تقييم الكاتب السيد عادل الياسري صاحب كتاب “جهاد السيد نور الياسري” لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي بيان ثبوت هلال شهر شوال الأغر في الثقافة الدينية.. إضاءات وتأملات تفسيرية جديدة بيان حول حلول شهر رمضان المبارك بيان حول حلول شهر رمضان المبارك كلمة مودة فقيه ناقد لن يهدأ رسالة تقييم حول الاصدار الجديد في الثقافة الدينية زيارة الدكتور امير العطية والوفد المرافق له لسماحة الفقيه المرجع القائد دام ظله في الثقافة الدينية

قراءة في كتاب (نقد العقل الديني)

قراءة في كتاب (نقد العقل الديني)

قراءة في كتاب (نقد العقل الديني)

 

ضمن سلسلة من الكتابات التي تعاطت مع العقل الديني سلبا أو ايجابا، جاءت اطروحة (نقد العقل الديني: أديان الأرض.. ودين السماء) لمؤلفه الباحث (أحمد الحسني البغدادي) لتكمل هذه الرؤية النقدية من واقع باحث يحتسب من ضمن البيئة الدينية.

ويبدو أن مسألة نقد العقل الديني اصبحت من أهم الاتجاهات الفكرية في السنوات الاخيرة. وذلك لأسباب عديدة منها : 

١ - لأن العقل الديني لم يعد مجرد تأملات فكرية صرفة، انما أصبح واقعا تجريبيا  بعد ان تمكنت قوى الاسلام السياسي من الاستحواذ على الحكم في عدد من البلدان العربية والإسلامية.  

ان هذا الواقع الجديد وضع العقل الديني على المحك لإثبات جدارة اطروحته من عدمها.

٢ - ومما ضاعف من حدة أزمة العقل الديني بعد استحواذه على السلطة انه لم يتمكن من الحصول على شرعية الإنجاز. اذ أخفقت قوى الاسلام السياسي التي تتحرك ضمن نسق العقل الديني من ناحيتين هما : 

أ -لم تتمكن من تأسيس نظام حكم سلفي فعال بحيث يرتقي الى مستوى (الحكم الراشدي) .

ب - كما أنها لم تتمكن من استنباط نظام حكم عصري يواكب العصر ويتفهم حاجاته الحيوية . لذلك أخفق في التأصيل الفكري والتطبيقي . الأمر الذي ترك أثرا سلبيا حول النص المقدس وجدارته في مواكبة الزمان والمكان لدى المشككين. 

ومن هنا انطلقت الدعوات الفكرية المعاصرة في نقد العقل الديني اما تسويغا له أو دفاعا عن النص المقدس وعدم الخلط بينه وبين العقل الديني البشري أو دحضا له من أجل دولة مدنية عصرية .

 ٣ - أضف الى ذلك، أصبح نقد العقل الديني ضرورة ملحة في ظل عصر العولمة وثورة المعلومات وهيمنة الفكر الغربي الذي أخفق العقل الديني بكل أدواته ومناهجه في التصدي للاطروحات الغربية .

وهنا تبين عجز العقل الديني عن مواجهة العقل الغربي مما اقتضى نقد العقل الديني وتقويمه وتحديثه .

 ومن هذا المأزق الذي وقع فيه العقل الديني جاءت اطروحة الباحث (احمد الحسني البغدادي) ساعية للتصويب والتصحيح . 

وقد انطلق البغدادي في نقده للعقل الديني المعاصر من المرتكزات الآتية:

١ - ميز ما بين الدين التأسيسي أي النص المقدس الذي لا يأتيه الباطل أو القصور أو الخلل لأنه صادر من الذات الإلهية العظيمة، وما بين العقل الديني البشري الذي يمثل الأفكار والمعتقدات والآراء التي طرحها الانسان والتي تدور حول الدين والحياة والتي تنطوي حتما على النقص والخلل النسبي . بمعنى أوضح أنه ميز ما بين النص المقدس والنصوص الثانوية التي تمثلها النتاجات الفكرية المبنية على الموروث والشروحات والتأويلات التي ارتبط كل منها بمحددات الزمان والمكان . ولعل مما يعزز رأي الباحث أن العقل الديني يميل الى القطع واليقين لذلك فأنه غالبا ما يقع في منهج الاقصاء وعدم تقبل الرأي الآخر . 

 ٢ - أن اطروحته الفكرية ركزت على تحرير العقل الديني الفاعل من هيمنة العقل الديني المنفعل. وذلك من أجل التأصيل العلمي الرصين ومواكبة العصر .

 وذلك لأنه يترتب على هيمنة العقل المنفعل على العقل الفاعل نتائج سلبية خطيرة قد تمس الدين التأسيسي منها : 

أ - قد تصبح أديان الأرض أكثر حضورا وتأثيرا من دين السماء لأنها ستفرض على الناس عن طريق الاستبداد والجهل  .

ب - يصبح التخلف والخرافة من أهم سمات المجتمع والفرد. وفي ضوء ذلك يبدأ عقل المسلم بالاستجابة المطلقة لمن يسوغ له تفكيره. بل (أن أسوأ الأعداء في تقديره هو الذي يفند اراءه وأفكاره، أو يفند شيئا مما يؤمن أو يمتلك) على حد قول الباحث البغدادي.

 ٣ - ومن ايجابيات الباحث أنه أدرك العقل على أنه وسيلة لفهم النص المقدس والاستدلال من خلاله على طريق الخير والسعادة وليس من أجل الحكم عليه من حيث الأصل بالصحة أو بالخطأ. 

لذلك كان الباحث موفقا في دراسة بنية العقل الديني وطرائقه في الاستدلال والاستنباط وفق عقلية ديناميكية تؤسس على الفهم والإدراك وليس على الاستسلام المطلق  .

 وعلى ضوء هذا التأسيس الناقد لرتابة العقل الديني السائد أسس الباحث مفردات كتابه الذي قسمه الى مدخل وأربعة أقسام .

في المدخل تناول منظومة التخلف المجتمعي ومدى صلتها بالعقل الديني  . 

وفي القسم الأول عرج الباحث على الخطاب السلفي والخطاب الحداثوي وفق مقاربة المقدس والمدنس . 

وفي القسم الثاني تناول الباحث بشئ من النقد وضمن رؤية مغايرة قضايا الفكر والتخلف في المجتمع .

وفي القسم الثالث عرج على نقد العملية السياسية في العراق بحيث رصد أحداثها وما ترتب عليها من نتائج .

وفي القسم الرابع تناول الباحث الوسائل الناعمة التي يعتمدها العقل الديني للتأثير على العقول .

وختاما يمكن القول ان الباحث بذل جهدا مميزا في معالجة منهجية التفكير لدى العقل الديني . وكان من المفيد لو أن الباحث أخذ بالملاحظات الآتية : 

١ - كنت اتمنى لو أن الباحث اعتمد في تقسيم بحثه على المنهجية العلمية الأكاديمية وليس على المنهجية الحوزوية لكان البيان أفضل والاستجابة أوسع .

٢ - كان من الضروري أن يمر الباحث على الكتابات السابقة التي تناولت الموضوع وخصوصا كتابات المفكر الجزائري (محمد اركون) في كتابه القيم (قضايا في نقد العقل الديني) و(من الاجتهاد الى نقد العقل الاسلامي) وكتاب (نقد الفكر الديني) لمؤلفه (صادق جلال العظم) وكتاب (نقد الفكر الديني) لمؤلفه (السيد يسين) وغيرها.

 

الاستاذ الدكتور نديم الجابري

الامين العام الاسبق لحزب الفضيلة الإسلامي.

31 كانون الثاني 2023

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha