الحوار الثامن عشر مع صحيفة صوت بيروت الأُسبوعية بتاريخ 18 كانون الاول 2004م

الحوار الثامن عشر
مع صحيفة صوت بيروت الأُسبوعية
بتاريخ 18 كانون الاول 2004م
أجرت "صحيفة بيروت" حوارا مع أحد رموز المرجعية الشيعية فى العراق آية الله السيد أحمد الحسنى البغدادى، على هامش مشاركته فى أعمال المؤتمر القومى الإسلامى فى بيروت بتاريخ 1 ــ 2 كانون الاول 2004، جاء فيه:
* يروج الأميركيون أنه فى حال انتصار المعارضة ضد الاحتلال فسوف يتحول العراق إلى بلد متطرف... ما تعليقكم على ذلك؟
عندما غزا الأمريكيون العراق أوجدوا فى قانون إدارة الدولة العراقية بندا حول ما يسمى بالمحاصصة وتعد هذه مقدمة للحرب الأهلية، إلا أن الأمريكيين وعملاءهم نسوا أن الشعب العراقى لا يمكن أن يُقَسَّمَ، كما أنهم لاقوا مقاومة نوعية عنيدة ما كانوا يتوقعونها، فنصبوا قائدا عسكريا أقالوه بعد أقل من شهر، ثم جاؤوا بالمفوض السامى الأميركى فى العراق بريمر وهذا فَشِلَ، وبعد ذلك أسسوا ما يسمى بمجلس الحكم الانتقالى، وهو عبارة عن مجموعة جواسيس وعملاء جاؤوا على ظهر دبابة أميركية لقيادة العراق، لكنهم فشلوا كذلك، فشكل الأميركيون حكومة انتقالية بتعيين أميركى وفشلوا أيضا، حتى جاءوا أخيرا بنغمة الانتخابات المزيفة على الطريقة الأميركية.
وإضافة إلى كل هذه المؤامرة عقدوا مؤخرا مؤتمر شرم الشيخ الذى سيفشل بدوره لأنَّ قراراته لايمكن أن تكون لصالح الشعب العراقى، بل هي بالضرورة لصالح الولايات المتحدة الأميركية ولتكريس وجود أمريكا إلى ابد الآبدين. وانطلاقا من ذلك يروج الأميركيون لمقولة أنهم إذا خرجوا من العـراق فسوف تنشب حربٌ أهلية، ونسوا أن الشعب العراقى هو نسيج اجتماعى واحـد، وأن هناك علاقات سببية ونسبية بين أهل السنة والشيعة، ولذا لا يمكن تحقيق الدعايات التى تروج لفكرة اندلاع حرب أهلية، بل نقول: ما أَن يخرج الأميركان من العراق حتى تتحقق الوحدة الوطنية بين كل الطوائف والمذاهب الإسلامية والمسيحية، كانت أم مسيحية، ولايمكن للعراق أبدا أن يتحول إلى بلد متطرف، بل إن الشعب العراقى أصبح بمستوى المسؤولية التاريخية الرسالية، فهو يريد أن يتخلص من الديكتاتورية ومن الاحتلال الأمريكى الغاشم، فهذا الاحتلال لا يستهدف العراق وحده، بل جاء الأمريكيون من أجل احتلال المنطقة وإسقاط العروش والدول التقدمية والإسلامية.
* هل فتاوى المرجع الشيعي آية الله السيد علي السيستاني ملزمة للشيعة العراقيين ؟..
هناك عند الشيعة ما يعرف بأصول الدين، كالتوحيد والنبوة .. وفروع الدين، كالصلاة والصوم والحج والجهاد ... وقد يقال لماذا لا يفتي علماء الشيعة اليوم بضرورة الجهاد؟ في حين أصدر علماءُ الشيعة صدرت فتاوى جهادية لصد الغزو البريطاني؟ وحينذاك كان الشعب العراقي تسوده الأَمية المطلقة، ولم يكن متفقهاً في الشريعة العملية الإِسلامية ولهذا كان لابد للعلماء أَن يصدروا فتاوى بالجهاد.. أما اليوم فالشعب العراقي بكل شرائحه أصبح متفقهاً وليس في حاجة إلى أَنْ ينتظر فتاوى من مرجعٍ ديني .
ما أصدرته أنا شخصياً من فتاوى انما كان للتأكيد على الفتاوى السابقة ، فالشيعة يحاربون العدو الاجنبي بلا فتاوى تصدر من المؤسسة الدينية ، واذا اجتاح مستكبر كافر بلداً إسلامياً واحتله فالواجب على الشعب العراقي ان يقاتل عن المباديء والمثل الكبرى دونَ فتوى شرعية من عالم سني أو شيعي. أما السيد السيستاني فقد وقع في اشتباه من الناحية الفقهية حين دعا الى المشاركة في الانتخابات دون قيد أو شرط... كيف يدعو الى ذلك وهو الذي تحفَّظَ على بعض بنود ادارة قانون الدولة العراقية المؤقت، وذلك في الوقت الذي تؤكد الضرورة الفقهية على عدم جواز كتابة الدستور أو صياغته، وعدم جواز تشكيل حكومة انتقالية ، وعدم جواز اجراء انتخابات في ظل وجود الاحتلال ، لذلك يجب أولاً طرد الاحتلال عن بلاد الاسلام ، وبعد ذلك.. الشعب العراقي هو الذي يقرر مصيره ومستقبله ، وهو الذي يحدد ما اذا كان يريد حكومة علمانية أو اسلامية .. ولكن على ما أرى.. إِن الشعب العراقي متدين بالفطرة وسوف يختار الاسلام كدين ودولة ، والاسلام يؤمن من حيث المبدأ بالتعددية والشورية .
* هنالك تنسيق وتعاون بينكم وبين هيئة علماء المسلمين في العراق ؟..
نحن شاركنا في إنشاء المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني الذي يضم سنة وشيعة ومسيحيين وعلمانيين وإسلاميين ، كما يضم أيضاً هيئة علماء المسلمين، ولدينا مبادرة جديدة نسعى ــ بعونه تعالى ومدده، الى تحقيقها، وهي إقامة «جماعة علماء العراق» وذلك حتى نبتعد عن استخدام كلمة سني أو شيعي ، لأن الله يريد للإنسان المسلم مهما يكن مذهبه ان يعيش الوحدة والاتحاد، لا الفرقة والبغضاء.