احمد الحسني البغدادي نفس شجاعة وعقل لـمَّـاح

احمد الحسني البغدادي
نفس شجاعة وعقل لـمَّـاح
أ.د. جودت القزويني*
السيد احمد ابن السيد كاظم ابن الامام السيد محمد الحسني البغدادي.
ولد في النجف عام 1364هـ / 1945م، ودرس فيها ولازم جده السيد محمد [الحسني] البغدادي. وفي بواكير شبابه انخرط في تنظيم «حركة الشباب المسلم» الذي أسسه عز الدين الجزائري عام 1360هـ / 1941م في النجف، وكان من العاملين في صفوفه.
اسس مع بعض زملائه «حركة الاسلاميين الاحرار» بعد سقوط انتفاضة شعبان الاسلامية عام 1411هـ 1991م ضد السلطة العراقية. اثر انهزامها امام قوات الحلفاء بعد احتلال الكويت، وانتخب من قبل المكتب السياسي والقيادة المركزية مرشداً روحياً للحركة فألف ميثاقاً سياسياً لها يمثل فكر الحركة تحت عنوان البيان الاسلامي كما صدرت عن الحركة النشرة المركزية صوت الاسلامين الاحرار،
التقيته بالعاصمة السورية دمشق شتاء عام 2000م، وكان قد جاءها هارباً من العراق عبر الحدود الايرانية وحل في دار متواضعة في منطقة السيدة زينب.
وقد تبادلنا الاحاديث المتشعبة حيال الازمات السياسية والفكرية التي تحل في العراق وكان احاديثه تدل على وعي وتشعب لم يأسره اطار ولم يخش من الآراء المضادة بل تراه في كثير من الاحيان يصغي بتأمل ويتفهم بإمعان تساعده في ذلك نفس شجاعة وعقل لمّاح.
اخبرني في صبيحة 23 آذار 1998م هجم رجال الامن على داره بالنجف لإلقاء القبض عليه بسبب إيوانه لمقاتلي «الاهوار» والتنسيق مع مجاميع «أفواج الرفض والمقاومة» الذين فجروا مخازن الحلة العسكرية في 10 آذار 1998م. إلا أنه كان مختفياً في بغداد، ثم استطاع الهرب الى ايران عبر منطقة «الاهوار» في 11 ربيع الأول 1419هـ/ 5 تموز 1998م. وفي ايران إستُقبل بحفاوة من قبل قادتها، لاسيما الإمام السيد علي الخامنئي في طهران.
وكان البغدادي من السباقين في تأييد إنتفاضة الشعب الإيراني منذ الخامس من حزيران (خرداد) 1963م، وثورة 11 شباط (بهمن) 1979م.
وقد قاد تظاهرة تأييد في النجف مساء اليوم الثاني من انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979م تعبيرا عن إنبثاق فجر جديد في عالم الإسلام.
وقد تعرّض هو وعلماء الحوزة العلمية طوال مرحلة الحرب العراقية ــ الإيرانية الى الحيف والتهديد لإصدار الفتاوى والتصريحات، وحضور المحافل السياسية، إلاّ أنّ ذلك كان مكلفاً له، فقد حدّثني أنّه رفض تلبية الدعوة الرسمية الموجهة له بحضور «المؤتمر الإسلامي الشعبي» المنعقد في بغداد 1982م. وقد حاول إقناعه السيد عبد الرزاق الحبّوبي عضو المجلس الوطني، والمبعوث الشخصي لوزير الأوقاف والشؤون الدينية، وقدّم نسخة من المصحف هدية له. وكان من حضّار المجلس الشيخ عبد العالي المظفر، فاعتذر البغدادي له، فلم يقبل الحبّوبي عذره، فقال السيد أحمد بكل صراحة: «لا يمكن الحضور مع قتلة السيد محمد باقر الصدر إطلاقاً»!
فما كان من المظفر إلاّ أنْ ترك المجلس، أمّا الحبوبي فقال: «أحرجت موقفي في هذا التصريح».
أمّا الندوة الوحيدة التي حضرها فقد انعقدت في الصحن الحيدري بناءاً لتوصيات «المؤتمر الشعبي الإسلامي»، الذي طالب بإيقاف إطلاق النار بين الدولتين دون قيد او شرط، والجلوس على مائدة المفاوضات لحلّ الخلافات.
وقد استجاب رموز الحوزة العلمية تحت طائلة تهديد السلطة العراقية ووعيدها، بالرغم من إيمان الجميع بضرورة إيقاف الحرب، وكان من بين الحاضرين:
الشيخ محمد تقي آل راضي، والسيد يوسف الحكيم، والسيد محمد علي الحمامي، والشيخ محمد ابراهيم الكرباسي، والسيد حسين بحر العلوم، والسيد علاء بحر العلوم، والسيد عز الدين بحر العلوم، وغيرهم من اسماء الطبقة العالية في النجف.
وللسيد احمد مكتبة ضخمة توارثها عن جده، وهي جزء مما بقي من مكتبة الاسرة التي ترجع في اصولها الى السيد احمد العطار الحسني المتوفى سنة 1215هـ/ 1800م.
كما ان له مؤلفات عديدة منها بحوث في الاجتهاد، وفصول رسالية.
ويعد السيد احمد من فقهاء النجف المرموقين، المشهود لهم بالتفوق والمكانة.
كما عرف بجرأته وشجاعته، ومواقفه السياسية بعد سقوط النظام العراقي في 9 نيسان 2003م، على يد قوات التحالف، حيث كانت له تصريحات جريئة من الصراع الذي دار بين التيار الصدري الذي يقوده السيد مقتدى الصدر وبين القوات الاميركية والمطالبة باستقلال البلاد.
* مجلة ظلال الخيمة، العدد: 34 نيسان 2017م