورك ونجاذبك الحديث؟ واين نحن من تلك اللحظات المعطاءة، التي كنا نستضيء فيها بنور علمك وغزير فهمك؟ فآه، آه على تلك الايام، وآه من شدة الوجل اليها وكثير الشوق لها، وآه من هذا الدهر الذي لم يبقِ لنا إلا الذكريات، وآه من هذا الزمن الذي لم يجد علينا الا بالآهات، فالحمد لله على ماكان وعلى ماسيكون، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. وإن كنت يامولاي احاول جاهداً ان اُعبر لك عن مافي قلبي لما نحن فيه الآن، فانا ياسيدي في اشد حالات التأمل لمعرفة اخبارك التفصيلية وخصوصاً اخبار عائلتك الكريمة، وهل هي لاتزال في العراق، واين هم الآن؟ وهل هم معك الآن، ام ماذا بالله عليك؟

وانا اعلم ان بالنسبة الى أخوتك السادة السيد علي والسيد حيدر انهم موجودن في العراق، وانهم بخير وسلامة، ولكني لم اعرف عن عائلتك شيء.. فهل اثلجت صدري عن خبرهم؟ وشيء آخر استعلمك عنه يامولاي وهو عن خبر فارس فهل هو معك ام لا؟ وما هي اخباره؟ وكيف صار وكيف اصبح؟

مولاي سماحة السيد المجاهد

واعلم اني باشد حالات الشوق والترقب لسماع خبرك، فاين ذهبت؟ وكيف حدث ما حدث؟ وكيف تداعت الامور في تلك اللحظات الحرجة الى تلك النتيجة؟ وكيف وكيف؟ وكيف وكيف؟ وليتني في هذه العجالة استطيع ان اسرد ماحدث بالنسبة لي، ولكني انتظر منك الأذن، وانتظر منك الافصاح بذلك لاشرح لك ماحدث لي والى ما صرت فيه، فلقد كنت دائما يامولاي مشروعاً لمقاسمة الهموم لكل الشباب من امثالي، وكنت باستمرار ترجماناً لكل مشاعرنا الرسالية، حتى لكأنك كنت عندنا تتحدث فانك تتحدث بالسنتنا جميعاً، ولن اذنت لي بوسيلة من الوسائل فاني سبعث لك رسالة اشرح بها ماحدث معي.

مولاي سماحة السيد المجاهد

 لاننسى يامولاي انك كنت معلمنا الاول والاخير.

علمتنا كيف ننظر للحياة بفطنة وكياسة وذكاء.. 

وعلمتنا ان لاننخدع بالاسماء الرنانة، والهياكل الجميلة، والاجساد الفخمة، بقدر ما ننظر باعجاب الى الجوهر الاصيل والمعادن الحقيقة.. 

وعلمتنا ان الدين الحق هو بالثورة على الواقع الفاسد وهو دين رفض الانحطاط..

وعلمتنا ان الاسلام الحقيقي هو اسلام الحرية الا مع الله هو اسلام الاصلاح والتغيير الرسالي، هو اسلام صنع المستقبل الافضل والاجمل والاكمل.

 وعلمتنا ان الحب الاختياري هو لله.. وان العمل الحقيقي هو مع الله.. وليس لاي شيء آخر من حطام الدنيا.

وعلمتنا ان المحافظة على قيم الانسان ومبادئه الاسياسية هي المحافظة الحقة.. 

وعلمتنا ان العبودية الحقة لله بأطاعة لاوامره، حتى لو كانت على حساب الحياة المرفهة، التي تطمع انفسنا دائماً اليها وان العبودية الحقة هي بمجاهدة الارباب المزيفين كافة ممن يريدون تغيير الفطرة السليمة للبشر واستعبادهم واذلالهم 

وعلمتنا ياسيدي ان الغنى الحقيقي هو بالغنى عن ما بأيدي الظالمين والمنحرفين، وان الغنى هو غنى النفس، وان الفقر الحقيقي هو بتمني ما في ايديهم والاسراع الى موائدهم وابتغاء العطايا منهم. ولئن كنت يامولاي لم تدرسنا الفقه النظري، فقد وجهتنا نحو الفقه العملي، ولئن كنت يامولاي لم تعلمنا الايمان المدون على الورق، فلقد علمتنا الايمان المدون في القلوب.

 واعلم يامولاي ان كلماتك لاتزال الى اليوم ترن في اسماعنا وتتوهج في عقولنا وافهامنا لانها لما صدرت فانما صدرت من قلب نابض بالايمان والصدق، ولقد عرفت كلماتك ايها السيد الجليل كيف تدق ابواب قلوبنا المغلفة بدين الخطايا والذنوب، ولقد استطاعت مقالتك ان تحرك فينا بعض من مشاعر الغيرة على اسلامنا الضائع، وقد تمكنتْ صرخاتك في اذاننا ان تجعلنا نصحو للمطالبة بما ضاع منا من الحق السليم، وكم كان من الصعب علينا نحن المشوشة افكارنا ان نتمسك بخطك الذي هو كخط محمد وآل محمد، والذي هو كقبض الجمر او اشد بذلك.. وكم كان من الصعب علينا نحن «المؤلفة قلوبنا» لمسمى الايمان ان نقتنع بافكارك، التي هي بالنسبة الينا كالدِّين الجديد؟ وكم كان من الصعب علينا نحن اتباع الزيغ والاهواء ان نبصر الحق في لحن الهدى، الذي كنت تنشده وتدق باوتاره القدسية الفدية وبالرغم كل الاحاطة، التي كنا نحوطك بها يامولاي فثق اننا لم نكن نتمسك حق الاتباع؟ وكيف لمثلنا ان يتشرف باتباع مثلك حق الاتباع؟.. وكيف نتبعك يامولاي ونحن نستكثر من انفسنا ان نبيت ولو ليلة واحدة في غير فرشنا الوثيرة؟.. وكيف نتبعك يامولاي ولازلنا نرتعش من خدوش الجسد، وتسيل عزائمنا مع سيلان قطرات الدماء؟! وعندما كنا نرتجف بأستمرار كالشياه المغلوبة على امرها، كنت انت كاليث الكاسر ترفض الانحاء للضلالة، وتمتنع عن وضع يدك الكريمة في يد ائمة السفالة.. وعندما كنا نخاف ان تتخطفنا الطير من كل مكان وننزوي في حفر الارض، كنت انت تقف على قمم الجبال تصرخ في جموعهم الحاشدة أَلا لعنة الله على الظالمين، ولعنة الله على المنحرفين، ولعنة الله على المستكبرين، وعندما كنا نخاف ان ننشيء الكلمة الملتزمة، ونطرح الفكرة الصادقة، ونخشى من تبعات المواجهة الحقة.. كنت انت تعلو بصوتك، وتصرخ بقولك الذي يقظ مضاجعهم ويسلب النوم من جفونهم، واستللت ياسيدي سيفك عليهم، واعلنت يامولاي حربك ضدهم، قد يتصوروا انهم طردوك، وقد يفهموا انهم نفوك، وقد فرحوا انهم إستراحوا منك، ولكن هيهات ان تنفك عنهم، وهيهات منك ان تقارهم على ظلمهم للعباد، وهيهات للسانك ان يسكت عن افعالهم، ولم تحاربهم ياسيدي الا بدعوتك لكفاهم هزيمة لانك دعاءك سيكون دعاء مجاهد لا دعاء متكاسل او خانع او جبان، ولو لم تحاربهم ياسيدي الا بكلماتك لكفاهم انغماسا في الرذيلة لان كلماتك وحي صادق من هدي الحرية، الذي يخشونه ويخافون منه اشد الخوف، وهكذا كنت يامولاي معلمنا الكبير.

 علمتنا ان نصبر على الرزيا والانواء، وان لا ننحني للبلايا والخطوب، وان نشد على الخطب بالخطب، وان نلتمس المعابر في شائك الدرب، وان نستلحم الضربة بالضربة، وان نشعل النار تحت اقدام الاشرار، وان نصقل بالاصرار معاول الثوار، وان نلوي ازمة الصعاب، وان نترك اللهاث وراء اكاذيب المستكبرين ووعود السراب. 

علمتنا ان نقول الحق وننطق بالصدق، وان نجل من اطاع الله ولو كان عبداً حبشيا، وان نحتقر من عصاه ولو كان سيداً قريشياً.

 وعلمتنا ان نقول لا للاستكبار ولا لاستعباد الانسان، وان نقول لا للكذب ولا للدجل ولا للمظاهر الخادعة.

 وعلمتنا ايضا ان نحتقر تقية الجبناء، وان نذر الرماد في عيون السفهاء، وان نصرخ في معاشر المتزلفين بئس ما سولت لكم انفسكم وفي العذاب انتم مشتركون، وان نقول لهم ان الله لايظلم الناس شيئاً، ولكن الناس انفسهم يظلمون.. ووقفت ياسيدي بكل شموخ الاسلام وعزته ومنعته قويا صلباً لا تميلك الفحات الهجيل، ولا يهز هزك تتابع الاعصاير، وصمدت ياسيدي بكل الجرأَة والشجاعة، لاتخفيك رنات السلاسل والقيود، ولاتثني من عزمك قاصفت الرعود.. وهيهات ياسيدي لطغيانهم ان يثني منك العزائم.. وهيهات لتجبرهم ان يلوي منك الاعناق.. وهيهات ايها الصنديد ان يستذلوك او يلعبوا منك الكبرياء، وقد انفلت من قيود الخوف منهم لتقتحم الخطر، وانطلقت لتكسير تلك الاطواق، التي لطالما قيدوا بها رقاب البشر، وصببت عليهم كلماتك وافكارك الرسالية كوابل من زخ المطر، فلم يجدوا معك الا ان يحاولوا ان يغتالوك في ظلمة من الليل البهيم، ولم يجدوا معك سبيلا سوى ان يخرجوك من وطنك، وتناسوا انهم اخرجوا من قبلك ابراهيم وموسى والحسن والحسين، وتناسوا انهم اخرجوا من قبلك الكثير من الائمة الصالحين والدعاة المصلحين، ولم يكن ذلك ليجديهم ولم يكن ذلك لينفعهم، بل ذلك مدعاة لتسريع السقوط والانهيار فيهم، وكان ذلك مدعاة لانغماسهم في اوحال الهزيمة.

