أحمد الحسني البغدادي يكتب مشروع اصلاح الأمة أزمة فهم.. أم أزمة تغيير (1)
أحمد الحسني البغدادي
يكتب
مشروع اصلاح الأمة
أزمة فهم.. أم أزمة تغيير
(1)
وبعد.. حريٌ بنا أن نسلط الأَضواء على مشروع الإصلاح الذي اكتمل تحت مظلة الإسلام القائد كشريعةٍ ودولةٍ ونظام بدءاً من مؤسسي خلافة بني أُمية، وخلافة بني العباس، وسلطنة آل عثمان، وإمارات وکونتونات ومشيخات قبلية كانت تحت نفوذها المباشر، وصولاً لعصر النهضة ومشروع جمال الدّين الأفغاني (ت ۱۸۹۷م) وتلاميذه. وما عاصرناه من تصورات ورؤى في دول إسلاموية برغماتية نفعية وحركات أصولية راديكالية، وفي سياق هذه المعادلة التي هيمنت على جميع هذه النماذج بأساليبها المتنوعة ومتبنياتها التاريخية المختلفة وتوصيفها الأُس والموحي تعود للمقولة الخالدة: «لن تصلح آخر هذه الأُمة إلا بما صلح به أولها» الى مالك بن أنس (ت ١٧٩هـ). ضمن هذه المقولة الشهيرة المختزلة تتفاوت فيها الرُّؤى تبعاً لإختلاف المرجعيات الدينية والثقافية والمعرفية والسياسية.. وعلى ضوء هذا نطرح تساؤلات:
«من الأُمة؟.. وما أولها وما آخرها؟..
وكيف يصلح الآخر الأول؟..
وكيف يعرقل الأول الآخر؟..
وكيف يفرز الأول أُسطورة العودة الأبدية؟..».
أسئلة تفتحُ روافد الجدل على مصراعيها، ولا ترغبُ بطبيعة الحال أنَّ تقع في فخ العنعنة والفنقلة التي لا تنتهي! خصوصاً ونحن نريد لهذه المحاضرة أن تكون هادفة وعميقة ومباشرة على قدر الطاقة الإنسانية. وفي الأحوال كلها أنَّ الإصلاح الذي يوفر لنا أرضية صالحة لتشخيص الإدراك والمعرفة التي نقف عليها، بل علينا التمييز بين المسبقات المثمرة التي ينقلها الينا التراث، والمسبقات التي تسجننا وتحجب عنا رؤية مشروع التغيير لا مشروع الفهم، في حين أنَّ المشاريع الإصلاحية الدينية التي عايشناها بالتجربة والمعايشة الميدانية مشاريع تغييرية إنقلابية ثورية بوصفها تغيَّر أشخاصاً ومكونات وسلطات مهما كان موقعها سواء كان حاكماً لشعبٍ أو قائداً لأُمةٍ أو رئيساً لحزبٍ أو أميراً لقبيلةٍ...؛ بَيَّدَ أنها لا تغيّر نفسها لكونها هي في الحقيقة لا تفهم نفسها من حيث المبدأ.