بدون مجاملة: ساسة وقادة العراق يحاربون الخطط الاستراتيجية والاستباقية....فَشُلّت مؤسسات الأمن القومي

بدون مجاملة: ساسة وقادة العراق يحاربون الخطط الاستراتيجية والاستباقية....فَشُلّت مؤسسات الأمن القومي!!
سمير عبيد *
النظام السياسي في العراق يعاني من المفاصل الفاشلة!
يعتبر النظام السياسي والإداري في العراق بيروقراطيا بامتياز والسبب لأنه يرفع شعار الديموقراطية زورا لأن في التطبيق هناك أوتوقراطية وقبلية ومحسوبية وحزبية وفي جميع المفاصل. حيث تهيمن على مفاصله "اللامبالاة ، والتقاعس، وعدم الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية". ويبدو أن أتساع مساحة اللامبالاة آتية من غياب تطبيق شعار ( الرجل المناسب في المكان المناسب) وبالتالي عمّت الفوضى في مؤسسات الدولة العراقية وللسنة العاشرة بسبب شعار فليُنصّب ويُعيّن كل من هب ودب ولمجرد الولاء. وبالتالي فعندما يجلس الفقير علميا وثقافيا وخبرويا وسياسيا في مفصل مهم في الوزارة ما، أو في المؤسسة ما، أو في الدائرة ما، أو حتى في بعض أركان مجلس الوزراء، فمن المؤكد سوف يكون عامل معطل في ذلك الحيز سواء كان هذا الحيز وزارة أو مؤسسة أو دائرة أو مفصل تنفيذي أو أداري أو تشريعي. لأنه عاجز أن يعطي شيئا. فجذع النخلة الميتة لن يعطي رطبا!.
ونقولها بصوت عالي ودون مواربة أن النظام السياسي والإداري والبرلماني في العراق يعاني من المفاصل الفاشلة والمعطلة بسبب هيمنة الأميين والفاشلين عليها، هؤلاء الأميين الذين جعلوا من أسيادهم بمرتبة الأنبياء والأوصياء لأنهم أولياء نعمتهم. فأصبحوا خناجر وسيوف وبلدوزرات جاهزة للفتك والتهديم وحال إعطاء التعليمات لهم من قبل أولياء نعمتهم. ولهذا السبب لم نسمع إلا العراك والعويل والمشاكل والتعطيل بين الساسة والقادة وأحزابهم وحركاتهم. فكم من الكراسي والمناصب الرفيعة التي مُلئت من قبل من لا يفقهون شيئا غير فتاوى الحيض و النفاس، و الأكل والشرب، وجمع المال بشطريه الحلال والحرام، والنفاق ومراقبة الناس دون تكليف؟. وبالتالي لن ينهض العراق مادام هؤلاء في تلك المفاصل. والسبب لأنهم لا يميزون بين الجدوى الاقتصادية والخطة الخمسية. ولا يميزون بين التكتيك والإستراتيجيا. ولا يعرفون حتى تفسير وتعريف الديموقراطية. فالدول المتقدمة وحتى الدول التي نهجت الديموقراطية وقدستها أخذت تعتمد على عامل الخبرة أضافة للاختصاص. فهناك دول تفرض على المتخرج من الجامعة الذي لم يمارس عمله أن يعيد معلوماته بسنة تقويمية كل عامين أو أكثر لكي تقبل شهادته ويكون مرغوبا في سوق العمل لأن الدولة لا يديرها الأميون والفاشلون. وأن عمل الدولة شأن عام لا تجوز في المحسوبية والواسطة. وان من يمارس المحسوبية والواسطة هو عدو الدولة وعدو الشعب، وخصوصا عندما يفرض شخصا تنقصه المؤهلات والخبرة ويجعله في منصب رفيع أو على رأس مسؤولية معينة. فهنا هو تآمر على حكومته ودولته وشعبه لأنه وضع العصا في عجلة التنمية الوطنية والإدارية.
فالساسة والقادة في العراق لديهم خطة وبرنامج لا تختلف عن خطة وبرنامج الفريق العراقي لكرة القدم وهي ( عليك يا الله). فالعراق هو البلد الوحيد الذي ليست فيه خطط خمسية ولا حتى ثنائية. والبلد الوحيد الذي لم تقدم حكومته جدولا بوعودها ،وجدولا بإنجازاتها. بل كل شيء عائم ومبهم . وبسبب ذلك بقي العراق متخلفا عن جيرانه في كل شيء وحال ما تناقش المسؤول العراقي يرد عليك بالسيمفونية المشروخة ( النظام الصدامي، والتكفيريين، والإرهاب، والقاعدة) وكأن العراق هو البلد الوحيد في العالم الذي يحارب الإرهاب والقاعدة. فرومانيا نهضت بسنتين بعد الديكتاتور شاوشيسكو ، ويوغسلافيا بجميع فروعها نهضت بعد الديكتاتور أيضا ، وجنوب أفريقيا نهضت بعد الحكم العنصري والديكتاتور كليرك ، وهناك شواهد كثيرة... فنعم أن تلك البلدان لم تتعرض للاحتلال والنهب والسلب في المؤسسات، ولكن كل هذا لا يعذر الساسة العراقيين لأنها عشر سنوات أي عقد من الزمن منذ رحيل الديكتاتور صدام حتى يومنا هذا. فلم يبق عذرا على الإطلاق . وللعلم لن ينهض العراق ولن يتطور مادام هناك اصرارا على سياسة تبويس اللحى، و إصرارا على التوافقات الجانبية والسرية بين الكتل والأحزاب التي خطفت العراق والعراقيين!
فلو حسبناها من خلال منطق (علم الاجتماع) فسوف نصاب بالرعب لما حصل للأجيال العراقية وللعراق وللمجتمع العراقي خلال هذا العقد من الزمن والذي سوف يؤثر على العراق والعراقيين لخمسين سنة قادمة وأن المسؤول عن هذا هم القادة العراقيين لأنهم أنانيون جميعا ولا يفكرون إلا بمصالحهم الخاصة والحزبية والفئوية. ناهيك أن ( المحسوبية، والواسطة، وغياب الشفافية، والقبلية، والفتوى الدينية فرضت برلمان عراقي هزيل وفاشل ولم يرقى حتى لمجلس قبيلة... لا بل راح فغاص في المحسوبيات والنعرات والطائفية، والمناطقية . فخرّج لنا زعماء حرب وعصابات لديهم أحلام بتأسيس دويلات خاصة على مقاساتهم!!!).
حرب مبرمجة ضد الخبراء والمتنورين وذوي الأحصاص!
فالنخبة الحاكمة في العراق حاربت وتحارب ولا زالت تحارب المتنورين والمبدعين وتدعم الفاشلين والأميين الذين لديهم دعم قبلي أو سياسي أو مالي. فالتنوير في العراق شبه محرّم وله أعداء من أعلى الهرم السياسي والاداري في الدولة. فالشخص المتنور لا يُحتضن بل يُحارب ويُحظر التعامل معه .لا بل يُحارب وتسد جميع الطرق بوجهه ان لا يصل الى مفصل من مفاصل الدولة وحتى وأن كان من المضحين والمناضلين. وأن الشخص المختص والخبير والكفاءة لا مكان له في العراق إلا أذا كان متصاهرا مع المافيا السياسية، أو مفروضا من واشنطن أو طهران أو عواصم أخرى ، أو من مرجعيات دينية وسياسية معينة، أو مفروض من قبل لوبي تجاري أو اقتصادي أو إعلامي. وحتى وأن ولج هذا ( المختص أو الخبير، أو المطلّع) الى مكان ما في الدولة فسوف يُركن في مكان يجد نفسه فيه غريبا ومعطلا، أي ميتا تماما من ناحية الإبداع والإنتاج............ وهي سياسة أصبحت شبه ثابته وللأسف الشديد. فهنيئا للفاشلين والأميين والمغمورين والانتهازيين والوصوليين والبعثيين المندسين والجلادين احتلالهم للكثير من مفاصل الدولة العراقية. فالدولة ومفاصلها لهم وبدعم من بعض الجهات الرفيعة والعليا!!!!!!!!!!!!!!!!
فهناك خوف ورعب لدى الكثير من القادة والساسة الكبار في الدولة من الخبراء والمختصين والمتنورين والعارفين والمبدعين وكأنهم وباء أو سلاح دمار شامل فيحاربون ويُحجمون. وهي سياسة دولة على ما يبدو وليست سياسة أشخاص. والسبب لكي يبقى الأميين والفاشلين والمتكلسين الذي هيمنوا على مفاصل الدولة بغفلة من الزمن، وبمساعدة المحتل وجهات خارجية أخرى. وبالتالي يبقى العراق عليلا، لأن هؤلاء الاميين والفاشلين لا ينتجون شيئا، ولن يبدعون بشيء بل يشترون أفكارهم أن وجدت أصلا. علما أن الدول الراقية والحكومات الوطنية هي التي تبحث دوما عن المبدعين والمتنورين والمختصين والخبراء لكي تفسح المجال لهم ليكونوا عونا لها في مؤسسات الدولة ومرافق الحكومة لكي يتم تأسيس نظام سياسي ناجح، ودولة ناجحة تسير في سكة التقدم والازدهار. أما في العراق فالموضوع مختلف تماما فهناك حرب على هؤلاء الخبراء والمبدعين والمختصين وكأنهم شياطين لا يجوز التقرب منهم، مقابل إعطاء الفرص والمناصب لذوي الأدمغة الفارغة والكروش الممتلئة، والنتيجة ترهل مؤسسات الدولة وغوصها في مستنقع الكسل والفشل!....
فمؤسسات الدولة لا تخلو من المبدعين والخبراء والمجتهدين والوطنيين والمخلصين والمناضلين وأصحاب الكفاءات ولكنهم ليسوا أكثرية بل هم أقلية في الوزارات والمؤسسات والفروع. فحتى رئاسة الوزراء فهي لا تخلوا من هؤلاء المبدعين والخبراء .فهم أقليّة متنورة وتبحث عن الإبداع والتطوير والإصلاح ولكنها تصطدم بالأكثرية التي شعارها اللامبالاة والبيروقراطية وتسقيط وتشويه صورة الآخرين وخصوصا المبدعين! وبالتالي هناك حرب ضروس بين تلك الأكثرية وتلك الأقليّة وفي جمسع مؤسسات الدولة العراقية.. والخاسر لحد الآن هي الأقليّة والعراق والعراقيين!
مؤسسات أمن قومي خاوية وفقيرة من المختصين والخبراء!
والطامة الكبرى..... ونقولها بكل شجاعة... أن هناك مؤسسات ( أمن قومي ) في العراق شبه معطلة وأصبحت عبء على العراق ماليا وأمنيا واجتماعيا واقتصاديا وأخلاقيا بدليل أصبح العراق مرتعا لجميع الاستخبارات العربية والإقليمية والدولية تقريبا. وأصبح العراق ممرا دوليا لتهريب المخدرات ومرور المافيات الدولية والجريمة المنظمة .والسبب لأن هناك هيمنة على أدق مفاصل مؤسسات الأمن الوطني والقومي من قبل جماعات لا تفقه شيئا في الأمن القومي، ولا في الاستخبار، ولا تفرق بين الأمن وبين المخابرات. لا بل هناك مفاصل مُهيمَن عليها ومن نفس الأشخاص وللسنة العاشرة على التوالي ودون أبداع ولا حتى أنجاز وتلعب بميزانيات تلك المفاصل هباءا وزورا وكذبا..... ولا نبخس حق المخلصين فهناك مفاصل تعمل ليل نهار وسجلت الكثير من الإنجازات لأن على رأسها رجالا أحبوا العراق ولديهم الخبرات والكفاءة والإصرار على التطوير والتعلّم.
فهناك مفاصل أمن قومي ونحن في القرن الواحد والعشرين وهي تدار بـ " الخيرة، والمسبحة، والعطسة"، وهناك مسؤولين في الأمن القومي العراقي وقفوا بوجه تعيين بعض الخبراء والمختصين وكان جوابهم ( أن هؤلاء يمثلون إرهاب فكري من وجهة نظر الشيخ الفلاني والسيد الفلاني لأنهم أذكياء ويستقطبون الناس وبالتالي منع تعيينهم أو تنسيبهم!!) فيا لها من طامة كبرى، فبدلا من استغلال فكرهم واستقطابهم يذهب هؤلاء القادة فيسدون الطريق بوجه هؤلاء. فعادوا من حيث أتوا أو أعطوا ظهورهم وهم يهزئون من تلك المؤسسات وقادتها...!أما موضوع التسويف والكذب في الوعود فحدث ولا حرج ومن أعلى المستويات لكي يصاب الخبير والمختص وصاحب الكفاءة باليأس فيعود من حيث أتى أو يقبل بالتخلي عن علمه وكفاءته
هناك كارثة فعلية وحقيقية في مؤسسات الأمن القومي والوطني في العراق لأنها مليئة بالفاشلين والأميين والمتقاعسين واللصوص الذين فرضتهم الأحزاب والحركات السياسية. وقسما منهم فرضتها القبائل والمرجعيات الدينية، والقسم الآخر دخلها بتزكية من مفاصل الحكومة والبرلمان ومجلس الوزراء. فهناك قادة حسبوا على مفاصل مؤسسات الأمن القومي لا يدخلون العراق إلا خمسة أيام بالشهر فدوما خارج العراق والملايين مسخرة لهم بحجة العمل في الأمن القومي علما أنهم لم يكسبوا بائعة هوى واحدة ليحولوها الى مصدر مفيد للدولة. فهناك مسخرة فعلية داخل مؤسسات الأمن القومي العراقية!!.
هنا لا نجرّح شخص أو مسؤول بعينه، وليس قصدنا تثبيط الهمم بالنسبة للشرفاء والوطنيين والمبدعين في تلك المؤسسات المهمة. فهؤلاء المبدعين والمختصين يعانون القهر والقمع لأنهم يعملون بإمرة بعض الفاشلين والأميين. أو أنهم يعملون الى جوار كم كبير من المحسوبين على أحزاب وحركات وهم لا يفقهون شيئا من علم الأمن والاستخبار! فغايتنا هي الثورة داخل هذه المؤسسات لتصبح من ذوي الاختصاص والخبرات ومن ذوي العقيدة الوطنية الراسخة والذين يموتون في سبيل العراق وليس في سبيل الحزب ما أو في سبيل الحركة ما!. فالعراق خاوي، نعم خاوي خاوي استخباريا وهذا عيب في شواربنا جميعا، فيجب أن نصنع مؤسسات أمن قومي تهابها الشعوب والدول والأنظمة والأجهزة الاستخبارية كافة!
فالمحسوبية والقبلية والمحاصصة كارثة ومهزلة ومؤامرة على العراق وعلى الشعب العراقي عندما تخضع لها مؤسسات الامن القومي العراقي لأنه يفترض بالحكومة والجهات المعنية أن تناضل وتجاهد من أجل أبعاد الجهات الأمنية ومؤسسات الأمن الوطني والقومي من القبلية و المحسوبية والمحاصصة. بل تحرص أن تبقى مؤسسات وطنية ولا يدخلها إلا من يستحقها ويكون نابغا بالعلم الأمني والاستخباري والأمن القومي....
فلا يجوز أن يكون على رأس تلك المؤسسات وفروعها ( بعض الجهلة، والمتقاعسين، والفاشلين أصلا في العلاقات الاجتماعية وفي كل شيء) فالمؤسسات الأمنية في العراق والتي تعنى بالأمن الوطني والقومي تحتاج الى الأشخاص الديناميكيين والعلميين والمبدعين وليست بحاجة الى الكسالى والمتخلفين بعلم الأمن.
لا خطط استراتيجية ولا بطيخ!
فنتحدى الجميع أن كان العراق يمارس خططا ( استراتيجية) تسير عليها الحكومة أو تسير عليها مؤسسات الدولة ومؤسسات الأمن القومي... ونتحدى الجميع أن كانت هناك خطط ( استباقية) لدى الحكومة ولدى مؤسسات الأمن القومي في العراق. فليست هناك خطط استراتيجية ولا استباقية. بل هناك معالجات ( تكتيكية) تزول بزوال الحدث ويفرضها جنرالات كلاسيكيين ومن بقايا النظام الديكتاتوري.. ولدى بعضهم أجندات واتصالات سرية وسوف تتكشف مستقبلا وحينها لن يفيد الندم
. فمؤسسات الأمن الوطني والقومي في العراق تشتر الأحداث وتلاحقها ولن تصنع حدثا واحد ، ولهذا تصول وتجول معظم استخبارات دول المنطقة و والإقليم في العراق. ناهيك عن الاستخبارات الدولية التي تصول وتجول في العراق، ولديها مافيا وأعشاش من العملاء داخل العراق. فحتى الموساد الإسرائيلي يصول ويجول في العراق ولديه مقرات وأعشاش من العملاء داخل العراق وحتى بعض العملاء داخل النظام السياسي في العراق!.
فليس هناك عراقي شريف ووطني وغيور يقبل بهذا، أو بقبل بأن يرى الأمن القومي العراقي تحت أقدام استخبارات العالم. لذا لابد من وضع الخطط العاجلة والمتينة للنهوض بمؤسسات الأمن الوطني والقومي في العراق. ...... ويجب أتباع الخطط الاستراتيجية والاستباقية في قيادة الدولة وفي عمل مؤسسات الأمن القومي لنضع العراق على السكة الصحيحة والحقيقية!. وبعكس ذلك سيبقى العراق دولة هامشية وحائط " أنصيص" بالنسبة للدول المجاورة وأجهزتها الإستخبارية!.
فمتى يلتفت قادة وساسة العراق الى هذا العراق الجريح والعليل والمخترق من قبل الجميع؟
* محلل استراتيجي
Samaaa26@gmail.com