الحوار الثاني عشر مع صحيفة اللواء البيروتية ــ بتاريخ 5 نيسان 2004م
الحوار الثاني عشر
مع صحيفة «اللواء» البيروتية ـ بتاريخ 5 نيسان 2004 م
اجرى الحوار رئيس التحرير صلاح سلام
ندوة «اللواء» حول العراق بعد مرور سنة على الاحتلال الاميركي ومخاطر الفيدرالية ، والتقسيم
اعضاء وفد المؤتمر التاسيسي العراقي الوطني يكشفون معالم الصورة الحقيقية للمشهد العراقي اليوم
الأَولوية لدى العراقيين محاربة الاحتلال ، والمحافظة على الوحدة الجغرافية والبشرية ، وتأَكيد العروبة .
اختلفت معالم المشهد السياسي العراقي بعد مرور عام كامل على الاحتلال الاميركي في العراق، فالرؤية باتت اكثر وضوحا ، وما كان ملتبسا مع بدء الحرب الاميركية على العراق لم يعد اليوم كذلك ، فالغالبية الساحقة من الشعب العراقي باتت تدركُ أهداف الحرب والاحتلال ، بعدما توضحت معالم الأَهداف الحقيقية للاحتلال الاميركي ، باتت الغالبية تخشى على مستقبل العراق ووحدته أَرضاً وشعباً، خاصةً بعدما صياغة (الدستور المؤقت) بأَيد اميركية ، باللغة الانكليزية ، ومن ثم تم فرضه على (مجلس الحكم) عيِّنَهُ الحاكم الاميركي ( بول بريمر ) لصالح مشروع فتنةٍ يمهد لتقسيم العراق ، وسلخه عن الوطن العربي ، فقد ورد في الدستور المؤقت «ان الشعب العربي في العراق جزء من الامة العربية»، فقد ذكر الشعب العربي في العراق ولم يذكر العراق ككل .
منذ ايام زار بيروت وفد (( اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي العراقي الوطني)) الذي يُحْضِّرُ لانشاء جبهة وطنية تضم جميع فئات الشعب العراقي.
نظمت (( اللواء)) في مكاتبها ندوة حوارية للوقوف على الواقع السياسي في العراق اليوم، شارك فيها عددٌ من اعضاء الوفد العراقي، هم :
ـــ المرجع الديني في النجف الأَشرف السيد أحمد الحسني البغدادي، وقد أشار إلى أَنَّ «الاحتلال الاميركي لن يخرج من العراق في حزيران المقبل ، فهو باق بجواسيسه وجيوشه وعملائه ، وما يعلنه كذب وتسويف»، وأَنَّ «الأُولوية اليوم لدى العراقيين هي محاربة المحتل ، والمحافظة على وحدة العراق الجغرافية والبشرية»، وأَنَّ «المقاومة موجودة في جميع مناطق العراق المحتل، والإِعلام تعمد حصرها في ما يسمى بألمثلث السني لتشويه سمعة بقية الشعب العراقي، والمحتل الذي دخل بالقوة لا يخرج إلا بألقوة» و «نخاف على وحدة العراق من الفيدرالية».
ـــ عضو «هيئة علماء المسلمين» الدكتور الشيخ محمد بشار امين الفيضي قال «سيأتي اليوم الذي يغادر فيه المحتل الاميركي مرغما ، كما حصل للمحتل الاسرائيلي في لبنان، والعراق كله أَصبح أَشبه بقنبلة موقوتة ستنفجر في وجه الاحتلال»، وأَشار إلى أَنَّ «هيئة علماء المسلمين تتواصل مع المرجعيات الشيعية لتفويت الفرصة على مشاريع الفتنة التي يقوم بها المحتل ، كما نتبادل الفتاوى والوثائق حول حرمة دماء المسلمين، وأَغلبية العراقيين يرون بعد مرور سنة على هذا الاحتلال انها الحل الامثل لطرد المحتل».
ـــ امين عام «حزب الاصلاح الديمقراطي» عصام الجبوري قال:«نعمل على انشاء جبهة تضم علماء المسلمين من السنة والشيعة في مقدمتهم سماحة آية الله السيد أحمد الحسني البغدادي، والعلامة الشيخ جواد الخالصي ، وكل من يقاوم الاحتلال الاميركي.. ذلك الاحتلال الذي عمل طيلة عام على نهب ثروات العراق ، ومنها تهريب الزئبق الأَحمر بكميات كبيرة ».
ـــ امين سر «اللجنة العليا لحقوق الإنسان في العراق» عبد الجليل المهداوي أشار: «إلى حقوق الإنسان العراقي المهدورة ، بسبب تصرفات جيش الاحتلال عبر المداهمات ، والاعتقال ، والقتل العشوائي .. والمنظمات العربية لحقوق الإنسان لم تقدم للعراقيين ما هو مطلوب منها».
عكست الندوة كثيراً من جوانب الواقع السياسي والاجتماعي العراقي ، نظرا لدور المشاركين فيها الهام في العراق، وجاءت وقائعها على الشكل التالي:
* المحور الاول ــ الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال
** بعد مرور سنة على الاحتلال الاميركي في العراق ما هي معالم الصورة الحقيقية في المشهد العراقي اليوم .
مداخلة العلامة أحمد الحسني البغدادي
في البداية تحدث المرجع الديني في النجف الاشرف سماحة آية الله أحمد الحسني البغدادي، قال :
في البدء من الطبيعي القول انه عندما سقط النظام في التاسع من نيسان الماضي كانت الحالة تختلف اختلافاً كلياً عن الحالة الآن ، حيث كان العراقييون يشعرون بالارتياح نتيجة سقوط النظام الذي مارس كل اشكال الدكتاتورية والاستبداد والاضطهاد في حق الشعب العراقي ، الذي كان يتطلع إلى اسقاط هذا النظام بأي طريقة أو وسيلة، ونظرا لما تعرض له الشعب العراقي من الاضطهاد والجوع والحرمان ، نتيجة العقوبات الاقتصادية الظالمة، والحصار الذي تعرض له على مدى سنوات طويلة باسم الشرعية الدولية والقانون الدولي الجديد .
عندما دخل الجيش الاميركي إلى العراق لم يقابله الشعب العراقي بالورود والزهور ، كما كان اركان الادارة الاميركية يعتقدون، بل قابل الشعب العراقي الاحتلال الاميركي البريطاني بمقاومة صلبة قوية ضد القوات البريطانية في البصرة ، وفي ارجاء العراق ضد القوات الاميركية ، وكان موقفاً جهادياً، ولم تكن مقاومتنا من أجل النظام الفاشي، بل من أجل الدين والوطن.
وبعد الاحتلال تم التركيز اعلاميا على المقاومة في منطقة ما يسمى «المثلث السني» في ما تم التعتيم الاعلامي على المقاومة في المناطق ذات الاغلبية السكانية الشيعية في الجنوب ، وغيرها .. وذلك ضمن مخطط مدروس كي يدخل في ذهن الشارع العربي والاسلامي، أنَّ الشيعة مع المحتلين ، وأَنَّ اهل السنة والجماعة فقط هم الذين يقاتلون الاحتلال ، وذلك من أجل ايجاد حساسيات ، وزرع بذور فتنةٍ تمهد لحرب أَهليةٍ في وادي الرافدين الأَشم .. تقود إلى تقسيم العراق ، وتفتيته إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية متفرقة ، والقضاء على وحدته .
مداخلة الدكتور محمد بشار أمين
ــ ثم تحدث عضو هيئة علماء المسلمين في العراق ، المدرس في الجامعة الاسلامية في بغداد الدكتور محمد بشار امين قال :
صورة المشهد العراقي اليوم هي الصورة التي يتم التعبير عنها بوضوح من خلال ما تنقله الشاشات الفضائية يوميا لما يحدث من استياء في كل مكان ، وخروج التظاهرات ، واستمرار مقاومة الاحتلال في أَماكن كثيرة بشكل يومي ، والتظاهرات ضد البطالة ، وضد القوانين التي تصدرها قوات الاحتلال ، التي تنال من حرية الشعب العراقي على أَرضه ووطنه، وهي صورة تنقل احداثاً حيةً تعبرِّ عن المشهد الحقيقي العراقي .
الآن بعد مرور عام على احتلال العراق هناك شبه اجماع لدى الشعب العراقي بكل اطيافه على رفض الاحتلال ، واذا ما اردنا المقارنة بين وجهة نظر العراقيين تجاه قوات الاحتلال يوم سقوط النظام السابق في التاسع من نيسان الماضي ونظرته إلى قوات الاحتلال اليوم، فسنجد فرقا كبيرا حيث نظر العراقييون في البداية إلى القوات الاميركية كمخلصين لهم من ذلك النظام، ربما غَلَبَ على ظنهم أنَّ هذه القوات لم تكن قوات احتلال للعراق، وأَنَّها ستغادر الاراضي مجرد اسقاط النظام وهذا ما وعد الاميركيون به قوى المعارضة العراقية ، ولكن فوجيء الجميع بأن الاميركيين بعد ايام استحصلوا قرارا من الامم المتحدة بأعتبارهم قوات احتلال ، وكانت هذه بداية الصدمة للعراقيين اذ ادركوا أنَّ هناك لعبة كبيرة نسجت اسمها صدام حسين، بينما في حقيقتها وابعادها احتلال اميركي للعراق، وبدأت المعاناة من تلك اللحظة، وهي اليوم وصلت الذروة، واعتقد أَنَّ العراق كله اصبح اليوم أَشبه ما يكون بقنبلة موقوتة انفجرت في جوانب، وستنفجر في الجوانب الاخرى، بمعنى أَنَّ مقاومة الاحتلال ستَعِمُّ لتشمل جميع ارجاء العراق .
مداخلة عصام الجبوري
ثم تحدث الامين العام لحزب الاصلاح الديمقراطي الاستاذ عصام عائد الجبوري، ما قال :
ان المخطط الصهيوني الاميركي لا يستهدف العراق وحده ، بل يستهدف المنطقة العربية بمجملها، لكنَّ البداية كانت من العراق كونه يمثل عمود الخيمة التي يستند عليها مشروع الشرق الأَوسط الكبير في استهداف الأَمة العربية ، ولم يكن مجيء الاميركان من أجل تخليص الشعب العراقي من ظلم النظام السابق، لكنَّهم حاولوا تسويق هذه الطروحات للتغطية على أَهدافهم الحقيقية ، اذ هم جاءوا لكي ينهبوا ثروات هذا البلد ويسيطروا عليه، ثم الانطلاق للسيطرة على البلدان المجاورة له كسوريا والاردن، وغيرها .. فبدأوا مشروعهم اولا بألسيطرة على وزارة النفط، وعلى عملية تصديره ، وكذلك الزئبق الاحمر الموجود بكثرة في اهوار العمارة، وبدأوا بنقله بواسطة السيارات إلى الكويت وبالطائرات ، وقاموا بتهريبه إلى الخارج ، وفي محاولاتهم السيطرة على العراق وبدأوا في إثارة الفتن الطائفية والعنصرية من أجل تمزيق وحدة الشعب ، ولم تكن اهدافهم انقاذ الشعب العراقي، وتحقيق الديمقراطية المزعومة ، بل لتنفيذ مخططاتهم العدوانية على الامة العربية ، مستخدمين احتلالهم العراق نقطة انطلاق لاستكمال السيطرة على المنطقة العربية وعلى العالم ، والقضاء على القضية الفلسطينية وتصفيتها، ولذلك نحن علينا في العراق مقاومة المشروع الاميركي ، ومقاومة الاحتلال عبر وضع آليات معينة ، وهي وضع جدول زمني لرحيل قوات الاحتلال ، وبالتالي اجراء انتخابات ديمقراطية تحت اشراف الامم المتحدة ، ويمكن حضور الجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمر الاسلامي. ونحتاج إلى وضع دستور دائم يؤكد أَنّ العراق جزء من الامة العربية ، ويؤكد على حرية المواطن ، ويضمن حقوق الأَقليات في العراق .
مداخلة عبد الجليل المهداوي
ثم تحدث أمين سر اللجنة العليا لحقوق الإنسان في العراق السيد عبد الجليل ابراهيم المهداوي، قال :
في الحقيقة، حقوق الإنسان في العراق منتهكة بشكل صارخ من قبل قوات الاحتلال الاميركي ، وبعد مرور سنة كاملة لم يتحسن وضع حقوق الإنسان في العراق ، حيث أَنَّ الانتهاكات يومية ، وتتمثل في مداهمات، واعتقالات عشوائية كثيرة، كما تتمثل القتل العشوائي للمواطنين، ومصادرة الأَموال ، وإَعمال السلب والنهب والانتهاكات الاكثر خطرا على المواطن العراقي هو القتل العشوائي ، وقد رفض العراقييون منذ البداية الاحتلال الاميركي ، وقد تطورت اشكال هذا الرفض إلى حد المقاومة .
* هل لديكم معطيات دقيقة حول عدد المعتقلين ، وهل هناك اعتقالات تتم بشكل عشوائي ؟..
ــ عدد المعتقلين الذين تم اعتقالهم على الشبهة ثمانية الاف معتقل، وهذه الاعتقالات لاتتم بصورة قانونية ، حيث لا تحصل القوات الاميركية على تصريح من قاضي التحقيق ، أو من جهة قضائية عراقية ، وانما تقوم بالأعتقالات بصورة كيفية ومزاجية وبصورة وحشية ، حيث يداهمون البيوت كيف يشاؤون ومتى يريدون خلال الليل ، وعن طريق كسر الابواب ، وارهاب الاطفال والنساء ، واهانة اصحاب البيوت التي يداهمونها .
المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني وتوحيد علماء المسلمين .
* ما هي فكرة تشكيل «المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني»، وكيف تشكيله ، وما هي الاهداف ؟..
** الجبوري : بعد الاحتلال والتداعيات التي حصلت ، وكذلك ممارسة القوات المحتلة دوراً تخريبياً في العراق، واشاعة الطائفية ، وخلق بعض المنظمات الوهمية التي تحمل صفات قومية وطائفية الخ ، بدأنا بتدارس الوضع ، وكيفية الخروج، والرد على هذه الاساليب ، فكان الاتصال بين الفئات القومية والاسلامية الموجودة في العراق ، وتوحيد الرؤية بالمناقشة حيث جرى العديد من الحوارات الموضوعية والعقلانية من أجل توحيد الرؤية، وجرى تدارس واقع القوى الموجودة على الساحة العراقية ، وبالتالي ارتأينا تشكيل لجنة تؤيد عقد مؤتمر تأسيسي عراقي وطني يضم كل القوى الخيرة من التيارين القومي والاسلامي المتواجِدْينِ على الساحة، ومن الناحية العملية جرى توحيد علماء المسلمين السنة والشيعة ، لان التركيز كان على هذه الجماعة من أجل ازالة التفرقة الطائفية والحمد لله فأن هيئة علماء المسلمين ، وجماعة الخالصي ، والسيد أحمد الجسني البغدادي من علماء النجف المتصدين الاجلاء اجتمعوا وقرروا تشكيل «جماعة علماء العراق الموحدة»، التي تضم الشيعة والسنة ، وبالمقابل نحن معهم في المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني ، وهكذا تلاحمت القوى الاسلامية والقومية، خاصة في ظل هذه المرحلة التي تتطلب الجهاد لطرد المحتل .
* ما هي الخطوة التالية ؟..
** كنا نريد عقد المؤتمر يوم 27/3 الجاري ، ولكن نظرا لموعد انعقاد مؤتمر القمة العربية رأينا تأخير عقد مؤتمرنا بضعةَ ايام ، ولكن بعد تأجيل القمة العربية ، وبعد عودتنا ــ انشاء الله ــ من بيروت سوف يصار إلى عقد المؤتمر خلال عشرة ايام ، أو اسبوعين ، وتنبثق عنه جبهة وطنية تضم هذه الفئات والتيارات وتضم احزاباً اخرى حيث هناك تنظيمات العشائر وتنظيمات العمال والطلاب والتنظيمات النسوية، فهذه كلها مشاركة معنا ، وهناك شريحة كبيرة تظم اكثر من نصف الشعب العراقي ستشارك معنا، ولن يبقى خارج هذه الدائرة سوى المتعاملين مع الاحتلال الاميركي .
* هل هذا المؤتمر مفتوح لكل القوى الوطنية؟..
** نعم انه مفتوح لكل القوى العراقية التي تؤمن بمقاومة الاحتلال، وهناك ثلاثة شروط اساسية للانضمام إل هذا المؤتمر ، وهي : مقاومة الاحتلال، ووحدة العراق ، وعروبته .. فكل القوى التي توافق على هذه الشروط الثلاثة تلقى القبول والترحيب من أجل انضمامها إلى هذه الجبهة المرتقبة .
لا تغيير في حزيران المقبل... والاميركي يكذب
* في العراق احتلال اميركي وحاكم اميركي له الكلمة الاولى والاخيرة في السياسة والاقتصاد ، ومجلس الحكم منزوع الصلاحيات .. هل تكون نهاية حزيران المقبل بداية مرحلة جديدة للاحتلال ، أو موعد جدي لولادة دولة جديدة في العراق ؟..
ــ السيد البغدادي :
أَرى أَنَّ الادارة الاميركية تراوغ بالقول إنها ستخرج في حزيران المقبل، وسوف تبقى بقواعدها واجهزتها التجسسية المترامية الاطراف ضد شعبنا واهلنا وضد المنطقة برمتها ، وسوف تأتي طبقة التكنوقراط الذين لهم علاقات مشبوهة ، ولن تكون هناك حكومة وطنية تضم القوى التقدمية العروبية منها والاسلامية لادارة العراق ، ولن يكون هناك تغيير بعد حزيران ، بل كله كذب وتسويف من قبل الادارة الاميركية ، لان المشروع الاميركي المخطط له يستهدف السيطرة على كل المنطقة ابتداء من العراق ، ووصولا إلى حدود الصين .
* هل بدأت هذه الصورة تنضج امام الشعب العراقي ، ام ما زالت غامضة ؟..
ــ انها لم تعد غامضةً بعد تصاعد المقاومة المسلحة تارة ، وبعد التظاهرات الجماهيرية الغاضبة الصارخة.
ــ امين : اميركا مولعة بتغيير العناوين مع الحفاظ المتزمت على المضمون، يتغيِّرَ شيء وهذه محاولة لشرعنة الاحتلال وقد تم اختيار هذا الموعد فجأة نتيجة تصاعد اعمال المقاومة والأميركيون يحاولون اقناع الشعب العراقي أنَّ السلطة ستُسَلَّمُ في هذا الموعد، ولكن الشعب العراقي يعي تماما أنَّ المراد من تحديد هذا التاريخ كموعد لتسليم السلطة للعراقيين هو فقط إِضفاء الشرعية التي لا جذور لها في الأرض العراقية بما يسمى بالمرحلة الانتقالية .
* هل سيرحل الاحتلال ، ام انه باق ؟..
ــ نحن واثقون أنَّ الاحتلال جاء ليبقى ، ولن يخرج بسهولة ، إلا إذا توالت عليه الضربات، وألحقت به خسائر كبيرة والأميركيون رأسماليون بطبيعتهم، ودائما لديهم ميزان للربح والخسارة، وهذا هو المقياس ، فاذا كانت خسائرهم فادحة فسيغادرون العراق وهم سيتعلقون بأي بادرة امل ، ولن يغادروا العراق بسهولة، لكنني أَعتقد ان المقاومة ستتطور بشكل كبير خلال عام لتصبح اكثر عنفا وتأثيرا ، وبالتالي لا بد من مجيء ذلك اليوم الذي يضطرُّ فيه المحتلون الأميركيون إلى مغادرة العراق كما غادر الاحتلال الاسرائيلي ارض لبنان فجأة .
ــ الجبوري: أَعتقد أَنَّ موضوع حزيران هو موعد افتعلته الادارة الاميركية .. بسبب اقتراب انتخابات الرئاسة الاميركية، وهذا كما يعتقدون يؤثر على رأي الناخب الاميركي ، ولذلك هم يريدون ايجاد مخرج لهم لان الخسائر التي يتكبدونها الآن في العراق تؤثر على موقفهم هذا، وبالتالي وضعوا هذا التاريخ مع انهم لن ينسحبوا من العراق ، ولكنهم سينسحبون من المدن، وقاموا بتحديد خمسة اماكن كقواعد يرحلون اليها داخل العراق، وايجاد حكومة موالية لسياستهم تستطيع ان تبرم معهم اتفاقيات، ويستفيدون مما يسمى الدستور المؤَقت ليأخذوا القرار الذي يشرعن وجودهم ، وبالتالي هم يخدعون الشعب الأميركي، كما يعتقدون ان هذا يُقلِّل الخسائر التي تلحقها بهم المقاومة .
منظمات حقوق الإنسان العربية غائبة
* ماهي نشاطاتكم في الداخل والخارج بالنسبة لحقوق الإنسان ؟.
المهداوي : بالنسبة لنا كلجنة حقوق الإنسان في العراق يتركز نشاطنا في الانتقال إلى مكان الحدث، ولا اكتم سرا حين اقول أنَّ امكانياتنا متواضعة وضعيفة من حيث التقنية ، واجهزة التصوير ، والفيديو ، ولكن رغم ذلك فنحن نجهد في الوصول إلى مكان الحدث ، وتصوير ما يحدث ، وتوثيق الملاحظات وتدوينها من أجل الاتصال مع منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية الموجودة داخل العراق»، وقد عملنا مؤتمراً مشتركاً مع «هيئة تسمى هيئة رصد انتهاكات حقوق الإنسان في العراق ، وهي هيئة اجنبية ، وقد تمت الإشارة إلى هذه الانتهاكات، وطُبِعَ كراس يتضمن هذه الانتهاكات باللغتين العربية والاجنبية .
* ماذا قدمت لكم منظمات حقوق الإنسان العربية ؟..
ــ لم تقدم لنا شيء سوى انها استلمت بعض هذه التقارير عن الانتهاكات ، وحتى الآن لم تظهر أي منظمة من منظمات حقوق الإنسان تتعاون معنا ، وهذا التعاون نحتاجه من حيث الإِعلام فقط من أجل نشر هذه الانتهاكات ليطلع عليها الرأي العام العربي والدولي ، بسبب امكانياتهم ، كما تعلمون امكانياتنا نحن محدودة في هذا المجال ، أما إمكانيات منظمات حقوق الإنسان العربية فهي واسعة ، لانها قديمة في عملها وتجربتها ، كما تستطيع هي الاتصال بالمنظمات الاوروبية والعالمية ، ورئيس الامم المتحدة .
الشيعة ضد الاحتلال
* كيف تقيمون دور الاعلام مع القضية العراقية ؟.
ــ السيد البغدادي : اغلب القنوات الفضائية خاضعة بنهجها للصهيونية والادارة الاميركية ، وانا شخصيا عقدت معي لقاءات صحافية كالمنار، والدستور ، والطليعة ، وواشنطن بوست ، ووكالات الانباء العالمية وعلى رأسها وكالة رويترز ، وكذلك القنوات الاخرى كالجزيرة ، وابو ظبي ، بل وقد امتنعت القنوات ما يسمى بالثورية باستثناء الفضائية السورية من المجيء الي عنوة الى فندق الشام في دمشق، وقد صرحت كما صرحت لجريدتكم الموقرة ( اللواء ) ، ولكن لم ينشر عني أي شيء .. فلماذا لا ينشر شيء مما اقوله واصرح به؟ هل لو قلت ان الاحتلال شرعي للعراق ينشرون قولي هذا، أو تصريحي ذاك في كل القنوات، بل لو قلت ان الدستور في ادارة الدولة العراقية صحيح كل ما جاء به على كل حال، ولكن لا ينشرون لي شيئاً لانني اسلامي تقدمي، ومن المرجعيات الدينية المظلومة في النجف الاشرف، ولي بيانات ولقاءات وخطابات في نقد هذه المسألة .
* انتم من المرجعيات الدينية والقيادات الاسلامية ذوي المواقف المعروفة في معارضة الاحتلال ، فمن هي المرجعيات والقيادات التي تحمل ذات المواقف ؟..
ــ السيد علي الحسني البغدادي، والشيخ محمد جواد الخالصي، والسيد مقتدى الصدر، وليس هناك من احد غير هؤلاء الثلاثة .
* لماذا ؟.
ــ لأَن بعض المرجعيات الدينية القابعة في النجف وكربلاء حين صار الشيعي يقتل الشيعي، لم يكن لهم موقف واضح تجاه هذه الفتنة ، وقد نوهت عنها في خطاب لي أمامَ حشد جماهيري في مدينة الصدر بتاريخ الخامس عشر من رمضان 1424م وهو أنَّ القاعدة الامبريالية القذرة (فرق تسد) قد طُبِّقَتْ في هذه المدينة المقدسة ، ولم تتحرك المؤسسة الدينية لوأد هذه الفتنة .
إِنَّ البعض منهم يدَّعي أَنَّه يتحسس آلام شعبنا ومعارضة المحتل بالطرق السلمية ، ولكن انا اقول صراحة من اتى بألقوة ليحتل ارضنا لا يخرج إلا بالقوة ، والجهاد المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان العراقي .
هيئة علماء المسلمين : حرمة دماء المسلمين
ــ أَمين : نحن منذ اليوم الاول لتأسيس «هيئة علماء المسلمين»، التي كانت فيها مراهنة على سقوط النظام كان من أَولى خطواتها الاتصال بالمراجع الدينية الشيعية وتبادل الفتاوى معهم ، والوثائق حول حرمة دماء المسلمين، ونبذ الطائفية المذهبية ، وكان لهذه الجهود ثمار واضحة على الأرض العراقية ، ونحن نذكر تماما كيف خرجت تظاهرات تحمل عناوين واضحة تدعو إلى الوحدة، وهي شعارات معروفة مثل «نحن اخوان سنة شيعة وهذا الوطن مانبيع» فكانت هذه احدى ثمار اللقاء الذي عقد بين المراجع الدينية مِن السنة والشيعة . نحن حريصون على استمرار هذه اللقاءات ، ونعتقد ان المراجع الدينية تمثل جزءا كبيرا من الشارع العراقي، واذا استطاعت هذه المرجعيات تثقيف جماهيرها باتجاه الوحدة ، فسوف نستطيع تجاوز مخططاً كبيرا وكمينا مهيئا لنا ، وحتى هذه اللحظة وُفقنا في هذا الاتجاه.
الان تم الخروج بصيغة هيئة موحدة سميناها «جماعة علماء العراق الموحدة»، وهي حاليا ابتدأت بهيئة علماء المسلمين وبسماحة المرجع الديني الشيخ أحمد الحسني البغدادي ، والشيخ محمد جواد الخالصي ، والحلقة مفتوحة لاستقطاب المراجع الدينية الاخرى شريطة ان يتفقوا معنا في المواقف على رفض الاحتلال، ووحدة العراق، ودعم المقاومة المشروعة.
شرعية المقاومة
* كيف يرى العراقيون بجميع أَطيافهم السياسية والطائفية شرعية المقاومة ؟ وهل أَنها مقتصرة على فئة عراقية دون الآخرين ؟..
ــ السيد البغدادي : بالنسبة للشعب العراقي... الاولوية عندهم هي محاربة الاحتلال، والمحافظة على الوحدة الوطنية سواء كانت الوحدة جغرافية أو بشرية أو سياسية هذا اولا .. وثانيا : المحافظة على عروبة العراق كجزء من الامة العربية الاسلامية ولن يتمكن المخطط الاميركي ، ومن ورائه اللوبي الصهيوني من تفتيت وحدة الشعب العراقي .
أما قضية تأطير المقاومة في منطقة دون منطقة اخرى .. فهي ليست سوى سيناريو صهيوني أَميركي لخلق الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، فمنذ عام 1923م عندما أُسِسَ المجلس التأسيسي العراقي واعترض على بنود دستور ذلك المجلس الفقيه المرجع الشيخ محمد مهدي الخالصي الكبير ، ونفي على اثر ذلك خارج الحدود ، وعندما احتل الأميركيون العراق في التاسع من نيسان تحت ذريعة ما يسمى «قانون تحرير العراق» السيء الصيت جذروا هذه المسألة، وهناك مشبوهون في ما يسمى «مجلس الحكم الانتقالي» يتعاونون مع الادارة الاميركية لتجذير هذه المسألة ويبثونَ أنَّ الشيعة يريدون بقاء الاميركان، أنَّ الشيعة يريدون وجود المحتل لكي يحققوا ما يسمى بـ«الفيدرالية» ولكن، في الواقع هذه المسرحية وتجذير هذه المسألة الطائفية ذهبت سدى بعد أَنْ وجدنا المقاومة تجذرت في عموم العراق ، لكنَّ التعتيم الاعلامي من قبل القنوات الفضائية المشبوهة منها وغير المشبوهة اليٌ لا تعلن عن حقيقة المقاومة ، وأَنها موجودة فقط في ما يسمى بـ«المثلث السني»... ربما هناك عشر عمليات تحدث في مدينة الموصل في اليوم الواحد لكنهم يعلنون عن عمليتين، أو ثلاث فقط، ولكن في الديوانية والنجف وكربلاء والحلة إذا نفذت عملية بطولية فلا يذكرونها ابدا من أجل ان يوهموا الرأي العام العربي والاسلامي والعالمي بأن الشيعة مع المحتلين ، لا يشتركون في مقاومة الاحتلال ، وقد قلت في المؤتمر التأسيسي العراقي الوطني، في ندوته الثانية إِنَّ الشيعي يقاتل في تكريت وفي راوه وفي الفلوجة.. كذلك السني يقاتل في النجف الاشرف وفي الديوانية، وقلت: فلتسقط المؤامرة التي يؤججها العملاء في المنطقة .
نعم للمقاومة... لا للتخريب والفتنة
ــ أَمين :اعتقد أَنَّ المقاومة لاتحتاج إلى شرعية لأَنَّ شرعيتها منبثقة من الديانات السماوية ، والقانون الدولي... هناك دولة محتلة ، وشعب مظلوم ، وبالتالي فالمقاومة جائزة ، بل هي واجبة، حسب الأَعراف الدولية والشرائع السماوية ، ومع هذا، فالحمد لله.. الآن بدأَ الشعب العراقي ينظر إلى المقاومة على أَنَّها الحل الأَمثل ، ربما لم تكن مثل هذه القناعة موجودة في بداية الاحتلال بسبب ظلم النظام السابق ، وكون الشعب في حاجة للخلاص من هذا النظام ، ولكن مع مرور الايام بات الشعب العراقي بعمومه مقتنعا تماما أَنَّ الإِحتلال الأَميركي هو الأَكثر خطرا ، ويشكل خطرا على وحدة العراق، وسلامة أَراضيه نتيجة الاصوات كلها على اعتبار المقاومة شرعية ، ولكن الشعب العراقي، ونحن جزء منه يُغرِّق بين العمليات التي تستهدف قوات الاحتلال ، والعمليات التي تستهدف المدنيين الأَبرياء، فالاولى مقاومة، والاخرى محاولات للتخريب والتدمير ، والثابت أَنَّ المقاومة انطلقت يوم 30/4 الماضي بعد سقوط النظام في بغداد، وبدأَتْ في الفلوجة ، ثم توسعت لتشمل الرمادي والموصل وبعقوبة ، وفي هذه الأَشهر نشهد عمليات في النجف وكربلاء والحلة وغيرها .. ولكن بالفعل هناك تعتيم اذ يبدو ان الأَميركيين يريدون ان يظهروا للعالم أَنَّ الاخوة الشيعة لايشاركون في المقاومة ، وان ليس كل الشعب العراقي يؤيد مقاومة الاحتلال، ولدينا تقديرات اُنَّ المرحلة الاولى ستشهد في الجنوب العراقي ، وكذلك في الشمال، تصاعدا غير عادي في حجم العمليات ونوعها ضد الاحتلال .
المقاومة العراقية
ــ الجبوري : في الحقيقة لاتوجد صراعات داخلية لأَنَّ الهدف هو المحتل ، وبالتالي الكل يتعاون على طرد المحتل ، ولا يوجد خلاف ايديولوجي حول الموضوع ، وليست هناك مصالح شخصية.
* لماذا يحاولون دائما تصوير أنَّ المقاومة غريبة ، تأتي من الخارج ؟..
ــ لم يات أَحدٌ من الخارج ليقاتل ، بل الشعب العراقي هو الذي يقاتل الاحتلال على ارضه ، وخاصة أَنَّ الشعب العراقي معروف، وقد خاض حروبا كثيرة ، ويملك الامكانات والطاقات البشرية المدربة ، ولكن إذا جاء من الخارج شخص أو شخصان أو ثلاثة ، فهذا لا يعني أَنَّ المقاومة تاتي من الخارج .
مؤتمر حقوق الإنسان العراقي
* ما هي مشاريعكم المستقبلية بشان حقوق الإنسان ؟..
ــ المهداوي : مشاريعنا تقوم على تعزيز دور لجان حقوق الإنسان في العراق ، ونسج العلاقات مع منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية ، وهناك لجان عديدة، واللجنة التي امثلها ليست هي اللجنة الوحيدة في العراق ، ونحن نسعى لعقد مؤتمر لجمعيات حقوق الإنسان ، ومن الامور التي نحن بصددها اعلان مشروع حقوق الإنسان العراقي بالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان العراقية، وقد تم اعداد هذا الاعلان ، وتم التحضير للمؤتمر، وكان من المقرر ان يعقد في العاشر من آذار ، إلاَّ أنَّ الظروف الأَمنية والتفجيرات التي جرت حالت دون عقد هذا المؤتمر، وأدت إلى تاُجيله إلى إِشعار آخر .
المحور الثاني مخاطر الفيدرالية والتقسيم
* كيف يمكن للعراقيين أَنْ يحافظوا على وحدة العراق بعد أنْ نصَّ الدستور المؤقت على اعتماد الفيدرالية التي تعتبر صيغة مقنعة للوصول إلى اتحادية في العراق ؟..
ــ السيد البغدادي : من الطبيعي ان نكون خائفين من الفيدرالية ، لانها تعني بداية تقسيم العراق وتفتيته ، وهناك تجارب في العالم، حيث أَنَّ الاتحاد السوفيتي قام نظامه على الفيدرالية العرقية، ولكنه تمزَّقَ وانتهى .. وكذلك الامر في كوسوفو.. أمَّا العراق فلا يمكن تطبيق الفيدرالية فيه، حيث أَنَّ هناك نسيجا اجتماعيا بين الشعب العراقي، فمثلا : هناك الآن في بغداد 1/4 مليون كوردي فهل سيتم نقلهم من بغداد وإِرسالهم إلى منطقة كوردستان نتيجة ضربها بالاسلحة الكيماوية من قبل نظام صدام، ونتيجة الحروب بين الفئات المختلفة في الشمال، وكذلك هناك نسيج اجتماعي بين اهل السنة والجماعة كم جهة، والشيعة الامامية من جهة ثانية.. بمعنى ان كل حي من الاحياء في بغداد أو الموصل فيه سنة وشيعة تربطهم أُواصر وعلاقات ، فالفيدرالية لا يمكن يكون تحقيقها، وهي تشكل مقدمة لتقسيم العراق، وقانون إِدارة الدولة العراقية المؤقت هو لعبة امبريالية صهيونية من أجل إِبقاء هذا الدستور الذي كتب باللغة الانجليزية في واشنطن، وسوف يصبح دستورا دائما كما حدث في الاربعينيات في الدستور اللبناني الذي بدأ مؤقتاً ثم اصبح دائماً.
* عُرِضَ الدستور الدائم على الاستفتاء فهل ينجح ؟..
ــ امين : كلا لن ينجح قطعاً، وقد اوضحنا هذا لإِخواننا الكورد في بغداد، لأَنَّ أي ثمرة تقطفُ في ظل الإِحتلال هي محرمة، لأَنَّها تفتقر إلى الشرعية ، ولاتؤدي إلى استقرار أو استقلال مشروع على الجمهور... هذا امر مرفوض ، ولا يمكن قبوله، نحن نُقرُّ أنَّ الإخوة الكورد لهم وضع خاص، فهم قومية كبيرة في المنطقة ، ولا مانعَ لدينا ان نتعامل معهم على أساس هذا الوضع الخاص .
ــ الجبوري: الأميركيون وضعوا هذا الدستور المؤقت بهدف أَنْ يكونوا هم المرجعية إذا نشبَ خلاف بين العراقيين انفسهم فيعمدون هم، الأميركيون إلى تفسيره كما حدث بالنسبة لتفسير القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن، فتكون السفارة الاميركية هي المرجع لتحديد ما هو الصواب ، وما هو الخطأ ؟!..
ــ المهداوي : الفيدرالية هي حلم راود الاخوة الكورد كمقدمة للتقسيم والانفصال، ومع الأَسف أنَّهم استغلوا هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب العراقي، فطالبوا بالفيدرالية ، وفي اعتقادي ان جميع اطياف الشعب العراقي ينظرون إلى هذا الموقف على أنَّه موقف استغلال وانتهاز الظرف الذي يواجهه العراقييون .
* هل الفيدرالية مشروع قابل للتحقيق في العراق؟.
ــ كلا، لا ارى أَنَّه قابل للتحقيق، فإذا نشأَتْ صراعات ــ مثلا ــ على الحدود، فمن الذي يحدد الفيدرالية هذه ؟..
الفتنة
* كيف يحصن العراقييون أَنفسهم ضد الفتنة؟..
ــ السيد البغدادي : كل ما نسمعه من وسائل الإِعلام المحلية والاقليمية والعالمية حول إِشعال الفتنة هي اشاعات مفتعلة يجذِّرها العملاء والاميركيون بين الناس، كل الناس، وأسوق دليلاً على أَنَّ الوحدة الوطنية قوية متماسكة في وادي الرافدين الاشم، يوم 19/3/2004م خرجت تظاهرة ربع مليونية بعد صلاة الجمعة تدين العدوان الاميركي على العراق واحتلاله، انطلقت تلك التظاهرة من الصحن الكاظمي متجهة إلى مدينة الاعظمية، فهرع الأعظميون الأَماجد عن بكرة ابيهم لتأييدها ، وكانت شعاراتهم وحدوية، من أَبرزها «اخوان سنة وشيعة وهذا البلد منبيعه»، لكنَّ الاميركان عندما وجدوا هذه الوحدة المتراصة بين السنة والشيعة، قاموا بالهجمات العسكرية مباشرة على المدينتين المقدستين الكاظمية وكربلاء في يوم العاشر من محرم الحرام من أجل تأجيج الطائفية ، وبهدف ايجاد فيتنة شيعية ـ سنية، لكنَّ العقلاء من ابناء السنة والشيعة الوطنيين قمعوا هذه الفتنة التي أَرادها المحتل الأَميركي ، ولا شك أَنَّ الصوت الأَقوى يظلُّ لدعاة الوحدة الإِسلامية ، لدعاة الفتنة، والدليل على ذلك انه عندما تم التوقيع على دستور ادارة الدولة العراقية المؤقت خرجت تظاهرة في النجف الاشرف احتجاجا على رئيس الدورة الحالية السيد محمد بحر العلوم فهجَمتْ على بيته ورشقته بالحجارة .
* ما هي الاحتجاجات التي اتخذتموها لمواجهة أي فتنة مقبلة ؟..
ـ ابدا، فإِنَّ الشعب العراقي، بكل مذاهبة واعراقه واطيافه، لايردون إِشعال أَيِّ، لأَنَّ هناك نسيجاً اجتماعياً متيناً مترابطاً بين كافة فئات الشعب. أما قضية الزرقاوي الذي يقف وراء الهجمات والتفجيرات في يوم عاشوراء في كربلاء والكاظمية، يجب ان تُفْهَمَ في سياقها الصحيح، فان الزرقاو لايمثّلُ السنة، وفكره التكفيري المنغلق لايمت الى فكر السنة من قريب او بعيد، والزرقاوي بهذا الفكر التكفيري المنغلق يخدم مصالح الاميركيين في العراق، قبله في ذلك مثل كل مَن يثير النعرات الطائفية او العرقية في العراق الاشم، ولهذا ظل الاميركيون يغضونَ الطرف عنه لكي يمارس أفعاله الشنيعة، والا من اين جاء بالمتفجرات التي استخدمها في ضرب المدينتين المقدستين؟ واين اجهزتهم المتطورة واستخباراتهم؟ ولماذا لم تبذل أيَّ جهد او محاولة للحيلولة دون تلك التفجيرات؟ والجواب على هذه الاسئلة ببساطة هو ان الاميركان يرغبون في حدوث تلك التفجيرات وامثالها لانها تشعل الفتنة بين السنة والشيعة، وكلُّ ما يؤدي الى فتنة بين مكونات الشعب العراقي يخدم مصالحهم.
ــ أمين : نحن متفائلون بأن لا تقع فتنة طائفية مهما حاول الاميركان وأذنابهم ان يفعلوا ذلك لأَسباب، منها: إِنَّ الاميركان وقعوا في اخطاء حيث ظهر جليا انهم يريدون زرع الفتنة ، وهذا الأَمر عرفه الشعب العراقي في وقت مبكر، وقد تركوا الاسلحة تقع في ايدي المدنيين على الرغم من معرفتهم خطورة ذلك ، واحس العراقييون أنَّ هناك مخططاً للايقاع فيما بينهم، ثم إِنَّ الدول المجاورة كلها لا ترغب في الحرب الاهلية ، وبالتالي هي تلعب دورا في تخفيف حدة الصدام وهو امر يصب في مصلحتها ، وهذا ما لم تحسب له اميركا له حسابا .
* ماذا تطلبون من العرب ؟..
ــ نطلب منهم الكثير ، ولكننا حتى اللحظة لم نأخذ سوى القليل، وابسط مثال عدم عقد القمة العربية في وقت نحن احوج ما نكون فيه إلى الموقف العربي، وهذا شيء أَصابنا بالإحباط، فنحن في العراق في مأزق، كما هو الوضع في فلسطين، فكيف يقبل الرؤساء العرب ان يلغوا القمة في اخطر مرحلة ، الاخوة العرب بأمكانهم ان يدعمونا بالإِعلام، وبإِمكانهم لو شاؤوا ان يتحدوا ويضغطوا حتى على الاميركيين ، فلماذا الخوف؟ المعركة باتت مكشوفة ولم يعد هناك وقت للمجاملة .. الأميركيون جاءوا للإِحاطة بكل الانظمة ، لان لديهم مشروعهم الخاص .
ــ السيد البغدادي : المطلوب عربيا دعم الشعب العراقي ، وتقديم المساعدة له ماديا ومعنويا وسياسيا ومخابراتيا واعلاميا ، وقد التقينا مع الرئيس السوري بشار الاسد وكان اللقاءُ ايجابياً، تسوده الصراحة المتناهية ، والتواضع ونكران الذات، وهناك حرص شديد على الشعب العراقي، ومصالحه الوطنية والقومية والاسلامية.