الحوار الثامن والثلاثون مع قناة الجزيرة القطرية بتأريخ 12 ايار 2006م
الحوار الثامن والثلاثون
مع قناة الجزيرة القطرية بتأريخ 12 ايار 2006م
اجرى الحوار الدكتور فيصل القاسم
* د. فيصل القاسم: نرحب بسماحة آية الله العظمى السيد احمد الحسني البغدادي.
** المرجع أحمد الحسني البغدادي: أهلاً ومرحباً بكم.
* د. فيصل القاسم: سماحة السيد أنتم مِن كِبار الايات العظمى في العراق، ومن أُسرة عريقةٍ في الفقه والسياسة، وكان جدكم السيد البغدادي من كبار المراجع الدينيين، أين انتم الآن على الساحة، ولماذا الآن ليس لديكم صوتً كآية عظمى ـ اذا صح التعبير ـ، وهناك آيات عظمى تسيطر على الساحة، وأَنتم مغيبون، ما هو السبب في ذلك؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: اولاً نحن غير مهمشين في الساحة العراقية والعربية والعالمية، لنا علاقات مع كثير من حركات التحرر العالمية السياسية منها والميدانية.
*د. فيصل القاسم(مقاطعا): أُريد العراق؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: العراق لنا علاقات صميمية مع كلِّ قطاعات الشعب بكلِّ فصائلهِ، وبكلِّ مكوناتهِ واطيافه، وبالتحديد الوطنيين منهم، الذين يطالبون بتحرير العراق من الاحتلال الاميركي.
* د. فيصل القاسم: وكم نسبتهم، يعني ما محلكم من الاعراب على الساحة العراقية كمرجعية؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: أنقل لك مفردة عندما هجموا على منزلي واقتحموه خلال أربع وعشرين ساعةً خرجت تظاهرات في كثير من مناطق العراق، وبعض الفضائيات العربية أَعلنت ذلكَ كقناة الشرقية، والزوراء والعالم، بل وحتى قناة الجزيرة في ليلة الهجوم الاستفزازي عليَّ وفي الساعة الحادية عشرة والربع بتوقيت بغداد، وفي أَثناء برنامج حصاد اليوم اتصل المذيع(هاتفيا) مباشرة على الهواء يستفسر عن أسباب مداهمة منزلي ومكتبي بالنجف الاشرف مِن قبل قوى الأَمن والحرس والشرطة العراقية، فضلاً عن الفضائيات الأُخرى، التي أَجرت معي لقاءات خاصة كالبغدادية، وشبكة النهرين للأذاعة والتلفزيون، والصحافة المحلية والعربية والاسلامية، وأَصدر كثير من الشخصيات والحركات والاحزاب بيانات ورسائلَ من اليسار واليمين والوسط.
* د. فيصل القاسم:(مقاطعا) أرى هناك تعتيماً إعلامياً عليكم في الداخل والخارج؟.
**المرجع احمد الحسني البغدادي: طبيعي لا أَنكر عليك ذلك أَجد هناكَ تعتيماً مِن قبل بعض الفضائيات، وكما انت تعلم أَنَّ الفضائيات فيها النظيفة، وفيها المشبوهة.
* د. قاسم الفيصل:(مقاطعا) إذَنْ بإختصار أنتم مغيبون، لماذا وانت مجاهد وفقيه؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: لأننا نريد تحرير العراق، ونطالب بالسيادة المطلقة، وخروج الاميركان فوراً من بلاد الرافدين الاشم، وحتى لوخرجوا فوراً، لا نريد من الجامعة العربية، ولا من منظمة المؤتمر الاسلامي، ولا من الامم المتحدة أَن تَحُلَّ بمكان الاميركان نعتبر هؤلاء «محتلين» جدد باسلوب جديد وبغطاء جديد، وإِن كانوا هؤلاءِ اكثرهم من ابناء الامة العربية والاسلامية، هذا اولاً.. وثانياً: يجري التعتيم والتغييب علينا، في حين تسلط الاضواء الكاشفة، أما على «مرجعية شيعية» مهادنة للاحتلال، ومحبذة للمشاركة في الانتخابات، وأما رموز «سنية» متطرفة، كأن بلاد الرافدين ليست فيها غير «شيعة» مهادنين، وغير «سنة» متطرفين وحسب.
*د. فيصل القاسم: والعراق الآن ما هووضعه باختصار؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: العراق الان من خلال الانتصارات النوعية، ومن خلال تصعيد المقاومة الاسلامية، ومن خلال هذه المكاسب والمنجزات الكبرى سيهزم اميركا خلال هذه السنة من العراق ولذا نرى كيف بادر الاميركان بسرعةٍ مذهلة بإقالة الحاكم العسكري (جي غارنر) الذي عين ابان الاحتلال مباشرة، ولكن بعد التصعيد والصمود البطولي نصبوا (بريمر) كمندوب سامي، وحاكم مدني للعراق وبعد فشل هذا وذاك لادارة دفة الحكم في العراق، سارعوا لتأليف مجلس الحكم، ثم الحكومة الانتقالية الاولى، والثانية، والثالثة الدائمة المنتخبة «بين قوسين» ذلك كله في سبيل ان تخرج بوجه أبيض حتى لا تتهم بهزيمة فيتنام المنكرة.
*د. فيصل القاسم(مقاطعاً): يعني تريد أن تقول أن الطبقة السياسية الموجودة في العراق «طبقة عميلة» ولا محل لها من الاعراب، هذه الطبقة ـ يا سيدي ـ انتخبها الشعب العراقي، أنتم الآن تتحدثون عن العراق، كما لو كان العراق في حال يرثى له، الان لديكم حكومة جديدة في العراق اليس حرياً بكم ان تبتهجوا بهذه الحكومة، وبهذا الوضع الجديد؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: العملية السياسية من خلال إجراء «الانتخابات»، ومن خلال كتابة «الدستور الدائم» اكد عليها الاميركان والتابعين لهم بعد ان سقطوا في المستنقع العراقي، ولهذا اكدوا على تنفيذ العملية السياسية على الطريقة الاميركية، وتحت حماية الحراب الاميركية والتخطيط الموسادي، هذا شيء مرفوض عندنا، وبوصفنا إسلاميين لا يسوغ عندنا إمرة الكافرين على المسلمين إطلاقاً، ولا يسوغ للوكلاء والمخبرين الترشيح من أجل الوصول الى «البرلمان» العراقي، و...
*د. فيصل القاسم(مقاطعاً): هل تريد ان تقول(الآن) أَنَّ الحكومة التي...
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعا): في عقيدتي هم لُمَّةٌ من العملاء والجواسيس، وهم بـ«التحديد» القابعين في المنطقة الخضراء، اذا هم ـ كما يزعمون ـ انتخبوا مِن قبل الشعب فليخرجوا الى المنطقة الحمراء، هذا لا يحتاج الى تفسير ودليل، وانما كانت مسرحية الانتخابات تزويرٌ، واعلامٌ مضلل في الصحافة العربية والأجنبية.
*د. فيصل القاسم: يا رجل جرت إنتخابات في العراق على مسمع ومرآى وسائل الاعلام العربية والعالمية، والناس فازوا بنزاهة؟.
** المرجع احمد الحسني البغدادي: اذا كان إجراء «الانتخابات» ليس تحت مظلة الاحتلال الاجنبي، ولا من خلال إملاءاته المكشوفة لدى الخاص والعام.. هل تعلم أَنَّ الاميركان يعطون مليارات الدولارات الى مؤسسات المجتمع المدني، والى معظم العشائر والاطياف والكيانات الحزبية، التي دخلت العملية السياسية تحت مظلة الحراب الاميركي، والاملاءات الاميركية.
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): لكن لديكم دستور يا سيدي؟.
** المرجع احمد الحسني البغدادي: مواد وبنود الدستور الدائم فيه تناقضات آيديولوجية صارخة، حتى في ديباجته لم توجد فِقْرَة في حرمة بناء القواعد العسكرية الاجنبية في العراق هذا أولا...
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): لكن الشعب العراقي اختاره وصوت عليه!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعا): وثانياً وفيه ـ كذلك ـ تناقضات خطيرة مثل المادة الثانية فِقْرَة (أ) دين الدولة الاسلام، والتشريع الاسلامي هوالمصدر الاساسي.. في حين في فِقْرَة (ب) تقول أنَّ لا تنافي مباديء الديمقراطية، أَلم يكن بين الفقرتين تناقض آيديولوجي صارخ بين الديمقراطية الليبرالية، وبين التشريع الاسلامي، الذي لا يتبدل ولا يتغير، وأُريد أن اختصر لكَ المسافة بذكر مفردةٍ واحدة وهي: لو خرجت تظاهرات جماهيرية صارخة وصاخبة تطالب بتشريع قانون زواج المثلين الذكرمع الذكر، والانثى مع الانثى، فعلى صعيد تحقيق «الديمقراطية» لابد من تشريع هذا القانون وتنفيذه، لكن هذا من وجهةٍ اسلامية مِن أَكبر المحرمات الشرعية؟!..
* د. فيصل القاسم: انت تشكك بالدستور، وتشكك في الانتخابات، وتشكك بالعملية السياسية، ولكن الدستور صوت عليه الشعب العراقي.. إذَنْ لماذا تشكك في هذه الموضوعات الاساسية؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: يصف الله في كتابه الكريم هذه الحالة على لسان نبي الله يوسف الصديق (ع) قائلاً:﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ سورة يوسف، الآية(39) أَنا أَُعَبِّرُ دائماً في أَدبياتي إِنَّ هناك «إستحماراً» يسود مكونات الشعب العراقي، وإِن كان الدكتور شريعتي المفكر الايراني قد سبقني في ذلك ووصف الأُمَةُ بذلك، لأَنَّ..
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): ما معنى استحماري!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ سورة يوسف، الآية(39)، ﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ سورة الزخرف آية 78.. كيف يجوز أن يصوت الشعب العراقي على الدستور، وهو لم ولن يقرأه اطلاقاً، بل هو غير متفقه، ولا دارس للفقه والقانون والسياسة، حتى لو تنازلنا أنَّ الشعب هو الذي يقوم بكتابة الدستور وصياغته، مضافاً الى أنَّ الدستور عندما طبعت مواده وبنوده لم يعمم على جميع أبناء الشعب بكل مكوناته، وبكل اديانه، وبكل اطيافه المختلفة، ولم يناقشوه لمدة زمنية طويلة أسوة بدول العالم المتقدمة، بل كتب وصدق عليه بفترة زمنية قصيرة بعدما كتب باملاءات صهيونيةـ اميركية في البيت الاسود. اقول لك صراحة اذا انتصرنا نحن كمقاومةٍ سوف نلغي الدستور الدائم الاسود من حيث المبدأ.
*د. فيصل القاسم: طيب سماحة السيد جميل جداً.. انت تشكك في الدستور، وتشكك في كلِّ شيء في العراق الآن، لكن يا سيدي هناك مرجعيات أُخرى.. مرجعيات لها قاعدة شعبية عريضة نشاهدها على التلفزيون، ونعرف عنها الكثير.. لماذا انت بالذات تخرج عن السرب، أو تخرج عليه، وهناك مرجعيات أُخرى ماذا تقول فيها، ولماذا هذا الموقف «العدائي» من تلك المرجعيات؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: نحن كذلك لدينا قاعدة شعبية عريضة تؤيد توجهاتنا المناهضة والمقاومة للاحتلال الاجنبي هذا اولاً.. وثانياً: كلما يظهر في الساحة فرعون جديد.. يقابله نبي جديد فهولاء...
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): اذن المرجعيات فراعنة؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): فراعنة هذا العصر.. طبيعي اذا كانوا مع الاحتلال، ومع العملية السياسية المشبوهة. قد تسأل: لماذا ـ وهذه نقطةٌ مهمةٌ جداً يجب فهمها الان ـ المرجعيات الدينية في النجف الاشرف يوجد فيها «مرجع» واحد مبرز بين العراقيين، لكن ليس له رؤى سياسية، ولا يعرف في «الجملة» ما يدور حوله من مؤامرات خبيثة في ساحة مكتبه، وأَنَّ مَن يُسير الامور ولده، وصهره، وجهازه الاداري، أو ما يسمى بـ«الحاشية»، وحتى الآن لم ولن يفتي بطرد المحتل، أو بحرمة وجوده على الاقل، بل دعم ديمومة الاحتلال، بل وحتى الآن لا زال يقع في تناقضاتٍ صارخةٍ حين يقول إِني متحفظ على ما ورد من مواد وبنود «قانون ادارة الدولة العراقية»، ولا تستجيب قائمة الاتلاف الموحدة للأخذ برأيه، بل وقعوا على تأييد مواد وبنود هذا القانون بما فيه من تناقضات تخالف مباديء الشريعة الاسلامية الخاتمة.
من هنا نكتشف أَنَّ «المرجعيات» في النجف الاشرف لم تكن لها خبرة سياسية، ولم يكن لها موقفاً واضحاً وجريئاً لالغاء الدستور الدائم، وليست لها علاقة صميمية مباشرة مع الجماهير الساحقة، لهذا يوجد طلاق بائن بينها وبين الجماهير المستضعفة.
* د. فيصل القاسم: ولكن يا سيدي ألا تعتقد أنَّ هذا الكلام لا يسنده الواقع.. عندما ننظر الآن الى الساحة السياسية، نجد أن الاحزاب العراقية، وكل الشرائح الاجتماعية لا تفعل شيئاً الا بالعودة الى المرجعية الدينية، اذن هذه المرجعيات تؤدي دوراً جوهرياً في العملية السياسية، وليست بالهامشية التي تصفها أّنت ولها قواعدها وتأثيرها الكبير.. فهل تختلف مع هذا الطرح؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: تُذكرني بمقولةِ أَحد «رموز مجلس الحكم» الذي أَنشأه المندوب السامي«بريمر» عندما يحتدم الصراع بين اعضاء المجلس، ولا يصلون الى حل المشكل، ويصبحون في طريق مسدود يرجأ البعض منهم كل شاردة وواردة الى«المرجعية الدينية» القابعة بالنجف الاشرف فرد على هذا التصرف اللامعقول ـ ما معناه ـ يا إِخوان فلننقل «مجلس الحكم» الى مكاتبهم، وتكون النجف هي العاصمة الفعلية، بدلاً من بغداد.. يا إِخوان «المرجعية» في النجف الاشرف باعترافها هي «مرجعية تشريفية»، وليست حاكمة علينا في كل صغيرة وكبيرة، نحن لدينا آيديولوجيتنا، ونؤمن بمبادئنا، ونحترم آرائنا.
اقول لك صراحة هذه لعبة تضليلية في سبيل أَن يزجون «المرجعية الشيعية» مع المشروع الاميركي في حين أَنَّ الكثير من المراجع في قم، وفي لبنان، وفي النجف ضد المشروع الاميركي.
ومن هنا... سأطرح لك ـ يا اخ فيصل ـ توجهاتها السياسية الى ثلاثة اقسام:
القسم الاول: يؤيدون «العملية السياسية» الجارية في العراق، وبـ«قناعات وطنية خالصة»، بَيْدَ أَنهم يحاولون على قدر المستطاع إِخراج القوات الاميركية وبفترةٍ زمنية محدودٍ شريطة بعد إِستتباب الأمن في ربوع الوطن.
والقسم الثاني: يريدون محاربة الاميركان في العراق فقط، واجهاض مشروعهم الجديد في المنطقة، وأنهم لا يساندون «العملية السياسية».
القسم الثالث: يحاولون بكل الطرق اللامشروعة دعم الاميركان، ودعم العملية السياسية، ودعم المشروع الاميركي في المنطقة، وهؤلاء عملاء أعداء للدين والوطن والامة، وتترتب عليهم آية الجزاء ـ على ما ارى ـ من وجهة فقهية إسلامية.
* د. فيصل القاسم: اين يوجد هؤلاء؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: يعملون مع الحكومة الدائمة المنصوبة من قبل المحتل، وهم الان اكثرهم يعيشون في المنطقة الخضراء، ومكشوفون مِن لدن أبناء الأُمة في العراق، ولذا لا نراهم يخرجون الى المنطقة الحمراء.
* د. فيصل القاسم: لكنك تقول هذه المرجعيات يزج بها بطريقة عشوائية، ـ يا سيدي ـ هذه المرجعيات تتمتع بثقل هام وكبير على الارض، ووزير الخارجية الاميركي «الأَسبق» كسنجر قال:ـ ما معناه ـ لو أفتت المرجعيات الدينية بخروج الشعب العراقي الى الشوارع ضدنا لمدة اسبوع لما بقينا في العراق ساعات، إِذَنْ هذا ليس صحيحاً ماتقوله إِنَّ المرجعيات معزولة، وليس لها وجود يذكر، بل لها ثقل كبير، وهذا الكبير!.. اكبر من ثقلك، وثقل مرجعيتك بعشرات المرات!!.. طيب انت ماذا تقول للشعب العراقي كمرجع؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: اقول للشعب العراقي واؤكد إِنَّ الجهاد الدفاعي ضد العدو الاميركي لا يشترط فيه الرجوع الى فقيه أم مرجع، تجد مجاهدي الشيعة يقاتلون ضد القوات الاميركية والبريطانية، وهم لا يرجعون الى «مرجع» ليأخذوا الاستئذان منه لكي يقاتلوا، بل وحتى انهم لا يرجعون الى «مرجع» يؤمن بالكفاح المسلح وهوالطريق الوحيد لتحرير الارض والانسان العراقي لانهاء الاحتلال، لهذا لدينا خطوط كثيرة لا يستهان بها يقاتلون من غير استئذان «المراجع» وهم مقلدون لبعض «المراجع» الذين يؤيدون ويساندون العملية السياسية تحت مظلة الاحتلال الكافر الفاقد.
* د. فيصل القاسم(مقاطعا): تريد أَن تقول لي إِنَّ الاعلام يضلل الناس عندما يتحدث فقط عن المقاومة السنية؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): العواصم الخمسة المشهورة كالاسلام والجزية من حيث يشعرون أَو لا يشعرون، وأما اشكالك عليَّ بأني أُريد إِنَّ اقول أَنَّ الاعلام يضلل الناس عندما يتحدثون فقط عن «المقاومة السنية»، هذا الاشكال لا يحتاج الى تفسير ودليل عندما غزا الاميركان العراق تصوروا أَنَّ الورود والزهور سوف تنثر على دباباتهم، وتنشد الاهازيج الشعبية مِن أَجلَّهِم بوصفهم أنهم رجالاً محررين لا فاتحين، ولكن بفترة زمنية وهي بالتحديد بعد عشرة أَيام بدأت المقاومة النوعية.
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً) سماحة السيد..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): اسمحوا لي ـ يا اخي فيصل ـ أن اكمل حديثي: ارتبك الاميركان حينما وجدوا هذه المقاومة النوعية فزعموا إِنَّ المثلث السني هو الذي يقاوم، ولكن هذا الزعم باطل أَلبته من حيث انه لم يكن عندنا«مثلث سني أم مربع شيعي» الشعب العراقي بكل اطيافه ومكوناته واديانه يقاتلون ـ يا اخي فيصل ـ، بيد ان هناك تعتيماً وتهميشاً للمقاومة، طبيعي هذه مؤامرة مقصودة.
وبالمناسبة أَدعو كل فرد عراقي لديه قناعات وطنية ـ الان ـ انكشفت المؤامرة، بتوزيع الادوار لخدمة المشروع الاميركي في المنطقة لذا وجب عليه أن ينسحبوا من «البرلمان» و«الحكومة»، فاذا كانوا فيهم الخير لتحرير العراق وانهاء الاحتلال ليكونوا مثل جيفارا حرر كوبا من الدكتاتور باتيستا، ورفض حقيبة وزارة التجارة، وذهب الى بلد آخر ليحرره من الهيمنة الاميركية الاستدمارية، ومن العيب على هؤلاء أَن يتخاصموا على الحقائب الوزارية السيادية.. ذلك كله من أَجل كسب الغنائم والمناصب تحت قاعدة:«هذا لك وهذا لي». وهناك لعبة محتملة وهي إِنَّ الاميركان قد يقوموا بانقلاب عسكري بعنوان حكومة انقاذ وطني لخلاص العراق والعراقيين من هذه الازمة القائمة، لذا اقول الأَزمة لا تحل ما دام هناك احتلال، فيجب أن نقاتل من اجل الدين والوطن والأُمة، حتى لوهدرت آخر قطرة من دمائننا، حتى لونسفت آخر بنانا التحتية، حتى لو أكلنا القمامة.. نقاتل ما دام هناك إحتلال، وهذا النهج الكفاحي، الذي آمنت به كل حركات التحرر العالمية.
*د. فيصل القاسم، إذَنْ هذا الكلام عن المقاومة في العراق، وانها محصورة في مكان معين كذبة اعلامية، وأن الشيعة منخرطون في المقاومة؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: والدليل على ذلك انتفاضة صفر ـ نيسان العام 2004م الميدانية المسلحة، بل ولا اكتم عليك سراً إِنَّ أول طلقة «شيعية» ثارت ضد الاميركان من قضاء بعقوبة ونقلها لي شخصية وطنية عروبية كبيرة وهومن اهل السنة والجماعة.
هذا.. وبعد فشل المشروع الاميركي في المنطقة بسبب تصدي وصمود المقاومة العراقية للآلة العسكرية الاميركية والبريطانية أعلنوا بأن «المثلث السني» هو الذي يقاوم في سبيل ان يُوْهِمُوا للرأي العام العالمي بأنَّ «الشيعة» مع المشروع الاميركي قواعد وقيادات!!..
والله.. أنه لقسم عظيم لولا المقاومة الوطنية والاسلامية لنفذوا المخطط، الذي جاءوا مِن أَجلِّهِ وهو إحتلال سوريا ولبنان ـ بالتحديد ـ من اجل الوصول الى حزب الله بوصفه هزم جيشاً لا يقهر، وأنَّ كلَّ «الحروب الخمسة» قد فشلت فشلاً ذريعاً بين المؤسسة العسكرية الصهيونية، وبين الجيوش العربية.
* د. فيصل القاسم: لكن سماحة السيد.. هل تستطيع أَن تنكر بأنَّ هناك قِطاعات شيعية واسعة لا يؤمنون بهذا الكلام عن المقاومة، وهم يؤمنون فقط بـ«العملية السياسية»، وحتى هناك «مرجعيات كبيرة» تقول لهم نحن لا نريد ان نقاوم الاميركان.. فماذا تقول للشيعة الذين لا يسيرون على خطى المقاومة؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: من العجيب أَن يصدر هذا الاشكال من خلالك، وانت الرجل الواعي والمتطلع عن الشأن العراقي، لاني قلت لك في بداية الحديث إِن «الشيعي» يقاتل في تكريت، و«السني» يقاتل في النجف الاشرف، ولكن هناك تعتيماً مقصوداً على المقاومة، التي توجد في وسطه وجنوبه في سبيل أن يُدخلوا في ذهنية الرأي العام العربي والعالمي بأنَّ «الشيعي» مع المشروع الاميركي، ولذلك يركزون ويؤطرون آراء «المؤسسة الدينية» في النجف الاشرف بـ«المراجع الاربعة» هذا التأطير مشبوه مضلل حيث لا يوجد في المدرسة الامامية اطلاقاً تأطير لـ«المرجعية الدينية»، كما يوجد في «المدرسة السنية».
إِنَّ «المرجعية» عندنا مفتوحة على كلِّ مَنْ حاز مرتبة الاجتهاد الفعلي لا الملكي، فمن حقه أن يتصدى للفتيا والتقليد، ولا حسيب عليه ولا رقيب من دولة، أم مؤسسة، أم حزب، أم جمعية، ويمكن أن أصف لك نهج المرجعية «الشيعية» بـ«الفوضى العقلانية»، ولذا نجد طبعت خمسمائة «رسالة عملية» في «ايران الثورة»، وفي مقدمهم رسالة السيد الخامنئي، وفي لبنان عدة مراجع، وفي مقدمهم السيد فضل الله، ونحن في النجف الاشرف عندنا مراجع وطنيين إسلاميين عليهم تعتيم بسبب محاربتهم للامبريالية الاميركية، والثكنة الاسرائيلية في فلسطين المحتلة.
* د. فيصل القاسم: كم نسبة الشيعة الذين يسيرون على هذا الخط المقاوم؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: أُقسم بالله العلي العظيم إلا النزر القليل مع المشروع الاميركي، بل هناك أَحزاب عميلة، وليست لها قواعد شعبية هي التي تزمر وتطبل لدعم المشروع الاميركي في العراق، وفي المنطقة برمتها بوصفها تمتلك الدولار الاصفر، والاعلام المضلل.
*د. فيصل القاسم:يا سيدي هناك من يقول إِنَّ «المرجعيات» لها قدسية كبيرة، وهذه القدسية محترمة لا يمكن بحال من الاحوال الطعن بها، لهذا السبب الجميع يسير وراءها.. ماذا تقول؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: لم يكن عندنا نحن «الشيعة» الامامية في دستورنا الاسلامي«مقدس»، والمقدس من وجهة نظرنا هو الله تعالى بوصفه المطلق، ونحن قد نخطأ وقد نصيب، ولذا يعتقد «الشيعة» بعدم «عدالة الصحابة» في عصر الرسول محمد(ص) بشكل مطلق، وهذا بخلاف رأي اخواننا أهل «السنة والجماعة»، الذين يعتقدون بـ«عدالة الصحابة» في عصر الرسول محمد(ص) بشكل مطلق، و«الشيعة» الآن أصبحوا مثل: «أهل السنة والجماعة» يقولون بـ«عدالة المرجعية الدينية» بوصفها مقدسة، وهذا من رابع المستحيلات من وجهة قرآنية يمكن أن يصار عندنا الصالح، والطالح، وعندنا العادل، والفاسق.. وعندنا الوطني، والجاسوس، وعندنا العاقل، والمجنون.
*د. فيصل القاسم:(مقاطعا) هناك مرجعيات صالحة وعميلة في نفس الوقت؟..
**المرجع احمد الحسني البغدادي: نعم.. يمكن أَن يكون ذلك، والعاقبة للمتقين.
*د. فيصل القاسم: ولكن هذا إتهام خطير يا سيدي؟.
** المرجع احمد الحسني البغدادي: عندي دليل فقهي قوي هم «يفتون» في «رسائلهم العملية» اذا اردت ان تُقَلِّدَ فقيهاً يجب أن يكون الفقيه عادلاً مخالفاً لهواه مطيعا لامر مولاه، عندئذ من حق العوام أن يقلدوه، وبمفهوم المخالفة.. فإن لم يكن مخالفا لهواه، وإن لم يكن مطيعا لامر مولاه فليس للعوام أَن يقلِّدوه بوصفه فاسقاً، لا يطبق أحكام الاسلام هذا اولاً.
وثانياً: من شروط المقلد(بفتح اللام) أن يكون عاقلاً، فإن لم يكن عاقلاً بل أصبح مجنوناً، فلا يجوز تقليده.
وثالثاً: من شروط المُقَلَّد(بفتح اللام) أن يكون عادلاً، فان لم يكن عادلاً، بل أصبح ظالماً، فلا يجوز تقلِّيده اطلاقاً، وهكذا دوليك.
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): من قال لك إِنَّ المرجعيات الموجوده في العراق لا تتمتع بكل هذه الصفات العظيمة التي ذكرتها؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: في احد الايام وفي برنامج الاتجاه المعاكس عندما انتقد احد المتخاصمين، وهو من الشخصيات العروبية رمزاً من رموز «المرجعية» بالنجف الاشرف بسبب موقفه الغامض من الاحتلال في العراق أُثيرت ضدَّهُ ضجة، وخرجت في بعض المدن العراقية تظاهرات «إستنكارية» ضد قناة الجزيرة، لقد تعجبت في حينها لهذا النفاق السياسي اذا ثبت ان هذا «المرجع الكبير» يتعاون مع الاميركان ضد الدين والوطن والشعب، ويعمل لصالح المشروع الاميركي في المنطقة يجب تصفيته جسدياً من وجهة فقهية، وليس انتقاده وحسب. أما اذا كان يناهض الاحتلال، ويساند المقاومة المشروعة، ويتحسس بآلام المستضعفين، ويدافع عن حقوق الفقراء والمساكين نقدم ارواحنا له فداءً بوصفه أَصبح مرجعاً رسالياً، وقائداً ثورياً، وشاخصاً إسلامياً.
*د. فيصل القاسم: طيب أَنت لماذا دائماً تتحدث أَنه يجب على الشعب العراقي أَن يقاتل، وأَن يتصرف بعيداً عن رأي «المرجعية»، واستهجنت الضجة، التي حدثت في العراق قبل أشهر على بعض الذين تحدثوا عن «المرجعيات»، ولكن اليس من حق الشعوب أَن تحترم مرجعياتها، وان تستجيب الى كلِّ ما تقوله هذه «المرجعيات»؟..
** المرجع أحمد الحسني البغدادي: هذا الاشكال خلاف سيرة الانبياء، والاوصياء، وخلاف سيرة القادة الاسلاميين ـ قديماً وحديثاً ـ لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بتطبيق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الم يكن المحتل الاميركي الكافر من المنكرات القبيحة؟!..
اليس هو الذي يكذب رسالة خاتم الانبياء محمد(ص)؟!..
وكيف لا نقاتله ونطالبه بالرحيل عن دار الاسلام؟!..
اليس السكوت عنه خلاف القرآن والسنة والاجماع والعقل والوجدان والتأريخ؟!..ألم يكن هؤلاء مصداق قوله تعالى﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾( )
* د. فيصل القاسم: اذن انت ضد هذا «الاجماع» الذي دافع عن المرجعية الدينية؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: بل انا ضد الاجماع الاستحماري،لان الله تعالى يقول:﴿أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾( )، و﴿لَا يَفْقَهُونَ﴾( )، و﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾( )، و﴿لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾( ) ولهذا فاني لست ضد الفقهاء المراجع المقاومين الثوريين الرساليين بوصفهم أَبطالاً تأريخيين في مقاومة المحتلين الكافرين، لأن الله أمر علماء الأمة بأن يكونوا شهوداً عليهم بأن لا يكتموا حديثاً كما ذكر في محكم كتابه الكريم إذ قال:﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾( )
* د. فيصل القاسم: طيب السؤال المطروح سيدي.. هل تريد ان تقول بعبارة أو بأخرى عجباً كيف خرجت هذه التظاهرات دفاعاً عن المرجعية، ولم تخرج دفاعاً أو ضد الرسومات التي طالت النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام في العراق؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: لا في العراق خرجت تظاهرات جماهيرية صارخة وصاخبة ضد الرسومات التي طالت الرسول القائد محمد(ص).
ومهما يكن من هذه الاشكالية الشعب العراقي يؤمن بـ«العقل المنفعل» الذي يتأثر دائماً بـ«العقل المجتمعي» اضرب لك مثلاً لتوضيح هذه النظرية: عندما تخرج تظاهرة شعبوية من اجل تسقيط شخصية اسلامية، أم وطنية -مثلاً- نجد الكثير من الذين يؤمنون ايماناً مطلقاً وحقيقياً بهذه الشخصية الاسلامية، أم الوطنية، بَيْدَ أَنهم يتأثرون في الجملة بهتافات وشعارات هذه التظاهرة المليونية بلا تعقل، وبلا حكمة، وبلا روية، بل الكثير منهم يشترك في تلك التظاهرة، ولا يعرف ما هوهدف هذه التظاهرة.!. وهذه هي حقيقة واقعة على طول التأريخ.
* د. فيصل القاسم: وكم نسبة الوطنيين، وكم نسبة العملاء باختصار؟..
**المرجع احمد الحسني البغدادي: 75% من الشعب العراقي توجهاته وطنية وعروبية واسلامية، ويؤيد المقاومة الوطنية منها والاسلامية العملياتية منها والسياسية، والبقية الباقية بين مخدوع، أم وكيل، أم مخبر.. وبين متحفظ، أم منافق، أم مستحمر.
* د. فيصل القاسم: هل يمكن الحديث عن افخاذ شيعية عربية، وافخاذ شيعية غير عربية في العراق، والتركيز على الافخاذ غير العربية واعطائها هذه الضجة الاعلامية؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: تعجبت من تصريح للرئيس محمد حسني مبارك وهو رئيس دولة عربية كبرى ورد فيه(ما معناه): أَنَّ شيعة العراق لهم علاقات صميمية، وعلى الصعد كافة مع ايران، وكان هذا التصريح مِن وجهة نظري خطأًً استراتيجياً، بل وايديولوجياً، لأَنَّ «شيعة» العراق لهم عاداتهم وتقاليدهم، التي تختلف عن عادات وتقاليد «شيعة» ايران في الجملة، ونحن قد نتفق معهم في «الانتماء المذهبي»، ولكن لوإنحرف الايرانييون لا كدولةٍ ثورية إسلامية، وأصبحوا يتعاونون كمتآمرين ضد العرب والمسلمين نحن نحاربهم. أما اذا بقوا يتعاونون مع العرب والمسلمين، ويدعمون قضاياهم ومصالحهم وطموحاتهم نحن ندافع عنهم بكل غال ونفيس.
* د. فيصل القاسم: لكن سماحة السيد.. انت تتحدث عن أَنَّ الشيعة في العراق كتلة واحدة، والحديث عن أَنهم يتبعون هذه الجهة، اوتلك هذا الكلام مردود عليه وغير صحيح، ولوكان هذا الكلام صحيحاً لماذا نرىـ مثلاًـ الاميركان الآن يتفاوضون مع الايرانيين حول مستقبل العراق، وليس مع الدول العربية الشقيقة.. ماذا يمكن أن نفهم مِن هذا؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: هذا السؤال مهم جداً، يمكن أَن تكون هناك مفاوضات بين الجانبين علانيةً أم سراً، ولكن أنا اقول صراحة للاخوة الايرانيين هذا الحوار مرفوض جملةً وتفصيلاً في الشأن العراقي، ولكن لو تنازلنا لظروف قاهرة نحن نطالب القيادة السياسية الايرانية الالتزام بالشروط التالية: تطالب بخروج الاميركان فوراً من العراق وبلا جدولة زمنية، والاحتفاظ بعروبة العراق، ومنح السيادة المطلقة للعراقيين بلا قواعد عسكرية، وبلا حكومة عميلة. ثم نحن عندنا شراكة مصيرية، ومصالح مشتركة مع الاخوة الايرانيين في خلاص المنطقة برمتها من المشروع الاميركي الصهيوني.
* د. فيصل القاسم: طيب يا مَنْ يسمونك في العراق جيفارا المرجعيات، أو جيفارا الايات، اوسمعت من هذا الكلام منذ بداية هذا اللقاء تطبل وتزمر وتدعو الى التصدي والمقاومة ـ يا سيدي ـ أَية مقاومة..مقاومة ـ الان ـ تقتل الشرطة العراقية، والجيش العراقي..هل أنت مع هذا النوع من المقاومة؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: قبل كل شيء يجب أن تعرف هناك فرق بين المقاومة، وبين الارهاب.. المقاومة المشروعة تستهدف الدبابة الاميركية، تستهدف الثكنة العسكرية الاميركية، تستهدف العملاء والجواسيس المخضرمين، الذين جاءوا على ظهور الدبابات الاميركية.
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): يعني الذين جاءوا على ظهر الدبابات الاميركية مستهدفون من قبل المقاومة؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: طبعاً كل من يتعاون مع الاحتلال كمخبر، أم وكيل، أم عميل يهدر دمه وتطبق عليه آية الجزاء القائلة..
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): يعني سماحة السيد..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَويُصَلَّبُوا أَوتُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَويُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾( )
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): سماحة السيد
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): ثم بالنسبة لهذه العمليات الارهابية، التي تنفذ في الاحياء الشعبية من خلال السيارات المفخخة، والأحزمة الناسفة فان عملاء الموساد الاسرائيلي، والسي. آي. أي الاميركية، وأم. آي. سكس البريطانية هم مَنْ يقومون بكلِّ هذه الاعمال الارهابية أَو سببها الدستور الدائم القائمة بنوده على المحاصصة الطائفية والتقسيمية، كُلُّ هذه الاعمال الارهابية من خلال...
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): سماحتكم...
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): اعطني مجالاً ـ يا دكتور فيصل ـ من اجل ان يعرف شعبي واهلي خطورة المؤامرة حتى يفهموا الحقيقة بكل تفاصيلها ـ ك«قانون تحرير العراق» السيء الصيت، الذي لا يستهدف العراق وحسب، وانما يستهدف المنطقة برمتها وبخاصة ايران الاسلامية، وسوريا التقدمية مِن أجل الوصول الى حزب الله الذي هزم جيشاً لا يقهر من خلال الحروب العسكرية النظامية.
وقد جندوا من خلال هذا القانون، الذي سن العام 1998 من العراقيين مهجرين ومهاجرين، تعطى لهم الرواتب الخيالية المنتظمة مقدمة لاسقاط النظام السابق في العراق، والبعض من هؤلاء انخرطوا بوصفهم لهم قناعات وطنية، ويعتقدون انه لا يمكن اسقاط نظام صدام حسين الا من خلال دولة كبرى تمتلك السلاح الهجومي الفتاك، والبعض الاخر جندوا في دهاليز الاستخبارات الاميركية، ودربوا على إثارة الفتنة الطائفية، وتنفيذ العمليات الارهابية في مناطق الاحياء الشعبية والمقامات الدينية.
*د. فيصل القاسم(مقاطعاً): الارهاب اذن..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(مقاطعاً): بهذا اقول كل هذه الاعمال الاجرامية، التي تستهدف الاطفال والنساء والشيوخ كلها من هؤلاء العملاء الذين جندهم الاميركان.
* د. فيصل القاسم: جميل ـ اذن ـ تريد ان تقول ـ كي أوضح الفكرة للمشاهدين بعد هذا السرد ـ أَنَّ الذين يقومون بالعمليات الارهابية هم المحتلون وازلامهم، الذين أتوا معهم على ظهور الدبابات الاميركية، هذا ما تريد أن تقوله، ولكن يا سيدي.. هل يعقل أَن تسمح سيادتكم تفتي ذات مرة لا مانع من قتل المتعاونين بالفعل مع الاحتلال سواء كانوا شرطة أم جيش.. هل يعقل هذا؟!..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: أَنا ما افتيت بقتل الشرطة أم الجيش بشكل مطلق، بل افتيت بالانخراط في هذا السلك شريطة أَن يخترقوه ويعطون ريع رواتبهم الشهرية الى المقاومة المشروعة مِن خلال الاستئذان مِن فقيهٍ ثوري حركي، والتنسيق معه، ثُمَّ بعد ذلك أَفتيتُ بقتل الشرطة والجيش إِذا كانوا يتعاونون مع الاميركان في إبادة المجاهدين، واجتياح قواعدهم. أما اذا كانوا يحافظون على ممتلكات الدولة والشعب، فلا يجوز قتلهم اطلاقاً، ومَنْ قتلهم عن عمدٍ وقصد، فهو في أسفل درك من جهنم.
* د. فيصل القاسم: حتى لوكانوا عراقيين.
** المرجع احمد الحسني البغدادي: حتى لو كانوا عراقيين، نعم.. هذه هي أَوامر الاسلام كل من يتعاون مع كافر فاقد للعواصم الخمسة المشهورة في حرب الاسلام والمسلمين يجب تصفيته جسدياً.
*د. فيصل القاسم: ولكن سماحة السيد.. كم من العراقيين ستقتل في هذه الحالة اذا كانت الشرطة والجيش العراقي الجديد معظمهم يتعاونون مع السلطة الاميركية، ويدربون تدريباً اميركياً؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: قد صرحت ـ مراراً وتكراراًـ لا يجوز استهداف الشرطة والجيش «الوطني» اذا كانوا يحرسون المنشآت الحيوية والمؤسسات الحكومية. وأما اذا كانوا يعملون وينسقون مع الاميركان في مطاردة المجاهدين المناهضين للاحتلال الاجنبي يجب قتلهم، وهذا الرأي لم انفرد به، بل رأي فقهاء الاسلام كافة يؤكدون بحرمة التعاون مع الكافرين، ويجب قتل كل من يتعاون معهم، وهذه مسألة لا تحتاج الى تفسير ودليل، بل هي من الضرورات الاسلامية.
* د. فيصل القاسم: سماحة السيد.. هل تستطيع أن تنكر أنَّ من الشرطة العراقيين، والجيش العراقي(الان) يخضعون لتدريب اميركي.. فهل تريد ان تقتل كل هؤلاء؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: ولكن لا يجوز تصفية البعض منهم بوصفهم من المناضلين والابطال التأريخيين، ويعطون الاحداثيات لفصائل المقاومة الوطنية والاسلامية العراقية، وقد وجه لي سؤال في غاية الاهمية أنه: لوهجم افراد الجيش«الوطني» العراقي بمعية الجنود الاميركان، وأرادوا قتلي، وسبي عائلتي بحجة إِني من الارهابيين.. فهل يجوز الدفاع بالوسائل الممكنة، واذا كان جائزاً شرعاً وعرفاً من وجهة نظركم بوصفهم متعاونين مع الكافر الحربي، بيد أن البعض منهم ينسقون مع المقاومة العملياتية الميدانية والسياسية.. هل يجوز تنفيذ الحكم بحقهم؟.. فكان جوابي للسائل واضحاً اذا توقف الانتصار على قتل المتعاون معنا أو جرحه.. يتحقق الضمان في هاتين الصورتين هذا اولاً، وثانياً:...
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً):اذن هناك تنسيق بين المقاومة، وبعض جهات الشرطة، والجيش العراقي؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعا): قتل ما يسمى بـ«الشرطة العراقية، والجيش العراقي» بشكل مطلق من اعظم المحرمات الشرعية بوصفهم من المسلمين،﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾( )
* د. فيصل القاسم: اما الذي يتعامل مع الاحتلال يجب قتله؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: نعم اذا كان مخبراً، أم وكيلاً، أم يطارد المجاهدين مع العدو الكافر.
* د. فيصل القاسم: طيب يا سيدي اسمح لي ان اعود لك بنفس السؤال من خلال خطابك تتحدث عن عروبتك، وعن حبك للمقاومة المشروعة، وكاسلامي ثائر، وكل هذا الكلام، ولكن البعض الآخر لا يرون فيك هذه المواصفات، ويحسبك في واقع الامر محسوباً على معسكر «الارهابيين» خاصة، وان الزرقاوي استثناك من تهديداته الاخيرة.( ) انت والصدر«تقريباً»، وهدد المرجعيات الاخرى، بل هدد جميع «الشيعة»، اما انت مستثنى ـ إذَنْ ـ انت مع جماعة الزرقاوي الذي يذبح، والى ما هنالك من تصريحات؟..
** المرجع احمد الحسني البغدادي: انا اقول صراحة ـ والحق يقال ـ أنا مع كل من يقاوم ويستهدف القوات الاميركية حتى لو جاء المجاهد العربي المسلم من خارج الاقليم الجغرافي.
* د. فيصل القاسم(مقاطعاً): سيدي لوسمحت..
** المرجع احمد الحسني البغدادي(متابعاً): ويستهدف الدبابة الاميركية، أم القاعدة العسكرية الاميركية(فقط)، فهذا من وجهة نظري يسمى مجاهداً، وليس ارهابياً كما يزعم البعض، لان الجهاد الدفاعي فرض عين على كل مسلم ومسلمة.
من هنا..سأكشف لك مسألة فقهية مشهورة بين فقهاء الامامية أَفتى بها الشيخ جعفر الكبير المتوفى 1228هـ وهو من كبار فقهاء الشيعة وهو القائل: لو احترق الفقه الامامي لأَلفته من جديد من ألفه الى يائه بفترة زمنية قصيرة إذ يقول(ما معناه): اذا قاتل الخارجي، أم المغالي، أم الناصبي ـ وان كان في عقيدتي لم يكن هنالك من هذه النظائر في هذا العصرـ لردع هجوم كافر، أم لطرد كافر من بلاد المسلمين، فعلى «الشيعي» أَن يرابط ويقاتل مع هؤلاء، وهؤلاء، الذين يقاتلون ضد الكافرين الفاقدين للعواصم الخمسة المشهورة كالاسلام والجزية، اذا كان هذا الشيخ الفقيه المعظم يفتي قبل قرنين من الزمن بضرورة التنسيق والقتال مع «النواصب»، ومع «الخوارج»، ومع «الغلاة»، وانما استند في فتواه الفقهية هذه على أحاديث الرباط، والدعاء لاهل الثغور للامام زين العابدين.
وقد تسأل: مَن هم أهل الثغور؟.. هم الجيش الاموي المرابط ضد الهجمات الغازية الكافرة المحتملة.. هذا الجيش الذي قتل الامام الحسين(ع) في واقعة الطف الرهيبة في كربلاء يدعولهم بالسؤدد والنصر المبين في حرب الكافرين المحاربين بالدمار والبوار والتسيب والضياع مِن أَجل ماذا هذا الدعم المعنوي والميداني الاسلامي؟.. مِن أَجل صيانة التوحيد والرسالة والقرآن من الاندراس والزوال، إذَنْ يجوز، بل يجب علينا ان نقاتل مع «الخوارج»، ومع «النواصب»، ومع «الغلاة» اذا كانوا يستهدفون الآلة العسكرية الأَميركيةِ. أما اذا كانوا يستهدفون الاحياء الشعبية، فلا يجوز التعاون معهم، بل يجب محاربتهم، والبراءة منهم، وهذا الرأي إجماع فقهاء الاسلام من «سنة وشيعة».
*د. فيصل القاسم: إذن بأختصار لكي اوصل الفكرة بسلامة للمشاهد أنت لا تمانع وجود أُناس مثل الزرقاوي، وابن لادن وجماعته في العراق اذا كانوا يقاتلون ضد الاميركان؟
للتكملة اضغط على الملف المرفق..