الحوار السابع عشر مع قناة الجديد الفضائية بتاريخ 1 ــ 2 كانون الاول 2004م
الحوار السابع عشر
مع قناة الجديد الفضائية بتاريخ 1 ــ 2 كانون الاول 2004م
اجرت الحوار .... على هامش مشاركته في اعمال المؤتمر القومي الاسلامي المنعقد في بيروت
* صباح الخير، مشاهدينا الكرام.. نحييكم ، ونرحب بكم في برنامج ((الحدث اليوم))، كذلك يسرنا أن نرحب بسماحة آية الله العظمى السيد أحمد الحسني البغدادي.. المرجع الديني بالنجف الاشرف... أهلاً وسهلاً
** أهلاً ومرحباً.. حياك الله .
* قبل ان نخوض في التفاصيل .. هل لك ان تتفضل وترسم لنا صورة عن الوضع العراقي الحالي بشكل عام ؟..
** بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.. في غياب الدولة في العراق، وتفتيت مؤسساته الارتكازية للصناعة الوطنية، لتحويله الى مجتمع استهلاكي غير منتج، تسوده البطالة المتفشية في ذروتها، وتجميد سيادة الوطن، والفراغ الدستوري، والانفلات الامني والوظيفي، وتحطيم المرافق الحيوية مثل المستشفيات دون الحد الادنى من المعدات، الكهرباء والماء والنفط والبانزين.. من الكماليات النادرة، أن تجري العودة الى أكثر الاشياء تسيباً وضياعاً وتخلفاً في المجتمع، سواء على صعيد الإِثنية ، أو العرقية ، او المناطقية ، او العشائرية التي تعيش عقلية (القيادات الخالدة)، او الحزبية الضيقة ، وعلى ما أرى ان الاحتلال ساند في هذه او تلك، لأَنَّه يريد العراق موحداً بالشكل لا بالمضمون، ليتمكن من حكمه مُقَسَّماً بعضه عن بعض، أو عبر كانتونات وعرقيات وطوائف ، ولا يغدو للاعتبارات الوطنية والاسلامية .. خصوصاً بعد التيار الجارف لما يسمى بمقولة العولمة.. هذه المقولة السياسية الاقتصادية الرامية الى إلغاء الحدود، وإزالة القيود عن طريق الاحتكارات الرأسمالية العالمية من أجل تحويل العالم الى سوق واحدة مفتوحة على مصراعيها يتحول فيها أصحاب الامكانات الصغيرة او القليلة الى عاملين لمصلحة الإِمكانات الهائلة المتركزة في دول المركز، وهي الولايات المتحدة الاميركية، والاتحاد الاوروبي .. حيث السلطة والثروة الاقتصادية الضخمة، الخاضعة بلا حدود لاعداء الامة التقليديين ، وهم الصهاينة .
* بعد اجتياح القوات الاميركية بدْأتَ تتحدثُ عن دولة ديمقراطية ، والدفاع عن حقوق الانسان ، وتشكيل حكومة عراقية وبرلمان عراقي .. وينتظر ان تكون الانتخابات المقبلة في أواخر شهر كانون الثاني مدخلاً الى ذلك كله .. هل تتوقعون ازدياد عمليات المقاومة العراقية .. وهل يمكن أن تؤدي هذه العمليات الى عرقلة سير هذه الانتخابات ؟..
** الاميركان لم يكونوا، ولن يكونوا يوماً ما مؤسسة خيرية انسانية تستهدف خلاص العراق ، وإنقاذ شعبه من الدكتاتورية والاستبداد، وهم جاؤوا بمشروع امبراطوري خطير لايستهدف العراق فحسب، بل يستهدف شعوب المنطقة برمتها.. وحينما اجتاحوا العراق كانوا يتصورون أَنَّ العراقيين سوف يبثون الورود والزهور على دباباتهم الغازية بوصفهم عاشوا الاستبداد والدكتاتورية ، وعاشوا معاناة الحصار الاقتصادي الظالم لمدة (13) سنة تقريباً، هذا الحصار كان مقصوداً من قبل الاستكبار الاميركي في سبيل ترويض هذا الشعب بكل شرائحه المختلفة، حتى يقبل بكل احتلال مهما تكن مقاصده واهدافه، لكنهم فوجئوا بمقاومة نوعية عنيدة من قبل أبناء العراق .
وقبل اجتياح العراق، وأثناء غزوه، كانوا يهددون دول المنطقة على أساس تحقيق الإِصلاح والدمقراطية على الطريقة الاميركية ، وبالتالي تحقيق مشروع الشرق الأَوسط الجديد الرامي الى تفتيت المنطقة الى دويلات، والى كيانات ضعيفة هزيلة من أجل حماية الثكنة الاسرائيلية الداعمة للمشروع الامبراطوري الاميركي بوصفها القطب الأُحادي في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة .
ولكن .. من المستحيل أن تتحقق الانتخابات في يومها الموعود .. ما دام هناك مقاومة نوعية منتظمة ومشروعة تريد أولاً وأخيراً انهاء الاحتلال .. مهما تحشد أميركا كل الياتها العسكرية وان تجمع كل كيدها السياسي ، وان تقترف كل الجرائم الوحشية ، لا يمكن تحجيم هذه المقاومة .
* يعني تريدون القول إِنَّ المقاومة العراقية وقفت سنداً ودرعاً للدول الاخرى في المنطقة ضد مشروع الشرق الأَوسط الكبير ؟..
** ما في ذلك ريب على ما أرى، والدليل على ذلك أنَّهم عندما وجدوا هذا التصدي والصمود من أجل طردهم من بلاد الرافدين بوصفهم غزاةً محتلين تركوا نغمة تغيير انظمة المنطقة بالنار والحديد ، واستنأفوا تشكيل مجموعة الدول القائمة حالياً ضمن رؤية اخرى وفق مفهوم السلام الاميركي المتطابق بنيوياً ووظيفياً مع الاستراتيجية الصهيونية للمنطقة ، وبفترة زمنية ليست بطويلة حينما غيروا الحاكم العسكري (جاي غارنر) الذي عين آبان الاحتلال مباشرة ، ولكن بعد التصدي والصمود المقاوم استبدلوه بحاكم مدني هو (بول بريمر)، وهذا لم يكن حظه بأفضل من صاحبه نتيجة إِنجازات المقاومة من الجنوب الى الشمال، تلك الانجازات لا تكاد تحصى مقارنة بالمدة التي تطورت فيها الظروف الاقليمية والدولية التي تحاصرها ، والامكانات المادية المحدودة التي تمتلكها، ومع ذلك فهي اكتسبت خبرة ومناعة في مواجهة كل الاحتمالات الانية والمستقبلية ، ثم لجأ المحتل الى خطوة تزيينية باختلاق (مجلس الحكم) المكون من اللصوص والعملاء والجواسيس، لمحاولة كسب التأييد الدولي والاقليمي فشل هذا المجلس فعلاً، فبادروا الى تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة غير منتخبة برئاسة إِياد علاوي الذي اعترفَ اكثر من مرة انه عمل كمخبر للاستخبارات الدولية بحجة إِسقاط صدام حسين، وبعد فشل رئيس هذه الحكومة خلال فترة اسبوع، لا أقل ولا أكثر، لم يتمكن من كسر شوكة العراقيين الصابرين المرابطين المجاهدين ، ولا المجلس الوطني الاستشاري، المعين الذي يعقد في ظل حظر التجوال وحراسة الدبابات والطائرات الاميركية وجنود الاحتلال، استطاع أنْ يفعل شئاً وفي ظل الابادة الجماعية التي تشهدها النجف الاشرف وكربلاء ومدينة الصدر والفلوجة والرمادي وسامراء لم تنطل الخدعة الأمريكية على العراقيين المناهضين للأحتلال .
كل هذه المبادرات التضليلية عمد إليها الأمريكيين لتعطيهم شرعية، وترفع عنهم صفة المحتل الكافر المستكبر، وكلُّ تلك التهديدات والمفاهيم المرتبطة بلغة الغطرسة والقوة، سرعان ما تراجعت لصالح بروز لغة المهادنة ومغازلة سياسية لبعض الأَطراف الاقليمية علها تساعد الاميركيين على الخروج من الوحل العراقي الذي وقعوا فيه فبادروا الى حل آخر هو عقد مؤتمر شرم الشيخ في سبيل انقاذ الهيبة الأمريكية.
عقد ذلك المؤتمر بالفعل، وجاءت كل قراراته وتوصياته لصالح المشروع الاميركي ، لا لصالح الشعب العراقي... تهزني الحسرة وأنا أرى حكاماً من بلاد العرب والمسلمين يهرولون الى شرم الشيخ ليباركوا جريمة اميركا الدموية في الفلوجة، وقبلها في النجف الاشرف، ويقرون انتخابات مزيفة في ظل حراب الاميركان وهؤلاء وصمة عار على الامة كل الامة .
من هنا تبرز أهمية المقاومة عنصراً فاعلاً في المشهد الاقليمي بما تمتلكه من فعالية، وما أثبتته من جدارة فائقة، وبهذا فإنها سوف تسقط كل الاقنعة المزيفة، خاصة سيناريو الانتخابات المقبلة،.. (واذا لم تتحقق هذه الانتخابات في يومها الموعود فسوف يشتعل فتيل الحرب الاهلية).. هكذا بشَّر بها صقور الادارة الاميركية من المحافظين الجدد مرات ومرات .. ولكن أقول والحق يقال : لن تحدث الحرب الاهلية مهما يُرَوَّجْ هؤلاء، لأَنَّ هناك نسيجاً اجتماعياً مترابطاً بين أبناء الشعب العراقي بكل مكوناته، وهناك بين السنة والشيعة علاقات نسبية وسببية، نحن نختلف إِختلافاً كلياً عن الشعب اللبناني الشقيق لأَنَّ دستور الدولة اللبنانية الذي سن في الاربعينات يقوم على المحاصصة الطائفية ولا يزالُ .
المنطلق الذي يؤسس لهذه الانتخابات هو «قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت»، وفي اعتقادي أَنَّ الكثير من نصوصه جريمة لا تغتفر ضد الشريعة والدين والوطن والشعب بكل مذاهبه وأَعراقه، لأَنَّ أبرز نصوصه هي المحاصصة الطائفية، وعزل العراق عن انتمائه الاسلامي والعربي، وقد عارضته فئات الشعب العراقي واطيافه ومراجعه .. كل ذلك مقدمة لتفتيت العراق الى دويلات تفتيتاً يصب لمصلحة الثكنة العسكرية الاسرائيلية القائمة على أرض فلسطين. وهذه المؤامرة تذكرني بمؤتمر المعارضة العراقية الذي عقد في أربيل في شمال العراق عام 1992م وصدرت قراراته وتوصياته على قانون المحاصصة بين الشيعة والسنة والكورد ، وحينما سمع المرحوم الرئيس حافظ الاسد بهذا القرار صرخ صرخات رسالية وحدوية قائلاً : هذا القرار يستهدف سوريا ولبنان من أجل تقسيمهما الى كيانات ضعيفة هزيلة تخدم العدو الصهيوني في المنطقة .
إنني أقول صراحة.. ليعلمْ الأميركان.. لا حرب أهلية ولا محاصصة ما دام هناك شعب مجاهد يسعى لتحرير الثرى العراقي وتحرير الانسان العراقي من هيمنة الإِحتلال الاميركي، وما دام هناك مقاومة عنيدة تستمر مثلما تستمر نظيريتها في فلسطين المحتلة، لاتتأثر بالانتخابات وخارطة الطريق. والمشروع الاميركي ينتقل من فشل الى آخر وسيضطر الاميركيون في نهاية المطاف الى الهروب من العراق مثلما هرب الاسرائيليون من جنوب لبنان ، ويستعدون للهرب بالطريقة نفسها من قطاع غزة .
* يعني ــ كما يفهم بشكل واضح من كلامكم ــ انتم تدعمون المقاومة العراقية ضد الاحتلال الاميركي... أما المقاومة التي تستهدف القوات العراقية من الشرطة وما الى ذلك، فيذهب ضحيتها مدنيون ابرياء .. ما هو موقفكم من هذا الأَمر ؟..
** في البدء لا بد من التمييز بين عمليات المقاومة المشروعة التي تستهدف القوات الأَجنبية المحتلة ، وبين العمليات التي تستهدف المواطنين الأَبرياء والتي الحقت أَضراراً فادحة بمؤسسات ومنشآت وطنية... إنني أرى أن هذه العمليات لا هدف لها غير تشويه المقاومة المسلحة التي تهدف أولاً وأخيراً إلى خروج المحتل من العراق ، ولا سيما ان هناك جهات اقليمية ودولية وأجهزة المافيا الدولية من مصلحتها الابقاء على الانفلات الامني بما فيها الموساد الاسرائيلي الذي يسرح ويمرح في البلاد بلا رقيب أو حسيب .
قبل سنة أو أكثر أو أقل من سنة، التقى معي مدير وكالة رويترز، ووجه إليَّ هذا السؤال : بوصفك أحد فقهاء النجف هل يجوز عندكم استهداف الشرطة ؟!.. قلت له صراحة : اذا كان الشرطة مع الدبابة الاميركية التي تقاتل ضد المقاومين يجوز تصفيتهم، وتطبق عليهم آية الإِفساد الواردة في القرآن الكريم .. أما اذا كان الشرطة لا يتعاونون مع المحتل، ويتعاطفون مع شعبهم ويؤيدون المقاومة المشروعة فتصفيتهم من أكبر المحرمات الشرعية .. أما هذه الاستهدافات من خلال السيارات المفخخة التي تشاهدونها من خلال الفضائيات تستهدف الشرطة، فهي عمليات يقوم بتنفيذها الموساد الاسرائيلي والقوات الاميركية لتشويه سمعة المقاومة العراقية.
* القوات الاميركية لم تعط اعتباراً للمدنيين والاماكن الدينية من خلال هذه الخطوات، والاعتداءات التي تقوم بها الولايات المتحدة الاميركية .. هل ينتظر ان تتوقف عن هذه الاعمال طالما أنَّ حكومة علاوي لا تحرك ساكناً تجاه هذه الانتهاكات اللاإنسانية ، وأين عراق تعددي يحترم حقوق الانسان وهناك انتهاكات أميركية من مثل هذا النوع ؟..
** الاميركان ــ كما قلت مراراً ــ ليسوا مؤسسة خيرية انسانية اجتاحت العراق لتحريره وانقاذ شعبه من الدكتاتورية، بل هي اجتاحت العراق وفي جعبتها مشروع صهيوني امبريالي يهدف الى الهيمنة على المنطقة برمتها . بعد انتهاء الحرب الباردة غدت أميركا القطب الأُحادي في العالم تتسم بالغطرسة والعنجهية ، وتتسم بالنزعة الإمبروطورية، تَستهدف أيَّ تحرك شعبي ضد مصالحها بأبادة جماعية مرعبة، إهدار سافر لمبادئ حقوق الانسان بما في ذلك من هدم الحجر ، وحرق الزرع على الطريقة الشارونية ، هذا ما يشاهده الرأي العام العالمي اليوم في الهجمات الصاروخية العشوائية على المدن الآمنة .. اميركا وعملاء اميركا نسوا أو تناسوا أَنَّ العراق بلد الأنبياء والأَوصياء والأَولياء لا يمكن لدولة مستكبرة فاقدة العواصم الخمس المشهورة أَنْ تهيمنَ عليه، وحتى حركات التحرر العالمية غير المسلمة ناضلت وقاتلت من أجل تحرير اوطانها وإِنقاذ شعوبها ، فكيف بنا نحن المسلمين، وقد أكد الاسلام علينا مقاتلة الكافرين والمشركين الذين يريدون السيطرة على بلدنا وسلب خيراتنا وانتهاك حرماتنا ومقدساتنا .. اذن ما دام هناك احتلال في بلد مسلم ذي سيادة مستقلة فيجب طرده بالقوة .. ما دام هناك احتلال فلا نعترف بوجود حكومة انتقالية مؤقتة ، ولا نعترف بسن قانون ادارة الدولة العراقية الذي يتضمن جواز حمل العراقي أكثر من جنسية ، فمثلا.. بعض اليهود الذين غادروا العراق بموجب القانون السيء الصيت عام 1950م بات بعض منهم أو من ذراريهم أَعضاء في الثكنة العسكرية الصهيونية ، او في الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد)، ولذا تعتبر إعادة الجنسية العراقية اليهم، مع احتفاظهم بالجنسية الاسرائيلة، مخاطرة لا تحمد عقباها على الأَمن العربي والاسلامي ، اذ ان العراق ما زال في حالة حرب مقدسة مع اسرائيل قانونياً، فالعراق لم يوقع على اتفاقية الهدنة في رودس عام 1949م ولا يمكن اطلاقاً أَن يوقع اتفاقية سلام، أي تسوية على الطريقة الصهيونية الاميركية، على الرغم من وجود عناصر من الحكومة الانتقالية العميلة تضغط بهذا الاتجاه اللاشرعي .
* هذا سؤال أريد ان اطرحه على سماحتكم... وصفتم الحكومة الانتقالية بأنها عميلة ، وحللتم استهداف الشرطة العراقية التي تواكب قوات الاحتلال.. اذن.. ما موقفكم من الانتخابات المقبلة ، وهل تدعمون مَنْ يترشح لها ، أم انتم ترفضون الحكومة التي تنظم هذه الانتخابات ؟..
** إِني أَؤكد مرة أخرى التزامي اللامحدود بالانتخابات باعتبارها معبراً حقيقياً عن مكونات أهلنا وشعبنا في العراق وأَطيافه وقواه كافة .. ومن حيث هي الاسلوب الأَمثل من منظور عملي وحضاري مُجْمَعٍ عليه لبناء مستقبل بلاد الرافدين الشوري التعددي الموحد، غير أني أَؤكد، وقد سألني قبل مدة ليست بطويلة أحد المجاهدين عن الانتخابات المقبلة فأجبته بفتوى شرعية مفادها يجب على شعب العراق الذهاب الى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليه الحقيقيين ، وعدم الانصياع والانجرار والانغماس في المسارات السياسية التي يحددها الاحتلال ، ويتحكم في آلياتها ونتائجها تحت شماعة المرونة أو تحت أي شماعة أخرى ، ونجدد مطالبنا الشرعية.. اذا تحققت مجمل الشروط التالية : خروج القوات الأَجنبية ضمن زمني محدد، وتعيين ممثل واحد عن كل حزب أو حركة سياسية في عضوية المفوضية العليا للأنتخابات، بحيث يكون كل أعضائها معروفين بنزاهتهم واخلاصهم للعراق وأهله ، وألغاء الصلاحيات المطلقة التي منحها المندوب السامي الاميركي لهذه المفوضية ، وايقاف كافة العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الاجنبية ضد المدن العراقية ، وتعويض كل المتضررين من الهجمات الصاروخية العشوائية، واطلاق سراح المعتقلين والموقوفين لأسباب سياسية، وخاصة من لم توجه إليهم تُهمٌ محددة، واشراف دولي نزيه على صناديق الاقتراع .. من خلال هذه والشروط الأَساسية التي أُعلنها واعلنتها المقاومة العراقية والمرجعيات الدينية والعشائرية والاطياف والشخصيات الوطنية والاسلامية المستقلة، المنسجمة مع ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان، المنبثقة من صميم هويتنا الاسلامية نخوض أية انتخابات حرة نزيهة، بيد أن قوات الاحتلال والحكومة المؤقتة العميلة لم تكتفِ بالتجاوز عن هذه الشروط فحسب ، بل زادت من إِجراءاتها الوحشية ضد المدن الآمنة، وأَعْلنَتْ حالة الطواريء .
كيف ترون امكانية حصول ذلك ؟..
**مَنْ يتابع بدقة تفاصيل ما يجري من تحضيرات لأجراء الانتخابات القادمة يتأكد له بصورة جلية لا لبس فيها.. أَنَّها خطوة لتكريس الإِحتلال، حيث أَنَّ المخطط الذي يحاك من قبل المحتلين والحكومة الانتقالية ومجلس الحكم المنحل يهدفُ للإِيقاع بالقوى الوطنية والاسلامية المناهضة للاحتلال عَبْرَ تشجيعها على المشاركة الفعلية في انتخابات تخدم اطماع المحتل الاجنبي، ومَنْ يمثلون المحتل.. هذا أولاً ، وثانياً : من رابع المستحيلات أنْ يخرج الاميركان من العراق، وهم يصرون على تسويق إِجراء الانتخابات في يومها الموعود، ودعم كل العناصر التي ترفض (العنف)، وتنخرط في العمليات السياسية والانتخابية، وكل هذا من أجل إضفاء الشرعية على تشكيل جمعية وطنية انتقالية تتولى مسؤولية تشكيل حكومة تسِّيرها أميركا يراد منها إحكام الطوق حول رقبة بلاد وادي الرافدين لضمان ديمومة الاحتلال في وطننا الأَعز لأعوام قادمة .. كل ذلك بأسم استحقاقات المرحلة والواقعية السياسية والتوفيقية .
* على أية حال... فيما يتعلق بموضوع الانتخابات هناك كلام، على الرغم من تأكيد الرئيس العراقي غازي الياور انه يؤيد الانتخابات اذا حصلت في موعدها ، لكن هناك كلام يذهب إلى أنَّ العمليات التي تقوم بها المقاومة يمكن أنْ تؤدي الى تأخير هذه العملية السياسية وعدم حصولها في موعدها .. هل تتوقعون ان تتم الانتخابات في موعدها ؟!..
** حتى لو تحققت مسرحية الانتخابات، فإِنَّ ثلثي الشعب العراقي يقاطع هذه الانتخابات المقبلة وفي مقدمة الذين يقاطعون فصائل المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني الذي يضم التيار الاسلامي والعروبي والعلماني والمستقل .
* اذن .. الانتخابات غير شرعية من وجهة نظركم ؟..
** نعم .. غير شرعية، وغير أَخلاقية كتاباً وسنة واجماعاً وعقلاً ووجداناً وتأريخاً .. ثم إِنَّ هناك بعضاً من الاطياف والشخصيات تنطق باسم الاحتلال بالوكالة، وتروِّج أضاليله الديماغوغية، وأكاذيبه، تحاول جاهدة.. عبر العديد من المنابر السياسية والاعلامية التي توفرها الاجهزة الدعائية للأحتلال، تشويه الموقف الوطني والاسلامي المناهض للمشروع السياسي للاحتلال الذي يدعو الى أسقاط مؤامرة اجراء الانتخابات في يومها الموعود في سبيل تسويق شرعية حكومة عميلة منتخبة، وتسويق هذه الشرعية على الشعب العراقي لترشيح ممثلي الشعب بكل مكوناته واطيافه من أجل تبرير شرعية بقاء الاميركان مدةً طويلة تستغرق خمسين عاماً من خلال اتفاق انشاء قواعد عسكرية جاسوسية، كل ذلك لإِجهاض أي صحوة أو تحرك عسكري يستهدف إِسقاط الحكومات العميلة الموالية للأميركان .
* كيف تصفون المشاركين في هذه الانتخابات .. هناك مسؤولون شيعة يعملون على ايجاد قائمة موحدة من المرشحين تقومُ بإعدادها الهيئات والاحزاب الشيعية .. وهناك كذلك اكراد قادمون بتشكيل لائحة مشتركة بين برزاني وطالباني، يعني هناك تحضيرات لهذه الانتخابات.. كل هؤلاء المشاركين في الانتخابات.. كيف تصفونهم ؟..
** هؤلاء وهؤلاء لا يمتلكون قاعدة جماهيرية عريضة، والدليل على ذلك أنهم جاؤوا على ظهر دبابة أميركية، بل كثيرون منهم عاشوا حياة ارستقراطية خارج الوطن الجريح، إِنَّ الشرعيين الحقيقيين هم مجاهدو الداخل، ثم إِنَّ تصاعد المقاومة المسلحة والسلمية في الساحة العراقية المناهضة للاحتلال وعدم المشاركة في الانتخابات دليل واضح على ان إِجراء الانتخابات ما هي الا مسرحية ، والمشاركون فيها لا قاعدةَ جماهيريةً لهم بين مكونات الشعب العراقي .
* هل أعمال المقاومة العراقية هي السبب في الى تكريس الاحتلال وبقائه في العراق ؟. هناك إِعلان من مسؤولين في واشنطن يقولُ إِنَّ الولايات المتحدة ستزيد عناصر قواتها من (50) الى (125) ألفاً في العراق، يعني هي تقول انها تريد زيادة هذه الأَعداد لتأمين سير عملية الانتخابات المقبلة .. هل تريد اميركا ان تزيد من عدد قواتها لأن المقاومة لا تزال تتصاعد خصوصاً عند أَهل السنة.. وهل هناك مدن جديدة ستكون فلوجة اخرى ؟..
** زيادة هذه الأَعداد من الجيوش الأَميركية هو لإِنهاء المقاومة الوطنية العراقية، وبهذه الحجج والذرائع تريد الهيمنة على العراق والعراقيين في سبيل مزيد من الاستلاب والاغتصاب .. ثم لم تكن الفلوجة هي المتصدية وحدها ضد الاحتلال، بل معظم مدن العراق تتصدى ضد الاحتلال، ولكن، كما قلت لك، هناك تعتيم من قبل وكالات الأَنباء، مثلاً اذا نفذت في الفلوجة عشر عمليات فإِن وسائل الإِعلام تنشر عمليتين فقط واذا نُفِّذَت خمس عمليات بطولية في النجف الأشرف، فلا تنشر واحدة منها من خلال هذا الإِعلام التضليلي حتى يوهموا العالم أَنَّ هناك مثلثاً سنياً هو الذي يقاوم، وأكثرهم من عرب أهل السنة والجماعة، لا من شيعة العرب العراقيين. وأقول بصراحة: ليس هناك مثلث سني أو مربع شيعي يقاوم المحتل ، وانما العراقييون بلا استثناء كلهم مقاومة مناهضة ضد الوجود الاجنبي المستكبر. والهدف من هذه المزاعم الباطلة هو أن يوحوا إلى الرأي العام أَنَّ الشيعة مع المحتلين .. كل ذلك من اجل بذر بذور الفتنة المذهبية بين ابناء الاسلام والسعي لاستئناف تركيب المؤسسات السياسية والادارية العراقية على قواعد تستخدمها للتقسيم العرقي والطائفي والمذهبي، وطمس الهوية الإِسلامية لشعب العراق وإِضعاف انتمائه الوطني والديني والعروبي .
* ما هو كيان أياد علاوي ؟..
** أياد علاوي لا يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة من حيث المبدأ، لأنَّهُ عاش ثلاثين عاماً في اوربا، ولا صلة له مع مجاهدي الداخل لأنه كان شيعياً بعثياً. وثانياً: إِنَّ إياد علاوي بمجرد أنْ تولَّى رئاسة الوزراء في الحكومة الانتقالية المؤقتة التي عيِّنها المندوب السامي الاميركي، بادرت حكومته إلى التعاون مع الاميركان في الهجمات الصاروخية العشوائية على المدن العراقية الآمنة بدءاً من سامراء وكربلاء المقدستين، ومروراً بالنجف الأَشرف ومدينة الصدر، وصولاً الى الفلوجة والرمادي .
*الرئيس العراقي غازي الياور أنشأَ كياناً سياسياً تحت أسم «عراقيون» ما رأيكم في وجود هذا الكيان ؟..
** الرجل لا زال يعيش العقلية العشائرية، وهو لم يرأس حزباً سياسياً في يوم من الأيام، وليس له تاريخ جهادي في النضال السلبي في حرب الطاغوت ، وكان يعيش حياة ارستقراطية مترفة في دول الخليج ولبنان، ولا يمكن من خلال هذه السيرة ان يستقطب الشعب العراقي الى قائمته الوهمية .
* بقاء بوش في البيت الابيض يعني سياسة الهيمنة على المنطقة خصوصاً العراق .. كيف ترى موقف الحكومة العراقية من أَطماع الإِدارة الأميركية في نفطه، وفي ثرواته الطبيعية ؟..
** هل توجد في العراق حكومة عراقية وطنية حتى تحدد موقفها من الاحتلال ومن أطماعه في البترول خاصة .. نحن ندعو الله سبحانه وتعالى ان ينهي البترول من العراق لأنه سبب الدمار والبوار والتسيب والضياع على شعبنا وأهلنا ، لهذا اجتاح الاميركان هذا البلد الامين في سبيل نهب ثرواته الطبيعية التي منحها الله تعالى لهذا الشعب العظيم .
نحن ليس في حاجة إلى الاميركان ليحرروا العراق من الطاغوت .. نحن العراقيين أولى بالتحرير والخلاص من الدكتاتورية، ثم أميركا ليست مؤسسة خيرية انسانية ، ها انت تشاهدين أعمال الاميركان وتسمعين عنها في بلد الأَنبياء والأَوصياء وما يرتكبون من جرائم تنأى وحوش الغاب عن فعلها .
* أريد ان أسأل .. هل سيكون للحكومة العراقية خيارات .. أم دولة مستقرة ، ونفط يذهب الى الولايات المتحدة الاميركية وكفى ؟..
** انا قلت لك هل توجد حكومة عراقية وطنية حتى يكون لها خيارات!!.. هي حكومة عينَّها المندوب السامي الاميركي، فلا استقرارَ في العراق مادام هناك حكومة عميلة تحكم العراق والعراقيين، ومادام هناك احتلال لا يخرج منه، اذن المقاومة الوطنية مستمرة حتى طرد آخر جندي اجنبي من بلاد وادي الرافدين الاشم .
* الا يكون هذا لمصلحة أميركا ؟..
** ما دام هنالك احتلال في بلد مستقل ذي سيادة، فالعراقيون أصحاب حق مشروع في مقاومة هذا الاحتلال وطرد آخر جندي، ثم إِنَّ أميركا لا تريد الاستقرارَ في المنطقة برمتها لا في العراق وحده، بل هي تخطط لإشعال الاضطرابات والفتن كي تخلق ذريعة للتدخل في شؤون المنطقة، وتحقيق المزيد من الهيمنة وحماية الثكنة الاسرائيلية من الزوال والدمار .
* من ناحية اخرى... ما هي خلفيات الحوار الذي يجريه أياد علاوي مع (12) شخصية عشائرية معارضة في الاردن، وما الأهداف التي يسعى اليها؟ ولماذا يجري علاوي هذه اللقاءات ؟..
** أياد علاوي لا يمثل مكونات الشعب العراقي لأنه ليس رئيساً منتخباً ، هو يمثل نفسه فقط، فلا قيمة لهذه اللقاءات مهما تكن اهداف هذه اللقاءات المعلنة منها والخفية .. كيف يصدق عاقل أَنْ تلتقي هذه الرموز العشائرية المناهضة للاحتلال معه ، وحكومته عيِّنَها المندوب السامي الاميركي .
* ختاماً... أريد أن اسألك سؤالاً عن المرحلة المقبلة في العراق تحديداً وفي المنطقة .. كيف ترون مستقبل العراق في المنطقة بشكل عام في ضوء استمرار المقاومة العراقية؟..
** نحن ندعو الشعوب العربية والعالم الاسلامي ان يمدوا أيديهم لمناصرتنا، لأننا نحن الدرع الحصين لطرد المستكبرين الطامعين في اوطانهم ، لان الشعب العراقي سيجعل أرض العراق مقبرة للجنود الاميركان ، فأذا اجهضت المقاومة العراقية التي تناهض الاحتلال فسوف تجتاح أميركا المنطقة باسم الاصلاح والديمقراطية لتمزِّق أوطانهم الى دويلات هزيلة خاوية هنا وهناك، من أجل صيانة الثكنة الإِسرائيلية كي تبقى جاثمة على الثرى الوطني الفلسطيني تهدد أمن المنطقة برمتها .
* نحن نشكر حضرتكم سماحة آية الله العظمى أحمد الحسني البغدادي المرجع الديني في النجف الاشرف .
** شكراً لك على اتاحة هذه الفرصة ، حفظك الله ورعاك لخدمة الكلمة الملتزمة .