زيارة الدكتور امير العطية والوفد المرافق له لسماحة الفقيه المرجع القائد دام ظله

زيارة الدكتور امير العطية والوفد المرافق له
لسماحة الفقيه المرجع القائد دام ظله
كتب الدكتور امير العطية على صفحته الشخصية في الفيسبوك، قائلا:
كان من فضل الله عليّ أني تعرفت منذُ ما يزيد عن عقد من الزمن على سيد جليل، وعلامة كبير، مؤمن عظيم المقام، مُحدثاً ثرياً بالكلام، هو الأخ الحبيب والصديق الكبير سماحة آية الله العظمى السيد أحمد الحسني البغدادي (دام ظله)..
يفيض عليكَ جناب السيد حينما تجتمع معه بافكار وكلمات تضئُ مفاهيمكَ كضحى الشمس، يقول لسانَ حالهِ دون أن ينطق بكلمة، هلموا الينا شباباً عاديّين، لتخرجوا من مدرستنا أساتذة في اصول الفقه والدين، فإن مدرستنا تتبع منهاجاً علمياً بحثياً في التعليم، بعيداً عن الكتب الصفراء والخزعبلات والموروثات والأسرائيليات..
مُجبراً تستمع الى السيد وهو يتحدث اليك، تصمتْ وأنتَ تحاول جاهداً حفظ ما يفيضُ به عليك من معلومات وأفكار، فهو يأخذك تارةً شمالاً وتارة جنوباً، وتارةً شرقاً وأخرى غرباً، يُحدثك عن التاريخ الاسلامي، ويأخذك دون أن تشعر الى شرح تفاصيل العقيدة الماركسية، ثم يُعرج على شرح العقيدة الليبرالية، ثم يقفز ليستفيض بشرح عقائد الأديان السماوية، ثم يعود بك أخيراً الى حيثُ ما أبتدأ ليربط المسائل والأفكار التي تحدث فيها بعضها بالبعض الآخر، ليُبين لكَ صحة ما قال وجاء به من طروحات وأستنتج واستنبط وما توصل اليه وخرج به من أفكار نَّيرة..
تحاول جاهداً حفظ بعضاً مما تحدث به السيد، لأن ما قاله كثيراً وكبيراً وعميقاً، ولا يُحفظ بسرعة بأي حالٍ من الاحوال، ومهما حفظتَ وخزنت في ذاكرتك ولو قليلاً مما قال، سوف يُضئ كلامه ذهنك ويشحن محركات فكرك، ويدفعك ذلك للبحث عن المزيد من المعرفة والغوص في علوم وكتابات وفكر هذا العلامة الكبير..
قد يستفزّكَ بكلامه لأنك لا تدرك فوراً ما يقول، لكنك ستفهم ما تحدث به بعدما تتمعن فيما أدلى به من درر الكلام، وتقرأ لاحقاً بعضاً من مؤلفاته القيّمةَ التي تأخذك الى عالمٍ آخر تقرأ فيه ما لم تتعود قراءته سابقاً..
هو لا يطمح بالوصول للتربع على رأس السلطة الدينية ولا الدنيوية، هو يريد من الناس أن تَطّلع على الحقيقة وتتعلم أصول الدين الحنيف بأبهى صوره كما في الكتاب الحكيم، والأحاديث الصحيحة لنبينا الصادق الأمين مُحمد بن عبدالله (ص)..
وهو لا يطمح بأن يشار الى اسمه بالبنان، ولا يسعى لأن يسمى مجتهداً كبيراً وعبقرياً عظيماً، لأنه أصلاً تربع هناك مُسبقاً،
فقد ولِدَ السيد البغدادي وترعرع في وسط أسرة دينية فقهية برعت في دراسة وكتابة اصول الفقه والدين، تعلم العلوم الدينية على ايدي مجتهدين أفاضل منذ نعومة أظافره، كان جده من المجتهدين الكبار وكذلك والده واخيه، وتلك كانت من الحالات القليلة والنادرة التي يحضى بها طلاب علوم الدين، فمن يحالفه الحظ للعيش في كنف أسرة علمية تقية نقية سوف يبدع ويبرع لا محالة في دراسته واجتهاده بنسبة أكثر من طلبة العلوم الفقهية الآخرين، الذي قد يصل البعض منهم الى الأجتهاد، ولكن لا يصل منهم الى العبقرية التي هو عليها إلا أشخاص قليلين وأستثنائيين،
أمثاله فقط الذين يَصِلون الى لحظة تجلٍّ تُتوج مسارهم العلمي من خلال اجتهاد وبحث وتعمّق بالدراسة لسنوات كثيرة، التي تُنمي فيهم معرفة اصول الفقه والدين الحنيف، وذلك من خلال البحث والتنقيب والتمييز بين الغث والسمين في صحة الأحاديث النبوية، وتنقيح ما ذكر في الكتب الصفراء والسوداء بعد الغوص في دراسة تفاصيلها السردية والتاريخية، ليصل القليل منهم كما فعل السيد البغدادي الى مرحلة الجرأة بالإعلان على رفض المكتوب وما أدخل وأضيف على تلك الكتب من أكاذيب وضلال وسواد لا يمُت الكثير منها للحقيقة بصلة..
بعد تدرج الطالب في تحصيل العلوم الشرعية، واتمام دراسة علوم العقيدة ثم العلوم التي تساعد على فهم كتاب الله، وسنة رسوله (ص) من النحو وأُصول الفقه، ومصطلح الحديث، والفقه والتفسير، وبعد أن يلمّ الطالب بأهم آلات الاجتهاد، يبدأ في مرحلة التعمق في معرفة الخلاف، وطرق الترجيح، سواء في الفقه أو التفسير أو شروح الأحاديث،
بعد الغوص في بحور المعرفة، و وصول المجتهد الى المراحل المتقدمة، التي تُأهله الى شرح تفاصيل الدين الحنيف بذلك البياض الناصع، حينها يجيز له طرح أفكاره النيرة الخارجة عن المألوف، بعيداً عن العتم والسواد والظلال والخزعبلات التي يُسوقها بعضاً من المعممين وتجار الدين الذين يبثون أفكاراً ومعتقدات مغلوطة تقود المستمع من الجمهور للضياع في دهاليز مظلمة، وتؤدي بهم الولوج في نفق مظلم ملئ بافكار سوداء ومعتقدات ضارةٍ وغير نافعة، تُفرق ولا تجمع.
حفظ الله الأخ المرجع القائد سماحة العلامة الكبير السيد أحمد الحسني البغدادي، وبارك بعمره ليبقى شمعة تنير طريق المؤمنين في زمن تنتشر فيه أفكار الفرقة والانقسام ومعتقدات الظلال والظلام.
في الصور: د. أمير العطية، سَماٰحَةْ العلامة أٰلّٰـسـَيـّد عبدالرحمٰن أٰبـَآٰ أٰلّٰـغـَيـّثْ الحسني، عميد أٰلّٰـحـَوّزَةْ أٰلّٰـعـٖلّٰـمـْيـّةْ في بغداد، السيد عثمان آلّ قـَوّآٰمْ أَلـّدٖيـّنْ أَلـّكـٕلـّيـّدآٰر، رئيس هيئة السادة الأشراف آل البيت في العراق، الأخ الأستاذ حيدر الحسني، وذلك أثناء لقاءنا الجمعة ٢٠٢٣/١٢/٢٢ في النجف الأشرف مع الصديق الكبير سماحة العلامة آية الله العظمى السيد أحمد الحسني البغدادي (أعزه الله وحفظه) في منزله العامر، الذي أستقبلنا بالترحاب، وأهدى كلٌ منا في ختام اللقاء مجموعة من مؤلفاته القيّمة.
د. أمير العطية
٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣م