جواز الاختراق
جواز الاختراق
س: هل يجوز ارتكاب الموبقات في سبيل اختراق الدول الكافرة، والأحزاب والوجهات العلمانية.. وإذا كان هذا المسار جائزاً بحجة الحفاظ على مكتسبات الدولة الإسلامية والحكومة الإسلامية وصيانتها من التآمر المعولم المدروس. ما هو الدليل الفقهي في ذلك.. وهل ينسجم هذا السلوك المحرم مع روح الشريعة المبنية على الثوابت التي لا تتغير ولا تتبدل؟!..
ج: المسألة من حيث المبدأ من صغريات دوران الأمر بين المتزاحمين الذي يدور الأمر بين تقديم الأهم على المهم، فإذا توقف الأمر في استقلال الدولة الإسلامية، ووحدة الأمة، وصون كرامتها بالمعنى الأخص، جاز النظر إلى التلفاز والدخول إلى السينما ذات الأفلام الإباحية الماجنة، والاستماع إلى جهاز الراديو ذي النغمات الموسيقية المثيرة، والأغنيات الغرامية المحرمة، والاختلاط مع الجنسين في المسارح والمعاهد والجامعات شريطة أن تكون هذه الممارسات بمقدار الضرورة الإسلامية الملحة، وهي من باب مقدمة الواجب التي يجب على الإنسان المسلم المكلف تحصيلها وإيجادها من قبيل تحصيل الماء للوصول إلى الواجب، والنفقة للعيال، فيتعين القول بوجوب ارتكاب الحرام، إذا توقف الأمر في صيانة البيضة بالمعنى الأخص، ذلك كله من أجل الحفاظ على استقلال الدولة الإسلامية وصيانتها من الاختراق والتداعي والسقوط، ويدل على ذلك أهمية الاستقلال، وحرمة هيمنة الاستكبار الكافر على بلاد الإسلام.
قال الشيخ جعفر الكبير:«يجوزاستعمال آلات اللهو واللعب والغناء والأمور المشجعة للناس إذا توقف عليها نظم الجنود، وقطع دابر المعاندين إخوان الشياطين»(1)
وفي موضع آخر يصرح:«إنه لا يجوز التخلف عن الهدنة والأمان والصلح والعهد، ولا يجوز الاحتيال بالكذب والتزوير في القسم الأخير(يقصد به الجهاد الابتدائي)، ولا بأس بذلك في الأقسام الأخرى (يقصد به الجهاد الدفاعي بأقسامه) إذا قوى الكفار وخيف الضرر»(2). ومن هنا.. يجب على الولي الفقيه «إذا علم توقف التسلط على الكفار على أن يأمر جنوده وعساكره أن يلبسوا لباس الكفار أمرهم بأن يلبسوا لباسهم، ولا يجوز لهم التخلف عن قوله وإتباع قوله»(3).
وإذا توقف الأمر على حفظ بيضة الإسلام «بالمعنى الأعم، فهل وجوب حفظها يكون مسوغاً لارتكاب الحرام، أو يكون الحرام مسقطاً لهذا الوجوب؟.. فإن ثبتت الأهمية في جانب فهو. وإلا فالتخيير.
نعم يمكن دعوى القطع بعدم أهمية ترك الحرام على وجوب حفظهما، كما هي غير بعيدة، وعليها (الحقير)، وعلى هذا فيدور الأمر بين التعيين والتخيير، فيجب الاحتياط لحفظها.
ومن هنا.. ظهر الحكم فيما لو شك في أن مقام الابتلاء من أي البيضتين، هذا كله من حيث البيضة بقسميها»(4).
وخلاصة القول:«لا ريب في جواز فعل الحرام مع توقف حفظ البيضة بالمعنى الأخص عليه، لأن ذلك من تزاحم الأهم والمهم. ومن هنا ظهر وضوح الحكم بالجواز في الغناء، والكذب، والتزي بزي الكفر، واستعمال آلات اللهو واللعب، وقد أطلق الشيخ الكبير كاشف الغطاء(5)(قدس سره) الجواز في بعض المذكورات، ولعل الوجه فيه: أما قصور أدلة التحريم حتى في حال الحرب، وأما ثبوت الرخصة نصاً، كما في لبس الحرير، هذا كله في حفظ البيضة بالمعنى الأخص»(6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كشف الغطاء ص:407.
(2) (ن. م/ 382).
(3) ن. م، ص: 408.
(4) وجوب النهضة: 334.
(5) أنظر: كشف الغطاء: 407.
(6) وجوب النهضة: 334.