الحوار السادس والثلاثون مع صحيفة «المحرر العربي» الدولية الإِسبوعية بتأريخ 5 آيار 2006م
الحوار السادس والثلاثون
مع صحيفة «المحرر العربي» الدولية الإِسبوعية بتأريخ 5 آيار 2006م
أجرى الحوار: وائل النعيمي
صحيفة «المحرر العربي» تحاور قطباً من اقطاب مقاومة المشروع الأميركي في العراق على هامش المؤتمر القومي العربي السابع عشر المنعقد في الدار البيضاء في المملكة المغربية بتاريخ 5/ايار/ 2006
تميز «المؤتمر القومي العربي» التاسع عشر الذي عقد مؤخراً في مدينة الدار البيضاء المغربية بحضور عراقي مميز تمثل بالمرجع الديني السيد أحمد الحسني البغدادي وهومن كبار مراجع النجف الأشرف، والفقيه المرجع البغدادي من المناهضين الشرعيين والفقهيين للمشروع الأميركي - الصهيوني في العراق والمنطقة، وعلى هامش ما طرحه الفقيه المرجع في المؤتمر التقت صحيفة «المحرر العربي الدولية الاسبوعية» به لتوضيح أفكاره.
تحدَّث سماحة المرجع السيد البغدادي في كلمته التي ألقاها في المؤتمر, فتطرَّق إلى محورين رئيسين هما دور المقاومة الوطنية والإسلامية العراقية، وتداعيات الفتنة الطائفية.
وأوضح السيد البغدادي أَنَّ الجهاد الإسلامي ينقسم إلى جهاد ابتدائي، ودفاعي، الأول هوغزوالعالم من أجل نشر كلمة التوحيد والرسالة والقرآن والسنة الصحيحة, وهذا الجهاد, حسب رأي السيد البغدادي, مشروط بوجود المعصوم (عليه السلام)، وهذه المسألة قام عليها المشهور الفقهي، في حيث شذّ عنها الإمام المجاهد المرحوم السيد محمد الحسني البغدادي(جده)، وغيره، حيث قالوا: لا يشترط وجود المعصوم واستئذانه إطلاقاً إذا تهيأت الظروف الموضوعية والذاتية، وتهيأ الجند والسلاح والمال، بل وحتى لوتهيأ البايلوجي والكيمياوي والجرثومي نحتل العالم في سبيل نشر كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله على قبة موسكو، وقبة واشنطن، وقبة باريس.
وأشار البغدادي: إلى أن هذه النظرية - على ما أعتقد - لا تتحقق في عصر العولمة الرأسمالية الربوية الإمبريالية الأميركية، وعصر القطب الاحادي الكوني المنفرد في الساحة العالمية، وهذان يستهدفان هذه الأمة من أجل إغراقها في التسيّب والضياع والدمار لأجل سيادة الفقر والجهل والمرض، بيد انها تتحقق بعد ظهور الامام المهدي المنتظر(ع).
وبعد ذلك تحدث المرجع البغدادي: عن الجهاد الدفاعي بوصفه «فرض عين» لا يشترط فيه الرجوع إلى فقيه أومرجع ديني، بل يجب على الأمة القتال من أجل طرد الكافرين الغزاة.
وأضاف: إن المقاومة الوطنية العراقية والإسلامية هي الدرع الحصين لهذه الأمة، فلولا هذه المقاومة الداعمة لنفسها ذاتياً، لتمزقت الأمة وذهبت في مهب الريح.
وأشار إلى أن الأميركيين غرقوا في المستنقع العراقي، ووجدوا أنه في اليوم العاشر من نيسان - ابريل عام 2003م أي بعد احتلال بغداد بفترة زمنية قصيرة أطلقت أول طلقة ضد قواتهم الاحتلالية، حيث كانوا يتصورون أَنَّ العراقيين سوف ينثرون عليهم الورود، وينشدون لهم الأهازيج، حينئذٍ عمد الأميركيون إلى الزعم أَنَّ هذه المقاومة تنحصر في(المثلث السني) فقط.
ورفض البغدادي هذا الزعم قائلاً: لا وألف لا، فليس هناك مثلث سني، أو مربع شيعي، فشعب العراق من شماله الى جنوبه، ومن غربه الى شرقه يقاوم هذا الوجود الاحتلالي بكل أديانه ومذاهبه وأطيافه، ويحارب بالبندقية المقاتلة بوصفها الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان.. فالأميركييون حينَ يزعمون أن المثلث السني هو الذي يقاتلهم فهم يريدون إيهام الرأي العام العربي والعالمي بأن شيعة العراق مع المشروع الأميركي الشرق أوسطي الذي سينطلق من العراق، ولكن انتفاضة نيسان/ ابريل 2004 أسقطت شبهة تورط الشيعة مع المشروع الأميركي، لأن هذه الانتفاضة هي مواجهة ميدانية عسكرية ضد الهجوم الأميركي في معظم مناطق الشيعة.
الفتنة الطائفية:
أما في المحور الثاني من المقابلة، فقد تطرق البغدادي الى الفتنة الطائفية وقال (ما معناه):
إن شعب العراق نسيج واحد له علاقات عائلية سببية تارة، ونسبية تارة أخرى، ولذلك فلا يمكن حدوث الفتنة الطائفية، بل هناك حرب سيارات مفخخة، وأحزمة ناسفة، وكما هومعروف فإن الحزام الناسف من مخططات الموساد الإسرائيلي، والاستخبارات الأميركية لأجل إشعال الفتنة، ولهذا نجد الإعلام المضلل يصف ما يحدث بأَنَّه «قتل على الهوية»، وليس هناك قتل على الهوية، بل ما يحصل هو قتل عشوائي، لأن المفخخات تَفجَّرُ في مناطق سنية كما تُفَجَّرُ في مناطق شيعية، وهي لا تستثني أحداً سنياً أو شيعياً.
وتوقف البغدادي عند نقطة بالغة الأهمية وهي: حينما تنطلق مركبة أومركبات عدة من محافظة (بابل) الأثرية متجهةً صوب بغداد أو بالعكس سالكة الطريق العام الذي يربط بغداد ببابل يوقفها فجأة رتل أميركي، فيمنع هذه المركبات من إكمال سيرها على الطريق العام ويوجهونها إلى طرق ترابية ملتوية تغص بالأحراش والبساتين الكثيفة، ليخرج الملثمون الإرهابيون عليهم، ويطلبون منهم شتم الإمام علي، ونجد في تلك المركبة عراقيين أحدهما سني والآخر شيعي، فالشيعي يشتم الإمام علياً (ع) مستخدماً مقولة الإمام أمير المؤمنين التي تقول:
«أما السب فسبوني، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، لأني ولدتُ على الفطرة».
فالشيعي بلا خوف، أووجل يشتمُ علياً، وأما السني فلا يشتمه، لأنه من آل بيت النبي الأطهار، وكذلك آية المودة تُحرم شتم آل بيت النبي، فيقوم الملثم بقتل الجميع دون تمييز، وإذا يبقى واحد من المستهدفين العراقيين العُزّل يئن جريحاً يفاجأ باللثام يسقط عن أحد القتلة، وإذا بها امرأة أميركية (مجندة) تتحدث العراقية وهي تضحك وتصرخ بانتصارها على هؤلاء الشهداء العُزّل.
إذن.. فالمسألة ليست أَنَّ الشيعي يقتل السني، أو العكس، وإنما الاحتلال وأذنابه هم من يقفون وراء هذه الأعمال الوحشية لتمزيق النسيج الوطني، والتحريض على الفتنة الطائفية، والاقتتال الاهلي في سبيل تركيب نظام سياسي قائم على حدود العصبيات الاثنية والطائفية، وبمقتضى قاعدة المحاصصة في التمثيل والمشاركة!!..
والسيد البغدادي من الأصوات الثورية الفقهية المقاومة، فهو يسير على نهج الطريقة (الغيفارية) ضد المحتلين الأميركان، وهو يدعو إلى مقاومة الاحتلال عن طريق حرب العصابات، بل قال بكل صراحة: لوكان علي وعمر على قيد الحياة لقاتلا الأميركان.
وللبغدادي مؤلفات عدة منها: «السلطة والمؤسسة الدينية الشيعية في العراق».. و«فقهاء وحركيون بين الثورة والسكون»، وله كتب وبحوث علمية في الاجتهاد الشرعي.