وجوب النهضة على خطى الإمام الحسني البغدادي الكبير مؤلف "فقه التسامح" حاور فضل الله والبغدادي ودافع عن المسيحيين العرب.. عبد الحسين شعبان: تخلّف النخب السـياسية والفكرية يكبح التغيير والتجديد «دين العقل وفقه الواقع» لعبد الحسين شعبان (2) نقد العقل الديني اديان الارض ودين السماء احمد الحسني البغدادي بيان حول حلول شهر رمضان المبارك «دين العقل وفقه الواقع» لعبد الحسين شعبان (1) مدخل الى منظومة التخلف المجتمعي الفقيه أحمد الحسني البغدادي ونقد العقل الديني قراءة على أُطروحة نقد العقل الديني قراءةٌ بمناظراتِ المفكِّر الدكتور عبد الحسين شعبان

اليعقوبي يخالف خط الشهيد الصدر الثاني رضوان الله عليه

اليعقوبي يخالف خط الشهيد الصدر الثاني رضوان الله عليه

صورة رسالة خطية التي وجهها الشيخ محمد اليعقوبي «التبريزي»

الى اللؤاء عبد العزيز الراوي المسؤول الامني للحوزات «الدينية»

ومدير الشعبة الخامسة لمكافحة النشاط الرجعي في مديرية الامن العامة

 «تنشر لأول مرة» 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على على خلقه محمد وعلى اله ومن ولاه 

حضرة الحاج (العزيز) دامت توفيقاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب ان افتح رسالتي بما ورد من سيرة نبي الله الخليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام) ليكون حديثاً مباركاً ففي طريقه (ع) من بابل الى البيت المقدس مر على مدينة وبقي فيها أياما ثم لما قرر مغادرتها سار الملك في توديعه، وقدم إبراهيم (ع) إماما فنزل عليه الوحي الأمين يأمره ان يتأخر عن الملك ويقدمه أمامه لان الملك والسلطان له حرمته باعتباره القائم على مصالح الناس وحفظ النظام الاجتماعي العام ولولاه لاختل المجتمع واضطربت أموره بذلك سار الأئمة الهداة (عليهم السلام) فرضوا بأخذ ضريبة الخراج والمقاسمة من قبل السلطان واعتبروها واصلة اليهم ومبرئة للذمة أمام الله سبحانه وتعالى .

هكذا نحن أناس نظاميون ولسنا متمردين فاذا احتجنا هوية الأحوال المدنية راجعنا دائرتها وإذا دعينا الى الخدمة العسكرية راجعنا دوائر التجنيد وفي الأمور التابعة لدائرة الأمن لا نتأخر عن استجابة دعوتهم للحضور في المديرية رغم ان استدعاء شخص مثل موقعي يكون غير مناسب ويثير لغطا كثيراً واعتقد ان سلوكي هذا واضح منذ حياة السيد محمد الصدر وبعد وفاته حتى عبر السيد المدير العام عند لقائنا به قبل سنتين بان (صفحتي بيضاء) حيث لم أشارك في أية مسؤولية أراها تتجاوز الخطوط الحمراء فلم اشترك في إصدار مجلة الهدى في حياة السيد لأنها لم تكن مأذونة رسمياً ولم أتصد للقضاء الحوزوي فانا ابن هذا البلد واعرف ما ينبغي فعله وما لا ينبغي .

اذكر هذه المقدمة لكي اصل الى نتيجة وهي انني عندما أصدرت بعض الكتيبات كنت لا أرى في ذلك بأسا فهذه الإصدارات الحوزوية مستمرة ولا يوجد عليها اعتراض من قبل الجهة المختصة على انني حاولت فعلاً تقديم أول كتبي وهو «الرياضيات للفقه» الى رقابة المطبوعات وبقت النسخة الأصلية عندهم عدة اشهر وأعيدت الىَّ بعد الحاح شديد وفيها اعتذار عن الموافقة عن الطبع رغم انه كتاب (علمي) بحت يربط بين المسائل الفقهية والقضايا الرياضية، وقام بعض طلبة العلم بجمع أجوبة الاستفتاءات التي تصدر مني وتصنيفها وتبويبها وطبعها مما لست مسؤولاً عنه ولم امانع في ذلك لانها كتابات فقهية أخلاقية وفيها نصائح ومعالجات اجتماعية يعود أثرها الايجابي على الجميع وقد تفاعل معها المجتمع بشكل ملحوظ وأثمرت عن عدة مصالح للدولة والمجتمع منها: 

1 - إعراض المجتمع عن كتابات الغير خصوصا تلك التي تاتي من وراء الحدود مهما كانت عناوينهم كبيرة في حين ان الجهات المختصة حاولت المنع من رواجها فلم تفلح كثيراً لان الناس بحاجة الى الثقافة فلما وجدوا البديل في كتاباتي اعرضوا عنها تلقائيا وهذه نتيجة مهمة لان الذين يكتبون من خارج الحدود او ينشرون قد لا تكون كتاباتهم ضمن الإطار المقبول.

2 - ان الإصدارات والنشرات الثقافية أصبحت مسيطراً عليها مما لم يؤيد الكتاب من قبلي بحيث يذكر اسمي عليه فانه لا يلقي رواجاً في السوق في حين كنا لا ندري من الذي يكتب ومن الذي ينشر وماذا يقول من كلمات وفي هذا خطورة على جميع الأطراف .

3 - انها تسد بعض الفراغ في المجتمع وتلبي بعض احتياجته في حين ان ترك الساحة فارغة يمكن ان يدفعهم الى بدائل أخرى لا نستطيع ان نأمن ضررها .

4 - انها ربطتهم بمرجعية داخل العراق تعيش وسطهم وظروفهم وتتفهم مصالحهم بعد ان تفرقوا على مرجعيات خارجية .

5 - انها تعالج بعض الظواهر المنحرفة في المجتمع وتهذب أخلاق الناس مما يساعدهم على تخليص المجتمع من الانحراف والرذيلة والفساد وتوجههم الى الهدوء والأخلاق والنظام . كل هذه المصالح وصفها تعد.... بإصدار بعض الكتيبات شاعراً بأنها مصالح مشتركة فلا بد ان تلقى تأييد من قبل الجهة المختصة وفعلا ابلغني اكثر من مرة جناب السيد رحيم ابو رغيف عنكم شخصياً عدم ممانعتكم من استمرارها بل اعرض علي دعمها مادياً ومعنوياً فشكرت له هذا التفهم للموضوع وأعلمته بعدم الحاجة الى الدعم المادي لاني لا أتولى نشرها وإنما المجتمع هو الذي يقوم بذلك وأصبحت تدر أرباحا جيدة على القائمين بها بحيث أنها (كسرت) سوق الكتب الأخرى على تعبير بعضهم. وقد نقل جناب السيد رحيم عنكم ملاحظتين نأخذهما بعين الاعتبار الاولى ان لا تتدخل في الأمور السياسية والثانية ان لا تذكر فيها أسماء الكتب والمؤلفين غير المرغوب فيهم ونحن ملتزمون بذلك قبل ان ينقل الينا هاتين الملاحظتين لاننا نعرف تكليفنا وما ينبغي علينا فعله وما لا ينبغي.

ثم أكد عدم الممانعة هذه جناب السيد مدير امن محافظة النجف لدى زيارته لي في بيتي لكنه طلب مني ان اعرض أي كتاب عليه قبل طبعه وقلت له إنني غير مسؤول عن طبع اكثر الكتب لان بعض الطلبة يقومون بجمع أجوبة الاستفتاءات عن موضوع محدد فيطبعها ومع ذلك تعهدت بان أحاول تلبية هذا الطلب وفعلا اتصلنا به وقلنا له توجد مجموعة استفتاءات يريد احد الطلبة طبعها فأرسلوا لنا من يجلبها اليكم لتطلعوا عليها قبل الطبع وحدد موعد لذلك لكن احداً لم ياتِ الى الآن لتسلمها ونحن لم نعطِ الإذن بطبعها انتظاراً لإطلاعه عليها والى الآن لم يطبع شيء اعرض كل هذه التفاصيل بين أيديكم باعتباركم الشخص الاول المسؤول عن هذه الجهة ومحل الشاهد انني فوجئت مؤخراً بالتضييق الذي حصل على إصداراتي واعتقال بعض من يتصدى لنشرها من طلبة الحوزة الشريفة رغم انني ما تجاوزت الإطار الموضوع لي ولا غفلت عن المصالح المشتركة التي ذكرتها آنفا في هذه الإصدارات وما ادري لماذا هذا التغيير ومالذي حصل حتى يتعكر جو العلاقة بيننا مادام لم تحصل مخالفة تذكر لو حصلت مخالفة فلماذا لا نصلحها بالحوار المفتوح فاني لم أغلق عقلي ولا قلبي ولا نفسي عن هذا الحوار بل يمكن إجراء هذا الحوار عبر الهاتف بسهولة ولا يحتاج الى كل هذه الاجراءات فاني كما ذكرت سابقاً منضبط واحترم العهود والمواثيق ولست متمرداً ولم اقصر في الالتزام بالشرط التي اشر تاليها وانني لا اعتقد ان مثل الإجراءات توقف الإصدارات لانني لا أتخلى عن أجوبة الاستفتاءات الفقهية والأخلاقية التي توجه الي والمجتمع لا يتخلى عن شعوره بالمسؤولية في طبع ونشر هذه الأسئلة نعم يوقفها الكلام مني ان حصلت القناعة بذلك وقد حاولت الاتصال بكم هاتفياً مرات عديدة على الرقم الذي اعطانيه (......) الا انني لم افلح ففكرت بكتابة هذه الرسالة وإيصالها إليكم عن طريق جناب السيد رحيم وهدفي من ذلك إطلاعكم على الحال والاستماع الى رأيكم في هذا الموضوع لا اعرف غايتي لان هذا التصرف الأخير يخالف لعدم الممانعة والتأييد الذي سمعته منكم من خلال السيد رحيم.

ادعو الله تبارك وتعالى ان يديم عليكم نعمه ويزيد في توفيقكم ويأخذ بأيديكم لما فيه الخير والصلاح انه نعم المولى ونعم النصير.


                                                                             محمد اليعقوبي   

                                                                       8 ــ رجب ــ 1422هـ




اليعقوبي

يخالف خط الشهيد الصدر الثاني

رضوان الله عليه 

 

         «... والشيء بالشيء يذكر، مادمت أنوِّهُ عن موقف الشيخ محمد اليعقوبي بسبب احتواء تيار السيد مقتدى الصدر، من هنا كلفت الاخ كرار صالح الخفاجي رئيس الهيئة السياسيّة لمكتب السيّد الشهيد الصدر الاجتماع مع الشَّيخ اليعقوبي في سبيل تنبيهه لحرمة التواطئ مع الاميركان، والتنسيق مع حكومة الجعفري الفتنوية، لمَّا أبلغه بذلك.. سأله ماذا تعني مِن ذلك كله؟ قال يجب ان تصدر بياناً كـ «حد أدنى» تشجب فيه حرمة وجود الاميركان في العراق، وباسم حزب الفضيلة الإسلاميّ بضرورة خروجهم من هذا الوطن المستباح.

عند هذا أجاب الشيخ اليعقوبي: بلغ السيّد تحياتي: أَنا مستحيل أَنْ احرق اوراقي عند الاميركان. وحين عودتي مِن الجزائر بعد انتهاء جلسات المؤتمر القوميّ العَرَبيِّ ابلغني الخفاجي بكل مادار مِن حديث، لعَّل من الجائز أَنْ اقول إِنَّ هذا الرَّجُل المسكين يتحول الى ذليل يقيم المناجاة والتسابيح والصلوات لشهوات العدوّ المجرم وتضليله وفاشيته مِن غير انتظار لجنةٍ أو ثواب، بل يبتسم له، ويركع له، ويمدحه بوقاحة على اعلى المنابر في المساجد والحسينيات، وفي بحوثه الخارجية المزعومة، وفي البرلمّان الصوري مِن خلال ممثليه.

ويمكن الاطلاع على المحاضرة التي القيتها على اعضاء التجمع الاعلامي الحر في العراق صباح يوم الاربعاء المصادف التاسع مِن شباط 2005م ونشرت على موقعنا الرسمي على شريط فيديو (صَّوت وصورة) ومحاورها تدور حول ظهور الفرق المهدوية الضالة المضلة المنحرفة عن خط اهل البيت، و ادعياء الاجتهاد والمرجعية، واجراء الانتخابات البرلمّانية. وفيما يلي نصها:   

عندما يظهر الإِمام القائد المهدي المنتظر (ع) على الساحة العالمية لاستنقاذ مستضعفي العالم من الدَّمار والبوار ومن هيمنة العولمة الرأسمالية المتوحشة يأتي بدين جديد على العرب شديد- كما في الحدّيث الشريف – يزعم المفترون يأتي بقرآن جديد ليس القرآن الذي نزل على خاتم الانبياء محمد(ص).

