استباحة بلا شروط
استباحة بلا شروط
س: مع تزايد أعداد المسلمين في أوروبا الغربية وهم يقدرون بحوالي خمسة عشر مليون نسمة، وارتفاع عدد المتجنسين بالجنسيات الغربية، هل يجوز لهذه الجاليات الإسلامية محاربة اللوبي الصهيوني، واستباحة أمواله ودمائه بلا قيد وبلا شرط... وإذا كان ذلك جائزاً، فما هي الأدلة التي يمكن ملاحظتها في هذا المسار، وأين يقع العقد والعهد الجاري بينهم، وبين تلك الدول الغربية؟..
ج: يسوغ ذلك بحسب إِطلاقات الأدلة وعموماتها القرآنية منها والحديثية التي تؤكد على وجوب محاربة الكافرين المستكبرين وإباحة أموالهم ودمائهم مع فقدان العواصم المؤطرة بـ«الخمس» كالإسلام، وبذل الجزية، والنزول على حكم الإمام، أومن يختاره ونحوه، ونهوض الأدلة على ذلك في منتهى الوضوح، إذ كل من لا يستجيب إلى تلك الثوابت والمبادئ فهو حربي الفاقد للعاصم مطلقاً سواءً كان كتابياً أم لا، وإن لم يشهر السلاح، وإن لم يتعرض بالعقيدة والشريعة، كما أدلى بذلك السيد الأستاذ المحقق(1) في مسائله الفقهية من أن مطلق الكافر الأصلي الذي لم يتعهد بدفع الجزية فهو حربي، بل اعتبر التأشيرة(الفيزا) للزيارة، أو الإقامة التي تقدمها سفارة الدولة الإسلامية للكافر ليست عقداً أو عهداً بينهما لا تمنع جواز استرقاقه، وقبله السيد الأستاذ الإمام المجاهد(2) في وجوبه أكد على ذلك في عدة مواضع.
وعلى ضوء هذا كله.. انكشف لك وجوب محاربة الكافرين، واستباحة دمائهم، وأموالهم.. بوصفهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولا بشريعته الخاتمة التي نسخت كل الشرائع والأديان السماوية السابقة، وإلا لاقتضى أن يكون الجهاد الابتدائي مشروطاً بجهاد الكافرين وإضرارهم بالشريعة والعقيدة، وهذا المنطق خلاف الضرورة الفقهية، والقواعد العلمية المقررة في الموسوعات الفقهية الاستدلالية. ومن يزعم من الفقهاء والمفكرين الإسلاميين المعاصرين الاشتراط والاستدلال بإصالة احترام النفوس والأموال والأعراض بوصفها من الأصول المتفق عليها بين العقلاء بما هم عقلاء، زائداً النصوص الحديثية موافقة لهذه الأصول.
إن هذا الزعم القائل لا نسلم به بالمرة ونسجل عليه ملاحظات من خلال الأدلة التالية:
أولاً: لا مجال في التمسك بهذه الأصول بعد وجوب عموم الأدلة القرآنية والحديثية وإطلاقاتها.
وثانياً: إن النصوص الحديثية لم تكن موافقة لهذه الأصول بوصفها ضعيفة السند والدلالة، بل إنَّ مقتضى الأصل مشروعيةُ ممارسة كلِّ شيء مع الاستكبار والكفر العالمي مع فقدان العواصم، بل لا احترام له لا مالاً، ولا نفساً، وإن استلزم تصفيتنا جسدياً، ونسف بنانا التحتية، لأن الإذن في الشيء إذن في لوازمه.
وثالثاً: حتى على فرض اتفقنا على الأخذ بأصالة الاحترام، فسوف يقع التعارض بين تلك النصوص، وبين الأصل، فالمرجع (إذن) بعد التساقط هو السعي وراء إطلاق الأدلة وعموماتها من قبيل الآيات التشريعية القائلة:
«وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ»(3)
«وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً»(4)
«وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ»(5)
«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ»(6)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: مجلة النور، العدد 64، ص64.
(2) أنظر وجوب النهضة.
(3) سورة الأنفال، الآية:39
(4) سورة التوبة، الآية: 36
(5) سورة البقرة، الآية: 190ـ191
(6) سورة الأنفال، الآية: 65