ولله درك مولاي سماحة السيد والحمد لله على الطافه، التي شاءت لمسيرتك الرسالية ان تستمر، فاذا وصلك كتابي هذا ياسيدي فعلم اني باقٍ على العهد لا احول ولا أُغير ولا أبدل ولا اتبدل، ولأتطمئن ياسيدي اني لايمكن ان احمل في قلبي اتجاهك شيء من المرارة نتيجة ماحدث... معاذ الله وحاشا لله لان ماجرى هو بعين الله وبنظره تعالى، وماجرى لا دخل لانسان فيه وهو لايعدو سوى ان يكون خدشة في الطريق نحو تحقيق الرسالة، ووعكة في الصراط، الذي كنت تقودنا فيه نحو الجنة.. فالحمد لله على ما كان وما جرى وعلى ما سيكون وما سيجري. وسيأتيك بكتابي هذا ياسيدي احد اخواننا الطيبين، وهو اهل لأن يحمل منك رسالة او كتاب اليّ، او اي خبر عنك فيشهد الله اني في اشد الشوق الى اي شيء منك، وعذرا ياسيدي ان كان في كلماتي هذه شيء من الركاكة، وعذراً ان ألم بها لون من الفهاهتة، فقد والله قلبت بشرى نجاتك موازيني، ولم اعد استطيع الانتظار لتدبر كلماتي، فتقبل كتابي هذا على ما فيه، واعذر يامولاي صاحبه لعل الله يهديه، والحمد لله اولا واخرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

                                                                                                                 ولدكم البار

                                                                                                               عصام الياسري

                                                                                                       الجمعة 12 شوال 1419هـ

                                                                                                  استاذ جامعي وداعية اسلامية ــ العراق       

*        *       *

 

سماحة العلامة السيد البغدادي دام عزه

سىلام الله عليك ورحمته وبركاته وتحياته. 

وبعد: فكنت اكتب للسيد جدك فتأخذني الرهبة، وها انا اكتب اليك فتشدني اليك المودة والمحبة، وكنت أقرأ لك سطوراً يافعة فيما مضى، وأقرا لك اليوم علماً نافعاً ونهضة اجد فيها الامل والرضا، ولعلي اتوسم في حركتك التجرد والنقاء وهما دليل الوصول الى فردوس دار البقاء وزاد الرحيل الى يوم اللقاء.

اذا قلت نلت منك الود ياغاية المنى                     وكل الذي فوق التراب تراب

فيا ليتِ ما بيني وبينك عامر                            وبيني وبين العالمين خراب

عظم الله تعالى اجرك بفقد السيد والدك تغمده الله بواسع رحمته، واساله تعالى ان يجعلك خلفاً صالحاً للرعيل الصالح، وقد خلت الساحة من المصلحين او تكاد. ولعلك تجد عوناً لك بالسيد محمد حسين من شجرتك ولعله اكثرهم وعياً وأجرأهم صوتاً وارهفهم حساً.

يصلني الشيحيح من اخبارك، ولم يكن عنواني على رسالتك اليّ صحيحاً، ولدي صندوق البريد (7023 بركة ـ بنغازي ـ ليبيا) يوصل اخبارك اليّ بشكل سريع وأمين، وقد سررت بلقائك مع الدكتور الفرطوسي وكان مسروراً بهذا اللقاء، وسرني وماهو اكثر ما وجده من العفوية والتبسط وعدم التكلف، وهو مانحتاج اليه حسب تعبيره. يؤلمني ان تكون واحيداً في ساحة ملغومة فيها كل شيء.. ماعدا ماهو لله تعالى، وقد نسى القوم قول القائل:

الا كل شيء ماخلا اله يأكل                     وكل نعيم لامحاله زائل

وتجدني الان في ظروف ليست سهلة فحالي مجمد خاضع للعقوبات، ولا استطيع تحويل اي مبلغ الا عن طريق الجامعة، وقد هيأ الله لي ان ارسل اليك (.......) عن طريق اخ وفي وهو الحاج مكي قاسم البغدادي (ابو مهند) حفيد الشيخ عبد الحسين البغدادي، وكان من فضلاء بغداد واتقيائهم. وقد انتهى عقد عملي في الجامعة بعد فترة قضيتها في التدريس تربو على 15 عاماً، وانا بصدد ترتيب اموري للسنة الجامعية القادمة.

