الحوار الثامن مع صحيفة الحوزة 4 كانون الاول 2003

الحوار الثامن
مع صحيفة الحوزة 4 كانون الاول 2003
اجرى الحوار رئيس التحرير علي عبد العزيز الياسري
في الحقل الالهي للعلم والايمان ، الذي اسسه رسول الله (ص) ، ونشر بذوره ، وغرس أَشجاره اهل البيت (ع) ، وسقوه بدمائهم الطاهرة الزكية ، نمت الكثير من الأَشجار الطيبة المثمرة، نفعت الكثير بظلها، وطيب ثمرها ، ودوام أَثرها المبارك في المجتمع ، ومن بين هذه الاشجار عائلة السيد المجاهد البغدادي (قدس سره الشريف) ، لذلك كان لنا وقفة نعتز ونفخر بها مع سماحة السيد أحمد الحسني البغدادي (دام ظله) لعرض آرائهِ ومواقفه وبياناته .
وتعليق سماحة السيد البغدادي ــ مد ظله ــ ووجهة نظره حول مجلس الحكم ، والأَوضاع ، والمواقف بشكل عام..
استهل سماحة السيد اللقاء يقول:
«فأَما الزبد فيذهب جفاء ، واما ما ينفع الناس ، فيمكث في الأرض»
إِنَّ تأليف مجلس الحكم الانتقالي تحت نير الاحتلال الاميركي يتحول إلى مخابيء يندس وراءَها اللصوص ، والقتلة .. وكل الملوثين، والمخادعين، والمتسللين .. ليمارسوا تحت مظلته ذنوبهم.. وكأنهم يصنعون للعراق الجريح مجده وخلوده من جديد .
إِنَّ تأليف مجلس الحكم الانتقالي تحت نير الاحتلال الاميركي .. هو اكبر واكذب غطاء.. يغطي اقبح واوقح الاكاذيب ، والاحقاد ، ونيات الغدر والعدوان ، والتسلط واستغلال ثروات العراق .. انه غطاء لكل اللصوص، والقتلة ، والمغامرين ، والملوثين ، والمتسللين .. انه غطاء عدواني كاذب .
إِنَّ المجلس لا يعني .. إلا وضع كل الناس ، كل التاريخ ، كل الظروف .. في مقياس واحد .. في نموذج واحد ، لا يعني إلا ان يصبح إنسان واحد ، أو جماعة واحدة ، أو مقطع من مقاطع التاريخ كُلَّ التاريخ .
لهذا انا ارفض كل ذلك تحت أي شعار .. تحت أي فكرة تختفي وراءها اضخم الاكاذيب ، وافجر الطغاة ، والمعادين .
لهذا أَنا أَرفض الإحتلال الاميركي .. والدكتاتورية الصدامية سواء بسواء .
لهذا انا ارفض مجلس الحكم الانتقالي الذي يريد مني أن اكون ذليلاً خنوعا ؟!.. كيف اكون عميلا جاسوسا ؟!.. كيف اكون طاغوتا سياسيا؟!.. كيف أُؤمن بذلك ؟!.. كيف اهتف لمن يدعونني اليه ، لمن يوقعونَ بي ؟!..
لهذا انا لست منافقا.. لست دجالاً ..
انا ارفض ان يكون فوق رأسي محتل كافر فاقد العواصم الخمس كالإِسلام والجزية، لا يسوغ سلطانه عليَ .. يكذِّب رسالة محمد خاتم الانبياء ، ويستهين بشريعته السمحاء ، أو مستكبر متجبر له صلاحيات حق الفيتو ، يذهب وينفذ ضدي طموحه العولمي المتصهين المتوحش ، وأَحقاده الصليبية التاريخية المتجذرة ، وعاهاته النفسية والعقلية المزمنة ، يذهب يفرضها على بلدي وتراثي ، على حياتي وتاريخي .. تحت اسم محبب .. تحت علم ملون .. تحت شعار هائل .. تحت اكذوبة التحرير البليدة.
لهذا انا ارفض الإِحتلال الاميركي .. والدكتاتورية الصدامية سواء بسواء .
لهذا انا ارفض مجلس الحكم الانتقالي ، الذي يضع فوقي ، فوق كل عراقي شريف ، فوق الحوزة العلمية كلها ابهظ واجهل واخبث الطغاة الزنادقة الأَبالسة ليؤدوا آفاتهم المسمومة الخبيثة .. تحت الاسماء المحببة .. تحت الاعلام الملونة .. تحت الصيحات الصارخة .. تحت اقبح الطبول .
لهذا انا ارفض المجلس مادام تحت نير الاحتلال المباشر .
لهذا انا اقاومه .. لهذا انا لست منافقا .. لست دجالا .
انا ارفض ان يكون الامس هو اليوم ، هو الغد ، هو الابد .. واطياف مجلس الحكم، ليست إلا محاولة لتوكيد طاغوت الامس على اليوم إلى الابد .
لهذا انا ارفض الاحتلال الاميركي .. والدكتاتورية الصدامية سواء بسواء .
لهذا انا لست منافقا .. لست دجالا .
إِنَّ اطياف المجلس الانتقالي يراد بها أَنَّ تتحول إلى هذه القوة الاخرى ، لهذا المنطق الاستبدادي الأَعلى ، لهذا انا ارفضها ، كما رفضت بالامس الدكتاتورية الصدامية .
هل تركت الاطياف من خلال مجلسها الانتقالي للإنسان العراقي شيئا من الحرية ، أو شيئا من الكرامة ، أو شيئا من الاكتفاء الذاتي ، أو شيئا من الأَمن ، أو شيئا من القدرة على الرؤية ، أو على التعامل مع الاشياء ، ومع الآخرين .. لهذا انا ارفضها ، كما رفضت بالامس الدكتاتورية الصدامية .
لقد حولت الادارة الاميركية - من خلال صنيعتها المهزوم - الإنسان العراقي إلى وحش بليد ، لقد جعلته وحشا عدوانيا مفترساً .. لا يستطيع ان يفكر ، أو يفهم ، أو يرى.. لا يستطيع ان ينقد مواقفه البليدة ..لا يستطيع ان يقيم أي حوار مع نفسه ، أو ضد نفسه .. أو مع الآخرين .. جعلته اعمى البصيرة التاريخية .. جعلته لا يرى الوحل الذي تغوص فيه أَقدامه ، لا يرى الأَشواك التي يمتد عليها طريقه .. جعلته خامدا .. جعلته لا يستطيع الاحتجاج، والغضب ضد أي شيء .. جعلته لا يحتج بالشعور ، أو بالرؤية ، أو بالرفض والمقاومة، إِنَّه ـ إذن ـ لا يحتج ، وانما يصيح ويهتف بلا احتجاج ، بلا رفض ، بلا رؤية ، بلا مقاومة .
لهذا انا ارفض الاحتلال الاميركي .. والدكتاتورية الصدامية سواء بسواء .
لهذا انا لست منافقا .. لست دجالا .
إِنَّ هؤلاء وهؤلاء .. لا يريدون ان يحرروا الإنسان العراقي بكل مذاهبه وأَعراقه بعيدا عن الاملاءات الاميركية .. ان يرتفعوا به فوق نفسه .. انهم لا يريدون يرتفعوا به فوق انفسهم .. بل يريدون ان يرتفعوا فوقه.. انهم محاربون للإنسان العراقي .. انهم ليسوا منقذين له.. ليسوا محاربين دونه .. انهم مسيرون لا مخيرون.. انهم مع المستكبرين... لا مع المستضعفين .
بسم الله الرحمن الرحيم (( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أَليما الذين يتخذون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ايبتغون عندهم العزة فأن العزة لله جميعاً))
والله اكبر وجهاد حتى النصر .
موقف السيد البغدادي من تشكيل مجلس الحكم الانتقالي... اصدر سماحة السيد فتوى في 4 جمادي الاول 1424 هـ:
إِنَّ المجلس (وقع) من خلف الأَبواب المغلقة وثيقة استعباد الشعب العراقي المستضعف بتوصيات من المحتلين الأَميركان ، ولو أَنَّ هؤلاء المتصدين آمنوا بطرد المحتل من حيث المبدأ ، وتمسكوا بإِطلاقات الادلة القرآنية والحديثية وعموماتها ، لما رضوا بتوقيع مثل هذه (الوثيقة ) ، التي من ابرزها حق الفيتو!..
ولما بادروا بتأليف هذا ( المجلس ) ، وذلك بوصفه مخالفاً للشريعة الاسلامية ، والقوانين الدولية ، ولشعارات التعددية والشورية التي تطالب بتحقيقها كل القوى الوطنية والاسلامية، و (( لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ))، والله ولي التوفيق وهو المستعان .
*ما هي الخطط والاليات المقترحة بعد ان خرج الشعب العراقي الصابر المحتسب من هول المشكلة الدكتاتورية مثخناً بالجراح، تعصف به الأَزمات السياسية والاقتصادية والادارية... جاءت إِجابة السيد البغدادي على هذا السؤال في بيان أصدره.. قال فيه :
** بسمه تعالى، وبه نستعين... يمر مشروع الجهاد بثلاث مراحل رئيسية:
الأَولى : مقاومة سياسية من خلال المظاهرات الجماهيرية السلمية التي تنطلق إلى معسكرات المحتلين وتقول لهم : انتم شعب مسالم ، ولكن تحكمكم الادارة الاميركية (المتصهينة)، الادارة الاميركية تؤمن بالعولمة الرأسمالية المتوحشة ، الادارة الاميركية توجهها الماسونية العالمية ، فإذا كان ابن لادن واحداً وقد حطم المركز التجاري العالمي، ووزارة الدفاع الاميركية ، وأَوجد الهلع والخوف والاضطراب الكبير ، فستجدون الف ابن لادن في العراق ، وبألامس عرف البريطانيون الشعب العراقي من خلال هتافهم المأثور ( فاله ومكوار بلندن مشهوره ) .
الثانية : إنتفاضة حجارة ، حيث نهيء أَطفالنا لضرب الدبابات الاميركية بالحجارة ، ومن خلال هذه العمليات نجذر الحس الوطني والرسالي والثوري بين صفوف اهلنا ، ونسعى الى توسيع دائرة هذه الانتفاضة من الشمال إلى الجنوب .
الثالثة : بعد ذلك نعلن للمحتلين ضرورة الخروج من عراق الإسلام ضمن سقفٍ زمني محدد ، وبالتالي نعلن الكفاح المسلح ، وهو الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان المسلم .
*وكان له حفظه ــــ الله ـــ كلام عن التقية مفهوماً وعملاً، يقولُ:
إِنَّن التقية ليست على صعيد العزيمة ، وانما على صعيد الرخصة، فقد أَمرنا الأَئمة الأَطهار بالتقية من أجل الوحدة الإِسلامية ، والتقارب المذهبي، فهي استراتيجية العمل السري في ايام المخاوف الارهابية والحماقات الطاغوتية الصدامية ، ولا تقية في اصول الدين فيما إذا تعرضت للخطر ، ولولا هذا الفهم الخاطيء للتقية لما قتل الشهيدان الصدران بين دكتاتوريتين: الدكتاتورية الصدامية ، والدكتاتورية الحوزوية .
هنالك من يقول لكم يجب أَن تعملوا بالتقية مع الأميركان ، كما كنا نعمل بها مع صدام ، وهنالك من يقول إِنَّ اميركا إذا خرجت من العراق فستحدثُ الحرب الاهلية .. إِنَّهم كذابون ودجالون يتاجرون باسم العراق والعراقيين الذين اثبتوا للعالم بأَجمعه .. انهم متكاتفون ومتلاحمون ، واحبطوا جميع المراهنات والمؤامرات لتمزيقهم .
وتكلم عن الجهاد في الإسلام عموما، مايقول:
الجهاد في الإسلام على نوعين.. جهاد ابتدائي ، وهو لا يجوز ولا يتحقق ما دام الإمام غائباً مختفياً عن هذا العالم ، وقد شذ عن ذلك بعض المراجع الذين قالوا بجوازه إذا تهيأَت له الظروف الموضوعية ... والنوع الثاني من الجهاد هو: الجهاد الدفاعي ولا يشترط فيه الرجوع إلى المرجع ابدا، ولا إلى الطيف الحزبي أبداً ، أو القائد الوهمي ، وانما يكون قتالا وجهادا دفاعيا ، فاذا هجم عليك إنسان ليقتلك ، أو يسرقك ، أو يعتدي على عرضك.. فلك ان تدافع عن مالك وعرضك وتقتله دون الرجوع إلى مرجعك الديني أو مسؤولك الحزبي .
*وكان للسيد البغدادي رأي في بعض المرجعيات التي لم يكن لها موقف يناسب عناوينهم الدينية والوطنية حيث ذهب قائلا :
** هنالك الكثير من العناوين التي ترتبط بالدين والوطنية ــ مع الاسف ــ لم تتحرك ، ولم يكن لها موقف لنصرة الدين والوطن ، بل على العكس ، فهنالك مواقف كثيرة تخدم الصهيونية العالمية ، وتخذل الدين والشريعة ، ولا تخدم إلا مصالحهم ، ومصالح المحتل ، وكل من يزيد من الم الشعب ، ويخذل الدين هو عميل وخائن.
* ومن كلام السيد البغدادي في مدينة الصدر عن الفتنة التي حدثت في كربلاء .
** قال بعض الدجالين وصناع الفتن إِنَّ هنالك مجموعة من البعثيين والصداميين يجب اخراجهم من كربلاء، وهذا كذب لأَنه ترك البعثيين المجرمين الحقيقيين الصداميين والعملاء وأتهموا فئة مجاهدة طالما وقفت في وجه الظلم والكفر الصدامي منذ ان اقيمت صلاة الجمعة العظيمة التي أَسسها الشهيد الصدر الثاني، أَقول إِنَّ نفس هؤلاء الذين حاربوا تلك الصلاة المليونية من المغرضين والظالمين هم من قاموا بأشعال هذه الفتنة .
* ومن خطاب السيد البغدادي في مدينة الصدر المنورة .
** مدينة الصدر المنورة أَدت دورا جهاديا ونضاليا ضد كل الطغاة ، لذلك فهي مستهدفة من قوى الكفر التي تريد تفكيك وحدتها ، واضعاف قوتها بإثارة الفتن ، والصراعات الجانبية ، لذلك أَدعوا أَهالي مدينة الصدر للتكاتف والتوحد والالتفاف حول ظاهرة صلاة الجمعة المليونية، ونكون جميعا تحت راية الإمام المهدي المنتظر ، فيجب ألاَّ تنخدعوا بهذا أو ذاك من الخونة والدجالين الذين يتهمونكم ويتكلمون عنكم بسوء .