الساكت عن الحق يعاقب عند الله
الساكت عن الحق يعاقب عند الله
س: الساكت عن الحق شيطان أخرس ـ كما في الحديث الشريف ـ نسأل: هل ينتقم الله منه في الدنيا، أم يعاقبه في الآخرة بسبب تفرجه على هذا الدمار والبوار والتسيب والضياع، الذي يصيب مستضعفي العراق في ظل الاحتلال والتابعين له؟..
ج: أن أية جريمة دموية، اقتصادية، أم اجتماعية، أو اخلاقية، في أي صقع من أصقاع الأرض، لا في ما يخص مستضعفي العراق وحدهم، يعتبر الانسان، أو المجتمع كلّه مسؤولاً عنها، يعاقب عليها عند الله تعالى .. بسبب سكوته وعدم استنكاره، وقد أكد ذلك القرآن الكريم عندما استعرض هلاك جماعة بشرية فأن وضع مرتكبي هذا الدمار والبوار والتسيب والضياع مع الذين رضوا به، أو سكتوا عنه ولم يردعوا وقوعه، أو يدينوا ذلك في إستنكار لئيم، وفي بطر ذميم. وحين عقر شخص ناقة النبي صالح (ع) غضب الله سبحانه على الجميع، وأسند ذلك العمل البغيض على القوم كلّهم، فقال جل جلاله: (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) سورة الشعراء الآية 156ـ 159. اذن لم يكن القوم الذين أبادهم الله الواحد القهار مشتركين فعلاً في هذه الجريمة النكراء، بل لم تساهم الاكثرية الساحقة، بل كانوا على الحياد، إلاَّ أنهم اشتركوا فيه بسكوتهم وتفرجهم وخوفهم على أَنفسهم في ظل وجود الظلم، والابتعاد عن المثل الأعلى، بل صرح الله تعالى للنبي شعيب ما معناه ـ إني أهلكت مائة الف من قومك عن بكرة أبيهم. أربعين ألفاً من المنحرفين، وستين ألفاً من المستقيمين. فسأله النبي شعيب (ع) باستغراب: ولكن لماذا معاقبة مَنْ هم في خط الاستقامة، والعمل الصالح؟!.. فقال تعالى: أنهم رأوا بأُم أعينهم الجريمة ترتكب، ولم يفعلوا شيئاً، وأن زعموا أنهم في « خط الاستقامة» و «العمل الصالح». وليس هذا سوى النتيجة الحتمية التأريخية الأَبدية المقررة الثابتة لهذه الأَمة المعاصرة .