كيف حال اشقائك واخص منهم السيد علي واولاد عمك، وماهي اخبار سعد واسامة والسيد والدي.

أكتب لي بما يطفىء ظمأ قلبي، وبما يطمئنني عنك، وعهدي بك ان تكون دائماً على حذر، وأنا بحاجة اليك، وأجعل سعيك في الله ولله والى الله فمنه المبدأ واليه المعاد.

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى                       مالحب الا للحبيب الأول

اذكرني عند لحظات الخضوع.. جعلك الله من الذاكرين .

                                                                                                                 ابو ايمان

                                                                                                          بنغازي 10/6/1999

                                                                                                         زهير عبد الكريم الحسني

                                                                                                    استاذ في القانون الدولي ــ العراق                               

وهذه نص الرسالة الثانية:

بسمه تعالى

سماحة السيد البغدادي دام عزّه.

سلام الله عليك ورحمته وبركاته وتحياته، وعظم الله اجوركم بمصاب ابي الشهداء وسليل الانبياء وابن الاصفياء وامام الاوصياء. قدم على الحج الشهادة فنال عند الحق حسن الوفادة ورزقنا الله منهجه ونصرته والنهوض معه في اوبئته، شوقي اليك شديد، واملي وطيد، وعهدي فيك تليد، فعسى ان اجد في لقياك سلوتي، وفي اجتماعنا رغبتي.. فبقائي هنا غير اكيد، والحصول على عقد امل يحتاج الى جهد جهيد.

لم يصلني منك الكتب المذكورة في رسالتك الكريمة، ولا اعرف من اخبارك ولا النزر القليل والبريد العادي اسهل وليكن هو السبيل في الصلة مابيننا، وفي معرفة ما .... ولعلك تبعث ما لديك عن طريق الدكتور سعد. 

وقد اعجبني بحثك في حق الامام وتجلية الحقائق واسرار الاحكام الحبيسة في بحوث الخارج والبعيدة عن تناول ايدى الانام. 

والوضع الراهن يحتاج الى نهضة ثقافية تجدد فيها المفاهيم التي حرفتها ايدي السنين في ظل خمس قرون من حكم العثمانيين وفي غفلة وعاظ السلاطين ووراء مَن لايعرف الولاية، ولا يجيد تنقيح الرواية، وياخذ بالخبر الضعيف، او يقدم مدلول الخبر على مدلول الدراية، حتى قيل بحلية اكل القليل من الافيون الغير المضر للعقل منه باعتباره من الرقد او المخدر وليس من المسكر، الذي يحرم قليله وان لم يسكر، وقياساً عليه فلم يفتى بحرمة التدخين الا القليل باعتباره شبهة بدوية والحديث ذو شجون.

لعل الله تعالى يوفقني للقاء بك اذا حصلت على عقد للسنة القادمة، واطلع على امكانية الاقامة في سوريا وفهم مايجري في الميدان السياسي لقضيتنا، وما يجري في ايران يؤرقني فالنظام السياسي القائم لم يتعرض بجدية لمشكلات التنمية والوضع الاقتصادي ضعيف، والتضخم يضرب باطنابه وخاصة بذوي الدخل المحدود، وقد اثْرَت طبقة رجال الدين على حسابهم وكأن الثورة تحولت الى انقلاب عسكري جنى ثماره المستفيدون من النظام، وقد قيل ان رجل الدين اصبح مكروهاً من قبل الجمهور بسبب امتيازاته، التي تشبه امتيازات العسكر، الذي يستولون على السلطة، فهل آن لهم ان يعودوا الى ثكناتهم «حوزاتهم»؟ وهذا الذي يشجع صعود اصوات المتضررين من الثورة من الملكيين والقوميين والبهائيين وغيرهم. 

ارجو اطمئنني عن شقيقك السيد علي، وان يستفيد من تجربة الشهيد محمد صادق الصدر في منهج معارضة الطغاة، مع تحيات لكل من يسأل عني، واذكرني في لحظات الخشوع، وعند مغيب الشمس وحين الطلوع، وعند قنوت الوتر وقبل الركوع، وجلعك الله من المجددين في الاصول والفروع، والصلاة والسلام على خير الخلق محمد واله ونوح وابراهيم وموسى واليسوع.

 

                                                                                                                          ابو ايمان

                                                                                                                     10 صفر 1421هـ    

*        *       *

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha