الحوار السابع والاربعون مع د. منذر الكوثر بتاريخ 12 أيار 2007م
الحوار السابع والاربعون
مع د. منذر الكوثر بتاريخ 12 أيار 2007م
اجرى الحوار في مكتب سماحته في النجف الأشرف، مساء الثاني عشر من أيار ـ مايو 2007م، ونشرت المقابلة في مواقع عدة مواقع بــ«اللغة الأجنبية»، في مقدمتها الصحيفة الواسعة الانتشار «ذي تايمز The times» اللندنية.
*هو أحد آيات الله العظمى في الهرم المرجعي الشيعي.. له أتباع كثيرون في العراق، والدول العربية والإسلامية المجاورة.. وهو ممن رفضوا العملية السياسية الجارية تحت مظلة الاحتلال الأميركي ـ البريطاني.. ألف أكثرمن ثلاثين كتابا متوفرة للقراء في المكتبات العربية، في موقعه الرسمي: www.alsaed-albaghdadi.com
* آية الله البغدادي ليس من السهولة بمكان اللقاء معه، وهو من الرجال القلائل الذين لاينامون في منازلهم ليلا، ولا يستقرون في مكان واحد، دائم التنقل هنا أو هناك.. الذين يحيطون به يتوقعون استهدافه في كل لحظة من القوات العسكرية الأميركية، والسبب في ذلك ـ على ما أتصور ـ هو آراؤه ومعتقداته المتشددة في دعم المقاومة المسلحة في العراق.
سؤال: ما رأيك في المقاومة العراقية ؟..
جواب: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.. هنالك دعايات ديماغوجية (تضليلية) في تشويه المقاومة الإسلامية السياسية منها والعملياتية، فتزعم أنَّها تستهدف الأطفال والنساء والشيوخ، قد نَسِيَ هؤلاء أو تناسوا أن العالم أصبح قرية واحدة، لاينطلي عليه الإعلام التضليلي.
ثم يجب عليك أن تعرف أن هناك بونا شاسعا بين المقاومة، والإرهاب!.. المقاومة حق مشروع لكل الأمم والشعوب المستضعفة التي تسعى الى طرد المحتلين الغزاة عن أوطانها، وهذا الرأي متفق عليه لدى الشرائع السماوية والمذاهب الأرضية قديما وحديثا، وأما الإرهاب فهو محرَّم ومشجوبٌ من وجهة نظرنا، ومن أعظم المخالفات الشرعية.
سؤال: هل يعني هذا أنك تؤيد المقاومة في حمل السلاح لتتمكَّنَ من مهاجمة القوات العسكرية الأميركية ؟..
جواب: مافي ذلك ريب، ومن حقي أن أساند المقاومة بكل فصائلها في سبيل تحرير وطني..حتى الرئيس بوش (الابن) يعترف بذلك حينما صرح بما معناه:
«اذا احتل بلدي، فأنا أول من يدافع لتحريره من أجل السيادة والاستقلال».
سؤال: هل تطالب الأمريكان بالمغادرة فورا، أم تدريجيا ؟..
جواب: قُلْتُ مرارا وتكرارا يجب على الأمريكان أن يغادروا الوطن الأعز فورا، بيد أني حينما وجدت الكثير من العقلاء والسياسيين الوطنيين يطالبون بخروج القوات العسكرية الأميركية ضمن جدولة زمنية غير طويلة، وافقت بذلك على مضض، وخروجهم فوراً، من وجهة نظري، لايؤدي إلى حرب أهلية كما يزعم المتوهمون أو المغرضون، وعلى سبيل الفرضية اذا حصلت ـــ والعياذ بالله ــ لابد في نهاية المطاف أن يتفق الفرقاء فيما بينهم لإنهاء الأزمة الفتنوية المستعصية، وفي عقيدتي كلُّ شيءٍ له بداية ونهاية.. إلا الله بوصفه المطلق لا بداية، لا نهاية له.
سؤال: ماهو البديل في نظرك... الأمريكان.. أم الحكومة الحالية التي أنتخبها الشعب وتصفها أنت بــ«الوكلاء للمحتل»؟..
جواب: عندما يخرج الأمريكان والتابعون لهم، نؤسس مجلساً استشارياً، وحكومة مؤقتة من كافة مكونات الشعب العراقي، ومن ثم نبدأ
اولاً: بإجراء انتخابات لمجالس المحافظات..
ثانيا: نقوم بإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية وطنية مهمتها قبل كل شيء صياغة مسودة دستور على ضوء المصلحة الإسلامية العليا..
ثالثا: يجرى عرض مشروع الدستور على العراقيين في استفتاء عام..
رابعا: نقوم بإجراء انتخابات برلمانية على ضوء الدستور الدائم الذي اقرته الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي.
من هنا.. يبدأ الوطن الأعز عهده المصيري الحضاري التاريخي الجديد، عهداً يشكِّل التجسيد الواقعي لمفهوم التعددية والشورية، وقيم الحرية، وثقافة العدالة، وسيادة القانون في بناء الدولة العصرية على مصاف الدول المتقدمة.
سؤال: كيف يتحقق هذا الشيء والآراء متباينة.. والأحقاد متجذرة.. والحرمات مستباحة.. والدماء مهدورة.. والميليشيات متنفذة ؟..
جواب: كان الأمريكان يتصورون حين غزوهم الوطن الأعز أن الورود والزهور سوف تنثر على دباباتهم بسبب الدكتاتورية والاستبداد، والحروب العبثية، والحصار الاقتصادي الظالم المفروض على أهلنا وشعبنا.. بيد أنهم فوجئوا بموقف موحد، ومقاومة عنيفة، وبسبب هذا الموقف الوطني والإسلامي الموحد بادروا الى توظيف الطائفية بمردوداتها السلبية المرعبة..كل ذلك في سبيل إطالة أمد الاحتلال، لكنَّهم فشلوا فشلا ذريعا في كُلِّ ما أرادوا تحقيقه «وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ».
سؤال: هل تعتقدون أن الإيرانيين لهم دورٌ فاعلاٌ فيما يحدث الآن من تفجير وتهجير؟..
جواب: التفجير والتهجير على الهوية الذي نراه بأم أعيننا في هذا الوطن المستباح سببه أولا وأخيرا المحتل والتابعون له، من خلال ما قاموا به من إيجاد دستور قائم على المحاصصة الإثنية والعرقية، وتوظيف الطائفية المحرمة، وإنشاء الجدار العنصري العازل بين أبناء الأعظمية والكاظمية.
سؤال: ماهي الفائدة من تقسيم بغداد ؟..
جواب: لكي يوقفوا هجمات المقاومة العراقية الباسلة المستمرة ضدهم.. ولكي يبقوا العاصمة مضطربة غير مستقرة، ولكي يمهدوا لتقسيم الوطن على أسس مذهبية وعرقية.
سؤال: لماذا أنتم قلقون من نوايا الإدارة الأميركية وهي التي تسعى لتحقيق الديمقراطية بعد أن قوضت الدكتاتورية في البلاد ؟..
جواب: يجب أن تفهم أن الإدارة الأميركية ليست جمعية خيرية تعطي الصدقات للفقراء والمستضعفين، بل هي جاءت الى العراق والمنطقة لنهب النفط والغاز، بل لسلبَ كل الثروات الطبيعية، لأن ثراء الإدارات الأميركية التكاثري، الذي تكدس عندهم لم يكن معظمه نتاج عرق الشعب الأميركي، بل هو نتاج حروب قامت بها لاستهداف الأقطار المستضعفة باسم الشرعية الدولية، وباسم مكافحة الإرهاب، وباسم الاصلاح والديمقراطية، والإدارات الأميركية ليست لها صداقات دائمة، ولا عداوات دائمة، بل مصالح دائمة... اذا كانت الإدارة البوشية حريصة كل الحرص على تحقيق نشر الديمقراطية في العراق، فالمفروض من منظار القوانين والمواثيق الدولية ألاَّ تتدخل في شؤون الدول ذات السيادة المستقلة.