ان هذه الافتراءات والمزاعم الباطلة ليس لها حقيقة على صخرة الواقع العملي، بيد انها قد تنطلي على بعض افراد المجتمع بِسَبَب من أَنَّ الامر بالمعروف اصبح بين النَّاس منكرا.. وأصبح المنكر عندهم معروفا، وحينما يظهر الإِمام المنتظر (ع) ويستقر في عاصمته الكوفة منطلق رسالته الاممية الحضارية فإنَّهُ يواجه معارضة عنيدة من وعاظ السلاطين او ما يسمى بالمؤسسة الدينيّة في النَّجف الاشرف، إذْ يطالبون الإِمام المنتظر (ع) من خلال خطابهم الموجه اليه القائل: ارجع يا بن رسول الله من أين أتيت، القرآن يكفينا، فيغضب الإِمام المنتظر ويلتفت الى اصحابه مستنكراً: ان جدي رسول الله (ص) حاججه العرب بالحجارة وهؤلاء يحاججونني بالقرآن!!.. فيأمر بقتلهم عن بكرة ابيهم.

أيُّها الاخوة الاعزاء في أَيَّام الإِمام القائد السيد الخميني ظهرت على الساحة الإيرانية الجمعية الحجتية، وهي تزعم أنَّ الإِمام المهدي أمرنا ان نرتكب الموبقات حتى يعجِّل الله سبحانه وتَعَالَى بظهوره بعد انتشار المفاسد لإستنقاذنا وإستنقاذ مستضعفي العالم من الاستعمار والاستحمار، بيد أَنَّ الإِمام الخميني كشف زيفهم، لان بعض هؤلاء يتظاهرون بالقداسة والديانة وبالتالي أنهى نشاطهم بطريقته الخاصة، ثم سرت هذه الدعوات المشبوهة (الحجتية) الى النَّجف الاشرف أَيَّام نظام الطَّاغيَة عن طريق بعض «رموز المؤسسة (الدينيّة» في النَّجف الاشرف.. الا ان الله سبحانه وتَعَالَى كشف زيف دعواتهم الباطلة، على أيدي ابنائهم واقربائهم المخلصين لله ورسوله والأئمةِ الهداة، فَهُزِمَ أصحاب تلك الدعوة شر هزيمة، واصبحوا في خبر كان، والحر تكفيه الاشارة.

واليوم في ظل الاحتلال الاميركي لعراق المقدّسات.. برزت دعوات مهدوية جديدة تدعو الانسان ألاَّ يتحسس بآلام الشعب وما يعانيه من انفلات امني، وبطالة متفشية، وتسيب مؤسساتي ووظيفي، وترجئُ الامر كله الى ان يظهر الإِمام المنتظر (ع) وهذه الدعوات المشبوهة ظهرت بعد الغزو الاميركي - البريطاني لوطننا الاعز.

هذه الدعوات الجديدة اللاإسلامية تظهر بين الحين والاخر على الساحة الإسلاميّة في سبيل ان تزج الامة في مساجلات كلامية عبثية، ومزايدات سوقية لا أخلاقية، وصِراعات جانبية لا أساسية.. من خلال اصدار فتاوى تصدر من هذا المتصدي، او ذاك!.. وأميركا الاستكبارية تخطط للبقاء في العراق، وإستعباد شعبه، وسرقة بتروله وزئبقه ويورانيومه كمقدمة لتغيير المنطقة برمتها باسم الحرية والاصَّلاح والديمقراطيّة.

وهذه الدعوات المشبوهة ليست بجديدة ظهرت دعاوى النبوة على الساحة الإسلاميّة قبل اجتياح العالم الإسلاميّ في الحرب الكونية الاولى في مواجهة نبوة خاتم الانبياء محمد (ص)، وكُلّ ذلك يهدف إلى اشغال الساحة في صِراعات عبثية ومساجلات عقيدية ترفية.

واليوم.. نحن في ظل الاحتلال الاجنبي، وفي ظل حكومة انتقالية عينَّها الاحتلال ذاته تنفذ أوامره، برز في الساحة مدعي (الاجتهاد والمرجعية) يصدر فتاوى فقهية تارةً، وآراء عقيدية تارةً أُخرى، ما انزل الله بها من سلطان من قبيل: ان رسول الله محمد (ص) لم يقتل مشركاً، ولم يشارك اصحابه في معارك عملياتية ميدانية حية في حروبه مع المشركين، بل كانت الدعوة إلى الإسلام هي هدفه الاول والاخير، و كان يأمر أصحابه بالدفاع عن دعوته بإشهار السيف اضطراراً.

 ومن الواضح كلَّ الوضوح أَنَّ هذا الرأي يخالف الادلة القطعية كتاباً وسنةً وإجماعاً وعقلاً ووجداناً وتأريخاً، لأن النبي (ص) أول من دعا الكافرين من أهل الكتاب الى اعتناق الإسلام بالكلمة الهادفة والحوار الحضاري، فإذا امتنعوا طالبهم بإعطاء الجزية، فإذا رفضوا ذلك.. يبدأُهم بالقتال، وهذا بخلاف المشركين، فهؤلاء يخيرهم بين الإسلام أو القتال(97)

 بل ذهب مدعي (الاجتهاد والمرجعية) هذا الى أبعد من ذلك زاعماً بـ «الإِمام المنتظر سوف ينهج كنهج جده رسول الله محمد (ص) لم يحمل سيفاً، ولم يقتل مشركاً، أو كافراً، او منافقاً، او مرتداً... وإنما يبادر مع هؤلاء الخصوم بالحوار الشفاف الحضاري فقط، هذا هو نهج الإِمام المنتظر (ع)، وليس كنهج أيتام صدّام، وجواسيس النظام، والنواصب الذين يقطعون الرقاب في هذه الأَيَّام!!..».

وهنا نسأل لم تكن هناك أي علاقة بين قطع رقاب المشركين والكافرين المحتلين فاقدي العواصم الخمس المشهورة كالإسلام والجزية، وبين حديثه التضليلي البائس عن سلوكية ونهج الإِمام المنتظر (ع).

ولكن أنَّ مدعي (الاجتهاد والمرجعية) هذا يريد ان يبين للشعبِ العراقيّ بكل مكوناته المتنوعة أَنَّ القتال ضدّ الاميركان من اكبر المحرمات الشرعيّة بطريقة غير مباشرة!.. بل تطاول هذا المُدَّعي (الاجتهاد والمرجعية) على مجاهدي جيش الإِمام المهدي وشهدائه الابرار بأن انتفاضتهم في حرب الاميركان غير شرعية ومقدمة لمجيء البعثيين والوهابيين الى السلطة.

ومكافأةً له على مخالفاته الشرعيّة حصل على إذاعة تنشر أفكاره المسمومة أستجداها من المحتلين!!.. وهي إذاعة صَّوت الجماهير (سابقاً)، يساندها المثقفون المشبوهون منهم والمغفلون الاستحماريون سواءً بسواءٍ.

ثم من اين يملك مُدَّعي (الاجتهاد والمرجعية) هذا كُلَّ هذه الاموال الخيالية يبذِّرها بسخاء على جماعته، وحزبه، ومؤسساته المنتشرة في الاقضية والمحافظات!!.. أهو نجل مرجع ديني بارز انشأ مؤسسات (خيرية) في اوروبا وأميركا، وأودع لها شركات تدر عليها المال الوفير من الدولار الاصفر.. أم هو مرجع شاخص يقلِّده النَّاس، كُلَّ النَّاسِ، تجبى له الحقّوق الشرعيّة من الزكوات والصدقات والاخماس؟!..

إنَّهُ  نكرة من نكرات هذا المجتمع، فمن أين له هذه الاموال التي تقدر بمائة مليون دينار عراقي تضاهي ميزانية أحد ابرز مراجع النَّجف الاشرف؟ هذه هي الحقّيقة التي لا ريب فيها بوصفه لم يكن مرجعاً بارزاً، وليس بنجل مرجع بارز، وبقدرة قادر يمتلك الدولارات الصفراء التي تأتي اليه من خارج الدائرة الإسلاميّة.

إذن.. هناك إستكبار يؤدي دوراً خطيراً في إيجاد أصنام تخدم خططه ومطامعه في العراق.. وهناك استحمار يتأثر بالعقل المجتمعي.

ولكن – ولله الحمد – يوجد شباب مسلمٌ واعٍ اصبح على مستوى المسؤوليّة الرسالية الثورية الحضارية.. هذا الشبابُ كشف مدعي (الاجتهاد والمرجعية)، إِنه مشبوه وراءه ألف علامة إستفهام وإستفهام من أَيَّام النظام البائد الى يوم اجتياح العراق وإحتلال، ولدينا وثائق تثبت ذلك بخطه وتوقيعه!!... (98)

ثم نحن نعيش هذه الأَيَّام مسرحية الانتخابات المُقْبِلةُ التي سُوِّقَتْ من أقصى اليمين الإسلاميّ الى اقصى اليسار الماركسيّ بوصفها إنتخابات حرةً ونزيهةً، بوصفها بوركت بتأييد «المرجعية الدينيّة».

الدكتور إياد السامرائي عضو المكتب السياسيّ للحزب الإسلاميّ العراقيّ قبل إنسحاب حزبه من الانتخابات، لصحيفة عراقية لا أتذكرُ أسمها، قال مامعناه: أدعو أبناء السنة العراقيّين العرب إلى الانخراط في العمليّة السياسيّة، والذهاب الى صناديق الاقتراع بوصفها فرصة يجب اغتنامها، وهذا قرار دولي - لم يقل أميركي إستكباري!! - في سبيل تحقيق الديمقراطيّة والاصَّلاح والحرية في العراق، وفي المنطقة برمتها، فالمفروض السعي الجاد إلى تأييد هذه الانتخابات ومساندتها، ولكن لم يقل إنَّ الذي لا يذهب الى صناديق الاقتراع ولا يرشح القائمة الفلانية سوف يدخل جهنم، ولم يقل كما أفتى هذا المُدَّعي (الاجتهاد والمرجعية) اذا دار الامر بين أداء صلاة العصر قبل غياب الشمس بخمس دقائق، أم الذهاب الى صناديق الاقتراع، فيجب ترك الصَّلاة!.. والذهاب الى صناديق الاقتراع، لانها افضل من فريضة الصَّلاة  الواجبة.

كيف يسوغ شرعاً وقانوناً وعرفاً إجراء الانتخابات في يومها الموعود وهناك إنفلات أمني، وهناك أزمات خدمية وهناك المستشفيات والمستوصفات في أدنى مستوياتها من فقدان الادوية التي أصبحت من الكماليات النادرة في السوق السوداء، وان هذا الانفلات الامني والخدمي وصمود المقاومة الشعبية الوطنيّة والإسلاميّة ضدّ الوجود الاجنبي كَلَّفَ كل فرد أميركي خسارة (3750) دولاراً من لقمة عيشه؟!..

كيف يخرجون وهم اجتاحوا العراق في سبيل تحقيق إستراتيجياتهم في المنطقة بإسم الاصَّلاح والديمقراطيّة والحرية؟!..

كيف يخرجون من بلادنا العزيزة وهم إمبراطورية استكبارية متغطرسة جاءوا الى العراق لا جمعية خيرية إنسانية لانقاذ العراق من الدكتاتورية والاستبداد، بل جاءوا بمشروع معلن وخفي ما يسمى بـ «مشروع الشرق الاوسط الكبير» الذي يستهدف الحفاظ على أمن «إسرائيل»، والهيمنة على البترول، وإنشاء القَوَاعِد العسكرية الدائمة.. ذلك كلّه في سبيل تطويق اليابان والهند والاتّحاد الاوروبي حتى تبقى الى الابد هي القطب الآحادي بعد سقوط الاتّحاد السوفيتي.

أُجْرِيَتْ تلك الانتخابات على الطريقة «الإسرائيلية»، لان الذين ذهبوا الى صناديق الاقتراع انتخبوا القائمة (الفلانية) لا فرداً عراقياً معروفا بالنزاهة والاخلاص والوطنيّة، بل  رؤساء القوائم هم الذين يعينون فلاناً أو فلاناً من مجموع المرشحين، وهؤلاء منهم الوطني ومنهم المشبوه.. والاخير هو الذي يغدو تحت قبة البرلمان طبيعي سيطالب ببقاء الاميركان في العراق بحجة استحقاقات المرحلة، والامن المفقود، ومكافحة الارهاب لمدة زمنية طويلة.. وبالنتيجة تعقد الصفقات والعقود اللاشرعية واللاوطنية على حساب مستضعفي شعبنا واهلنا، وبإسم هذه الشرعيّة تنطلي على الرأي العام العالمي أكذوبة أَنَّ  هؤلاء انتخبتهم من قبل كل مكونات الشعب العراقيّ.

والسفير الاميركي جون نيغروبونتي الذي خطط للقتل الجماعي في أميركا اللاتينية هو ذاتهُ منْ خطَّط لتصفية الشيعة رموز واهل السنة والجماعة على حدٍ سواءٍ في هذا المَسجِد أو تلك الحسينية، بل هو عينه مَنْ خطَّط لإشعال فتيل الفتنة الطائفيّة في منطقة اللطيفية، ومناطق أُخرى من بغداد.

في ظلِّ هذه المأساة تصدر فتاوى معلبة عن النَّجف الاشرف وقم المقدّسة... من اجل ماذا؟!. وما الغاية منها؟. من أجل ان يبقى الاميركان من خلال حكومة (منتخبة) نصبَّها الامريكان لتطالبَ ببقائهم بشماعة الأَمن المفقود في البلاد!.. 

وليعلمْ هؤلاء وهؤلاء أننا، في يوم ليس ببعيد، ستأتي عليهم صاعقة من السماء كصاعقة عاد وثمود وفرعون لأنهم غدوا موالين لأعداء الشعب والوطن والدين!!!. 

بيد ان هؤلاء الموالين من المرتزقة والعملاء والجَوّاسيس يزعمون - من خلال إذاعاتهم المحلية، ومن خلال صحافتهم المأجورة، ومن خلال أدعياء الاجتهاد والمرجعية، ومن خلال وعاظ السلاطين المرتزقة - ان السلطان الكافر (العادل) افضل من السلطان المسلم الجائر، قبل كل شيء يجب ان نعرف: من هو السلطان المسلم الجائر أيُّها المتفيهقون هو الذي يطبق بعض أحكام الإسلام ظاهراً لا الحكام من المسلمين في هذه الازمنة الذين يطبقون الطروحات العلمانية والليبرالية والاشتراكية، هؤلاء من منظور فقهي ليسوا سلاطين إسلاميين جائرين، لا يسوغ الخروج عليهم، ومقدمين على السلاطين الكافرين والمشركين من قبيل: سلاطين الدولة الإسلاميّة العباسية او العثمانية الإسلاميّة في ذلك الزمن.

إذن نحن لا نقول ان نظام صدّام حسين تجري على حكومته الاستبدادية الجائرة مقولة السلطان المسلم الجائر بوصفه علمانياً، فضلاً عن أنه «عادل» في ظلمه.... بل نحن نقول يجوز الخروج على السلطان المسلم الجائر لرد جوره وفساده لأدلة تشريعية مذكورة في محلها.. لكن ذلك مشروط بما اذا لم يستلزم خللاً في الاستقلال والسيادة الوطنيّة الكاملة، كما صرح بذلك السيد الاستاذ الاكبر في كتابه الفِقْهي الخالد «وجوب النهضة».

إذن.. لماذا هؤلاء وهؤلاء يتشدقون بهذه المقولة المشهورة بين النَّاس، كل النَّاس؟!..

هل هي نصٌ قرآنيٌ أم حديثٌ نبويٌ؟!..

كلاَّ وألف كلَّا.. بل هي حكاية عن الفخري نقلها عندما سقطت الدولة الإسلاميّة العباسية على يد هولاكو، وحينما سألَ (الاخير) علماء بغداد: هل السلطان الكافر «العادل» مقدم على السلطان المسلم الجائر؟..

من هنا اجتمع العلماء في المستنصرية وتداولوا وتحاوروا فيما بينهم حول شرعية الاجابة عن هذا السؤال، بيد أنهم أحجموا عن إعطاء الفتوى لصالح السلطان الكافر، فكان في هذا الاجتماع العلمائي رضي الدِّين ابن طاووس الحسني (وكان محترماً ومبجلاً لدى علماء بغداد ومشايخها من أهل السنة والجماعة) فسحب ورقة وأجاب على السؤال بالحرف الواحد: «السلطان الكافر أفضل من السلطان المسلم الجائر» وعلى هذا الضوء استجاب الحاضرون في الاجتماع ما قرره ابن طاووس  رضوان الله عليه.

