كلمة الجمعة لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ ١٥ ربيع الاول

كلمة الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم
إني أُفكر دائماً أن هذه العملية السياسية الضالة والمضلة، التي أصبحت أعظم حرفة اسلاموية وعلمانوية بشماعة تحقيق الديمقراطية في بلاد الرافدين! واصبح المتصدون المتكالبون أشرف فئة!.. فراح العراقيون الطائفيون والعنصريون من السلطتين السنية والشيعية في نوبات جنونية يتملقون ويتزلفون الى الحاكم المدني – العسكري بول بريمر ولا زالوا، ويبحثون عن المال والجاه والسلطان صاغرين أذلاء تحت أقدام سيدهم الغازي المحتل الفاقد للعاصم، الذي أنتج تخريب الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ برامج الخصخصة والأستثمار الاجنبي والعولمة المتوحشة.. ذلك كله بعد نسف البنى التحتية والمجتمعية والبيئية، وليس النظام العراقي كما يزعم. وبالتالي كفرت الجماهير المحرومة المسحوقة بالعملية السياسية، بسبب الدجل الحوزوي والتعصب العشائري، والتسلط الفرعوني، ورأس المال القاروني، وبسبب أدائها الوظيفي والوقائي والمرحلي والانتهازي والنفعي والذيلي على حساب خراب الوطن والمواطن المذبوح، ولم تتحول، أي العملية السياسية الى صيغة تطبيقية على أرض الواقع العملي. وما أدري كيف يكتب غداً تاريخ هؤلاء وهؤلاء، وما عساني قائل للاجيال المقبلة في تبريرهم، ومن يزعم العكس هو أما ضعيف الذاكرة، أو منافق وقح، أو خريج دهاليز السفارات الاقليمية أو الأجنبية.
إذن، لا بد حتماً أنْ تعرف أنّ في هذا الكوكب الأرضي الصغير لا يوجد في الكائنات الحية كلها كائن يتناقض علناً الى تناقض ملعون مثل الانسان هذا الكائن العجيب الغريب، وهو لا يريد شيئاً أو قضية مؤطرة، ولا يمكن أن يعرف هو ماذا يريد وماذا يفكر.. هو دائما يمارس الانعتاق والعبودية، والذكاء والغباء، والتمرد والعصيان على الاصنام والالهة ويغدو إلهاً، ويغدو عبداً، ويصنع له أجهل واشنع الالهة واحقرها يوجب عليه تقديسها وعبادتها بكل مهانةٍ ومذلةٍ ومسكنة.
لقد أصبح شخصية مزدوجة بإمتيار عن هذا الانحراف الرهيب، وكذلك يتناقض مع دينه ومع مذهبه ومع تقاليده واخلاقه.. وهذا التناقض مع أنه محرج فهو خير من التوافق ولولا التناقض لمات! وهذا امر خطير، وهذا هو الامتحان العسير.
احمد الحسني البغدادي
النجف الاشرف
١٥ ربيع الاول ١٤٤٣هـ