الحوار الرابع والاربعون مع صحيفة «الصوت» بتاريخ 4 اب 2007م
الحوار الرابع والاربعون
مع صحيفة «الصوت» بتاريخ 4 اب 2007م
أجرى الحوار سلام الشماع
المرجع الديني السيد أحمد الحسني البغدادي:
* المحتلون أشاعوا أن الشيعة مع مشروعهم الاحتلالي، ومارسوا تعتيما على دورهم الوطني المقاوم.
* عصائب أهل الحق وكتائب الإمام موسى الكاظم وكتائب أفواج الرفض والمقاومة في العراق مجاميع شيعية مقاتلة.
* أَهدْرتُ دم أفراد الجيش العراقي والشرطة العراقية ممن يقاتلون إلى جانب المحتل.
* بعضهم يلهث وراء المناصب وهي زائلة، ويترك الوطن وهو باق
* لا يجوز الانخراط في العملية السياسية ولا السلام على من يقبل بها
* أتمنى القتال مع فصائل المقاومة الوطنية والإسلامية رغم تجاوزي العقد السادس من عمري.
* لماذا تراجع دور العشائر العراقية؟..
* المقاومة المشروعة هي الطريق الوحيد لتحرير العراق وشعبه من الاحتلال الأميركي.
* أدعو حركات التحرر العالمية المعادية للإمبريالية والصهيونية العالمية الى الوقوف مع شعب العراق سياسياً وميدانياً.
* المصالحة الوطنية أكبر مؤشر على الهزيمة المنكرة للاحتلال في الساحة العراقية.
* المصالحة الوطنية لا تتم إلا بخروج الأميركان، وإسقاط العملية السياسية برمتها، وإزالة ما بني عليها .
إضاءات
1- أفتيْتُ صراحة: إذا كان هذا الجندي أو الشرطي يقاتل مع الجيش الأميركي، فهو مهدور الدم، لكنَّ بعض هؤلاء هم من المجاهدين، وانخرطوا في هذا السلك من أجل اختراق موظفي الاحتلال والجيش الأميركي، فأفتيْتُ: إذا قتل واحد من هؤلاء فنحن ضامنون الفديةَ لأولاده وعائلته، أما الشرطة الذين يحافظون على ممتلكات الدولة وغيرها فلا يجوز قتلهم إطلاقاً.
2ـ بالأمس كانت الحركة الإسلامية في العراق تعمل بكل طاقاتها وإمكانياتها لإقامة المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية، وقدمت الشهداء تلو الشهداء من أجل هذا الهدف العظيم الذي جاء به الرسول محمد (ص)، ولكن من خلال الضربات الموجعة التي تلقتها هذه الحركة، ومن خلال الاختراقات التي شهدتها بين عشية وضحاها نجد بعضها يتنكر لشعاراته وخطابه السياسي الإسلامي، لذا فوجئ الشعب العراقي ببعض هذه الحركات تجئُ على ظهور الدبابات الأميركية.
3ـ الحسني البغدادي متألم لعدم إِنعقاد مؤتمر القوى العراقية المناهضة للاحتلال، مؤكداً أن بعض الأطراف تغلِّبُ مصالحها الشخصية على مصلحة الوطن.
كشف المرجع الديني أية الله العظمى سماحة السيد أحمد الحسني البغدادي عن رفضه تمويلاً سعودياً لدعم مرجعيته.
وقال لـ(الصوت)، في حوار موسع أجرته مع سماحته استغرق أكثر من ثلاث ساعات: إِنَّ حلّ المشكل العراقي لا يتمّ إلاّ في العراق وأنه لا يأتي من خارجه،معددأً معرقلات الحلّ أن أطرافاً عراقية تحاول الاستعانة بالدول الأجنبية ودول الجوار الإقليمي.
وتطرق سماحة السيد الحسني البغدادي إلى مؤتمر القوى العراقية المناهضة للاحتلال، معرباً عن ألمه لعدم انعقاده بسبب بعض الأطراف، التي وصفها بـ«تغليب الشخصانية والفردانية على المصلحة الوطنية».
وقال سماحته رداً على سؤال بشأن موقفه من الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية لتحرير العراق: إنني مع أيّ جهد مخلص لتحرير الوطن.
وسماحة السيد أحمد الحسني البغدادي، أحد أبرز المراجع العظام في النجف الأشرف، هو وأخوه السيد علي الحسني البغدادي، وقد عُرِفَ الإِثنان بمناهضتهما الاحتلال وعملاءه، وتأكيدهما أنّ الجهاد هو الطريق لطرد المحتلين من العراق، واستعادة كرامة البلاد وسيادتها.
وفيما يأتي نصّ الحوار:
الهوية واللاهوية
* الصوت: كيف ينظر سماحة آية الله العظمى السيد أحمد الحسني البغدادي إلى الفعل المقاوم في العراق؟
**احمد الحسني البغدادي: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين..المقاومة متصاعدة في العراق بسبب وجود الاحتلال، وبسبب سنّ الدستور الدائم القائم على المحاصصة الطائفية والعرقية، ومهما يكن من محاولة تشويه سمعتها من خلال القتل على الهوية، وعلى اللاهوية، فإنّ المقاومة ستبقى مستمرة ضد الوجود الأميركي، وشعب العراق بكل أطيافه ومكوناته يميّز الحقيقة بين المقاومة والإرهاب، لأن المقاومة تستهدف الآلة الأميركية والقواعد الأميركية.. أما الإرهاب فيستهدف النساء والأطفال والرجال من خلال فرق الموت التي أسسها وخطط لها المحتل الغاشم.
دويلات متناحرة
*الصوت: هل تعتقد أنَّ المقاومة العراقية حققت أهدافها، وأنَّ هروب المحتل بات وشيكاً؟
**احمد الحسني البغدادي: المقاومة العراقية، بتصاعدها وديمومة كفاحها المسلح، بوصفه الطريق الوحيد لإسقاط المشروع الأميركي أنهت الحلم الأميركي الذي قام على احتلال العراق باسم الإصلاح والحرية والديمقراطية لتنفيذ المشروع الصهيوني الاستشراقي لإسقاط المنطقة برمّتها وجعلها كانتونات ودويلات متناحرة متنابذة ومتقاتلة فيما بينها من أجل أن تبقى «إسرائيل» هي الأقوى في المنطقة.
وصمود المقاومة وديمومتها هو الذي أسقط المشروع الأميركي، لذا نجد الإدارة الأميركية تحاول بنحو أو بآخر من خلال موظفي الاحتلال القابعين في المنطقة الخضراء الخروج بوجه أبيض من هذه الورطة التي تبحث لها عن مخرج. والاحتلال انهزم منذ البداية بعد أن أشاع أن المثلث السني هو الذي يقاتل، وأن الشيعة مع المشروع الأميركي، من أجل التمويه على الرأي العام العالمي والعربي.. بيد أن الشيعة، منذ البداية، قاتلوا ضد المحتلين، إلاّ أنّ هناك تهميشاً وتقزيماً وتعتيماً على الشيعة، ولكن الحقيقة ظهرت الآن، وهي أن الشيعة عندهم مجاميع مقاتلة مثل عصائب أهل الحق، وكتائب الإمام موسى الكاظم، وكتائب أفواج الرفض والمقاومة في العراق( )، وقد نشرت عملياتها على مواقع الإنترنت، ومهما يكن هذا التعتيم والتهميش الذي تمارسه بعض الفضائيات المشبوهة لكن الحقيقة ستنتصر على المنافقين والتابعين للمحتل كلّهم.
هكذا تكلمت
* الصوت: ماذا فعلت للمقاومة؟ وماذا قدمت للمقاومين وهم يجاهدون في سبيل الله؟
** أحمد الحسني البغدادي: أفتيْتُ وأصدرْتُ بيانات ونداءات عدة لدعم المقاومة الميدانية، العملياتية منها والسياسية، عبر لقاءات على بعض الفضائيات العربية، ومن خلال موقعنا أرجو أن ترجعوا إليها فستجدون ثلاثة مجلدات صدرت فيها استفتاءات ومقابلات وبيانات وأحاديث وقراءات وكتابات نشرت في الجزء الأول والثاني من موسوعة (هكذا تكلم أحمد الحسني البغدادي)، وسيصدر الجزء الثالث من هذه الموسوعة الجهادية الاسلامية، وهناك لي خطابات في المؤتمرالقومي العربي الذي عقد في الجزائر والمغرب، وكشفْتُ الحقيقة ضد الوجود الأميركي والتابعين له القابعين في المنطقة الخضراء في بغداد.
فقه المقاومة
* الصوت: ماذا قدمت أنت للمقاومة العراقية؟
**احمد الحسني البغدادي: نحن بحكم موقعنا المرجعي نساند المقاومة ونؤيدها، السياسية منها والميدانية العملياتية، وقد صدرت لي فتاوى عدة لدعم المجاهدين الذين يستهدفون الدبابة الأميركية، وأصدرت مائة فتوى عن فقه المقاومة وثقافة المقاومة، نشرت على موقعنا الرسمي، وقد وردت إليّ أسئلة كثيرة، من مثل:
هل يجوز قتل الجيش الوطني والشرطة العراقية؟ فأفتيت صراحة: إذا كان هذا الجندي أو الشرطي يقاتل مع الجيش الأميركي، فهو مهدور الدم، لكن بعض هؤلاء هم من المجاهدين وانخرطوا في هذا المسلك من أجل اختراق موظفي الاحتلال والجيش الأميركي فأفتيت: إذا قتل واحد من هؤلاء فهم ضامنون الفدية لأولاده وعائلته، أما الشرطة الذين يحافظون على ممتلكات الدولة وغيرها فلا يجوز قتلهم إطلاقاً.
هؤلاء أفشلوا المؤتمر
*(الصوت): من أفشل مؤتمر جبهة القوى العراقية المناهضة والمقاومة للاحتلال ؟
**أحمد الحسني البغدادي: المعارضة العراقية تعيش بعقلية فوقية ، وتتجذر فيها الشخصانية والفردانية، لذا نجدها تقع في تناقضات أيديولوجية وميدانية، فبعض هؤلاء يرون بأم أعينهم أن العراق حاليا يعيش التسيب والضياع، ومع ذلك فهم ينغمرون بهذه الشخصانية ويتساقطون هنا وهناك للذهاب إلى بعض الدول الإقليمية بحجة أنهم يحتاجون إلى التمويل الإقتصادي، وبالتالي يدخلون الى اللعبة السياسية، ولو كانت هذه لصالح شعبنا و أهلنا بنحو أو بآخر لأمكنَ أن نقبل بها.. لكن بعضهم يدخل في اللعبة السياسية لصالح طيفه أو عشيرته أو مكونه الاجتماعي أو العنصري.
شعب العراق مذبوح ومجروح ومشرد ومقتول ومهجر، لكنَّ هؤلاء لا يتكلمون في سبيل انقاذ شعبي وأهلي، ويتاجرون باسمه.. الأمريكان اشتغلوا على الكرد وعلى الشيعة وعلى السنة، وفعلا جاءوا بهم على ظهور الدبابات الأميركية، ويمكن تصنيف هؤلاء... بعضهم جواسيس وعملاء، وبعضهم يمتلك قناعات وطنية وجاء مع الدبابة الأميركية.. هذه الحالة المرضية سائدة عند المعارضة العراقية.
الأمريكان بعد فشلهم وفشل مشروعهم بسبب المقاومة الباسلة في العراق سيخرجون بين الفينة والأخرى، بينما نرى المعارضة في الخارج تتصارع فيما بينها من أجل المصالح الشخصانية والفردانية، وتلهث خلف بعض الدول الإقليمية للتنسيق مع جهة أجنبية.. لصالح من؟ لصالح كسب المناصب والوظائف والشعب تسرق موارده الطبيعية، كالبترول والزئبق واليورانيوم، والإنسان يقتل على الهوية، تقتله فرق الموت التي تمارس إِبادة جماعية ضد الشعب كما مورست في فيتنام تحت شعار «نحن عطش للدماء الطازجة»، ومن هنا أكشف لك سراً... إِنَّ الشخصانيين وراء فشل مؤتمر دمشق.
* (الصوت): من تقصد بهؤلاء؟
** احمد الحسني البغدادي: أقصد الذين أفشلوا مؤتمر الجبهة، جبهة القوى العراقية المناهضة والمقاومة للاحتلال ممن يعيشون الشخصانية والفردانية من أجل منصب زائل على حساب وطن باق.. سيبقى الوطن، وهم سينكشفون والتاريخ سوف يحاسبهم، والتاريخ لا يرحم أحدا.. ولا ننسَ أن قوى خارجية تدخلت وضغطت باتجاه إفشال المؤتمر من خلال عملائها، وبعض هؤلاء إسلاميون تحت مظلة الاحتلال.
الضربات الموجعة
* الصوت: تقصد... كل الحركة الإسلامية في العراق تحت مظلة الاحتلال ؟
**أحمد الحسني البغدادي: بالأمس كانت الحركة الإسلامية في العراق تعمل بكل طاقاتها وإمكانياتها لإقامة المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية، وقدمت الشهداء تلو الشهداء من أجل هذا الهدف العظيم، الذي جاء به الرسول محمد (ص) لكن من خلال الضربات الموجعة التي تلقتها هذه الحركة، ومن خلال الاختراقات، التي شهدتها الساحة العراقية، بعضها يتنكر لشعاراته وخطابه السياسي الإسلامي، لذا فوجئ الشعب العراقي بأن بعض هذه الحركات جاءت على ظهور الدبابات الأميركية، وكشفت أوراقها وفضحت هدفها، وهي أنها تريد أن تعيش على حساب شعبنا ومجاهدينا في الداخل.
ومن العجيب أن نجد بعض هؤلاء يزعمون أنهم ترعرعوا في أحضان الثورة الإسلامية في إيران وبعد مجيئهم مع الأمريكان لاحتلال العراق انقلبوا بين ليلة وضحاها، فأصبحوا ضد المشروع الإسلامي، وصاروا طلاب سلطة.
على الأمة أن تقاتل
*الصوت: ماهي شروط السيد أحمد الحسني البغدادي للدخول في العملية السياسية والقبول بالحكومة القائمة؟
** أحمد الحسني البغدادي: قلت تكراراً ومراراً بأنه لا يجوز الانخراط في العملية السياسية على نحو مطلق، ولا يجوز التعامل مع الذين ارتضوا العملية السياسية، أو السلام عليهم، أو أخذ الهدية منهم، لأن هذه العملية السياسية تعمل لصالح المشروع الأميركي، ولأنها وجدت تحت مظلة الاحتلال الأميركي البريطاني، فإنّه يجب على الأمة كلها مقاتلة المحتل ومقاطعة كل مؤسساته، لذا أقول: هنالك فرق بين العملية السياسية والمقاومة السياسية.. المقاومة السياسية هي الاعتصامات الجماهيرية والتظاهرات الشعبوية ضد الوجود الأميركي، أما العملية السياسية فهي التي تنفذ مقررات المشروع الأميركي وتوصياته، وذلك من خلال الدستور الدائم القائم على المحاصصة الإثنية والعرقية، وهو السبب الأساس فيما نراه من القتل القائم على الهوية واللاهوية، والتهجير القسري بين أهل السنة والشيعة، والتسيب والضياع والأستلاب والاغتصاب والبطالة المتفشية.
جنون العظمة
* الصوت: ما الذي يؤلمك الآن؟
** أحمد الحسني البغدادي: يؤلمني أن شعبي وأهلي في العراق لا حول لهم ولا قوة، وأن هنالك مؤسسة دينية رجعية وانهزامية.. ولم تُفتِ حتى الآن بحرمة الاحتلال، فضلاً عن مقاتلته، وأن هنالك من حسبوا على مشروع مناهضة المشروع الأميركي، بعضهم يعمل لصالح بعض الدول الإقليمية والأجنبية، لأنه يعيش الشخصانية وحب الذات، وهو مصاب بجنون العظمة، لكن أملنا الوحيد في جماهيرنا الثائرة المقاتلة في الداخل، الذين يقاتلون بالبندقية، وهي الطريق الوحيد لإسقاط المشروع الأميركي وهزيمته في المنطقة.
(الأنا) الإبليسية
* الصوت: لماذا خرجت من المؤتمر التأسيسي الوطني؟
** أحمد الحسني البغدادي: حينَ كنت رئيساً للجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي العراقي الوطني اتفقنا على بنود وشعارات وخطابات وقلنا: يجب أن لا تتغير ولا تتبدل، إلا أنَّ بعضهم تتجذر فيه الشخصانية و(الأنا) الإبليسية، وهذا ماجعلني أغادر هذا المؤتمر، منذ سنتين على ما أتذكر، لأسباب كثيرة، أبرزها إننا طالبنا في المؤتمر التأسيسي أن يكون للمؤتمر، كلّ ستة أشهر، أمين عام وطني علماني أو إسلامي، عن طريق الانتخاب الحر، وإذا بالأمانة تُحتكر لشخص واحد مما أدى إلى إرباك عمل المؤتمر، كما طالبنا بالقيام باعتصامات وتظاهرات، ولكن بما أن المؤتمر فيه تيارات متعددة لم تكن هنالك آذان صاغية، وطالبنا بتشكيل قوة ميدانية فاعلة لحماية قادة المؤتمر ومؤسساته تارة، ومقاتلة الاميركان تارة أخرى، فلم ينفذ أي بند من هذه البنود، لهذا انسحبت منه.. كما أنّ الحضور الأسبوعي الصوري غير مجدٍ في جلسات واجتماعات غير مثمرة، ووصل الحال إلى أن المؤتمر لم يستطيع إِقامة مقرات له في العراق وخارجه.
مع مَنْ أنت؟
* الصوت: مع من أنت الآن؟
**أحمد الحسني البغدادي: كوجود مرجعي وتيار إسلامي أنسق مع كل القوى الوطنية منها والميدانية، وأسعى إلى التكامل مع كل الجهود المخلصة لتنظيم المشروع الوطني على نحو صحيح، بما يؤدي إلى تحرير العراق.
أنا مع الوطن
* الصوت: علاقتك بالجبهة الوطنية والقومية والإسلامية لتحرير العراق؟
** أحمد الحسني البغدادي: أنا قلت مراراً وتكراراً أنني مع أي مشروع وطني يناهض الاحتلال، ومع أي جهة لا تمدُّ جسوراً مع الولايات المتحدة بعد هزيمتها في المنطقة.
سيف البغدادي
* الصوت: أين سيف جدّك الإمام المجاهد السيد البغدادي؟
** احمد الحسني البغدادي: السيد محمد الحسني البغدادي الكبير اشترك في حرب العراق عام 1914، بصحبته الزعيم الوطني السيد هادي آل مكوطر في جبهات الشعيبة والكوت، وقد التقى محمد فاضل جاجان الداغستاني القائد العام للقوات المسلحة العثمانية، وكان السيد البغدادي في حينها يكتب أطروحة في الجهاد الدفاعي، وهو طرد الكفار من بلاد الإسلام، وبعد انكسار الجيش الإسلامي أكمل هذه الأطروحة، وفيها مفردة أعجبتني، وهي: «لو كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) موجوداً في الكوفة الآن لقاتل ضد الجيوش البريطانية الغازية»، لذا أجد في يومي هذا أن المحتل دخل العراق ودمره ودمر بناه التحتية وكُتب دستوره الدائم بإملاءات صهيونية، ولم أجد موقفاً جهادياً من المرجع المُبرز في النجف الأشرف، بل عندما تنسف الكنائس في الموصل يستنكر استنكاراً واضحاً، وعندما تقصف مدينة النجف الأشرف وتحاصر قبة الإمام علي (عليه السلام) يهاجر إلى بلاد الكفر بحجة المرض، الأمر الذي أثار بعض شرائح المجتمع العراقي وأصبح مثيراً للجدل.
معركة النجف
* الصوت: بالمناسبة، يقال إنك كنت من المقاتلين في معركة النجف.. هل هذا صحيح؟
** أحمد الحسني البغدادي: عندما تحرك التيار الصدري في معركة ميدانية حيّة ضد الوجود الأميركي ـ الإسباني، بقي في الساحة وحده، فأصدرت فتوى صريحة بأن كل من يقتل في هذه المعركة فهو شهيد.. في الوقت الذي صدرت فتاوى من بعض(رجال الدين) ممن يزعمون أنهم مع التيار الصدري قالوا فيها بنحو أو آخر: من يقول أن هؤلاء الذين قتلوا في معركة النجف دفاعاً عنها شهداء؟!..
أمنيتي القتال مع المقاومة
* الصوت: ماذا تتمنى الآن؟
** أحمد الحسني البغدادي: أتمنى أن أقاتل مع فصائل المقاومة الوطنية والإسلامية على الرغم من تجاوزي العقد السادس مَنْ عمري، ولذا أوجه عتاباً رقيقاً لكل من قالوا إنهم ضد المشروع الأميركي، لكنَّهم تركوا شعب العراق، وعاشوا في الخارج في الفنادق الراقية!
دور العشائر تراجع
* الصوت: كيف تنظرون إلى دور العشائر العراقية في هذه المرحلة؟
**أحمد الحسني البغدادي: من المؤسف أن دور العشائر العراقية تراجع بنحو ملحوظ بسبب عوامل تاريخية، وأخرى تتعلق بواقع القوى الوطنية والمؤسسة الدينية في العراق، التي هجرت العشائر ولم تعمل على تثقيفها، لذا انقلب دور العشيرة العراقية من دور مؤثر فاعل في بداية تأسيس دولة العراق الحديثة إلى دور تجلت فيه مظاهر التراجع في الواقع الحالي، فلم يظهر القادة التاريخيون الذين ظهروا في حرب العراق عام 1914 وثورته في الثلاثين من حزيران عام 1920.
من يمولك؟
*الصوت: يقال إن إحدى دول الجوار الإقليمي تقوم بتمويلك؟
**أحمد الحسني البغدادي: من تقصد السعودية أم مصر أم إيران أم سورية أم الأردن؟.. من تقصد؟.
* الصوت: السعودية مثلاً؟
**أحمد الحسني البغدادي: كنت جالساً في فندق الإيوان في العاصمة السورية في 5 أيار 2006م، ورنّ الهاتف من بدالة الفندق، وقيل لي إن أحد الإخوة من لندن يتكلم معك، فرحب بي وقال لي بالحرف الواحد: مرجعية (شيعية) بلا دعم مادي لا تنتصر ولا تستقطب الحوزة والجماهير، كما هي حال المرجع المُبرز في النجف الأشرف، الذي يمتلك دعماً مادياً من خارج الدائرة الإسلامية.. قلت له ماذا تقصد؟ قال لي: يجب أن نفتح لك جسراً مع الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين، وتزوره على رأس وفد سري، وتنسق معه لدعم مرجعيتك الدينية في العراق.. كنت أحترم هذه الشخصية، التي كلمتني لأنني كنت أظنها شخصية وطنية، وقد أصابتني صدمة، فلم يكن بالحسبان أن يخاطبني هذا الشخص بمثل هذه اللغة، وأنا الذي منذ صباي رفضت الدعم من الحكومات المتتالية في بلادي، خلافاً لزملائي من رموز الحركة الإسلامية، فضلاً عن الخارج.. وقد كتبت هذا الشيء في كتابي «السلطة والمؤسسة الشيعية في العراق»، أرجو أن تراجعوه على موقعنا. ولمّا حدثت بذلك المفكر العراقي عادل رؤوف لم يستغرب، وقال لي: إن هناك حركة سعودية ناشطة لاستقطاب الكثير من رموز المشروع الوطني المعارض، والشيخ جواد الخالصي، في آخر لقاء لي معه أوصل لي دعوة، كما يؤكد رؤوف، لزيارة المملكة العربية السعودية من خلال وفد يضمه مع الشيخ حارث الضاري و(رؤوف).. وفد ثلاثي لزيارة المملكة.
وأبلغني رؤوف أيضاً أَنَّه رفض الاستجابة للدعوة لأسباب وضحَّها لي في حينها، وأنّ الشيخ الدكتور حارث الضاري لم يستجب للدعوة.. فاستجاب الخالصي وحده للدعوة، وبعد زيارته للمملكة العربية السعودية عاد يفاتح «رؤوف» في دعوة أخرى تضم الاثنين معاً فرفضها رؤوف ايضاً، وفي المرة الثالثة قال له: إن الإخوة في السعودية يرون أن تقوم بزيارة خاصة مفردة إليهم، فرفض رؤوف ثالثة.. وكان السبب وراء هذا الإصرار، كما قال رؤوف، هو الدعم المادي، وإصرار الخالصي عليه وأنه مستعد لأن يتسلم دعماً مادياً من السعودية إذا كان ذلك ممكناً.
لا أخماس ولا صدقات
* الصوت: من يموّلك إذاً؟
** أحمد الحسني البغدادي: بوصفي مرجعاً دينياً، فإنّ الحقوق الشرعية من الأخماس والزكوات والصدقات تجبى إليّ لدعم طلابي ومن يلوذ بي، ولإنفاقها على نشاطاتي الدينية.. وأنت تعلم أن هناك حصاراً مفروضاً عليَّ وعلى كل رمز ديني وطني في العراق.
دعم أبناء الشهداء
*الصوت: هل أنت حقاً تمول فصيلاً مقاوماً من هذه الأموال؟
**احمد الحسني البغدادي: الحقيقة أنني أقدم الدعم إلى أبناء الشهداء وعائلاتهم على قلة الموارد التي تجبى إلي.
محاكمة صدام
* الصوت: لماذا أعدم الرئيس الراحل صدام حسين بالطريقة التي أعدم بها برأيك؟
** أحمد الحسني البغدادي: أية محكمة تشكل في ظل الاحتلال باطلة على ما أَرى، كما صرحتُ بذلك للصحافة الجزائرية والمغربية حينذاك، والمفروض أن تتم أية محاكمة في ظلّ حكم وطني تعددي وشوروي، وبعد سنّ دستور دائم في إطار الإسلام، حيث تكون الكلمة لسلطة القضاء .
المقاومة والتحرير
* الصوت: ماذا تقول لشعب العراق؟
**أحمد الحسني البغدادي: أقول: يجب على أهلي وشعبي أن يميزوا بين المقاومة والإرهاب، وأن المقاومة المشروعة هي الطريق الوحيد لتحرير العراق وشعبه من الاحتلال الأميركي.. أما العبوات والأحزمة الناسفة، والسيارات المفخخة، وإثارة الطائفية، وفرق الموت، فيوظفها المحتل والتابعون له لتشويه سمعة المقاومة، وإبادة العراقيين.
إدركوا هذه الحقيقة
*الصوت: وللشعب العربي؟
**أحمد الحسني البغدادي: أقول: من المؤسف أن أجد الشعب العربي يتأثر بوسائل الإعلام العربية والأجنبية التي تقلب حقائق الواقع العراقي المؤلم في الميدان بالرغم أَنَّ المثلث السني هو الذي يقاتل، في حين أَن ليس هناك مثلث سني أو مربع شيعي يناهض الاحتلال، وإنما الشعب العراقي بكل مكوناته وفصائله وشرائحه المختلفة يقاوم المشروع الأميركي ويقاتله، فليعوا هذه الحقيقة.