حول الاشتراك في الدولة العلمانية
حول
الاشتراك في الدولة العلمانية
س: أيجوز للإنسان المسلم غير المتحزب المشاركة في حكم علماني، أي لا يلتزم بتطبيق شريعة الإسلام وأحكامه في شؤون الحياة المختلفة، بات يقبل القيام على خطة سياسية من قبيل استلام منصب وزاري، أو رئاسة الوزراء أو غيرهما؟..
ج: أولاً: إذا عجز الإنسان المسلم المستقل الكفؤ عن تسلم المثل الأعلى، جاز له أن يرضى بالممكن، بناءً على القواعد الفقهية كالضرورات.. والمشقة .. ولا ضرر .. ورفع الحرج، وقد عملت الأوساط الفقهية بمقتضيات هذا المنحى الواقعي في الشريعة الإسلامية، ذلك كله بعد أن بدأَ الضعف واليأس والقنوط والفتنة تنخر في جسم كيان الأمة، ويملك أنداد الله تعالى من القوة والمدد والهيمنة، التي تفرض عليه القبول حال ضعف الأمة لا ما يجب أن يرفضهُ في حال تحقيق الوحدة الجامعة، فمن لا يستطع أن يصلَّ إلى استلام الحكم وينفرد به، فلا مانع أن يخضع لـ«الأمر الواقع» ويقبل بالمشاركة مع قوى الثورة المضادة، إِذا كان وراء ذلك خير لابناء الأمة، شريطة أن يتوفر تكافؤ فرص حقيقي، بمعنى لديه صلاحيات معقولة بلا أملاءات من الحاكم، أي تجعلهُ يقدم العدل ويطارد الظلم، ولا تسوغ ـ عندي تلك المشاركة التي لا طائل من ورائها إلا التسويف، وإضاعة الوقت، وارتكاب الحرمة.
ثانياً: ألاَّ يكون الحاكم دكتاتوراً مستبداً ظالماً متسلطاً على رقاب المواطنين، بل يجب مقاومته بأية وسيلةٍ ممكنةٍ، ما لم يؤدِ الأمر الى خللٍ في استقلال الوطن، وسيطرة الأعداء عليه، من هنا لا يجوز للانسان المسلم، ولا لرموز الأحزاب الإسلامية المشاركة في حكم شمولي مطلق، بل تجوز تكون المشاركة في حكم يقوم على التعددية الشورية، ويحترم طموحات الأمة.
ثالثاً: أن يُحْفَظَ له حق الاعتراض على كُلِّ مَن يخالف القرآن والسنة النبوية الصحيحة مخالفة صريحة، ولا يكفي التحفظ حين تقع المخالفة الشرعية في المبادئ والمثل الكبرى التي لا تتغير ولا تتبدل، مثل وجود قواعد عسكرية كافرة مشركة على ثرى الإسلام، أو الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، من هنا يجب الانسحاب من الحكم، لأن هذا الاعتراف عظيم الجرم كتاباً وسنة وإجماعا وعقلاً ووجداناً وتأريخاً.