ومن هنا أقول صراحة: ان هذه الفتوى الصادرة من ابن طاووس الحسني هي خلاف الادلة القطعية كتاباً وسنةً وإجماعاً وعقلاً ووجداناً وتأريخياً، بيد انها تؤول الى محامل بإعتبار ان ابن طاووس من الاساطين أبرزها: هذا السلطان الكافر اسقط الدولة العباسية الإسلاميّة، ونسف بناها التحتية على الصعد كافة، لا يمكن معارضته لانها فيها مفاسد خطيرة تؤدي الى تصفية فقهاء الإسلام كافة.

كيف.. من وجهة فقهية نقول: السلطان الكافر «العادل» أفضل من السلطان المسلم الجائر!.. وهو الذي لا يطبق احكام الإسلام، وهو الذي لا يسعى لتحقيق المجتمع الإسلاميّ، وهو الذي لا يعترف بخاتمية الرسالة الإسلامية الاصيلة؟!

أليس هذا هو الظلم بعينه، وهنا، لغةً، لا انفصال بين الظلم والكفر، لأنَّ كل كافر ظالم، وكل ظالم كافر بوصفه يكذب رسالة محمد(ص) التي نسخت كل الاديان السماوية، ويحاول إزالة الدولة الإسلاميّة من الوجود؟!..

ولكن هذا المُدَّعي (الاجتهاد والمرجعية) عندما التقى بأَئمة الجمعة والجماعة من الخط الصدري، والقى احدهم(99)  كلمة يطالبه فيها بدعم مسيرة الانتفاضة والمقاومة ضدّ المحتلين ما دُمْنَّا حوزةً ناطقةً ونسترشد بتعاليم محمد الصدر، ونريد ان نطبق شعاره المعروف: كلا كلا أميركا.. اتعلمون ماذا قال لهم اسمعوا مقالَهُ :«لا يجوز مقاتلة الاميركان لان اذا قاتلناهم سيأتي البعثيون والوهابييون مرة ثانية لإستلام دفة الحكم»!!! ونسي هذا المُدَّعي (الاجتهاد والمرجعية) أنَّ الشيخ جعفر الكبير - وهو من كبار فقهاء الإِمامية وقد صَرَّحَ اكثر من مرة لو احترق الفِقْهُ الإِماميّ الإسلاميّ كله لألفته من جديد لمدة زمنية ليست بطويلة - يقول في كشفه ما معناه: اذا قاتل الغلاة والخوارج والنواصب ضدّ الكافرين والمشركين من أجل صيانة بيضة الإسلام يجب على كُلِّ مسلِّم أَنْ يقاتل معهم.. فكيف وشعب العراق لم يكن ناصبياً ولن يكون، ولم يكن خارجياً ولن يكون، ولم يكن مغالياً ولن يكون،ولم يكن عفلقياً ولن يكون.. بل شعبنا عروبيُّ، مسلمٌ مناهضٌ للإحتلال، وجناب هذا الشيخ المُدَّعي (الاجتهاد والمرجعية) يصرح بحرمة مقاتلة الاميركان بذريعة أنه إذا خرج الأميركان يأتي البعثيون والوهابيون، لكن من قلة الخيل شدو على الكلاب اسروج كما المثل المأثور.

ومهما يكن، فالاستحمار والتدين التبريري الموروث يؤدي دوراً خطيراً في الساحة الحوزوية والإسلاميّة في إثارة المعارك الجانبية والمساجلات الكلامية من قبيل: هذا مجتهد، وذاك ليس بمجتهد، وهذا ليس من المراجع الأربعة؛ وكأنْ لم يكن هناك مراجع غيرهم في النَّجف وقم وبيروت.. والأُمة تحترق بنيران الإحتلال الأجنبي، والغزو الثقافي الغربي يجتاح أوطاننا العَرَبيِّة والإسلاميّة.

وختاماً... طوبى للمجاهدين الصامدين في الشيشان، وكوسوفو، وفلسطين، وافغانستان، والعراق.. طوبى لكم أخذتم العِزَّة من الله، لا من المستكبرين باسم الخضوع للسلطان الكافر «العادل» بوصفه أفضل من السلطان المسلم الجائر، وان غداً لناظره قريب، والحمد لله رب العالمين»


                                                                            مذكرات

                                                                              احمد الحسني البغدادي

                                                                              في مواجهة الدِّين الآخر

                                                                               نقد.. مواقف.. توقعات

                                                                                ص: 86 وما بعدها، ط: الثانية 2011م

 

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha