الحوار التاسع والعشرون مع قناة «البغدادية» بتاريخ 5 كانون الثاني 2006م
الحوار التاسع والعشرون
مع قناة «البغدادية» بتاريخ 5 كانون الثاني 2006م
اجرى الحوار منير الجمالي
اعزائي المشاهدين بأسمي وبأسمكم أُرحِّبُ بآية الله العظمى السيد احمد الحسني البغدادي في استضافة جديدة، ولقاء خاص مع قناة «البغدادية»، أسعد الله اوقاتكم، والسلام عليكم.
* سماحة الفقيه المرجع.. نرجو ان تتفضلوا علينا باعطاء صورة عن مشهد الواقع العراقي من خلال ما نلمسه من تدهور وسقوط حتى الآن؟..
- بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.. لماذا تسألني عن الواقع العراقي، بل أرجو ان تسألني عن الواقع العربي والاسلامي.
وعلى هذا هناك نظريتان:
الاولى: نظرية العقل الفاعل، والعقل المنفعل.
والثانية: نظرية العقل المجتمعي، او الجمعي.
والمجتمع العربي والاسلامي يؤمن ايماناً مقدساً بـ «العقل المنفعل» الذي يتأثر بـ «العقل المجتمعي».
اضرب لك مثلاً لتوضيح هذه النظرية.. عندما تخرج تظاهرة شعبية صاخبة وصارخة تهتف بإسقاط شخصية ثورية إسلامية, فانك تجد كثيراً ممن يؤمنون ايماناً حقيقياً وواقعياً بهذه الشخصية الاسلامية، لكنَّهم يتأثرون بشكل او بآخر بهتافات وشعارات هذه التظاهرة المليونية بلا تعقل، وبلا رويه.
هذا بخلاف المجتمع الغربي الذي لا يؤمن ايماناً مقدساً بـ«العقل المنفعل»، ولا يتأثر به اطلاقاً، بل يؤمن ايماناً حقيقياً وواقعياً بـ«العقل الفاعل» الذي لا يتأثر اطلاقاً بـ«العقل المجتمعي»، ولذا نلاحظ باللمسة التجريبية، والرؤية الوجدانية، أنَّ العقلانيين المتنورين عمالقة هذا المجتمع قد حققوا انتصارات ومنجزات كبرى في الكون والحياة والانسان والمجتمع بسبب الثورة الثقافية التي اسقطت الهيمنة الكنيسية الدينية الرجعية، وقدمت تضحيات جسام، وتَحدَّثْ محاكم التفتيش التي ابادَتْ المفكرين والقادة المتنورين الثوريين، وبالتالي انتصرت على الكنيسة الرجعية، ونسفت تقاليدها البالية، وتدينها الموروث.
وهذا بخلاف المجتمع العربي والاسلامي الذي لا زال ـــ مع الاسف المريرـــ يفتخر بأمجاده التليدة، وبأجداده الابطال، وبحضارته العربية الاسلامية التي أكل الدهر عليها وشرب، إلاَّ أنَّه اليومَ يعيش بـ«الفعل لا بالقوة» كما يقول علماء المناطقة، حياة مأساوية، كارثية مرعبة يسودها الفقر والمرض والاستحمار والاستعمار والعولمة المتوحشة، والتقاليد الموروثة، والتصورات الخاطئة، الشائنة.
وفي العراق اليومَ نجد أدعياء الدين من الاسلاميين والعروبيين العراقيين يعملون علانية دون خجل، وبلا حياء، وبلا خوف من الله ورسوله والائمة الهداة تحت مظلة الاحتلال الاميركي الفاقد العواصم الخمس المشهورة كالاسلام والجزية، ويخدعون العرب والمسلمين بزعمهم ان بقاء القوات الاميركية تفرضه استحقاقات المرحلة الواقعية والسياسية والتوفيقية، والامن المفقود في طول البلاد وعرضها، ونسي هؤلاء وتناسوا أننا, نحن المسلمين, عندنا ثوابت لا تتغير ولا تتبدل، مهما تتبدل الازمان والاحوال.
واطلاقات الأَدلة التشريعية القرآنية منها والحديثية الصحيحة وعموماتها تؤكد على طرد الكافرين والمشركين عن بلاد المسلمين.. حتى لو أعطونا حريةً سياسيةً وثقافيةً واقتصادية، بل .. حتى إذا اجتاحوا البلاد دون قتال يجب طردهم، وطرد كل من جاء معهم.
* سماحة السيد.. هل صحيح أنَّ الأَوضاع في العراق سائرة نحو الأَحسن والأَفضل على حد تعبير الرئيس الاميركي جورج بوش؟
- من غير الصحيح ان توجه لي مثل هذا السؤال، وانت عراقي!!..
أَلم تر بعينك، ومن خلال شاشات التلفزة، ومن خلال الاخبار المسموعة والمقروءة.. تجد ما اقترف الاميركان من جرائم حرب بشعة وهم ادعياء تصدير الديمقراطية، ونشر الحرية، وإِحلال فكر التسامح والمساواة والاصلاح.. ما هي إلا أقنعة براقة يغطون بها تفجيراتهم الجبانة التي تطال المدنيين الابرياء، والمصلين، والبيوت الآمنة، فهذه افعال شائنة لا تقبلها الاديان والشرائع السماوية، ولا تقبلها الضمائر الحية.. هي لعبة أَميركية مصهينة لشق صف المقاومة المشروعة كي تتقاتل فيما بينها، وفي سبيل تشويهها واسقاطها في نظر الشعب العراقي.
ونسي هؤلاء, أو تناسوا, أَن شعبنا لا ينحدع، ولا يصدق هذا الاعلام الديماغوجي (التضليلي)، والنفاق السياسي لأنَّه تصدى بالأَمس للدكتاتورية والاستبداد، واليوم يتصدى ببسالة وبطولة للوجود الاميركي في العراق.. وشعبنا يعلم علم اليقين أنَّ هؤلاء الذين يقومون يتنفيذ افعال خلايا الاجرام، والموت، والخطف، والاعمال الشائنة على غرار (برنامج فينكس) في فيتنام.. وبعبارة أوضح وأشمل.. هذه الأَعمال الإِجرامية هي من بعض الموساد الاسرائيلي، ومن بعض السي. آي. أي الاميركية، وأم. آي. دي البريطانية، ومن بعض المترجمين، والتكفيريين المتحجرين الذين يكفرون الشيعة الامامية وحسب، بل يكفرون حتى أهل السنة والجماعة ويستبيحون دماءهم وأَموالهم وأَعراضهم*
هذا, والمقاومة المشروعة هي التي تستهدف الدبابة الاميركية، والجواسيس والعملاء المرتزقة الذين يتعاملون مع المحتل المحارب، وتترتب عليهم «آية الإِفساد» التي تؤكد قتلهم وصلبهم ونفيهم عن بلاد الاسلام.
* سماحة السيد... ألا تفرقون بين المقاومة التي تستهدف المحتل.. وبين المقاومة التي تستهدف المواطنين الأَبرياء؟..
- في البدء.. المقاومة المشروعة، اعترف بها بوش اذ قال (مامعناه): لو احتل العدوُّ بلدي لقاتلت في سبيل طرده من تراب الوطن!!..
ومهما يكن, سواء اعترف بوش أو لم يعترف بمقاومتنا المشروعة, نحن مسلمون أمرنا الله بوصفه المطلق بمقاتلة الكافرين والمشركين وطردهم عن بلاد المسلمين.
ولكن.. اميركا بعد فشلها الذريع في احتلال العراق، وعجزها عن إِنهاء المقاومة العملياتية والسياسية بدأت, هي والرتل الخامس ينعتون المقاومة بـ«الارهاب» في سبيل إِسقاطها في نظر الانسان العراقي البسيط.
ولكن.. لنكن صرحاء.. لا ارهابَ عندنا في العراق، وما عندنا... هو مقاومة تستهدف الآلة العسكرية الاميركية. وأمَّا أَصل الإِرهاب فهو وجود الاحتلال.. هو تحقيق العولمة الرأسمالية الربوية المتوحشة في العراق.. هو الذي أَوجد السيارات المفخخة لأستهداف المواطنين العراقيين الابرياء، واتهام المقاومة بذلك في سبيل التأثير على الشارع العراقي, وخصوصاً أَنَّ وسائل الاعلام لدى المقاومة الوطنية والاسلامية لاتزال ضعيفةً نوعاً ما.. هذه هي الحقيقة لا يمكن بحال تجاهلها، وذلك لعدة أسباب أهمها أَنَّ المحتل المحارب يموِّلُ مؤسسات إِعلامية تعمل جاهدة على تشويه صورة المقاومة، وسمعتها، والتعتيم على أي خبر يتعلق بنشاطاتها العملياتية والسياسية.
إِنَّ مسألة الإرهاب بدعة أَميركية أَوروبية عممتها على الشعوب المستضعفة، وجيشت الجيوش الجرارة، وحركت الاساطيل في البحار لتبيد الشعوب، وتحتل البلدان المستضعفة، وتنتهك الحرمات والمقدسات، وتبسط «سايكس بيكو» الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، والغاية من كل هذا تأزيم العالم من اجل مآرب في غاية الخطورة، وهي السيطرة على العالم من خلال الهيمنة على المناطق الإستراتيجية، بعد الهيمنة على وسائل الاعلام العالمي الذي غدا ركناً اساسياً في الحروب الاستباقية الاميركية الجديدة.
* هل العملية السياسية، واجراء الانتخابات التي تجري في العراق تحت مظلة الاحتلال ناجحة حالياً في رأيكم؟..
- في تصوري أَنها غير ناجحة, والاستقرار لا يتحقق مادام هناك احتلال، ومادام هناك دستور يقومُ على على المحاصصة الاثنية والعرقية والمذهبية.
اما اجراء الانتخابات حول مصداقية الدستور الدائم، وحول مصداقية ممثلي مكونات الشعب العراقي فهي غير شرعية وغير قانونية.. والذين رشحوا أَنفسهم في الانتخابات يستميتون في سبيل الحصول على نسبة مئوية للدخول في السلطة ماهم الإ فئات برجماتية تركض وراء كرسي حقير في ظل الاحتلال، وفي سبيل عدم ظهور المقاومين الحقيقين.
أَلا يْعَدُّ هذا جريمة تأريخية لا تغتفر, ما تجب محاسبة مرتكبيها دون استثناء ضمن محكمة شعبية ثورية إِسلامية.. إِنَّ هؤلاء لا يمثلون طموحات الشعب العراقي لأنهم جاؤوا على ظهور الدبابات الاميركية – البريطانية وهم (الان) مختبئون في المنطقة الخضراء تحت الحماية الأميركية!!
ومن هنا من حقنا ان نتساءل:
اذا كان الشعب العراقي هو الذي انتخبهم ممثلين عنه.. فلماذا لا يخرجون الى الشوارع العامة، ويلتقون مع المواطنين؟!..
أهذه هي الديمقراطية في العراق الجديد في ظل حكومة موظفي احتلال لاحول لها ولاقوة في الافراج عن معتقلي احرار العراق السياسيين؟!..
أليس السجناء مواطنين عراقيين الافراج عنهم، أوسجنهم شأنٌ عراقي محلي، اذن فما هذا التدخل الذي يحتجز العراقيين المجاهدين الصامدين الشرفاء؟!.. وماذا يعني التدخل في شؤون العراق من دلالة اكثر من هذا العجز في دفاعِ ما يسمى بالحكومة العراقية عن مواطنيها المسجونين في معتقلات المحتل المحارب؟!..
أهذه هي الديمقراطية في العراق الجديد، وفي ظلها تحققت جريمة تنجيس القرآن (كتاب الله الاخير المحفوظ)، والاستهزاء به، وبرسوله الكريم محمد (ص) في سجونهم الرهيبة؟!..
أهذه هي الديمقراطية في العراق الجديد، وفي ظلها مورست سياسة الارض المحروقة، تبيد الأَطفال والنساء والشيوخ، وتنسف المدن بلا رحة وبلا شفقة آدمية باسم مطاردة الارهابيين، ووزير دفاعها يهدد بالويل والثبور بتهديم البيوت على رؤوس سكانها، وبالفسفور الابيض المحرم دولياً يحرق أهلها، وما حولهم من أخضر ويابس من الثروات الوطنية؟!..
أهذه هي الديمقراطية في العراق الجديد، وفي ظلها تسيير المسيرات في الشوارع، وتفتح كل وسائل اعلامها للنيل من محطة قناة الجزيرة، ومن كل صاحب رأي يخالف رأي، أو آراء تلك الحكومة المؤقته المنتخبة بين هلالين؟!..
أهذه هي الديمقراطية في العراق الجديد، وفي ظلها لم يذق الانسان العراقي طعم الدعة والراحة، ولم يحس الا بالتسيب والضياع، والفقر.. حيث اصبح يخصص نصف وقته لحضور المآتم والعزاء نتيجة الموت الاحمر الذي عشعش في بلاد الرافدين، والنصف المتبقي من وقته يتبدد لهاثاً وراء لقمة العيش والنفط والغاز والبانزين، بحيث وصل الحال بقسم من العراقيين الى الترحم على النظام السابق؟!!..
* سماحة الفقيه المرجع... أَلا تعتقدون أنَّ خروج الاميركان من العراق يؤدي الى نشوب حرب اهلية, كما يؤكد ذلك بعض المهتمين بالشأن العراقي؟..
- قالوها عندما انتفض الشعب العراقي في الخامس عشر من شعبان – آذار عام 1991م، وسقطت (14) محافظة، ولكن تراجع بوش (الاب) فجأة, ولم يجتحْ بغداد في سبيل اسقاطها، واشاعوا بين الشعب العراقي ان سقوط النظام – حالياً – يؤدي الى حرب أهلية ليست لصالح المنطقة, ولصالح العالم، ومارسوا سياسة الاحتواء المزدوج، وهي: أضعاف النظام، وتسقيط المعارضة العراقية.
واليوم يحاول البعض من العملاء والجواسيس، او البعض من الذين عندهم قناعات وطنية يؤكدون للعراقي البسيط ان خروج الاميركان في الوقت الحاضر غير صحيح، لان العراق لايزال غير مستقر على الصعد كافة.
ونحن نقول لهؤلاء إنَّ المجتمع العراقي من شماله الى جنوبه نسيج اجتماعي واحد، تشده علاقات نسبية وسببية.. أي ان هناك تداخلاً صميمياً بين هذا الشيعي وذاك السني على طول التاريخ.
* سماحة السيد... المقاومة العراقية في حاجة الى قائد ميداني في هذه الظروف العصيبة.. حتى تكون قادرة على التفاوض مع الحكومة العراقية، ونجد كذلك أَنَّ المقاومة ليس لها خطاب سياسي محدد، وليس لها مكتب تلتقي فيه مع الحكومة العراقية!!!...
- هذه الاشكالية التي تطرحها لا يمكن كشفها حالياً، لان المقاومين يقاتلون ضد محتل محارب، وضد حكومة نصبَّها هذا المحتل الذي اصبح القطب الاحادي الكوني المنفرد في العالم، وله طابور خامس في بلاد الرافدين، فكيف يعقل ان يكشف قائد المقاومة نفسه أو تكشف المقاومة قياداتها، وليس لها دعم ماديٌ او معنوي من الدول الاقليمية والدولية، وهي في اعتقادي تعتبر تجربة فريدة من نوعها، تتميِّز عن حركات التحرر العالمية، ودليلي على ذلك أَنَّ المقاومة المسلحة بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي هزمت الجيش الفرنسي الاستيطاني شر هزيمة، كانت تتلقى الدعم من الرئيس جمال عبد الناصر والزعيم عبد الكريم قاسم.. والانتفاضة المسلحة في اليمن الجنوبي في طرد الاستعمار البريطاني، كانت مدعومة من الجمهورية العربية المتحدة، وثورة (هوشي منه) في فيتنام كانت مدعومة من الاتحاد السوفيتي، ومن جمهورية الصين الشعبية، والمقاومة المسلحة في افغانستان لطرد الجيش الأَحمر السوفيتي من أراضيهم، كانت مدعومة من المملكة العربية السعودية، وغيرها من الدول الاسلامية والاجنبية.. وكل حركات التحرر العالمية كان لها من يساندها.. إِلاَّ المقاومة العملياتية والسياسية الوطنية والإِسلامية العراقية فهي تقاتل ضد المحتل المحارب الفاقد العواصم الخمس المشهورة.
* سماحة الفقيه.. من اجل ماذا تساندون المقاومة؟..
- من اجل طرد المحتل المحارب من بلاد الرافدين الاشم، دون قيد أو شرط.. وعلى فرض أَنْ تحدث الفتنة الطائفية كما يشيع الطابور الخامس، فهذه الفتنة يمكن منع حدوثها وإطفاء فتيلها اذا أُلْغي الدستور الدائم، واقيمت الدولة الاسلامية، بشراكة كل مكونات الشعب العراقي من مستقلين وليبراليين وعلمانيين وإِسلاميين ومسيحيين وصابئة.
من هنا.. نسقط المشروع الاميركي الذي يعتمد على التفكيك والتفتيت، وهي رؤية صهيونية قديمة - جديدة للتغلب على بلدان المنطقة وشعوبها، وما حَصَلَ ويحصل في بلاد الرافدين هو دليل قاطع على التمزق، علماً أَنَّ العراق دولة موحدة، وتفتخر بتعايشها وتزاوجها ونسيجها المذهبي والعرقي، واذا بها فجأة تخضع للدستور الدائم الاسود القائم على نظام المحاصصة، وبسط المشاريع الإثنية، ذلك الدستور الدائم المستمدةُ أكثرية قوانينه وموارده من قانون إِدارة الدولة العراقية الذي كتبه الاسرائيلي اليهودي الاصل (نوح فلديمان)، فأصبح قرآن المنطقة الخضراء، وأَعضاء مجلس الحكم، وحكومات الإِحتلال الأُولى ، والثانية، والثالثة.
* سماحة السيد الفقيه المرجع.. بعد التصويت على الدستور الدائم وإِقراره نرى أَنَّ جبهة التوافق الوطني (السنية)، وقائمة الإِئتلاف الموحد (الشيعية) هما حصراً الذين أثاروا المسألة الطائفية في الانتخابات البرلمانية.. ما هو السبب في رأيكم؟..
- في اعتقادي هناك مسألة في غاية الخطورة أثارها هؤلاء، في ظل الاحتلال الاميركي البريطاني، تلك هي مسألة تجذير الطائفية والفرقة والعداوة بين الطائفتين الإِسلاميتين، وهذه الأَعمال تخالفُ القرآن والسنة والاجماع والعقل والوجدان والتاريخ، وهدف هؤلاء من الفريقين كليهما هو الحصول على مزيد من المكاسب والغنائم على حساب المستضعفين من العراقيين، والمستفيد الأَول والأخير من هذا الصراع الطائفي المحرم هي اميركا واسرائيل.
ومن هنا... اناشد شرفاء العراق واحراره ان تكون المعركة الفاصلة مع العدو الاميركي معركة وطنية خالصة لوجه الله تعالى في سبيل خلاص هذا الوطن الاعز من هيمنة الاحتلال، ومن عولمته الرأسمالية الربوية المتوحشة.
* ما هو رأيكم في حل الميليشيات بوصفها تؤجج وتؤزم الوضع السياسي في العراق؟..
- إِعادة الجيش العراقي ضرورة وطنية تأريخية ملحة، ثم تجري محاسبة المسيء منهم.. بعد ذلك أهل الحل والعقد يطالبون بحل الميليشيات حتى البيشمركة، وينخرط الجميع في سلك الجيش العراقي.
* كيف تهزم هذه الامة المشروع الأَميركي الصهيوني؟.. وما هو الأَسلوب الأَمثل الذي يجعل هذه الامة قوية، مهابة بين الشعوب؟..
- الخطر الأَعظم الذي يستهدف هذه الامة يكمن في الثكنة الاسرائيلية الجاثمة على ثرى فلسطين والجولان... انه خطر عقائدي تاريخي، وهو سلاح فتاك ضد الأُمة.
وتحيط بأمتنا دول تمتلك السلاح النووي مثل الهند واسرائيل.. وهنا سؤالان يجب طرحهما والاجابة عليهما:
1- لماذا لا تلج هذه الامة في غمار هذا الميدان فلديها مال وفير، وعلماء عمالقة، وصحاري شاسعة مترامية الاطراف، لاجراء تجاربها النووية، والاسواق العالمية مملوءة بالمعرفة في هذا الاطار القابل للبيع والشراء.
2- لماذا لا تتسلح هذه الأُمة بالسلاح الرادع الفعال.. سلاح ترهب به عدو الله تعالى والرسول محمد (ص) وعدوها، دفاعاً عن الانسان والمجتمع، وعن الثروات والأَوطان على طول التأريخ؟ فهذه الأُمة محط جميع الغزوات الغاشمة الكافرة من مغول وتتار وصليبيين وصهاينة.
* لماذا هذا استهداف هذه الأَمة حصراً منذ قرون؟..
- لأَنها تحمل بين أَيديها مشروعاً انسانياً حضارياً من اجل عدم استغلال الانسان أخاه الإنسان، ونشر العدل، والمساواة، والعمل الصالح، والمثل والمباديء السامية بين البشر، كل البشر، ثُمَّ لأَنَّ هذه الأمة تمتلك مشروعا تغييريا الى الأَحسن والأَرقى، ورفض الاستغلال والاستبداد بخيرات الارض كما يفعل النظام العولمي الربوي الرأسمالي الذي يبحث عن الأَزمات والحروب العبثية الطائشة عبر العالم من أَجل الهيمنة على مصادر الثروات الاستراتيجية، ويضاف إلى المشروع الانبعاثي الانساني الحضاري الذي تمتلكه أمتنا, فهي تمتلك ايضاً تحت صعيدها اضخم مخزون من الزئبق، واليورانيوم، والبترول، والثروات الاخرى، وهي تمتلك مفاتيح المواصلات بين الشرق والغرب، وتمتلك كل مقومات القوة الروحية، والمخزون المادي للتصدي للإمبرياليين والصهيونيين والصمود في وجه الطامعين في خيرات الشعوب والامم التي منحها الله عباده الأَكرمين. والمثال على تلك المنعة والقوة ما يجري (الان) في بلاد الرافدين الاشم في مواجهة الاميركيين والبريطانيين على الرغم من تفوقهم العسكري واللوجستي والاقتصادي.
العالم كُلُّه يعرف القدرات والطاقات الهائلة مصادر القوة عند العرب والمسلمين.. ولهذا امعنوا في تفريق الصفوف بين مكونات هذه الامة، واوقعوا قادتها في مستنقع الاستعمار والاستحمار والعولمة والمفاسد، وحالوا دون تسليحهم كما ينبغي، وابقوهم بقرة حلوباً لشراء ما تنتجه مصانع الغرب الكافر والشرق الملحد من اسلحة دفاعية تقليدية ذات قدرات متواضعة, فغدوا بذلك أَسرى الإستكبار والكفر العالمي.
وهنا يحلُّ بي حزن مقيم لأَنَّ جل قياداتنا السياسية لا يعرفون عدوهم اللدود، ويتصورون أَنهم، بتحالفهم الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الاميركية بوصفها القطب الاحادي الكوني المنفرد، يقون انفسهم من أي خطر داهم من هنا او من هناك، وهذا امر في غاية الخطورة، فالولايات المتحدة الاميركية تقوم سياستها على المبدأ القائل: لا صداقات دائمة، ولا عداوات دائمة، وانما هناك مصالح دائمة!.. فإذا رأت ان ارباحها تتحقق بأعلى معدلات الربح اذا اصطفت الى جانب الهند واسرائيل، فإنها سرعان ما تقلب المعادلة بين ليلة وضحاها ضد حلفائها واصدقائها، والتأريخ يشهد على ذلك.
* سماحة السيد... كلمة اخيرة توجهها الى الشعب العراقي؟
- أقول صراحة لاهلي وشعبي... اطمئنوا أَنا لازلت على المسيرة الجهادية مهما يفعلْ هؤلاء العملاء والمرتزقة القابعون في المنطقة الخضراء, من مثل أقتحامهم منزلي ومكتبي بطريقة استفزازية مساء السابع والعشرين من كانون الاول عام 2005م، وسأظل أقاتل ضد الدبابة الأَميركية.. أقاتل ضد الطابور الخامس.. أقاتل ضد العملاء والمرتزقة.. واذا قتل السيد البغدادي فألف سيَّدٍ بغدادي في العراق... يقاتلون المحتل المحارب الفاقد العواصم الخمس المشهورة, كالاسلام والجزية.
* اعزائي المشاهدين... لا يسعنا إلاَّ أَنْ نشكر سماحة آية الله العظمى السيد احمد الحسني البغدادي على سعة صدره للرد على أسألتنا.
- شكرا جزيلاً والله يحفظك ويرعاك.