كلمة الجمعة إنَّ الحق لا يهزم وإنْ طال الزمن لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 18 ربيع الآخر 1447هـ حوارات تجاوزت الخطوط الحمراء.. عماد الخفاجي كلمة الجمعة لسماحة الفقيه المرجع السيد احمد الحسني البغدادي دام ظله بتاريخ 4 ربيع الآخر 1447هـ كُتُب السيد أحمد الحسني البغدادي تثير الشك لأنها تحمل رائحة الثورة!.. عبد الجواد المگوطر “دين العقل وفقه الواقع” كتاب موسوعي لمفكر موسوعي بقلم المحامي عمر زين فتوى سماحه آية اللّٰه العظمى احمد الحسني البغدادي دام ظله حول حرمة المشاركة في الانتخابات المقبلة في العراق الجريح في الثقافة الدينية اضاءات وتأملات.. تفسيرية جديدة الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة بيان ثبـوت هلال شهر شوال الأغر أحمد الحسني البغدادي.. ظاهر المحسن وقفة حول كتاب الثورة والعرفان

إشكالية حديث الراية


إشكالية

حديث الراية


س: إنَّ البعض من الناس يصرح أنَّ الله يأمرُنا بعدم الانتماء إلى الحركات العاملة لتحقيق الدولة الإسلامية والحكومة الإسلامية في هذه الأزمنة، بل أوجب الله علينا انتظار المهدي المنتظر(عليه السلام) في آخر الزمان حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلأت ظلماً وجوراً. وعلى ضوء ذلك يستدلون برواية تامة السند يمكن فرض وصفها ناظرة إلى اشتراط المعصوم في إقامة الدولة الإسلامية على مسار العنف الثوري والكفاح المسلح، وهي صادرة عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) (كل رايةٍ تُرفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يُعبد من دون الله عز وجل) أفلا تعتقد أنهم يتخطون حدودهم ويمزجون ما يدافعون عنه وما يدعونه ضد السيد القائد الإمام الخميني بوصفه مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران؟..

 ج: إنَّ هذه الآراء المطروحة في الساحة آراء ساذجة وليست علمية من خلال تفنيد رواية الراية ويمكن تفسيرها من عدة احتمالات:

الاحتمال الأول: ما دل على وجوب الأخذ بـ«التقية الشرعية»، وعدم اختراقها قبل ظهوره(عليه السلام).. بسبب عدم حتمية النجاح والانتصار المحتوم على الظالم.. ذلك كله لفقد القاعدة الإيمانية الرسالية العريضة، وعدم تقية «الشيعة» الإمامية، وعدم كتمان عملهم الحركي...ودليلنا على ذلك:

أولاً: صرَّح الإمام الصادق(عليه السلام) لمجموعة من أصحابه:«لو أنَّ لي عدد هذه الشويهات«وكانت أربعين» لخرجت»(1).

ثانياً: قال أبو عبد الله(عليه السلام) في وصيته لمؤمن طاق:«فوالله لقد قرب هذا الأمر ثلاث مرات فاذعتموه فأخرجه الله»(2).

الاحتمال الثاني: ما دل على قصة الحسين بن علي قتيل معركة فخ حينما ودعه الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) قائلاً:«يا ابن عم إنك مقتول فأجد الضراب، فإنَّ القوم فساق يظهرون إيماناً، ويضمرون نفاقاً وشركاً، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعند الله عز وجل احتسبكم من عصبة»(3).

يبدو من هذا النص الموسوي أنَّ الخروج على السلطان المسلم الجائر كان بعد هذا التاريخ، وقبل نهوض صاحب الأمر، ولم يكن هذا الموقف الحذر منه(عليه السلام) تهرباً من المسؤولية، والمشاركة الفعلية التي خاضها قتيل معركة فخ، بل إن صدر الرواية دال على إمضاء مهامه الرسالية الكبرى رغم عدم انتصاره الظاهري في معركته الفاصلة ضد الطاغوت، بل تجرنا قراءة هذه القصة إلى حمل رواية الراية على محمل ولو على سبيل التقية بعد ما وجدنا من أن رواية الراية تأبى عن التخصيص، وعلى أن حملها على مجرد إذاعة الخبر عن عدم الانتصار المحتوم، وعدم إشراف المعصوم(عليه السلام)، وعلى إنها مجعولة على نحو القضية الخارجية، وليست مجعولة على نحو القضية الحقيقية، وليس المقصود منها بيان حرمة الخروج على السلطان المسلم الجائر.. مهما تغيرت الأحوال، ومهما فقدت الأسباب الموضوعية والذاتية، وذلك بدليل: ما دل على تقديس ثورة الشهيد زيد بن علي وخروجه على هشام بن عبد الملك، وثورة الحسين بن علي شهيد فخ.. وقد رفعوا الراية بعد إصدار هذه الرواية، وقبل ظهوره(عليه السلام) في الساحة الإسلامية والعالمية، ولم نكتشف رواية صادرة عن مدرسة أهل البيت الطاهر(عليه السلام) تدل على إدانتهما، بل صدرت روايات مستفيضة في تقديسهما، وتأييد نهضتهما في حرب الطاغوت وإسقاطه.

قال الإمام الصادق(عليه السلام):«عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وانظروا لأنفسكم فو الله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجدوا رجلاً فيها والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها، ثم كانت الأخرى باقية بعمل على ما قد استبان لها، لكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة، فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم أن أتاكم آت منا، فانظروا على أي شيء تخرجون، ولا تقولوا: خرج زيد فإن زيداً كان عالماً، وكان صدوقاً، ولم يدعوكم إلى نفسه، وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو ظفر لوفى بما دعاكم إليه، إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه. فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم إلى الرضا من آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)؟..

فنحن نشهدكم أنا لسنا نرضى به، وهو يعصينا اليوم، وليس معه أحد، وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر إلا يسمع منا، إلا من اجتمعت بنو فاطمة معه، فو الله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه إذا كان رجب، فاقبلوا على اسم الله، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان، فلا ضير، وان أحببتم تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك يكون أقوى لكم، وكفاكم بالسفيان علامة»(4).  

وفي الحديث قال الصادق(عليه السلام) لفضيل:«يا فضيل شهدت مع عمي قتال أهل الشام؟.. قلت: نعم. 

قال: فكم قتلت منهم؟... قلت: ستة. قال: فلعلك شاك في دمائهم؟..

قال: لوكنت شاكاً ما قتلتهم. قال: فسمعته وهو يقول: أشركني الله في تلك الدماء، مضى والله زيد عمي وأصحابه شهداء.. مثل ما مضى عليه علي ابن أبي طالب، وأصحابه»(5).

وعن الصادق(عليه السلام):«أن عمي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا 

مضى والله عمي شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي والحسن والحسين»(6).

والاحتمال الثالث:

رفعْ الراية(هنا) في قبال الحجة القائم(عليه السلام)، ونسف أصل إمامته وقيادته الشرعية، ولذا عبر عنها بـ«الطاغوت».

وفي حديث عن أبي جعفر(عليه السلام):«ليس من أحد يدعو إلى أن يخرج الدجال إلا سيجد من يبايعه، ومن رفع راية ضلالة، فصاحبها طاغوت»(7).

وهنا نلاحظ قيد رفع الراية بـ«الضلالة»، وهذا بخلاف إذا كانت على نهج أطروحته الإسلامية العالمية، بل هنالك الكثير من الروايات صدرت عن مدرسة أهل البيت الطاهر(عليه السلام) تشجب بعض العناصر المتصدية لاستلام زمام الدولة الإسلامية، وتسيير قيادتها باسم الخلافة والإمامة الشرعية، كما في رواية عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، وهي رواية ليست بقصيرة وفي نهايتها:«أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف»(8).

الاحتمال الرابع:

إنَّ هدف هذه الرواية هي صيانة السيادة الوطنية الإسلامية المستقلة، وحفظ الثغور، وطرد الكافرين الغزاة، ولا يمكن حملها على التقية الشرعية، لأن جواز مشروعية التقية فرع التعارض المستقر، ولا يمكن بحال العمل بالمرجحات الجهتية والسندية مع إمكانية العمل بالجمع العرفي بين الأدلة الدالة على وجوب السعي وراء الجهاد المسلح ضد النظام الإسلامي الجائر، وبين هذه الرواية الدالة على شجب ممارسة الجهاد المسلح عليه، حمل هذه الرواية على صورة حفظ السيادة الوطنية الإسلامية الكاملة، وصد كل غزو لا إسلامي، أو طرد كل وجود كافر استيطاني.

وخلاصة القول: قد وجدت في أُصول الكافي أو آخر كتاب الحجة عَقَدَ باباً في الأئمة(عليهم السلام) كلهم قائمون.

ففي رواية حكم بن أبي جعفر(عليه السلام) قال:

 «يا حكم كلنا قائم بأمر الله، قلت: فأنت المهدي؟..قال: كلنا نهدي إلى الله. قلت:

 فأنت صاحب السيف؟.. قال: كلنا صاحب سيف ووارث السيف»(9).

   وفي رواية عبد الله بن سنان قال:«قلت: لأبي عبد الله يوم ندعو كل أناس بإمامهم.. قال(عليه السلام): إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه»(10).


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام، محمد حسن عبد الرحيم النجفي 21/ 397. ط: النجف الأشرف.

(2) تحف العقول: 310.

(3) مقاتل الطالبين، أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني  298، ط:  بغداد.

(4) وسائل الشيعة. 11/ 35 الباب من أبواب جهاد النفس الحديث:1.

(5) بحار الأنوار، للمجلسي 46/ 171 تاريخ علي بن الحسين الباب 11(باب أحوال أولاد علي بن الحسين(عليه السلام) وأزواجه) الحديث 20.

(6) عيون أخبار الرضا 1/296 الحديث 456.

(7) الأصول من الكافي، محمد بن يعقوب الكليني. 8/ 296 الحديث 456.

(8) الوسائل باب 9 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه حديث: 2.

(9) ن. م 1/ 536 الحديث: 1.  

(10) ن.م 1/ 536، الحديث: 3. 

 

لا توجد تعليقات

أضف تعليقك

  • عريض
  • مائل
  • تحته خط
  • إقتباس

من فضلك أدخل الكود الذي تراه في الصورة:

Captcha