سؤال: ألم يكن هذا التدخل حاجة ملحة في سبيل تحقيق الديمقراطية في المنطقة التي حكمتها الشمولية والفوقية: أليس كذلك ؟..
جواب: هذه أكذوبة مفضوحة، هدفهم الرئيس هو نهب خيرات الوطن، وإنشاء القواعد العسكرية طويلة الأمد.
سؤال: ماهو رأيك الصريح في موقف التيار الصدري وتحركاته في الساحة العراقية ؟..
جواب: حركة الخط الصدري تطالب من حيث المبدأ بخروج المحتل، وتقويض الدعوات الفيدرالية التقسيمية، وانخراط البعض في العملية السياسية في تصوري، وربما أكون على خطأ، مسألة تكتيكية، وليست استراتيجية.
سؤال: ماذا تتوقع... هل هناك مستقبل سياسي في هذا التكتيك ؟..
جواب: أقول لك صراحة والله، وبالله، وتالله إنه لقسم عظيم أنا قدمت نصيحتي الأخوية الى قياديي الخط الصدري بعدم الدخول في هذه اللعبة السياسية المحرمة من حيث المبدأ... مادام هناك احتلال مباشر غاشم، بيد أني أعترف أنهم يمتلكون جناحا عسكريا يقاتل ضد القوات العسكرية الأميركية.
سؤال: ماهو رأيك في الموقف السياسي للمجلس الإسلامي الأعلى العراقي الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم ؟..
جواب: أنا قلت مرارا وتكرارا إن كلَّ من يشارك في مساندة العملية السياسية الجارية في الوطن الأعز يرتكب خيانة عظمى في حق الدين والأمة والوطن.
سؤال: ماهو تقييمكم للآيات الشيعية (الكبرى) وموقفها موقف المتفرج، أو المؤيد تجاه الاحتلال ؟..
جواب: وسائل الإعلام التابعة لسياسة الإدارة الأميركية تزعم أن المؤسسة الدينية في النجف الأشرف تؤيد العملية السياسية الجارية في العراق بكل تفاصيلها.. في حين أنا واحد من تلك الآيات، وقد شجبت العملية السياسية مادامت تحت حماية الحراب الأميركية، والاحتلال المباشر، بل إني أدعو إلى تصعيد الكفاحين السياسي والمسلح لطرد المحتل بوصفه الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان.
سؤال:هل هناك آيات أخرى في المؤسسة الدينية في النجف، أو في العراق يفكر بالطريقة ذاتها التي تفكر بها، وتعمل بموجبها ؟..
جواب: أجل.. أجل.. باستثناء مايسمى بـ«المراجع الأربعة».. والله لو كان أمير المؤمنين علي، والخليفة عمر كلاهما على قيد الحياة.. لقاتلا ضد القوات العسكرية الأميركية.
سؤال: وماذا تقول عن فرق الموت؟ ومن هو المسؤول عن وجودها ؟..
جواب: مؤسس فرق الموت هو السفير الأميركي في العراق حينذاك، جون نيغروبونتي، أحد رواد فرق الموت، الذين شكلوا قوات محلية في أميركا الجنوبية، ولم يكن هذا عبثا، أو شيئا طارئا، فعلى يديه الملطخة بدماء المسلمين المستضعفين تم علانية تقطيع الرؤوس، واللقاء اللوم على المقاومة الإسلامية العراقية، لتشويه سمعتها بين المواطنين... هذه أعمال فاشستية، ولدت ونمت في فيتنام في مواجهة تصاعد المقاومة الوطنية وصمودها بقيادة هوشي منه....