كلمة الجمعة لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 11 محرم الحرام

كلمة الجمعة
سألوني أنتم من السباقين في فتواكم الصريحة بشجب ذهاب العراقيين الى صناديق الاقتراع التشريعية الخادعة الماكرة، ونحن مقبلون على فتنة هوجاء وقانا الله تعالى شرها، وكما أنتم تعلمون علم اليقين أن المرجعية «الدينية» بالنجف الاشرف تركت الحبل على الغارب بتوصيات من خارج الدائرة الاسلامية يحكم هؤلاء (الذين جاءوا على ظهر الدبابات الاميركية - البريطانية) عراق الدمار والخراب والدماء والانتقام الذي حل بمستضعفي أهله النجباء.. إذن، نسألكم ماذا تنتظر والوطن مستباح؟!..
فأجبتهم بعد أن حمدت الله وأثنيت عليه. أنا عراقي منذ نعومة أظفاري إسلامي التوجه ظاهراً وباطناً أرفض ان توجد قوة أخرى في وطني المنكوب من خارج الحدود، ومن خلال استفحال الدولة العميقة الحاكمة والقائمة على سياسة النزعة الطائفية والقسمة المذهبية والمحاصصة الوظيفية.. أن يوجد منطق عقلاني وعقلائي يخضع له ضميري، تخضع له قناعاتي للاشياء، تفسيراتي للاشياء، استجاباتي للاشياء، مواقفي من الاشياء من معتقدات الناس مذاهبهم أو اصنامهم، وآلهتهم من مواقفهم ومردوداتهم الايجابية او السلبية.
أنا أرفض كعراقي أن تقدم لي الاشياء مفسرة لي بغير عقيدتي، مرتبة بغير رؤيتي، مُقَنّعة لي بغير قناعتي.
إن الاحزاب الاسلاموية والعلمانوية تحاول هذه القوة الأخرى الى ايجاد هذه الدولة أللاعلمية التي عجزت عن حماية نفسها، وهي مختبئة في قلاع المربع الخضراوي الحصين.
لهذا انا أرفضها.. هل تركت هذه الواجهات السياسية المختلفة للفرد العراقي المستضعف شيئاً من الانعتاق والكرامة والمنجزات والمكتسبات خصوصاً تظاهرات واعتصامات ثورة تشرين المليونية في ساحات التحرير – غير التسقيط والتشهير والتجريم والقتل والاختطاف من خلال الطرف الثالث!! هل قاتل الثوار موهبتهم الانسانوية. هل قوتلت موهبتهم مثلما قوتلت بالاسلامويين والعلمانويين على حدٍ سواء.
لقد حولت هذه الواجهات السياسية الانسان العراقي الى فقير مدقع.. لقد جعلته متسولاً مسكيناً بائساً.. لقد جعلته بليداً بليداً. لقد جعلته لا يستطيع أن يبدع أو أن يبتكر أو أن يفهم.. لا يستطيع أن ينتقد مواقفه الغبية الى ابعد الحدود.. لا يستطيع مراجعة رؤية نقدية معمقة مع ذاته أو ضد ذاته.. جعلته أعمى البصيرة الرسالية.. جعلته لا يرى في الظلام الدامس بلا دليل.. جعلته في الوحل اللاصق في الطين.. جعلته خاملاً.. جعلته في خطوط منحنية.. جعلته لا يستطيع الاحتجاج في حرب الاحتلال الاميركي الكافر، والتدخل الاقليمي الظالم. إنه إذن، لا يحتج بالشعور ولا بالرؤية ولا بالرفض بل بالتعليم والتلقين والعصا.
أن هذه الواجهات السياسية قوة تخريفية تخديرية تدميرية حمالة للظواهر الشاذة في لحظة الكون الحالية يراد لها أن تؤدب الانسان حواسه وعبقريته.. أن تحوله الى شيء منافق لا الى شيء مستقيم. لهذا أنا أرفض هؤلاء وهؤلاء الذين عادوا بوقاحة ليشاركوا بالانتخابات ظلماً وعدواناً وهم ليسوا شرفاء يحاولون أن يقهروا طموحات وتطلعات أبناء العراق الاصلاء أن يخضعوهم، أن يكونوا خاضعين بجبروتهم بغطرستهم بدونيتهم بعاهاتهم باصراراهم على إجراء الانتخابات التشرينية اللعينة في يومها الموعود بشماعة تحقيق الديمقراطية المركزية. هؤلاء وهؤلاء لا يرون أن يحرروا العراق من الهيمنة أن ترفع به الى مصاف الدول المتقدمة.. إنهم يريدون به في منتهى التخلف والخرافة والتبعية والرجعية. إنهم مشبوهون.. إنهم صانعو الاصنام والالهة البشرية الجديدة، ليسوا غير صانعو السجون العلنية والخفية والقيود والتبعية والولاءات والاملاءات اللا وطنية واللا اخلاقية. وأنا أرفض الممارسات اللا حضارية. لهذا أنا ارفض بلا تردد وبلا خوف حاكمية الاحزاب الاسلاموية والتيارات العلمانوية لهذا البلد الأمين الى يوم الدين، والله من وراء القصد.
أحمد الحسني البغدادي
النجف الاشرف
11 محرم الحرام 1443هـ