كلمة الجمعة لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 16 جمادي الاول 1447هـ الفقيه أحمد الحسني البغدادي يكتب الفتوى رأَي الدّين أم إستبدال الخطاب الدّيني (3) الفقيه أحمد الحسني البغدادي يكتب الفتوى رأَي الدّين أم إستبدال الخطاب الدّيني (2) الفقيه أحمد الحسني البغدادي يكتب الفتوى رأَي الدّين أم إستبدال الخطاب الدّيني (1) احمد الحسني البغدادي يكتب جغرافيا الكلمة في عصر الفتنة فقهاء بدون الله (2) احمد الحسني البغدادي يكتب جغرافيا الكلمة في عصر الفتنة فقهاء بدون الله (1) كلمة الجمعة حول مسرحية الإنتخابات الساخرة لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 25 ربيع الآخر 1447هـ بيان صادر عن سماحة آية الله العظمى أحمد الحسني البغدادي دام ظله حول ضرورة قيام الثورة الشعبية في العراق كلمة الجمعة إنَّ الحق لا يهزم وإنْ طال الزمن لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 18 ربيع الآخر 1447هـ حوارات تجاوزت الخطوط الحمراء.. عماد الخفاجي

الفقيه أحمد الحسني البغدادي يكتب الفتوى رأَي الدّين أم إستبدال الخطاب الدّيني (2)

الفقيه أحمد الحسني البغدادي يكتب الفتوى رأَي الدّين أم إستبدال الخطاب الدّيني (2)

الفقيه أحمد الحسني البغدادي

يكتب

الفتوى رأَي الدّين

أم إستبدال الخطاب الدّيني

(2)


ليس هدفنا أن نؤرخ لفقهاء المؤسسة «الدينية» النجفية الرسمية عِبْرَ العصور المختلفة، فذلك يخرج بنا عن أصل الموضوع الرئيسي لدراسة الإضاءة أولاً، فضلاً عن وجود عدد من المصادر التي ساهمت لهذا الجانب التاريخي بالذات علينا أَن نرصد معالم ذلك الصراع المحتدم الذي كان - ولا يزال - قائماً بين فريقين من فقهاء ومراجع وحوزويين؛ الاصلاحيون المتنورون الذي يرون ضرورة أن لا تتأخر الأُمة عن ركب التطور والإبداع والتحديث فيه من جانب. والمحافظون التقليديون الذين يعارضون كلّ منحى حداثوي قانوني وكل محاولة تقدمية رائدة من أَجل الأَخذ بالثقافات الغربية والأوروبية الجديدة بوصفها ضرورة تاريخية ماسّة لا بما فيها من مخالفات أخلاقية وروحية لا تنسجم مع الشريعة الخاتمة. وتبعاً لذلك اهتّم فقهاء المدرسة النجفية على وجه الخصوص بمعالجة قضايا العصر - ذلك كله قبل نشوب الحرب الكونية الأولى عام ١٩١٤م - «واسهموا في إيجاد لمشكلات العصر الرئيسية فوقفوا بجانب الشعب الإيراني في كفاحه ضد الإستعمار الانكليزي والروسي، وأيدوا فكرة الإهتمام بالثقافة الحديثة في العراق، كما أيدوا حركة الدستور [المشروطية] في إيران والعراق. وكان لجهودهم آثارها المشكورة في كفاح العراقيين مع الإنكليز أبان ثورة العشرين...؛ أما تأييد اقتباس الثقافة الحديثة فقد ظهرت في منطقتين من مناطق العراق المهمة، هما بغداد والنجف الأشرف. أَما في بغداد قد أَثمرت هذه الحركة فى فتح «مكتب الترقي الجعفري العثماني» الذي يعرف بـ«المدرسة الجعفرية»، اليوم… في النجف الأشرف أيضاً عندما شعر جماعة من أهالي النجف ممن يحملون الجنسية الإيرانية بضرورة تأسيس مدارس تعني بالعلوم الحديثة واللغات الأجنبية كالفرنسية والانكليزية وظفروا بتأييد وتشجيع الغالبية العظمى من «رجال الدين» أمثال الحاج حسين الخليلي، والملا محمد [كاظم] الآخوند [الخراساني]، الذي يعرف بـ«أبى الأحرار»، والشيخ فتح الله المعروف بـ«شيخ الشريعة»، والشيخ عبد الله المازندراني، وغيرهم. وقد تأسست لهذا الغرض هيئة علمية بالإِضافة الى مَن اشترك فيها من العلماء واشترك فيها ايضاً عددٌ من التجار، أمثال الحاج عبد الكريم البوشهري، وغيره. 

وقد أسفرت هذه الحركة عن تأسيس مدرستين فتحت أبوابها للطلاب عام ١٣٢٦هـ، والثانية تسمى «المدرسة الرضوية» [المرتضوية]، وهي شبيهة بـ«المدرسة العلوية»، وقد كانت فضلاً عن مهمتها الثقافية بمثابة نادٍ ثقافي وسياسي أتخذ منه المشتغلون بالحركة الدستورية الإيرانية مقراً لأعمـالهم، وقد زرت المدرسة الرضوية وخاصة قاعة المطالعة التي فيها أنواع الجرائد والمجلات. وكان درس الرياضيـات باللغتين الفرنسية والانكليزية من بين الدروس التي تعنى بها المدرسة العلوية. أما الرياضة فكانت أَشبه بالتعليم العسكري، وكان لها لباس عسكري خاص، له أَوسمته وأشارته وكان للدّين درس خاص سمي بـ«الشرعيات»، وخصص له درس أو درسان في الأَسبوع. وكان الطلبة في المواسم والمناسبات يرتدون اللباس الأوروبي الحديث، شأنهم في ذلك شأن طلاب المدرسة الجعفرية في بغداد، الذين كانوا يرتدون هذا اللباس الأوروبي أثناء الدراسة، تنحصر أهمية هاتين المدرستين لا في أنهما كانتا من الوسائل التي ساعدت على نشر الثقافة الحديثة في محيط محافظ كمحيط النجف الأشرف وحسب، بل أنَّ تأييد معظم العلماء لفكرة تأسيسها ومنهجها، وواكب حركة التجدد قوةً وقبولاً في أَوساط المحافظة. وخصوصاً بين الجماهير الجاهلة، وقد بلغ تأييد العلماء لهاتين المدرستين درجة كبيرة، وقت أجاز المجتهـد الأكبر الملا كاظم الآخوند صرف الحقوق الشرعية على أمثال هـذه المدارس»(1).

هكذا، كان موقف الفقهاء في انعطافاتهم الرمزية/ التاريخية/ الحضارية للتطوير وتجديد المؤسسة «الدينيه» الرسمية، بَيّدَ أنَّ المحافظين السلفيين لفرط جبنهم لم ينطقوا بكلمة واحدة بسبب موقف الفقيه الثوري العنيد الشيخ الآخوند الى جانب الحركة التنويرية المتصاعدة، فلما سمعوا بنبأ وفاته رضوان الله عليه سارعوا الى قلب الموازين. وقد أسهم في إِذكاء هذا الصراع المرجع المعارض السيد كاظم اليزدي كأنه ليس من أَهل هذا العصر، بل ليس من أهل هذه الدنيا يعيش على هامش المجتمع والتاريخ سواء بسواء ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ﴾ سورة الصافات، 106. وعلى أُس هذا البلاء المبرم لم يتوان المحافظون التقليديون عن استعمال «العنف الرمزي» في شتى المناسبات حتى بلغ الأَمرُ بتوزيع الأموال الشرعية من حق الإِمام  على الدجالين والمنافقين والمشبوهين والمستحمرين. ومن المؤكد أنَّ هذا التحرك لم يكن عفوياً، بل كان مدعوماً من خارج الدائرة الإسلامية في سبيل تجذير التخلف والجهل والخرافة الى حد بلغ فيه الحال في إصدار الفتاوى المعلبة بتحريم الدخول الى المدارس الحديثة؛ الأمر الذي أفرغ كل محاولات مساعي التجديد والتطوير من جذورها نظراً الى «انفصامها النّكد... عن الواقع»، فضلاً عن مجازفاتها للعقل السليم ومنظومة القيم الكونية. 

ومن هنا، روى المؤرخون - بعد انتصار ثورة الثلاثين من حزيران عام ١٩٢٠م - مبادرة وزارة المعارف بفتح مدارس حديثة نموذجية في بعض أقضية وألوية (المحافظات) في المملكة العراقية الفتية، واذا بها تصدم بقضايا لم تكن في الحسبان هي استهداف هذا المنجز الثقافي والمعرفي والفكري من قبل ثلة من «رجال الدين» الموتورين ووصفوها بأنها من أعظم المفاسد . والغريب في الأمر أنَّ جعفر حمندي (الحسني) قائم مقام قضاء (محافظة) النجف عندما حاول تأسيس مدرسة إبتدائية للبنات، ثارت عليه ثائرة هؤلاء في إِحباط هذه المبادرة التقدمية، واستنكروا عليه أشد الاستنكار، وأبرقوا الى الجهات المختصة في بغداد بأنَّ هذه الخطوة منافية للنواميس الأخلاقية لكونها تفتح في مدينة مقدسة ناسين أَنَّ الله تعالى علم الإنسان ما لا يعلم، وفي ضمن إطار المعايير الصارمة التي تفرض نفسها على المسؤولين القابعين في بغداد. وبالتالي أمروا بترك هذه المحاولة إلا أنهم بادروا بسرعة مذهلة وفتحوا بدلاً عنها مدرسة لبنات الموظفين (فقط) في الكوفة وهي لا تبتعد عن النجف إلا نحو عشرة كيلو مترات لكونها ليست مركزاً دينياً كما يزعمون، من هنا، سكتت بصمت مطبق العمائم السوداء والبيضاء الذين لا يريدون لأبنائهم إلا الإمعان في حمأة الجهل والتخلف والجمود والهوان. وفي هذا التناقض الصراخ ينكشف لنا أنَّ النزعة الدينية مجرد نزعة شكلانية برغماتية، وليست منهجاً أصيلاً لإبداع المعرفة الخالصة من شوائب التخريف العجائزي الهجين، ومن اعجب العجاب أَنَّ الكثير من هؤلاء المعممين الشاجبين ذهبوا عنوةً بإنفسهم وسجلوا بناتهم في تلك المدرسة!..

للبحث صلة..

 

الهوامش

(1) عبد الله فياض، الثورة العراقية الكبرى، ط: الأولى، بلا تاريخ، ص: 82 وما بعدها.

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha