وقفات حول كتاب «نقد العقل الديني»

وقفات حول كتاب
«نقد العقل الديني»
أجد نفسي أمام مبحث جدلي مثير من أصعب المباحث واشقها على قراءة المشكل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والنفسي. فهو، أي المبحث، سيفرض عليّ بإعادة النظر في مفهوم تجهيل المجتمع العربي والإسلامي وطريقة ممارسة اعماله. لتحقيق ذلك، فإن معالجة الموضوع على صعيد النقد والنقد الذاتي بامتياز مني سوف اتطرق اليه فيما بعد في مبحث مستقل انشاء الله تعالى.
ومن هنا اقول والحق يقال: إن (نقد العقل الديني أنبياء الأرض.. ودين السماء) يعد نقلة نوعية معمقة قل نضيرها.
وهكذا اضاف شيئا جديداً على من كتب قبله كالمفكر محمد اركون في كتابه: «نقد العقل الإسلامي» والمفكر العربي محمد عابد الجابري في كتابه: «نقد العقل العربي» وغيرهما.. ولهذا بادر في تقييمه الداعية المجاهد عباس شاهين في كتابه الموسوم: «المطارحات على المطارحات في نقد العقل الديني» تقديم المفكر الأممي الدكتور عبد الحسين شعبان، وسيتحف المكتبة الثقافية والفكرية كتابه باللغتين العربية والفرنسية عما قريب، وكما نقل لي الدكتور محمد إبراهيم الخليل ان سماحة الشيخ حسين الحمزاوي المقيم في مدينة قم المقدسة قد كتب تعليقات علمية في إطار العقلنة الموضوعية قد جاء في مقدمته المختزلة:
«أما بعد:
فالتواضع ونكران الذات صفة يجب أن يمتاز بهـا كـل مرجع قـائـداً كـان متصدياً لقيادة المجتمع أو لا، ليكون بذلك مثالياً، وقلما يمتـاز بـذلك قـادة الدنيا من السياسيين عامة، وقادة الدين من أصحاب العلوم الدينية على وجه الخصوص المراجع منهم خاصة لامتياز أكثرهم وفي الغالب بالعجب والغرور وما إلى غير ذلك من الملكات الفاسدة التي تؤثر على النفس فتتسافل، ليضمحل بها نسبة الربانيين منهم فيها.
وباعتباري من الطلبة الذين لم يكونوا بصف العلماء ولا من أساطينهم أشعر بالسعادة والارتياح عندما أرى في هذا الزمان مجتهداً قضى عمـره فـي طلـب العلم يطلب من طالب لم يرق ليكون تلميذا عنـده نـقـد مـا كتبـه فـي كتـاب «نقد العقل الديني - أديان الأرض ... ودين السماء»، وهذه حالة صحية في مؤسستنا الدينية أحياها سماحة السيد أحمد الحسني البغدادي دامت بركاته، حيث إن من تواضعه يجعل من نقد جاهل قاصر لـم يلتحق بدراسة العلوم الدينية قبل نيل سماحته درجة الاجتهاد أثر من الممكن أن يأخذه بنظر الاعتبار ، لذلك اختصر فيه ما جاء في البيت الشعري:
ملأى السنابل تنحني بتواضع
والفارغات رؤوسهن شوامخ».
اريد ان أضيف على ماافاده الأخ الحمزاوي في توطئته المختزلة.. ان حسب اطلاعي ان هذا الفقيه لا كغيره من الفقهاء المعاصرين رجل متواضع في احاديثه وحركاته بلا تكلف او تصنع او رياء هذه هي سيرة الأنبياء والاوصياء.
كتابك ياسَماحة السيد المعظم الذي اتحفت به المكتبة العربية المعنون: «نقد العقل الديني أنبياء الأرض.. ودين السماء» قد قرأته ببطء وافِدتُ بامتياز من معالجة علمية وعملية حول منظومة التخلف المجتمعي. خصوصا انك تبحث بدقة شمولية عن قضايا وأشياء معاصرة، التي تقلقنا جميعا وارتباطها بما يدور حولها من تخلف وجهل وخرافة وجوع وقحط وحرمان واستئثار وخوف وانتحار وانتقام ومرضى ومصابين بجنون العظمة وهوس الزعامة الشمولية المطلقة.
سبحان الله! للكتاب أهمية أخرى في تصوري سيكون هذا المنجز الجدلي الاستثنائي مرجعاً لهذه الفترة الزمنية المرعبة، التي نعيشها، كما أنه يطرح جوانب مختلفة عن الخطاب السلفي المدنس (النجس) والخطاب الحداثوي المقدس (الطاهر) بجوانبه المختلفة في مرحلة من تاريخ العالم القديم والحديث.
احمد الحسني البغدادي فقيه عنيد متمرد جسور، ويساري اسلامي منفتح على الواجهات المدنية والليبرالية والديمقراطية مع تمسكه الشديد بعقيدته الحداثوية الإسلامية، لكن بلا تعصب دوغمائي وإنغلاق، ولا يضمر اي نوع من انواع الكراهية والحقد الدفين على انسان او تيار لم يجد حرجاً ان يضع يده مع الذين حاولوا تصفيته جسديا؛ في سبيل مقاومة الاحتلال وطرده من أرض الوطن المذبوح.
أسس بعد انتكاسة الانتفاضة الشعبانية_ الآذارية عام 1991م حركة الإسلاميين الأحرار وجناحها العسكري أفواج الرفض والمقاومة المعارضة للدكتاتورية الصدامية وكان لي شرف عضوية القيادة المركزية في حينها، وساهم عام 2004م بتأسيس المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني لطرد الاحتلال الاميركي - البريطاني للعراق. وبعد هجرته إلى سورية عام 2007م ساهم في تأسيس «اتحاد قوى تحرير العراق» وعلى إثر هذا النشاط السياسي والميداني المتواصل بلا هواده هجمت القوات الأميركية القذرة على منزله في النجف الاشرف بطريقة همجية، وذلك من خلال اعتقال ولده البكر (الشاعر والأديب) واثنين من المجاهدين، وسرقوا مبالغ مالية، ومصوغات ذهبية، وأجهزة الهاتف النقالة، والعبث بكل محتويات المنزل.
ولقد اتهموه ظلما وعدوانا بعض المغرضين المنافقين والجهلة الدوغمائيين بأنه متهور ومتطرف وعدمي، ولا يعرف فنون السياسة واحابيلها بالطبع هم يقصدون فساد السياسة في خطوطها المنحنية، قاتلهم الحق تعالى انهم قوم كرهوا الحق وارتكبوا الباطل، والله اكبر والعاقبة للمتقين.
علي جمعة الموسوي اليعقوبي
النجف الاشرف
اكاديمي ورجل دين
غرة جمادي الثاني 1444هـ
25 كانون الأول 2022م